18مارس.. موعد آخر مع الحصاد

عبدالعزيز الزريقي

 - يمثل الثامن عشر من مارس ضرورة وطنية وواقعية وموضوعية للخروج من المتاهات المجهولة ودائرة التفكير العدمي, وحالات الفوضى وعدم الاستقرار, ومظاهر التوتر وشرنقة التناحر والانسداد والجمود السياسي
عبدالعزيز الزريقي –

يمثل الثامن عشر من مارس ضرورة وطنية وواقعية وموضوعية للخروج من المتاهات المجهولة ودائرة التفكير العدمي, وحالات الفوضى وعدم الاستقرار, ومظاهر التوتر وشرنقة التناحر والانسداد والجمود السياسي والإرهاب الفكري, ومشاهد العنف والموت المجاني الذي عاشه شعبنا اليمني العظيم على مدى الخمسين سنة الماضية .
تعطلت خلالها دورة الحياة والإنتاج وأصبحت الحروب هي أداة التواصل الوحيدة بين أبناء الشعب اليمني في ظل غياب صوت العقل كمرشد ومرجعية لحل خلافاتنا السياسية وبطريقة حضارية تعكس حضارة وحكمة شعب عظيم موغل في التاريخ بثقافته وأمجاده .
علينا في هذا اليوم التخلص من عقلية الربح والخسارة وتصفية الحسابات, وشهوة الانتقام والتمترس حول حالة عدم الثقة بين مكونات الطيف السياسي والمجتمعي, ووضع مصلحة اليمن العليا فوق كل الحسابات الضيقة والأنانية للخروج بالبلد من مهاوي الضياع والانهيارات المتتالية والتوجه بضمائر حية وقلوب صادقة وعقول متطلعة إلى الغد الأرغد ويتمثل ذلك في إغلاق ودفن ملفات الماضي والفصول المأساوية من تاريخ اليمن السياسي وعدم اجترار الخيبات لما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار والسلام الاجتماعي.
اليوم يضرب اليمنيون موعدا مع الدهر وتلوح فرصة آخرى لقطف الثمار وحصاد السنين لنضال الحركة الوطنية اليمنية على مدى خمسين سنة الماضية تقاسم خلالها المناضلون الأحرار الحب والتعب والوجع والأنين في سبيل التحرر من الاستبداد السياسي, وإنجاز الاستقلال الوطني في ربوع اليمن السعيد .
يحمل الثامن عشر من مارس دلالة رمزية ووطنية ومعان سامية للتضحية في سبيل الأوطان ـ كيف لاـ وهذا يوم مشهود فيه (جمعة الكرامة) حيث ارتوت الأرض اليمنية بدماء قانية زكية سطرها ثلة من الشباب المؤمن التواق إلى الحرية والكرامة والخبز والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والدولة المدنية الحديثة,واللذين بلغ عددهم 54شهيدا فاضت أرواحهم الطاهرة إلى بارئها لتؤسس لهذا اليوم الفاصل من تاريخ الشعب اليمني الذي يتجه فيه 565ممثلا من النساء والرجال إلى مؤتمر الحوار الوطني الشامل, ويمثلون كافة فئات وشرائح الشعب اليمني وقواه الحية وأطيافه السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني.
فالحوار الوطني : “أسلوب يجري بين طرفين يسوق كل منهما من الحديث ما يراه ويقتنع به ويراجع الطرف الآخر في منطقه وفكره قاصدا بيان الحقائق وتقريرها من وجهة نظره ولا يمكن أن يتحقق الحوار إلا مع أطراف تجمعها الرغبة المشتركة في تحقيق أهداف معلومة متفق عليها فإذا افتقر الحـوار إلى هذه الرغبة فسيكون ضربا من العبث أو إملاء للرأي وفرضا له من طرف على طرف آخر مما يجعله فاقدا للشرعية العلمية مفرغا من دلالته الفكرية مكرسا معنى الهيمنة والغطرسة وفرض الأمر الواقع.”
إذا: يجب التقيد والالتزام بأصول الحوار وقواعده وآدابه ليحقق الفائدة المرجوة منه ومن خلال العمل على تعزيز الجهود الإنسانية الصادقة من أجل تقوية أسباب السلم في مدلوله العام وتدعيم دواعي الأمن في مفهومه الحضاري الشامل, ورسم مسار آمن للانتقال الديمقراطي السلس وعلى طريق الدولة المدنية الحديثة المأمولة.
أخيرا: إن قطف ثمار التغيير عبر مؤتمر الحوار الوطني الشامل, وانتشال هذا الوطن من المحن والأزمات التي تراكمت بفعل سياسات هوجاء ابتلي بها اليمنيون يجسد لحظة وفاء لشهداء الثورة اليمنية وتكريما لدموع الأمهات, وتقديرا لآهات الأرامل وصرخات ويتم الأطفال وأنين الجرحى, وانكسار المعاقين ومعاناة المعتقلين والمختطفين في السجون, والمخفيين قسرا حتى الآن.

قد يعجبك ايضا