اليمن ضحية التاريخ والجغرافيا



صادق السالمي
في‮ ‬جمهوريتنا ملكية وفي‮ ‬ملكيتنا جمهورية وهكذا نتعايش في‮ ‬كل أمورنا نتعايش مع مشاكلنا وهمومنا ومأزقنا ولم‮ ‬يحدث أن حسمنا أمرا وحللنا مشكلة أو خرجنا من مأزق وإنما نتعايش معها حتى تصبح جزءا‮ ‬من حياتنا لا نستغني‮ ‬عنه ولا نتصور حياتنا بدونه
انطلاقا‮ ‬من مقولة ماركس التي‮ ‬تقول بأن وجود الناس‮ ‬يحدد وعيهم‮ ‬أقول إننا اليمنيين ضحايا التاريخ والجغرافيا وإن موقعنا الجغرافي‮ ‬الذي‮ ‬نتفاخر بأهميته واستراتيجيته لا‮ ‬يعدو عن أن‮ ‬يكون لعنة ندفع ثمنها نحن الواقعون في‮ ‬إطار هذا السجن الطبيعي‮ ‬الكبير الذي‮ ‬تطوقه الصحراء من الشمال والبحر من الجنوب والغرب‮ ‬وهذا ما جعلنا في‮ ‬عزلة إجبارية وانعزال قسري‮ ‬عن السياقات الحضارية وتفاعلاتها التاريخية بصيروراتها الارتقائية‮ ‬وهذا ما انعكس على عقلياتنا التي‮ ‬أصبحت تتسم بانغلاق وصلبة وجمود كونها لم تتجاوز تجربتها الذاتية‮ ‬ولم تتفاعل وتتلاقح بتجارب الغير‮ ‬مما جعلها تفتقر إلى المرونة والانفتاح‮ ‬وبالتالي‮ ‬التطور والتجدد الذي‮ ‬يميز عقليات الواقعين في‮ ‬مناطق التماس الجغرافي‮ ‬الحضاري‮ .. ‬كما أن هذا أبقانا على صعيد البيولوجيا أكثر الأعراق والسلالات نقاء‮ ‬بفعل عدم تداخلنا أو بالأصح رفضنا التماهي‮ ‬مع عرقيات أخرى‮ ‬وأن حدث هذا فيحدث بشروطنا مثل حالات الهجرة التي‮ ‬نقلنا معها موروثنا اليمني‮ ‬إلى مناطق الشام والعراق والحجاز والتي‮ ‬أصبح من فيها عربا مثلنا بما فيهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك في‮ ‬الحلة الأندونيسية التي‮ ‬نقلنا إليها موروثنا الثقافي‮ ‬والديني‮ .. ‬على أي‮ ‬حال أقول بمجرد خروج اليمني‮ ‬من هذا السجن الطبيعي‮ ‬الكبير تجده‮ ‬يحقق نجاحات مبهرة وإن كان بشروطه‮ .. ‬لكن بقاءه فيه‮ ‬يجعله محددا بحدوده مشتغلا وفقا‮ ‬لمنظوماته لا أقول أنه‮ ‬غير قادر على تجاوزها أو الخروج عنها ولكن أقول أنه‮ ‬غير راغب في‮ ‬ذلك فقد وجد اليمني‮ ‬نفسه على السفوح فتعايش معها أو تكيف معها أو لنقل فكيفته وفقا لطبيعتها ومتطلباتها وأصبحت محدد حياته الأبرز والأهم‮ ‬فنحن نتواجد على سفح البيولوجيا فلم نصل إلى المرحلة الإنسانية ولم نبق في‮ ‬المرحلة الماقبل بدائية المتوحشة‮ ‬ولكن نتأرجح على السفح‮ ‬وكذلك نحن على سفح الانثروبولوجي‮ ‬فلم نصل إلى مستوى الوعي‮ ‬المنتظم ولم نبق في‮ ‬طور اللاوعي‮ ‬الفوضوي‮ ‬ونحن على سفح علم الاجتماع فلم نكن مجتمعات ولم نبق أفرادا‮ ‬ونحن على سفح التدين فلم نكن موحدين ملتزمين ولم نبق وثنيين‮ ‬غير مبالين‮ ‬ونحن على سفح التاريخ فلم نكن بلا تاريخ ولم ننجز شيئا‮ ‬في‮ ‬حاضرناونحن على سفح الحضارة فكانت لنا حضارة ولم‮ ‬ينعكس علينا الوعي‮ ‬الحضاري‭, ‬نحن على سفوح الهوية فلم نكن بلا وطن ولم نستقر فيه‮ ‬وكذلك نحن على سفح المدنية فلم نصل إلى مستوى الوعي‮ ‬بالواجبات فنقوم بها‮ ‬لكننا ما ننفك نطالب بالحقوق‮ .. ‬إجمالا‮ ‬حياتنا محددة بسفوح كثيرة‮ ‬لكن لم نسقط في‮ ‬هاوية ولم ننتقل إلى مكان آمن‮ ‬استثمرنا موقعنا الذي‮ ‬أصبح واقعنا وجعلنا منه ميكانزم حياة بدلا‮ ‬من كونه معامل إفناء‮ ‬فأنشأنا المدرجات وسكنا السفوح وجعلنا الهاوية عامل أمن‮ ‬يحمي‮ ‬ظهورنا فنأمن على أنفسنا عند مواجهة العدو‮ .. ‬حتى لا‮ ‬يأتي‮ ‬من قد‮ ‬يطعننا من الخلف‮ .. ‬أقول عقلية اليمني‮ ‬صلبة وجامدة بجمود وصلابة السفوح التي‮ ‬يقطنها وشخصيته قاسية بقساوة صخورها وتفكيره سوداوي‮ ‬بسواد أحجارها البركانية وتعامله عدائي‮ ‬بعدائية وحوشها وكذلك هي&#8

قد يعجبك ايضا