(1920) من مرضى السرطان استفادوا من خدمات الإيواء المجاني والدعم النفسي والتمريض خلال

استطلاع محمد محمد إبراهيم


استطلاع/ محمد محمد إبراهيم –

لم أنس زملاء الدراسة في الإعدادية والثانوية مطلقا إذ تقاسمنا دقائق راحة الحصص المدرسية فرحا طفوليا ومذاكرة وجدلا لا يرى من المستقبل سوى أننا لن نفترق.. لكن العكس هو من يسبقنا للمستقبل دائما.. انشغلت بجدل السياسة ودوامة الحوارات الصحفية ووجع مهنة ضجيج رحاها أكثر من طحينها.. بينما هو تجرع الجزء الأكبر من معاناة مواصلة تعليمه بعد الثانوية في ظروف قاسية تذكرني بمعاناة بطل فيلم طوق الحمامة المفقود وهو السير تحت لافتة العيش على الأمل واستزراع واقع افتراضي يفوح منه المجد الغابر.. المهم لسنا في رواية.. فزميلي أحمد قائد المربع خريج كلية تربية أرحب انقطع أو بالأحرى انقطعت عن التواصل به –اعتذاري- ومع تغيير الهاتف كل مرة أفقد الأصدقاء لتبدأ الذاكرة رحلة التخمين مع كل رنة.. أيهم ذكرني!!¿ .. رن هاتفي وأنا منشغل بتفريغ حوار مطول (….) أخذني فيه جدل السياسة مأخذ الدوران في حلقة مفرغة.. تأخرت كثيرا عن النظر لمعرفة من اتصل بي لكني في نهاية المطاف اتصلت.. مساء الخير.. مساء النور .. تغابى الصوت..عرفته.. أخبرني : أتابع حواراتك وما تنشره في الثورة -بتواضع وخجل- رددت: حياك أخي أحمد أين الغياب¿… رد ضاحكا كعادته:غاب الذي ما جاء… واندفع مهاجما: أنت مشغول بالسياسة والصراع القبائلي والحرب والشعر والرواية .. زور الإنسانية حتى مرة واستأجر في الدنيا والآخرة.. تعال أنا حارس في دار الحياة لرعاية مرضى السرطان انقل معاناة هؤلاء.. هز داخلي نوازع الرحمة خصوصا في اللحظة المناسبة من تخديره القات فالشوط الثاني على أوج نوازع الخير والتفكير الايجابي.. وعليه حددنا موعد الزيارة.. وفي صباح الخميس كان برفقتي مصور صحيفة «الثورة» الزميل الرائع والمتعاون ناجي السماوي.. فكان لنا هذا الاستطلاع في أروقة الدار ومرضاه ومرافقه.. وغير ذلك..

موقع الدار في منأى عن مسار الناس وفاعلي الخير فهو في أحد الشوارع الفرعية الضيقة في الحارة الواقعة خلف برج الأطباء شارع الزبيري أمام المستشفى الجمهوري بصعوبة وصلت والمصور إليه وعبر الهاتف أرشدنا – عن بعدú – الأخ أحمد المربع بعد محادثات إرشادية محتدمة ومتكررة .. كان الوقت ضيقا لكننا ظفرنا بتسجيل لقاء مختزل مع مديرة الدار آية الفضول وطفنا بمرافقه بصحبتها .. تبدو الناشطة الإنسانية آية مدركة وناجحة في عملها شعرنا بذلك من خلال احترام المرضى لها كما لو أنها مخلصهم من وعثاء السفر وكلفة التنقل ووفرت بإدارتها لهذا الدار مع طاقم العمل ملاذا نظيفا ومأوى تتوفر فيه كل سبل الراحة والاطمئنان والإشراف التمريضي والطبي.. إنه دار نموذجية بكل ما تعنيه الكلمة من نظافة وحسن معاملة للمرضى ومتابعتهم أولا بأول وتقديم كل ما يحتاجونه وبكل حب وإنسانية.. المبنى يتكون من طابقين خصص الطابق الأول منه للإدارة بالإضافة إلى صالة كبيرة يجتمع فيها المرضى لمشاهدة التلفزيون بالإضافة إلى غرفة خاصة بالتأهيل النفسي يشتمل جزء منها على ألعاب كثيرة ومتنوعة للأطفال والمصابين بهذا المرض الخبيث وكذلك غرفة خاصة بالعناية الصحية التي تقدم للنزلاء إذ تتواجد باستمرار وعلى مدار الساعة ممرضة مختصة لتقديم المساعدة لمن يحتاجها في الدار أما الطابق الثاني من المبنى فخصص كغرف إيواء للمرضى غرف مرتبة ومريحة وعلى قدر كبير من الاهتمام والرعاية بها بالإضافة إلى وجود مطبخ خاص حيث وان التغذية المقترحة لمرضى السرطان تختلف كثيرا عن التوصيات المعتادة التي تقدم للأصحاء لأن وجبة مريض السرطان معدة لمساعدة الجسم على اكتساب القوة وعلى تحمل أعراض الإصابة والأعراض الجانبية للعلاج ويحمي أنسجة الجسم من التلف.
انصرفنا بعد جولتنا في الدار.. لكن عودتي إليه مرة أخرى كانت ضرورية لأن موعدا آخر كان بانتظاري حائلا بيني والجلوس مع المرضى والاستماع إليهم..

وجع وألم
في الزيارة الثانية جلست مع عدد من المرضى لكن قبل الدخول في قصص المرضى ومعاناتهم أدعو المسئولين والأصحاء ورجال الأعمال ممن طغى عليهم بهرج الحياة والمسئوليات ذات الأبعاد المادية الربحية أن يزوروا هذا الدار لتستيقظ قيم ونوازع الخير فيهم وليستشعروا على الأقل النعمة التي يعيشونها .. حالات تثير الشفقة لكنها في الوقت نفسه تدل على نفوس عصية على الانهزام وبانتصار إيماني أمام مرض لا تخرج أغلب احتمالات نتائجه عن الوفاة بعد استنفاد كل ما تملك أسرة المريض… لكن الأكثر إيلاما ومعاناة يتجرعها بعض مرضى السرطان هو ذويهم الذين يتخلون عنهم فجأة مخلفين نفوسا تبحث عن الموت بأيسر السبل إذ لم تعد الحياة هي المطلب عندما يتركك أقرب الناس إليك دون شعور بالمسئولية .. هذا ما نوهت إليه مدير الدار آية الفضول بغصة بالغة مكتفية ب

قد يعجبك ايضا