النكبة وتحولات الشعر الفلسطيني
–
غزة – كشفت دراسات بحثية وأكاديمية خاصة بالشعر الفلسطيني والنكبة أن النكبة أحدثت تحولات كبيرة في الشعر الفلسطيني من حيث الشكل والمضمون.
وأكدت هذه الدراسات والأبحاث التي قدمت خلال مؤتمر «اللاجئون الفلسطينيون وحق العودة› الذي عقد هذا الأسبوع في غزة بتنظيم من جامعة القدس المفتوحة والمكتب التنفيذي للجان الشعبية للاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية أن فلسطين التاريخية ظلت حلم الشعراء أينما قذفت بهم صروف الدهرـ ويورثونه للأجيال القادمة.
ورصدت دراسة «ملامح النكبة وآثارها في الشعر الفلسطيني حتى عام 1967» للدكتور عاطف عبد الله أبو حمادة الملامح التي أنبتتها النكبة الفلسطينية في النتاج الشعري الذي قدمه شعراء فلسطينيون عاشوا أحداث هذه النكبة التي أحدثت تحولات كبيرة في الشعر الفلسطيني من حيث الشكل والمضمون.
وبينت الدراسة قدرة الشعر الفلسطيني على الحفاظ على وحدته التي تجسد وحدة الشعر الفلسطيني رغم الإنقسام الجغرافي الذي أحدثته النكبة والذي لم يستطع رغم فداحته أن يحدث انقساما نصفيا أو وطنيا فظلت فلسطين التاريخية حلما يحمله الشعراء الفلسطينيون أينما قذفت بهم صروف الدهر ويورثونه للأجيال القادمة.
وجاء في الدراسة أن هذا الحلم أصبح بتفاصيل التراجيديا الفلسطينية طابعا يطبع الشعر الفلسطيني ويمنحه فرادة وخصوصية تميزه عن غيره من التجارب الشعرية العربية التي راحت تستلهم روحه في محطات حراكها العارمة.
وقد أكد هذه المعاني كذلك بحث «صورة اللاجئ الفلسطيني في الشعر الفلسطيني المقاوم- شعر هارون هاشم رشيد نموذجا» للدكتور بسام علي أبو بشير أستاذ الأدب والنقد المساعد – قسم اللغة العربية في جامعة الأقصى-غزة.
وخلص البحث إلى أن الإنسان الفلسطيني الذي ابتلي بالنكبة واللجوء داخل وطنه وخارجه منذ عام 1948 بعد إلى يومنا هذا بمثابة مأساة إنسانية أوجدها المحتل الصهيوني أمام أنظار العالم المتحضر.
وسلط الباحث الضوء على النماذج والأنماط الشعرية التي تعكس حقيقة اللاجئ الفلسطيني ومعاناته كما جاءت في الشعر الفلسطيني المقاوم وتحديدا في أشعار هارون رشيد.
وسار البحث وفق المنهج الوصفي التحليلي وسبق المحورين المقدمة وتلاهما خاتمة البحث وفيها أبرز النتائج والملاحظات والأحكام وأخيرا قائمة بمصادر البحث ومراجعه.
أما «صورة المخيم ودلالاتها في الشعر الفلسطيني 1948-1994» فكانت عنوان بحث للدكتور نائل محمد إسماعيل- وكالة غوث وتشغيل اللاجئين- قطاع غزة.
وخلص البحث إلى أن مجالات الدراسة عند شاعر بعينه تتعدد فمنها ما يقوم على اختبار ميول الشاعر إلى استخدام الكلمات الحسية أو الذهنية ومنها ما يقوم على حصر المفردات الأكثر دورانا عند الشاعر والتي تتمتع بنسبة عالية من التكرار وهي التي تكشف عن رؤية الشاعر للعالم والأشياء من خلال دراسة شبكة العلاقات داخل الحقل الدلالي الذي تنتمي إليه الكلمة.
أما في هذه الدراسة فإن الأمر يختلف حيث يتعدى مجرد دراسة معجم شاعر بعينه إلى دراسة المعجم الكبير لعدد من شعراء فلسطين الذين استوحوا مفردات معجمهم من مشاهد الحياة في مخيمات اللاجئين.
وبرزت صورة المخيم الثائر في وجه الغزاة الذي نهض من جراحه وآلامه يتصدى لعدوه بكل أشكال القوة فعلى عاتق أبنائه تقع مسؤولية الكفاح والنضال من أجل تحقيق حلم العودة.
ومما يلفت الانتباه شيوع دلالة المواجهة والتصدي عند سكان المخيمات وخاصة في شعر الانتفاضة الأولى وهذا يدل على أن الشعور السائد في نفوس الفلسطينيين هو الرغبة الصريحة في المقاومة والتحدي.
ومن هنا فإنه يمكن القول إن التحدي الذي برز في حياة اللاجئين ليس تحديا سلبيا عاجزا عن الفاعلية وإنما هو تحد قائم على المواجهة الفعلية مع العدو رغم الممارسات الوحشية مهما طال الزمان وبعد المكان.
وجاء في الدراسة أن المخيم لم يعد هو ذلك المكان البائس الذي يسكنه مجموعة من اللاجئين البائسين المغيبين عن التاريخ بل صار عنوانا لرفض كل أشكال الذل والحرمان. وذلك بسلوك طريقين متوازيين أحدهما يتجه نحو التعبئة الجماهيرية والآخر يحمل على عاتقه عبء المقاومة والمواجهة.
وتتبع الباحث صورة المخيم بدلالاتها السابقة في الشعر الفلسطيني في الفترة ما بين سنة 1948 «نكبة فلسطين» وسنة 1994 «نهاية الانتفاضة الأولى» وما يتصل بها من ألفاظ ذات علاقة خاصة بمشهد الحياة في المخيم وتحليلها من خلال السياق الذي وردت فيه كي لا يصرفنا معناها المعجمي عن المعنى السياقي الذي أفرزته الصياغة فالكلمة تكون ذات وظيفة خاصة في علاقاتها مع الأخريات.
كذلك كان حال دراسة «صورة الغربة والمنفى في شعر يوسف الخطيب» للدكتور سالم أبو محيسن.
وخلصت إلى أن الغربة والمنفى