المشاريع الوهمية وتعدد سيارات المسؤولين أضر بميزانية الدولة..!!
علي محمد الجمالي
علي محمد الجمالي –
أدهشني صديقي وهو يشرح لي بمرارة.. العبث الذي تعانيه «ميزانية الدولة» من استنزاف سنويا بسبب شراء سيارات جديدة للمسؤولين.. وعدم إرجاع السيارات القديمة.. التي بعهدتهم .. لكي يستفيد منها مسؤولون آخرون بدلا من شراء السيارات.. ونهب وضياع خزينة الدولة.. لكسب ود هذا المسؤول أو ذاك.. ومجاملة هذا أو ذاك ولو على حساب نفقات الدولة.. ومشاريعها الصحية والتعليمية.. وحديث صديقي هذا وألمه.. ذكرني بالزمن الجميل أيام ما كان كبار مسؤولي الدولة والحكومة.. وبمختلف مسميات الدرجات العليا في الدولة بسيارة واحدة فقط.. وعندما ينتقل هذا المسؤول أو ذاك.. من عمل إلى آخر.. يسلم سيارته إلى جهة العمل الذي كان موظفا بها.. أو تظل السيارة عهدة لديه وتظل جهة عمله تطالبه بوسيلة النقل حتى يسلمها .. أو ينتقل بالسيارة التي لديه.. وإذا ما أحيل إلى التقاعد سلم السيارة التي بعهدته إلى جهة عمله.. ومن ذكريات الزمن الماضي الجميل.. أيام ما كان المال العام حراما.. أن كل سيارة تحمل رقما حكوميا أو جيش.. ممنوع استخدامها لنقل عوائل المسؤولين.. وعدم استخدامها في غير أوقات الدوام والمهمات الرسمية.. وهكذا جرت العادة منذ قيام الثورة اليمنية.. وحتى وقت قريب.. لأن السيارات الحكومية ملك للدولة.. وعهدة عند كل مسؤول لاتبرأ ذمته إلا بتسليمها صحيح أن عدد السيارات المصروفة كانت محدودة وكانت لكبار مسؤولي الدولة.. إلا أن هذا النظام ظل ساري المفعول حتى وقت ليس ببعيد وعلى كل مسؤول كبير أو صغير لأن وسائل النقل التي تصرف المسؤولين .. تعتبر من المال العام وحق من حقوق الدولة.
المهم في هذا الموضوع أن هذا العبث بأموال الشعب ضيع ميزانية الدولة.. وجعلها تصل إلى «الثرليونات» من الريالات.. وزمان كان من المستحيل التنبؤ بأن تصل ميزانية الدولة بالترليونات.. وعجزها بالمليارات ورغم ذلك المشاريع متعثرة وأغلبها ضائعة بين المقاولين المنفذين وبين المقاولين في الباطن.. وبين جهات الدولة والحكومة التي لا تراقب المشاريع ولا تحاسب أحدا سواء كان مسؤولا أو مقاولا إذ كان من الضروري إنشاء جهة متخصصة ومعنية بمتابعة تنفيذ جميع المشاريع.. وفي أي جهة حكومية أو مانحة ومعرفة سبب التعثر وإحالة كل متسبب لضياع المال العام إلى القضاء.. لينال العقاب العادل.
وعودا على بدء فإن من الضروري وضع حد لهذا العبث بأن تعمل الدولة والحكومة على وضع قانون يلزم وزارة المالية وجميع الجهات الرسمية في الدولة بعدم شراء أي وسائل نقل جديدة.. إلا للضرورة.. والحصول عليها من وزارة المالية.. ومنع أي جهة في الدولة شراء أي وسائل نقل جديدة أو صرفها.. إلا بالرجوع إلى وزارة المالية.. وفي الحدود الضرورية كما يمنع شراء أي سيارة من ميزانية الجهات.. وضرورة متابعة تسليم وسائل النقل الزائدة التي بعهدة المسؤولين في جهاز الدولة بمختلف مسمياتها إلى جهة العمل التابعين لها.. أو أي شخص لا يسلم وسيلة النقل الزائدة لديه.. يتم خصم قيمتها.. من مستحقاته ومرتباته.. وبثمن الحالة التي كانت عليها.. وبذلك ستحفظ أملاك الدولة وتصان ميزانيتها من العبث.. لأن المال العام ملك لجميع الشعب.. وهذا سيحد من شراء وسائل النقل الجديدة.. وسيجعل المسؤولين الآخرين يستفيدون من وسائل النقل المستهلكة وهذا القانون يسري على كل القطاعات الحكومية مدنية وعسكرية وقضائية.. مع ضرورة منع أي مسئول يصرف لنفسه قيمة وسيلة نقل من ميزانية وزارته.. ويعتبر هذا مخالفة يستحق عليها العقاب لأن ذلك التصرف فساد وسوء تصرف بالمال العام..
إن النفقات الباهظة.. وتبديد ميزانية الدولة في شراء وسائل النقل للمسؤولين والأثاث غير الضرورية.. وضياع المال العام في مشاريع استعراضية باسم خدمة الجمهور وتطوير مهاراته وهي في الحقيقة مشاريع وهمية الغرض منها تبديد ميزانية الدولة.. في مشاريع ونفقات وسفريات ووسائل إعلام ليس ضرورية وغرضها تلميع هذا أو ذاك من المسئولين الذين لديهم هوس الظهور الإعلامي.. على حساب المشاريع الضرورية وهذه آفة تعاني منها جهات حكومية كثيرة.. بسبب سوء استخدام السلطة وعدم وجود جهة فاعلة تحاسب وتعاقب.
وهذا ما يجعل بعض الدول المانحة والمساعدة لليمن.. من الدول الصديقة والشقيقة.. تتعجب من سوء الإنفاق وتبديد المال العام.. وميزانية الدولة في غير محلها.. ومجارات الدولة الغنية في المصروفات والنفقات والسفريات التي لا تفيد الفرد ولا المجتمع اليمني.. وأن ترشيد النفقات.. وقرارات الحكومة بهذا الصدد.. ما هي إلا حبر على ورق.. وفرقة في الهواء.. لعدد تنفيذها على أرض الواقع.