مرضى السكر.. وصيام محفوف بالحذر !
أ.د غالب غالب الحيفي
أ.د/ غالب غالب الحيفي –
> مشكلة الكثيرين من مرضى السكر أنهم يجهلون حقيقة هذا الداء جهل يترجمه الانكفاء – دون ضوابط – على تناول ما اشتهتها الأنفس في رمضان من أطعمة ومشروبات تتعارض مع مرضهم غافلين أو مستبعدين ضررها الفادح على صحتهم..
وعلى الطرف الآخر غلب على هؤلاء المرضى عدم معرفة ما قد يطرأ خلال الصيام من أعراض هبوط مستوى سكر الدم بشدة دون علم ولا دراية بما يشكله على عافيتهم من تهديد..
أحوال كهذه تناكف الخطر وما فتئ الأطباء المتخصصون عاكفين على التحذير من مغبة أضرارها الفادحة إذ لا بد للمريض بالسكر من التعايش مع هذا الداء متسلحا بالمعرفة الجيدة ليحيا بسلام وأمان..
على محك هذه القضية بتفاصيلها يتمحور حديث أ.د/ غالب غالب الحيفي- استشاري أمراض الباطنة وداء السكر مبينا أنماط التغذية الصحية الملائمة لمرضى السكر فإلى التفاصيل:
سببان بارزان للإصابة بمرض السكر إما لنقص إفراز(الأنسولين) أو لوجود مقاومة لفعله على مستوى(خلايا بيتا) بالبنكرياس المسؤولة عن إفراز هذا الهرمون من قبل عدة عوامل تجعل الأنسولين يفرز بمعدل طبيعي غير فاعل.
وينتج عن اضطراب التوازن في عمل (الأنسولين) تغيرات في استقلاب السكريات والدهون والبروتينات كون هذا الهرمون الحيوي يساعد على إدخال السكر(الجلوكوز)الموجود في الدم إلى داخل خلايا الجسم عن طريق الالتصاق بالجدار الخارجي فتستفيد منه بحرقة لتوليد الطاقة بالجسم.
لا شك أن إهمال مريض السكر للعلاج الذي يقرره الطبيب وتناول كل ما تقع عليه يديه من طعام لن يشعره بالراحة على الإطلاق وإنما سيعاني مشاكل واضطرابات صحية منهكة تتسبب على المدى الطويل- نتيجة الارتفاع المستمر في مستوى السكر بالدم- بمضاعفات خطيرة مثل أمراض القلب المختلفة والتهاب الأعصاب الطرفية وتليفها والإصابة بمشاكل كلوية وبصرية كبيرة قد تنتهي-لا سمح الله- بالفشل الكلوي أو اعتلال الشبكية المفضي إلى العمى..
وليس مرضى السكر على عامتهم تحت تصنيف واحد مع وجود أنواع متعددة للمرض وهي (السكري المعتمد على الأنسولين- السكري غير المعتمد على الأنسولين- سكري الحمل- ضعف فعل الجلوكوز- السكري المتعلق بعوز التغذية) في حين أن شريحة واسعة من الناس مصابون بهذا المرض المزمن فهو يصيب الرجال والنساء كبارا و صغارا لكن الأغلبية ذوي القابلية الأوسع للإصابة هم الكبار.
وثمة تباين واختلاف في أنواعه ودرجاته بين المصابين. فمنهم من يمكنه السيطرة على مرضه عبر تنظيم الوجبات والانضباط الغذائي فقط وهناك من يلزمه إلى جانب هذا التنظيم تناول دواء عن طريق الفم وآخرون لا سيطرة لهم على نسبة السكر بالدم إلا من خلال تنظيم الغذاء وحقن الأنسولين.
وضرورة ثبات مستوى السكر في الدم عند المستوى الطبيعي بالنسبة للمرضى تبدو ضرورية دون أي استثناء حتى مع صومهم لشهر رمضان إذ يتظاهر ارتفاع سكر الدم سريريا من خلال:(العطش كثرة التبول انخفاض الوزن الوهن والضعف) بينما انخفاضه الزائد عن المستوى الطبيعي يؤدي بالمريض إلى الذهول ثم السبات(الغيبوبة) الذي يفضي- حتما- إلى الوفاة إذا لم يكن هناك علاج سريع وتدخل فعال.
لذلك من يقرر منهم صيام شهر رمضان دون استشارة الطبيب المعالج ومن لا يتورع عن تناول ما تشتهيه نفسه فبالإمكان أن يعرض نفسه لمشكلات خطيرة من هذا القبيل.
وعلى العموم إذا ما ظهرت على المريض أعراض هبوط السكر(الجوع الشديد رعشة في اليدين والجسم رجفة في القلب الوهن والضعف) فحينها يجبر على الإفطار بإعطائه نصف ملعقة من السكر مذاب في كوب ماء أو أي مادة تحتوي على سكر وعرضه سريعا على الطبيب.
فلابد لمريض السكر الصائم من أن يكون على اطلاع ومعرفة تامة بتفاصيل أعراض الهبوط والارتفاع الحاد في مستويات السكر بالدم وكذلك بكيفية معالجتهما.
وبالتالي متى كان وضعه الصحي يسمح له بالصيام ولم يمانع الطبيب المعالج فعندها يجب مراقبة مستويات السكر بالدم قبل بداية شهر رمضان المبارك بحوالي عشرة أيام على أقل تقدير وضبط جرعة دوائه الخافض للسكر سواء أكان على هيئة أقراص أو حقن(أنسولين) من أجل تجنب أي هبوط أو ارتفاع حاد للسكر بالدم خلال الصيام وتحاشيا لأي مضاعفات خطيرة محتملة لا يحمد عقباها.
كما يلزم قياسه بصورة منتظمة ودورية أثناء الصيام وبشكل خاص بين صلاتي الظهر والعصر وبعد تناول وجبة العشاء الرمضاني بساعتين وكذا عند الضرورة.
إن مرض السكر من النوع لأول(المعتمد على حقن الأنسولين) يظهر في سن مبكرة قبل الثلاثين من العمر لكن ذروة الإصابة به تحدث عند البلوغ مع احتمال حدوثه بشكل نادر في الشهور الأولى من العمر أو بعد سن الثلاثين ويكون فيه نقص كلي أو جزئي في إفراز الأنسولين بسبب تلف خلايا(بيتا)بالبنكرياس.