مصطفى النويدرة !

معاذ الخميسي


معاذ الخميسي –

{.. لأيام الدراسة مذاق خاص.. وللمدرسة أيام لاتنسى بما فيها من كثير حلو وقليل مر ارتبط بهم التخلف في كتابة بعض الواجبات أو عدم مراجعة بعض الدروس وما قد تسببه المشاكسات الخفيفة من عقوبات!
< غير ذلك.. ليس هناك أجمل ولا ألذ من أيام المدرسة بذكريات وأحداث لايمكن أن تتكرر.. على الأقل لم يكن وقتها يشغل بالنا ضنك العيش ومتاعب الحياة ومخاوف القادم التي كانت ترهق تفكير آبائنا وتقلق مضاجع أولياء الأمور كما هو حالنا اليوم وبشكل افظع وابشع وأكثر قسوة ومرارة!
< تلك الأيام من أجمل ما فيها اننا عرفنا اساتذة أجلاء أخلصوا في أداء رسالتهم العلمية واجادوا في الجمع بين التربية والتعليم بأساليب ووسائل بعيدة عن استخدام العصى أو التهديد بالعقوبات.. وأهم ما فرض احترامهم هو الأسلوب والقدرة والحرص.
< الأستاذ مصطفى النويدرة هو أحدهم ودرسنا اللغة العربية في الصف الثالث الاعدادي وأتذكر أن انتقالنا من الثاني إلى الثالث الاعدادي رافقه بعض التخوف من الأستاذ مصطفى بعد أن أخبرنا من سبقنا أنه جاد وصارم وحازم فوجدناه كذلك وسرعان ما زاد تقديره واحترامه لدينا لأنه يحرص على أن يحضر الدروس وأساليب إيصالها ويخلق التنافس بيننا لنحضرها أيضا ويشدد على الواجبات وهو من المدرسين القلائل الذين لهم قدرة خاصة في تحبيب المادة الدراسية لدى الطلاب.
< الاستاذ مصطفى ظللت أتذكره منذ زمن وخاصة عندما نجتمع زملاء الدراسة ومعه عدد من المدرسين ومدراء المدارس الرائعين ونسأل أنفسنا ياترى أين هم اولئك العمالقة وهل سيجمعنا بهم لقاء.
< قبل يومين كنت واقفا على رصيف شارع الزبيري أتحدث إلى بعض الأصدقاء وفجأة لمحت الأستاذ مصطفى يمر من أمامي فناديته وأنا لا أكاد أصدق انه هو فإذا به يلتفت ويقول هذا أنت معاذ!
< ليتني لم التقه ولم اتعرف عليه ولم انطق اسمه.. فقد سبب لي ذلك اللقاء العابر الألم الشديد وأخذني إلى مساحات واسعة من الحسرة والقهر وأنا اسمع حكاية جديدة لظلم آخر في موسوعة المظالم اليمنية.. التي يجيد التفنن بها مسئولو الريش المنفوش والعقل المربوش!
< أعرف مسبقا أن معاناة الكثيرين من الظلم والجبروت والبطش سيهون أمام مأساة وظلم طال استاذا جليلا ومربيا فاضلا اسهم في تعليم وتقديم أجيال عديدة منهم من أصبح مسئولا أو تاجرا أو قياديا مدنيا أو عسكريا.. في الوقت الذي مازال فيه الاستاذ مصطفى النويدرة في مكانه لم يحصل على أي درجة لا رئيس قسم ولا مدير إدارة ولامدير عام.. ألم أقل لكم أن مصائب ومظالم وظيفية أخرى ستهون عليكم!
< تخيلوا أن الاستاذ مصطفى اسندت له مهمة وكيل مدرسة خمس سنوات ولم يصدر له قرار وعندما كره وضعه اتجه للعمل الإداري وظل طيلة سبع سنوات مرشحا كرئيس قسم ولم يحصل على ذلك وهو الآن موظف بسيط في مديرية معين التعليمية بدرجة (مختص)!
< ماذا بعد هذا الظلم¿.. صحيح أنها أقدار.. لكن أين هي الأسباب المستندة إلى الاستحقاق ولماذا يغلقها المتنفذون في وجوه من يستحقها ويسهلونها ويهيئونها لمن يريدون فقط.. فنجد من أصبح بقدرة قادر مسئولا رفيعا ومن تسلم فتوى التوظيف وبجانبها قرار المدير العام وهو للتو أكمل الثانوية ومن مايزال في مهمة الدراسة الجامعية وسبقه الى الوظيفة قرار تعيين على مستوى.. ومن لايفهم (كوعه من بوعه) وقد تحول إلى مسئول يتفنن في تشكيلة مكتبه وعدد المرافقين ومن يقفز فوق اجنحة (التربيطات) وأنواع (الخدمات) إلى كرسي أكبر من حدود فهمه وطاقته!
< لن ازيد فالجعبة ممتلئة بالكثير من المظالم والفواجع ويكفي أن أحد الظلمة بالغ في تعنته وبطشه حتى افقدني جزءا مهما في حياتي.. لكنها أولا واخيرا دنيا فانية وأقدار نخضع امامها ونستسلم برضى وقناعة بأن ماعند الله لايضيع.. ومع ذلك هل بإمكان رئيس الوزراء الأستاذ محمد سالم باسندوة ووزير التربية والتعليم عبدالرزاق الأشول أن ينصفا الأستاذ مصطفى النويدرة وغيره ممن جار عليهم اصحاب القرار وتقاذفت بهم أهواء المحسوبية والمجاملات والوساطات والتعنتات دون أن يجدوا حقهم.. هل استبشر.. أم أن الحال من بعضه.. ولافائدة!
moath1000@yahoo.com

قد يعجبك ايضا