لحظة الحقيقة

عبدالناصر الهلالي


عبدالناصر الهلالي –

تونس.. مصر.. ليبيا.. كم رسمت تلك المفردات الربيعية على قلوب الناس من أمل افتقده المواطن العربي منذ عقود مضت ولن تعود طالما بدأت الحياة والحرية تدب في عروق الجسد الواحد.
نعم جاءت الإجابة على السؤال التهكمي:.. ماذا فعلت ثورات الربيع العربي¿ تجاوز المغرمون بالانظمة السابقة الإطاحة بأسيادهم وتجاوزوا أيضا صلب التوريث على جدران السجن المؤبد.. تجاوزوا ذلك كله.. وظل السؤال الذي بحت به حناجرهم.. ماذا فعلت ثورات الربيع العربي¿ فجاءت الإجابة الأولى من تونس بعد أن أجريت أول انتخابات نيابية نزيهة وذهبت الحصيلة لمن ذهبت المهم فعل الممارسة الديمقراطية النزيهة التي صنع لبناتها الثوار من الداخل لا كما حاولت الانظمة المريضة استيرادها بالتدريج من الخارج وتردد القول حينها مرارا وغاب الفعل حتى جاءت لحظة الحقيقة.. مصر المحطة الثانية انتخابات تنافسية كسبت فيها قوى الثورة وذهبت إلى غير رجعة قوى الظلام.. ليبيا الآن خطت أول انتخابات منذ (ستين) عاما وشهد الجميع بنزاهتها وليفز من يفوز حتما ستنتصر الثورة وسيأتي دور اليمن وسوريا والركب سيتبع لن تستثنى دولة عربية دون أن يلحقها قطار التغيير لحظة التغيير حانت ولن يعود الماضي.. توضع أمام الحاضر الكثير من العراقيل.. الكثير من القبح والكثير الكثير من الحقد.. ستبوء بالفشل حتما منطق التاريخ يقول ذلك وابن خلدون لا ينكرره.. إنه يقره في كتابه المقدمة.. علماء التاريخ كلهم يؤمنون بالتغيير عندما يصل الحكم إلى منتهى الظلم وممارسة الجبروت.
قبل أن تبدأ دورة الحياة في بلدان الربيع العربي.. وقبل أن تنتهي الثورات.. تبجح المشدودون إلى الماضي في الصحف وفي منابر الخطابة في كل مكان راحوا يصفون الثوار بالمخربين والفوضويين والمنفذين لأجندات خارجية .. تناسوا فيما يخص هذه المفردة الأخيرة أن الانظمة السابقة هي من خدمت ورسمت وخططت لأجندة خارجية في الداخل الوطن.. عبثوا بالوطنية وباعوا واشتروا بها لم يتركوا فعلا قبيحا إلا أتوه راضين.. وصفوا الثوار بما لم يوصف به.. قواميس من القبح وجهت إلى أعراضهم لكن ذلك لم يأخذ من الثائر شيئا لأن الثائر الذي تعرض للقتل لا يهمة اللفظ.. لم يكن يهمه إلا شيء واحد هو إحداث التغيير وحدث التغيير عبر ممارسة المواطن لحقه فيمن يحكمه.
ثورات الربيع العربي نجحت وواهم من يرى غير ذلك والعراقيل أمام طريق التغيير ستنهار عمليا بعد أن انهار أصحابها أخلاقيا.. أمام هذا كله يتوجب على الجميع الانحياز للوطن من أجل إكمال مسيرة التغيير وترك الولاءات للأشخاص التي كانت سببا بالطبع في تعفن التراكمات الخاطئة في الحكم.

قد يعجبك ايضا