دور الدولة الاقتصادي في النموذج التنموي: الفاعلية أولا 2-3

أ.د محمد أحمد الأفندي

 - ظل دور الدولة الاقتصادي لأكثر من ستة عقود رهين التجاذب الفكري بين المدارس الاقتصادية المختلفة كما تأثر هذا الدور بطبيعة واتجاهات الفلسفة الاقتصادية للنظام الاقتصادي في أي مجتمع فالمدرسة الاقتصادية الاشتراكية في نسختها
الأصلية قد منحت الدول
أ.د/ محمد أحمد الأفندي –
ظل دور الدولة الاقتصادي لأكثر من ستة عقود رهين التجاذب الفكري بين المدارس الاقتصادية المختلفة كما تأثر هذا الدور بطبيعة واتجاهات الفلسفة الاقتصادية للنظام الاقتصادي في أي مجتمع فالمدرسة الاقتصادية الاشتراكية في نسختها
الأصلية قد منحت الدولة حق احتكار النشاط الاقتصادي فهي اللاعب الوحيد والقادر على إدارة النشاط الاقتصادي من خلال التخطيط المركزي من ثم فإنها صاحبة الحق الحصري في امتلاك موارد ووسائل الإنتاج وأدواته وفي إطار المدرسة الاقتصادية الرأسمالية اتخذت الوظيفة الاقتصادية اتجاها متغيرا تبعا لتطور الفكر الاقتصادي في إطار المدارس الاقتصادية الرأسمالية فالمدرسة الاقتصادية الكلاسيكية حددت وظيفة اقتصادية حيادية للدولة وتبنت تبعا لذلك مفهوم الدولة الحارسة التي تمارس وظيفة تقليدية تقتصر على مجالات الخدمة الأساسية (الدفاع والأمن والقضاء) مع ترك النشاط الاقتصادي للأفراد بصورة جوهرية.
ومع تعرض النظام الاقتصادي الرأسمالي لأزمات اقتصادية متتالية ظهر مفهوم الدور التدخلي للدولة في النشاط الاقتصادي كأداة فاعلة في تجاوز أزمة الاقتصاد الرأسمالي كان للفكر الاقتصادي الكينزي تأثيرا كبيرا على طرح مفهوم تبني الدور التدخلي للدولة في النشاط الاقتصادي وقد تعزز هذا الاتجاه أيضا بآراء اقتصاديين ينتمون إلى المدرسة الاقتصادية الكلاسيكية الجديدة الذين دعوا إلى مفهوم لدور الدولة يمتد إلى الجانب الاجتماعي وقد عرف هذا الدور بدولة الرفاه الاجتماعي كضرورة لتصويب فشل آلية السوق من جهة وضمان توزيع للدخل أكثر عدلا من جهة أخرى ومع بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي وتحت تأثير ” توافق واشنطن” والمؤسسات الاقتصادية الدولية (الصندوق والبنك الدوليين).
برز مفهوم دور الدولة التصحيحي الذي يقوم على حجم أقل للدولة في النشاط الاقتصادي ودور كبير للأفراد والقطاع الخاص من أجل تحفيز النمو الاقتصادي الذي تعثر وتباطؤ إضافة إلى التغلب على الاختلالات المالية والنقدية التي أحدثها التدخل الكبير للدولة في النشاط الاقتصادي في العقود السابقة.
كان التطور المتتالي في مفهوم دور الدولة الاقتصادي يتجاوز السياق الفكري الذي كان متحكما في توصيف دور الدولة حيث لم يعد السياق الفكري بصورة جوهرية هو الذي يتحكم في تحديد وتوصيف حجم ومستوى الوظيفة الاقتصادية للدولة بل ظهرت سياقات أخرى أضحت أكثر جوهرية وأهمية في تحديد وتوصيف الوظيفة الاقتصادية للدولة.
وهي أربعة سياقات: (الواقعية – والفاعلية – والتعددية – ومستوى الرضا) فالسياق الواقعي يضفي مفهوما مرنا للوظيفة الاقتصادية للدولة تغدو عندها الوظيفة الاقتصادية للدولة وسيلة وأداة وليست بمثابة غاية بحد ذاتها لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع وعندئذ فإن هذه الوظيفة قد تزيد أو تنقص أو تثبت تبعا لمستوى واتجاه وأولويات التطور الاقتصادي والاجتماعي لأي مجتمع وبالتالي فإن حجم الدور الاقتصادي للدولة يتغير من فترة إلى فترة زمنية أخرى كما أن تحقيق أهداف المجتمع الاقتصادية والاجتماعية هي مسئولية كل الفاعلين الاقتصاديين وهم الدولة (أو القطاع العام) بطبيعة الحال لكن هناك فاعلين آخرين وهم القطاع الخاص – التعاوني الأهلي – والقطاع المختلط .
وفي حالة اليمن فإن الشراكة بين الفاعلين الاقتصاديين تتطلب من الناحية الواقعية التأكيد على مفهوم تعددية قطاعات الملكية الاقتصادية فكل هذه القطاعات ( العام – الخاص – المختلط – التعاوني – الأهلي ) تتحمل مسئولية مشتركة في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع. هذه الشراكة بين الفاعلين الاقتصاديين لا تبرر فقط بالسياق الفكري للنظام الاقتصادي اليمني وإنما أيضا بالضرورة الواقعية وحالة التطور الاقتصادي والاجتماعي في اليمن.
فما زالت القدرات النسبية لقطاعات الملكية الاقتصادية ضعيفة حتى في مجال التميز النسبي لهذه القطاعات.
فالقدرات النسبية للدولة في مجال تميزها النسبي التقليدي (وظائف الأمن والدفاع والقضاء والإدارة) ما زالت ضعيفة ولذلك فإن غاية الحوار الوطني الشامل هو بناء الدولة. ونفس القول يمكن إطلاقه على قدرات القطاع الخاص التي ما زالت ضعيفة في مجال تميزه النسبي سواء القدرات الاستثمارية أو القدرات التنافسية.
إن السياق الواقعي لدور الدولة الاقتصادي لا يمكن عزله عن مفهوم تعددية القطاعات الاقتصادية وشراكتها في إنجاز التنمية الاقتصادية والاجتماعية ف

قد يعجبك ايضا