المياه جوهر البقاء والسلم الاجتماعي والتنمية والاستقرار
محمد العريقي
محمد العريقي –
ومجمل كل ذلك أركان أساسية للأمن والاستقرار والانطلاق نحو البناء والتنمية وتهيئ للولوج لحل كل المشاكل الأخرى .
ومع إيماننا المطلق أن قضية المياه هي القضية الرئيسية والأساسية والأولى لأن التخفيف من حدة خطورتها سيمهد لحل قضايا أخرى متشعبة لها من الارتباط المباشر وغير المباشر بالأمن والاستقرار والأمن الغذائي والبطالة والبيئة …الخ.
وليس هناك من وقت ومكان مناسبين لمناقشة قضية المياه واتخاذ الحلول وصياغة الرؤى المناسبة أفضل من مكان مؤتمر الحوار الوطني الشامل .
إننا ندرك أن موضوع المياه لا يبدو موضوعا مرئيا للكثير من النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية لأن تامين حاجياتهم من المياه سواء للشرب أو الاستخدامات الأخرى تتم بكل يسر وسهولة وبتكلفة بسيطة ورخيصة وربما البعض يتفاعل عند التذكير بقضية المياه في المناسبات والفعاليات وينسي ويمارس سلوكيات مدمرة بعد ساعات.
ومع كل ذلك نأمل أن يتوفق مؤتمر الحوار الوطني في التوصل إلى حلول للقضايا التي يراها ذات أولوية كبيرة بالتزامن مع بدء مناقشة القضايا الأخرى ومنها قضية المياه المطروحة ضمن بنود جدول اعمل المؤتمر .
وهذه القضية لم تقفز إلى طاولة الحوار بدون مرجعية أو خلفية مناسبة فهناك الكثير من الوثائق والاستراتيجيات والسياسات والخطط المتراكمة في هذا المجال ظل الكثير منها حبرا على ورق وتبقى أزمة المياه مستفحلة دون حل .
كما أن طرح قضية المياه على طاولة مؤتمر الحوار الوطني هو تعبير حقيقي عن مخرجات وتوصيات مؤتمر وطني عام عقد بصنعاء في سبتمبر من العام الماضي ومؤتمرات فرعية – خلال شهر مايو من العام الماضي – عقدت بالمكلا (ضم حضرموت وشبوة والمهرة وسقطرة) ومؤتمر فرعي بعد ن (ضم عدن وأبين ولحج والضالع) ومؤتمر تعز (ضم تعز إب البيضاء ذمار) ومؤتمر الحديدة (وضم الحديدة وحجة وريمة والمحويت) ومؤتمر صنعاء (وضم الأمانة ومحافظات صنعاء وعمران وصعدة ومأرب والجوف) وجميع تلك المؤتمرات أوصت بضرورة أن تجد قضية المياه طريقها لمؤتمر الحوار الوطني الشامل وهو ما تم الاستجابة إليه .
لاشك عندما نلح بضرورة أن تجد قضية المياه الاهتمام الكبير فإن لذلك الكثير من المبررات المنطقية وأبرز تلك المبررات ما يتعلق بالمكونات الحياتية بمجملها ناهيك عن ارتباطها بالسلم الاجتماعي .
ويكفي هنا الإشارة إلى مدى الفزع الذي ينتابنا عند الشعور بالاختلالات الأمنية التي أفرزتها الأحداث.
مع أن هذه الأحداث هي من إنتاج أفراد ومغامرين تتحرك بواسطة أطراف وقوى سياسية محدودة أمكن البحث والتدخل داخليا وإقليميا ودوليا لإيجاد حلول بشأنها.
أما إذا كانت القضية الأكبر والأشمل والتي تخص كل السكان بل تصبح الحياة مرهونة بوجودها وذات صلة بالسياسة والاقتصاد والتنمية الاجتماعية هي قضية المياه فإن التدخل والحلول بيد كل أبناء المجتمع ونحن ننظر لمؤتمر الحوار أنه يلم كل أبناء اليمن وهم المعنيون بإيجاد المعالجات المناسبة لهذا الموضوع .
قد لايروق للبعض ربط قضية المياه بالأزمات السياسية .
نقول لمثل هؤلاء أن الأزمات السياسية قد تغذيها نزعات فردية محدودة تشعر أن مصالحها تتعرض للخطر ولكن إذا ما تفاقمت المشكلة المائية إلى مستوى الأزمة المستعصية عند ذلك يصبح السلم الاجتماعي كله أمام خطر داهم يصعب السيطرة عليه وتعني المقاومة في هذه الحالة مقاومة الموت من أجل الحياة .
لا نقول هذا من باب التخويف والتخمين أو الوقوف أمام قدرة الله الرحيم بعباده فثقتي بالله سبحانه وتعالى لا تتزعزع أبدا ولكن الله سبحانه وتعالى لايحب عباده المسرفين غير المتدبرين غير المدبرين الذين يلقون بأنفسهم إلى التهلكة .
في موضوع المياه نحن في تجاهلنا هذه القضية كثيرا وتنكرنا لحكمة ورؤية الآباء والأجداد الذين تعاملوا مع المياه كثروة حياة وبقاء حرصوا على استغلال كل قطرة بحكمة وبما يخدم ويلبي احتياجاتهم المختلفة وحصدوا كل قطراتها القادمة من السماء بكل السبل الممكنة.
أما اليوم فإن الوضع المائي في اليمن معقد للغاية والأسباب أصبحت معروفة ويفهمها كل شخص وتتلخص المشكلة بكل بساطة في أن اليمن تقع في منطقة شبه جافة كل مصدرها من مياه الأمطار المتذبذبة ليس فيها أنهار أو ثلوج حاجتها من المياه تتزايد بفعل النمو السكاني المرتفع .
وبنفس الوقت هناك ضعف وعشوائية في الإدارة المائية وهناك تجا