اليمن وأمريكا وعقد صعب من العلاقات
–
نصر طه مصطفى
فتحت حادثة تفجير المدمرة الأمريكية »يو إس إس كول« على يد تنظيم القاعدة في عدن عام 2000 الباب على مصراعيه لصياغة جديدة للعلاقات اليمنية الأمريكية تقوم على أساس أمني بالدرجة الأساسية.
ولأن الحادثة جرت في نهاية ولاية الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون لم يكن بإمكان إدارته إنجاز الآليات المطلوبة لهذه العلاقات إذ في يناير 2001م كان الرئيس الجمهوري اليميني المتشدد جورج بوش الابن يؤدي اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية وكأي إدارة أميركية جديدة كان لا بد للرجل أن يدرس كل الملفات. وكان الجميع يدرك أن بوش الابن يحتاج لدراسة واستيعاب أي ملف سياسي إلى أضعاف الوقت الذي كان يحتاجه سلفه الديمقراطي كلينتون.
وهكذا تأجل الملف اليمني حتى ما بعد حادثة 11 سبتمبر 2001م عندما بدأت إدارة بوش تلمح لأن اليمن هو هدفها الثاني بعد أفغانستان وبسببها قام الرئيس السابق علي عبدالله صالح في نوفمبر من نفس العام بأهم زياراته للولايات المتحدة الأمريكية والتي أثمرت عن وقف مشروع استهداف اليمن وأسست للتعاون الأمني ورسمت مسارا جديدا لعلاقات البلدين.
كانت زيارة صعبة وكان الرئيس بوش في أقصى درجات توتره وانفعاله فيما كان الرئيس صالح بالقدر نفسه في أقصى درجات قلقه وشجاعته في مواجهة رعونة نظيره الأمريكي فقد كان يريد تجنيب اليمن مخاطر أي تدخل أميركي مباشر كما حدث في أفغانستان وكان المقابل هو تعاون يمني أميركي مفتوح بغرض استهداف القاعدة وقياداتها التي كانت مقيمة في اليمن وقد نجح صالح في تجنيب اليمن ذلك التدخل المباشر الذي كان سيشعل
حريقا يصعب إطفاؤه.
بعد عام واحد من تلك الزيارة كانت القاعدة تضرب الناقلة الفرنسية »ليمبرج« على شواطئ المكلا وجاء الرد أميركيا مباشرا بامتياز من خلال قيام طائرة أميركية من دون طيار بقتل أبو علي الحارثي أحد كبار قادة التنظيم في اليمن في صحراء مأرب. وارتبكت القيادة اليمنية في كيفية التعامل مع هذا الحادث من النفي إلى تحمل مسؤوليته إلى الإقرار لاحقا بحقيقته إلا أن الأجهزة الأمنية اليمنية عملت بجدية لاحقا في تضييق الخناق على القاعدة ونشطت في هذا المجال خلال السنوات الثلاث التالية تقريبا.
واتخذت الدولة اليمنية وسائل شتى في التضييق على القاعدة من ضمنها الحوار والمعالجات الاجتماعية للتائبين منهم والاعتقال والرصد.
ومن هذه الأساليب ما أعجب الإدارة الأمريكية ومنها ما لم يعجبها لكن ذلك النشاط الأمني المكثف كان فعالا إلى درجة أنه حد من مخاطر نشاط القاعدة كثيرا رغم أن جبهتين جديدتين فتحتا على التوالي في عامي 2004م مع الحوثيين و2005م مع الحراك الجنوبي ووصلت علاقات البلدين إلى ذروتها بدعوة الرئيس صالح للمشاركة مع ثلاثة من القادة العرب الآخرين في قمة الثمانية صيف 2004م في الولايات المتحدة الأمريكية وبدا أن تلك الدعوة عبرت عن تقدير دولي ك