حتميات المرحلة الانتقالية
ناجي عبدالله الحرازي
ناجي عبدالله الحرازي –
قلنا أن الواقع اليمني الذي أدى إلى المبادرة الخليجية يفترض أن الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الحكومة محمد سالم باسندوة ومن يعمل تحت إدارتهما (المؤقتة والتي سينتهي تكليفها بانتهاء الفترة الانتقالية) وإن كانوا بحاجة لإجراء بعض التغييرات في المناصب والمهام المتعلقة بمكاتبهم وبمساعديهم طبقا لمقتضيات واقع الحال وتبعا للظروف التي أدت إلى تسلمهم السلطة إلا أن هذه التغييرات يجب أن تكون قصيرة المدى ومرتبطة بالضرورات..
وهكذا فالناس لا يتوقعون أن لا تنشغل هذه السلطة الانتقالية – سواء أكانت مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية – كثيرا بالتعيينات الجديدة وبالتخطيط للمستقبل البعيد بما يتجاوز الفترة الانتقالية.
بل ينتظرون منها التركيز على إدارة شؤون البلاد والعباد الآنية ومعالجة المشاكل التي تتطلب حلولا مستعجلة و لا تحتمل التأجيل أو المماطلة أو التسويف .. على أن يتم ذلك بروح جديدة مسئولة .. مستفيدين من أخطاء الفترة الماضية ومحاولين قدر الإمكان عدم تكرارها .
كما ينتظر الناس في اليمن وخارج اليمن أن تلتزم هذه السلطة الانتقالية بإنجاز المهام المحددة لها وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة دون الحاجة للدخول في متاهات ومماحكات وخلافات لا جدوى منها ولن تؤدي سوى إلى تعطيل مسيرة التغيير .
صحيح أن هناك من القضايا والمهام الآنية ما قد يستوجب اهتمام رئيس الدولة ورئيس وأعضاء مجلس الوزراء وحتى رئيس وأعضاء مجلس نوابنا الموقر – الذي يرى البعض أنه لم يعد هناك ما يبرر بقائه وجلساته المملة التي لم تعد تسمن أو تغني من جوع إلا أن ذلك لا يعني أن نرى أو نسمع من يتحدث باسم سلطات الدولة الحالية – التي نعلم جميعا أنها انتقالية – ويقول أنها تملك حق التصرف في شؤون البلاد والعباد بما فيها تلك المتعلقة بما بعد المبادرة..
كما لا يتوقع الناس أن يسمعوا أيضا أن هناك خلافات داخل حكومة الوفاق .. وهي خلافات لن تؤدي سوى إلى إهدار المزيد من الوقت والإمكانيات وتجعلنا نضرب أخماسا في أسداس ونحن نتطلع إلى نهاية الفترة الانتقالية.
ذلك أن الجميع ينتظرون على أحر من الجمر انتهاء أعمال مؤتمر الحوار الوطني وما سيتبعه من إجراءات تستند على قناعة الجميع بالحاجة إلى تأسيس نظام جديد يقوم على أساس الدستور المنتظر الذي سيحدد مستقبل البلاد والعباد .
كما يتوقعون أن يتحمل مجلس نوابنا المنتظر والحكومة التي ستتشكل بعد الانتخابات مسئولية التخطيط للمستقبل وإلزام اليمن بمعاهدات واتفاقيات جديدة تشمل مختلف جوانب الحياة ..
صحيح أيضا أن هذه الحكومة المؤقتة ستكون بحاجة للتخاطب مع المجتمع الدولي وبحث سبل تفعيل التعاون بين اليمن ودول العالم بشكل إيجابي بعد الفتور الذي أصاب هذا التعاون خلال الفترة الماضية ليتسنى التخطيط للسنوات المقبلة
لكن ذلك لا يعني أن نرى بعض الوزراء وهم يشكلون اللجان ويعقدون اجتماعات بل ويتنقلون بين عواصم العالم بدون حسيب أو رقيب ويعقدون مفاوضات وربما يوقعون اتفاقيات وهم يعلمون علم اليقين أنهم لن ينفذوها لأن الأمر سيكون بعهدة من سيخلفهم بعد انتهاء الفترة الانتقالية.
وفي هذا الإطار يرى البعض منا أن الرئيس هادي قد أحسن صنعا – حتى كتابة هذه الأسطر – عندما قرر تأجيل تعيين سفراء جدد للجمهورية اليمنية خلفا للسفراء الذين انتهت مهامهم على اعتبار أن عمل هؤلاء السفراء لم يعد مجديا خلال الفترة الانتقالية ويمكن الاكتفاء بما تفعله بعثاتنا الديبلوماسية والقنصلية وبالتواصل المباشر بين صنعاء وعواصم الدول المعنية ..
وهو بذلك وفر للخزينة العامة ملايين الدولارات وأتاح الفرصة لمن سيتولى السلطة بعد انتهاء الفترة الانتقالية لتعيين سفراء اليمن الجديد..
والمهم أن تستمر عجلة الزمن في الدوران لنصل إلى نهاية المرحلة الانتقالية ولنبدأ عهدا جديدا نتخلص خلاله من سلبيات الماضي ونعيش حياة طبيعية كسائر الشعوب من حولنا.