ايران واسرائيل: من يضرب اولا¿
عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان –
بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي يهدد كل يوم بتوجيه ضربات ‘قاتلة’ للمنشآت النووية الايرانية التي يراها تشكل تهديدا ‘وجوديا’ لدولة اسرائيل ويذهب بعض الخبراء القانونيين الاسرائيليين والامريكيين الى توفير تغطية قانونية ‘تشرع’ هذه الضربات باعتبارها نوعا من الدفاع عن النفس.
اذا طبقنا المبدأ نفسه حرفيا فإن من حق ايران وفي ظل هذه التهديدات الاسرائيلية المتصاعدة ان تبادر الى توجيه صواريخها الى اسرائيل او حتى البوارج وحاملات الطائرات الامريكية في ضربة استباقية في اطار الدفاع عن النفس مثلما قال بالامس المرشد الايراني الاعلى السيد علي خامنئي في خطابه الذي القاه بمناسبة بدء العام الفارسي الجديد.
ندرك جيدا ان الفارق في التسليح ضخم جدا بين ايران من ناحية والولايات المتحدة الامريكية واسرائيل من ناحية اخرى والمقارنة هنا في غير محلها تماما بل لا تجوز اساسا ولكن اذا جرى فرض الحرب على ايران او اي دولة اخرى فليس هناك الا احد خيارين:
الاستسلام ورفع الرايات البيضاء او النزول الى ميدان القتال وخوض المعارك حتى النهاية.
الايرانيون ومثلما تفيد مواقفهم وتصريحاتهم مصممون على المضي قدما في برامجهم النووية ويؤكدون دائما انها برامج سلمية مشروعة وهذا يعني انهم غير معنيين بالتهديدات التي تستهدفهم ايا كان مصدرها.
لا نستبعد ان يكون الايرانيون هم البادئين بالهجوم فهم يعيشون حاليا تحت حصار خانق قد يصبح اشد بعد ثلاثة اشهر عندما تفرض اوروبا حظرا شاملا على استيراد النفط الايراني وعلينا ان نتذكر بأن حصارا مماثلا وان كان اقل حدة دفع بالرئيس العراقي صدام حسين الى احتلال الكويت ونحن هنا لا نناقش النتائج التي نعرفها جيدا وانما نتوقف عند مخاطر الحصار والتجويع واستفزاز الكرامة الوطنية لدى الشعوب وقيادتها.
الحصار بدأ يعطي ثماره المريرة والمهينة في ايران واسعار المواد الاساسية باتت في ارتفاع متصاعد واسعار العملة الايرانية ‘الريال’ في هبوط قياسي وفرض نظام منع تحويل العملات الى ايران الذي بدأ قبل ايام سيعيد البلاد الى معاملات العصر الحجري في زمن القرن الواحد والعشرين اي دجاجة مقابل حفنة ارز. واذا كان هذا النظام جائزا بين مجموعات او افراد فإنه مستحيل على مستوى الدول وعشرات الملايين من مواطنيها.
الولايات المتحدة ترتكب خطأ فادحا اذا اعتقدت ان سيناريو التجويع الذي نجح في كوريا الشمالية وارغمها على الانصياع للشروط الامريكية وتجميد برامجها النووية مقابل الطعام يمكن ان ينجح في ايران لاختلاف الظروف والجينات البشرية. فإيران قارة اكبر من المانيا وفرنسا واسبانيا وفوقها ايطاليا مجتمعة وشعبها البالغ تعداده اكثر من سبعين مليونا قد لا يركع بسهولة لانه معروف بعزة نفسه مثل كل الشعوب العربية والاسلامية الاخرى ان لم يكن اكثر.
الرئيس باراك اوباما الذي اعتبر البرنامج النووي الايراني ليس خطرا على اسرائيل فقط وانما على أمن امريكا والعالم بأسره اثبت في خطابه امام اللوبي اليهودي الامريكي بأنه اكثر الزعماء الامريكيين ولاء ومساندة لاسرائيل في التاريخ. اوباما قال انه لن يسمح لإيران بامتلاك اسلحة نووية ثم يعمل على احتوائها مثلما فعل مع الاتحاد السوفييتي وانما سيمنعها قبل ان تصل الى هذه المرحلة لان هذا ليس في مصلحة اسرائيل وامريكا معا.
ذريعة اوباما تتلخص في عدم وصول الاسلحة النووية الى ايدي ‘الارهابيين’ في حال امتلاك ايران لها واطلاق سباق تسليح نووي في المنطقة العربية حيث ستلجأ دول مثل السعودية ومصر الى السعي من اجل امتلاكها.
بمعنى آخر لا يريد اوباما ان يمتلك العرب اسلحة نووية ولا ان تصل هذه الاسلحة الى ‘الارهابيين’ العرب والمسلمين حتى لا يستخدموها ضد اسرائيل التي قال ان أمنها مقدس بالنسبة اليه والولايات المتحدة الامريكية التي يتزعمها. فالتفوق العسكري الاسرائيلي مثلما قال في الخطاب نفسه يجب ان يستمر وان تحميه واشنطن بكل الطرق والوسائل.
الرئيس اوباما يجافي الحقيقة في وضح النهار فامتلاك اسرائيل لأسلحة نووية لاكثر من خمسين عاما لم يطلق سباق تسلح نووي في المنطقة والاسلحة النووية توجد حاليا في ايدي دولة تمارس الارهاب علنا وتعتدي على الجيران وتقتل الاطفال بقنابل الفوسفور الابيض في قطاع غزة وجنوب لبنان وتحتل اراضي دول عربية وجهزت رؤوسها النووية لضرب مصر وسورية اثناء حرب اكتوبر رمضان عام 1973 ومذكرات غولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل في حينها تثبت هذه الحقيقة.
ما زلنا نتمسك برأينا بأن اسرائيل هي التي تقرع طبول الحرب وقد تكون البادئة فيها والرئيس اوباما لا يستطيع ان يمنعها بعد ان شاهدنا تزلفه للوبي اليهودي الداعم لها بطريقة مخجلة مضافا الى ذلك ان نتنياهو اقوى منه في امريكا بسبب دعم الكونغرس له.
ما يعزز رأينا هذا عدة مؤشرات قوية نوجزه