عندما تنفذ أخلاق الصحفي

جمال عبدالحميد عبدالمغني

 - يجب أن لا يفهم من العنوان أن المقصود صحفي بعينه أو صحيفة بذاتها وإنما المقصود السلوك الشائن والرخيص الذي يمارسة بعض الصحفيين والصحفيات أينما وجدوا.
جمال عبدالحميد عبدالمغني –
يجب أن لا يفهم من العنوان أن المقصود صحفي بعينه أو صحيفة بذاتها وإنما المقصود السلوك الشائن والرخيص الذي يمارسة بعض الصحفيين والصحفيات أينما وجدوا.
> ومع تسليمنا بوجود النقائض في كل شئون الحياة لأن الخير والشر وجدا منذ خلق الله الأرض ومن عليها بدءا من آدم وحواء عليهما السلام وابنيهما هابيل وقابيل بما يمثلانه من رمزية ونموذج أول للخير والبشر كما أخبرنا بذلك رب العزة والجلال في كتابه الكريم وفي كل الكتب السماوية ومهنة الصحافة هي واحدة من المهن الهامة في هذه الحياة إن لم تكن أهمها على الإطلاق خصوصا في وقتنا الحاضر وبالضرورة لا يمكن أن تشذ عن الطريق كسائر المهن ولابد من وجود الخير والشر في كل مخرجاتها وفي شخوصها أيضا بيد أن الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان أن مهنة الصحافة هي من أشرف المهن وأرفعها قدرا وأعظمها تأثيرا لدرجة أن الناس أطلقوا عليها مسميات رفيعة مثل – السلطة الرابعة صاحبة الجلالة وغير ذلك تعظيما لشأنها واعترافا بدورها التنويري العظيم والمؤثر لذلك يحرص القائمون على تسيير شئون الصحافة على الحد من ظهور جانب الشرفي مخرجاتهم الإعلامية احتراما لعقول القراء والتزاما بمبادئ المهنة ناهيك عن أن الأخطاء الصحفية والممارسات اللا أخلاقية واللامهنية سرعان ما تظهر على الملأ فتفضح أصحابها وتفقدهم الاحترام وتنزع عنهم الثقة بعكس باقي المهن التي يمكن أن تظل ممارساتها الخاطئه والشريرة طي الكتمان لفترة كبيرة وإن ظهرت ففي نطاق محدود.
> في سائر بلاد العالم ومنها بلادنا هناك قانون للصحافة يحد من التجاوزات والإساءات والتجريح وغير ذلك لكن للأسف لا يوجد في هذه القوانين ضوابط تحد من النفاق والتضليل والخداع والكذب فهذه الأمور الممقوتة مطلقة على عواعنها ومباحة تحت سقف حرية الرأي وطبعا في البلدان المتقدمة وحتى العربية التي يفصل بيننا وبينهم بعدا حضاريا مهما تتلاشى كتابات النفاق والكذب والابتذال وغيرها لأن المجتمع لن يتقبلها والمثقفون سينتقدونها بشدة أما في بلادنا «فكل في فلك يسبحون» ويمدد أبو حنيفة ولايبالي.
> وفي صحافة العالم الحر يصعب عليك أن تقرأ مقالا واحدا عن أجد التجار يتحدث الكاتب فيه عن انجازاته وإفضاله على البلد لأن الكتابة عن التجار فيها شبهة بمعاييرهم حتى وإن حقق التاجر إنجازات تستحق التعريف بها وأول الانتقادات التي ستوجه إلى هذا الكاتب هي أن التاجر ليس بحاجة إلى إسفافك فلديه من الإمكانيات ما يمكن من شراء أي مساحات إعلانية في أي صحيفة للتعريف بمنتجاته وإنجازاته أما في بلادنا فقد وصل الحال ببعض أباطرة المال إلى تجنيد كتائب من الصحفيين الذين يبيعون ضمائرهم وأقلامهم بثمن بخس دراهم معدودة وهم موزعون على عدد من الصحف الصفراء وهم جاهزون على مدار الساعة لتلبية الطلب عند اللزوم قد يكون الفساد الذي ينتج عنه الفقر والعوز لدى الصحفي سببا لتخلي بعض الصحفيين عن مبادئهم لكن هذا ليس مبررا.
كما أن عقود التجار الإعلانية مع رؤساء التحرير جاهزة وقابلة لرفع السقوف في حالة امتعاضهم من كتابات المحررين المأجورين المسيئة بالطبع لسمعة الصحيفة وإذا لم يجد التاجر سببا وجيها لتلميع نفسه واستغلال الطاقات الكامنة لكتائب المرتزقة الذين يدورون في فلكه فلا بأس من اختراع سبب معين يستطيع من خلاله اختيار مدى جاهزية كتاب الزفة البواسل.
> على سبيل المثال قد يكلف أحد عبيده أو موظفيه بافتعال حادث مروري بسيط مع سيارته الشخصية يتسبب هذا الحادث في خلع إحدى المرايا الجانبية أو بعض الخدوش البسيط في جسم السيارة وعلى الفور يطلق العنان للخلايا النائمة في مختلف الصحف المأجورة سنقرأ عناوين لا حصرلها: أحدهم يكتب «محاولة فاشلة لاغتيال شهبندر .. التجار والعناية الإلهية تتدخل في الوقت المناسب لإنقاذ حياته» وآخر يقول «المؤشرات الأولية تشير إلى أن سيارة المجرم كانت تحمل متفجرات غير تقليدية وانفجارها لو حدث كان كفيلا بتحويل الحي بكامله إلى أثر بعدعين لكن ألطاف الله ودعوات المساكين جنبت اليمن هذه المحنة الكبرى» وثالث يقول «مصادر مؤكدة ترجح فرضية المؤامرة الدولية للإطاحة بالتاجر الفلتة والسبب إجهاض مشروعه السري الذي يهدف من خلال تنفيذه إلى نقل اليمنيين للعيش في كوكب المريخ سابقا لجميع الشعوب في تحقيق هذا الحلم وأضافت المصادر أن السيارة المهاجمة اختفت بصورة غريبة وكأنها فص ملح وذاب.
> وقد يفكر التاجر الباحث عن الأضواء بطريقة أخرى لتلميع نفسه فيوحي لأحد حراسه بإطلاق أعيرة نارية على سور قصره فينتج عن ذلك تفتت لإحدى الأحجار المكونة للسور وعلى الفور

قد يعجبك ايضا