الواقع والأسطورة (24)

أحمد يحيى الديلمي

 - نبذة عن جامع صنعاء
تقول بعض الروايات أن جامع صنعاء الكبير المقدس يعد ثالث مسجد بني في الإسلام وأن بناءه تم بأمر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الصدد قال العلامة المرحوم محمد أحمد الحجري في كتابه آنف الذكر ما نصه :
أحمد يحيى الديلمي –
نبذة عن جامع صنعاء
تقول بعض الروايات أن جامع صنعاء الكبير المقدس يعد ثالث مسجد بني في الإسلام وأن بناءه تم بأمر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الصدد قال العلامة المرحوم محمد أحمد الحجري في كتابه آنف الذكر ما نصه :»قال الرازي أحمد بن عبدالله في تاريخ صنعاء أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر وبر بن يحنس الأنصاري حين أرسله إلى صنعاء واليا عليها فقال أدعهم إلى الإيمان فإن أطاعوا لك به فاشرع لهم الصلاة فإن أطاعوا لك بها فأمر ببناء المسجد في بستان باذان ما بين الصخرة الململمة إلى غمدان (يعني القصر الذي سبقت الإشارة إليه) ويقال إن الصخرة المشار إليها هي التي كانت موجودة في الصوح الغربي وفي أصل أساس الجدار الغربي للجامع انتهى كلام الحجري».
وهناك روايات أخرى تقول إن من أمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببناء الجامع هو الصحابي اليمني الجليل فروة من مسيك المرادي فبادر إلى عمارته وأضاف بعمارة الجبانة مصلى العيدين خارج صنعاء وهي في المنطقة المقام عليها جامع مسيك حاليا على مقربة من القبة التي بناها فروة وسميت المنطقة باسمه حتى الآن.
وهناك أقوال وروايات أخرى نسبت البناء إلى أشخاص آخرين تعاقبوا على ولاية صنعاء ومنهم إبان بن سعيد المهاجر بن سعيد أخو أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها.
أيا تكن الحقيقة فإن هناك شبه اتفاق بين المؤرخين أن البناء تم في السنة السادسة من الهجرة النبوية وهذا التاريخ يؤكد القدم ويعزز الرواية التي تقول أنه ثالث مسجد بني في الإسلام وأول جامع يقام خارج المدينة حاضرة الدولة الإسلامية إذ كان لوجود الجامع دور أساسي وهام في ترسيخ دعائم الإسلام ونشر تعاليم الدين إلى مناطق اليمن قاطبة فأسهم في رفع مستوى الإنسان اليمني والارتقاء بوعيه إلى مستوى فهم تعاليم الإسلام والانقياد لمضامينها وتأثر الجامع بهذا الدور في العصور فلقد تحول إلى مركز إشعاع ديني وثقافي وفكري وقبلة للعلماء من كل الدول الإسلامية وهو ما جعله محط اهتمام الدول الإسلامية المتعاقبة أو الدويلات التي نشأت في اليمن على أساس قطري في زمن غياب دولة الخلافة الإسلامية إذ تقول المصادر أن السيول جرفت المسجد وهدمت أجزاء كبيرة منه أكثر من مرة وكانت الدول القائمة تبادر إلى بنائه وفي كل عملية بناء جديدة كانت تحدث بعض الزيادات مع الحفاظ على الأصل وهو ما جعل مواضع خاصة مميزة لدى الناس ومنها المسمورة والمنقورة.وهي المساحة الواقعة في مؤخرة الجامع بين المحراب والمئذنة الشرقية المكان الذي تؤخذ فيه العهود بين الخصوم وفق القاعدة الفقهية على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين كأساس للمصداقية.

المئذنة الشرقية
تشتهر المئذنة الشرقية بكثرة الأوقاف ربما لأن بناءها في زمن الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعلها موضع تبرك اليمنيين واختصاصها بالأوقاف لتضاف إلى أوقاف الجامع الكثيرة متعددة المنافع ومن أهم تلك المنافع الأوقاف التي جعلها الواقفون خاصة بالعلماء ممن يتولون مهمة التدريس بالجامع وللطلبة المنتظمين في حلقات العلم وفي هذا تأكيد لدور الجامع التعليمي والثقافي والفكري فمن جنباته تخرج مئات العلماء والفقهاء والأدباء والمثقفين لأن منهج التدريس كافية لا يقتصر على العلوم الفقهية لكنه يشمل اللغة العربية بروافدها وآدابها والفلك والعلوم الإنسانية وكان بعض العلماء متفرغين للتدريس في الجامع وآخرين يتولون مهمة التدريس في فترات محددة نظرا لانشغالهم بأعمال أخرى وكذلك الطلبة كان القادمون من خارج صنعاء يقيمون في المنازل التابعة للجامع وهي غرف مبنية بجوار الجامع ويسمى هذا النوع بالمهاجرين لأنهم هجروا المناطق والأسر في سبيل طلب العلم وكان ينفق عليهم من الأوقاف المخصصة إضافة إلى مصدر آخر لم يكن خاصا بمدينة صنعاء لكنه كان متبعا في كل منطقة يوجد بها هجرة لتدريس العلمإذ كانت الأسر تعتمد يوميا عددا من أقراص الخبز تعطيها لعدد من طلبة العلم تسمى راتب المهاجرين وكانت شبه إلزامية أذكر أننا كنا نقف على باب المنازل لانتظار المهاجرين بتعليمات صارمة من الوالد رحمه الله كي لا يحس أحدهم بالحرج وكانت هذه العادة متبعة لدى كل الأسر.
أما النوع الثاني من طلبة العلم فكانوا من سكان صنعاء كانت الأسر تحرص على إلحاقهم بحلقات العلم وتحثهم على الاختلاط بالطلبة القادمين من الريف أو مدن يمنية أخرى لتفقد أحوالهم واكتساب بعض الصفات منهم وهي من القيم النبيلة المجسدة لمظاهر الرحمة التي تذيب الفوارق وتلغي أحاسيس الغرب

قد يعجبك ايضا