( بالحوار فقط نبني الدولة المدنية الحديثة )

م يحيى القحطاني

 - هناك للأسف الشديد من القوى السياسية والأحزاب اليمنية من يسعى بإصرار عجيب واندفاع مريب إلى تكريس عوامل الفوضى وتوطينها في الواقع السياسي والاجتماعي اليمني وشرعنة مسلكياتها لتحل ثقافة الفوضى محل احترام النظام والقانون
م/ يحيى القحطاني –
هناك للأسف الشديد من القوى السياسية والأحزاب اليمنية من يسعى بإصرار عجيب واندفاع مريب إلى تكريس عوامل الفوضى وتوطينها في الواقع السياسي والاجتماعي اليمني وشرعنة مسلكياتها لتحل ثقافة الفوضى محل احترام النظام والقانون والدستور وقواعد الممارسة الديمقراطية وقيم التعددية السياسية والحزبية ومعطيات الحياة المدنية المتحضرة وأقل ما يقال عن دعوة كهذه أنها تدخل ضمن نطاق الرعونة السياسية والتنطع الحزبي المجرد من اعتبارات المسؤولية إن لم تكن تندرج في إطار إحلال ثقافة الفوضى أو في ما يمكن تسميته انكسار موجة المراهنات التي عشعشت في عقول هؤلاءوالمشكلة أن من يسيرون في هذا الاتجاه المتعرج لا يخفون نواياهم إزاء ما يتصل بمثل هذا المشروع التدميريالذي يعملون بدأب من أجل توريثه لهذا الوطن بعد أن شعروا بأنه في ظل استتباب عوامل الأمن والاستقراروبسط هيبة النظام والقانون والتزام الجميع بضوابط الممارسة السياسية والحزبية واحتكامهم للحوار المسئول في حل ومعالجة القضايا الخلافية والمشكلات التي تعترض طريق الوطن فإنهم سيظلون في الهامش ولن يصلوا إلى طموحاتهم ورغباتهم وأحلامهم في السيطرة على كراسي الحكم والهيمنة على رقاب الناس بحكم ابتعاد معظم الناس عنهم ورفض الكثير منحهم ثقتهم والتصويت لهم في الانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية في ألأعوام الماضية والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو:
لماذا تسعى هذه القوى السياسية والحزبية إلى إغراق اليمن في أتون الفوضى والمشاريع الانقلابية¿وهي تعلم أنها لن تسفر إلا عن المزيد من الانفلات والتوتر والقلق والدماء والأشلاء في حين أن ما يحتاج إليه اليمن هو الاستقرار والأمن والأمان وعودة الحياة إلى طبيعتها الهادئةوحل الخلافات والمشكلات القائمة عن طريق الحوار والتفاهم والحرص المشترك على مصلحة اليمن وبماذا تبرر هذه القوى السياسية والحزبية هروبها من الحوار على الرغم من نجاح هذا الخيار وواقعيته وما يحمله من بعد حضاري ومعان إنسانية وقيمية وتستبدل كل ذلك بمشاريع تغلب عليها الضبابية والأحادية والروح العدائية والانتهازية المفرطةالتي وإن روعيت فيها مصلحة بعض الأفراد أو الجماعات والأحزابفإن ضررها البالغ سينعكس على اليمن وأبنائه جميعاونستغرب أن تقابل دعوات الحوار من بعض القوى السياسية والحزبية بالرفض والمواقف المتعنتة والمتشددةالتي يغلب عليها طابع التهور والتطرف الذي يتصادم مع روح الديمقراطية وقواعد ممارستهاوما يبعث على الاستغراب أكثر أن بعض ألأشخاص في المعارضة اليمنية في الخارج وأتباعهم القليل القلة في الداخل يرفضون الحوار تحت ذرائع وحجج واهية دون أن يقدم هؤلاء البدائل التي يمكن أن تحل محل الحوار رغم أنه لا يوجد بديل لمعالجة المشكلات والخلافات والتباينات والقضايا الشائكة سوى الحوار الذي ظل وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ثابتا من ثوابت العقيدة الإسلامية وسنة من سنن الحياة وخيارا أصيلا من خيارات الديمقراطية ونهجها التعددي ومفاهيمها الحضارية هؤلاء المعارضون سواء الذين هم في الخارج أو الداخل أصبحوا خارج نطاق الخدمة بحكم كبرهم في السن ولعدم استطاعتهم التكيف مع معطيات العصر الحديث فإنهم يتحججون بأن الأحداث التي مرت بها اليمن عام 1994م وما نتج عن تلك الأحداث قد تجاوزت منطق الحوار ويريدون إرجاع اليمن إلى المربع الأول زمن التشطير والحرب والدم بين الأخوة والمصير المشترك والذي تجاوزه الزمن ومن المستحيل العودة إلى تلك الحقبة المظلمة في حياة شعبنا اليمني العظيم والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان هؤلاء لا يريدون الحوار فماذا يريدون خاصة وأنه لا شيء يمكن أن يحل محل الحوار إلا الحوار¿ وبالتالي فإن من يرفضون الحوارإنما هم بذلك الرفض يتخلون عن التزامهم بالديمقراطية لصالح تكريس عوامل الفوضى والتصادم والصراع الداخلي ودفع اليمن إلى أتون حرب أهلية دامية تعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي الذي يظل خطرا قائما إذا ما احتكم الفر قاء السياسيون لمنطق العنف بدلا عن الحوار.
ولا ريب أن مثل هذا الطرح قد أفرز نوعا من الثنائية المتضادة من خلال إصرار تلك القوى السياسية على القول بأنها تمارس أنشطتها في نطاق المحددات الديمقراطية ومن ذلك الالتزام بالحوار كوسيلة مثلى لحل خلافاتها وتبايناتها مع الآخرومن بديهيات الحوار بين أي طرفين أن يتفقا أولا على موضوع الهدف النهائي والعريض للحوار وبالتالي على الغاية الأساسية له ومن ثم تأتي آليات الحوار وأدواته وطرائقه والحلول الممك

قد يعجبك ايضا