المراهقون بحاجة إلى من يسمعهم
استطلاع صقر الصنيدي

استطلاع/ صقر الصنيدي –
يعرفها أحد علماء الاجتماع بأنها الميلاد الثاني ولا يخالفه أبناء تخصصه في ما ذهب إليه فالمراهقة لا تشبه غيرها من مراحل العمر في كل شيء تقريبا .. ومع بزوغ منتصف القرن العشرين تم الاعتراف بهذه المرحلة العمرية ودراستها والتركيز على خصائصها وطرق التعامل مع المراهقين وفي ما يتعلق باليمن فيختلف الوضع من أسرة إلى أخرى فهناك من يعترف بها ومن ينكرها تماما ومن يطلق عليها تسميات تتضمن إساءة إلى أهلها كالقول أنها مرحلة الطيش ويعامل المراهقون إما بالنظر إليهم كأطفال أو كراشدين يفترض بهم أن يتحملوا كامل المسئولية عما يقومون به كما تقول الدكتورة نجاة صائم من قسم علم النفس بجامعة صنعاء مضيفة أن اهتمامنا بالموضوع جاء متأخرا في العام 2002م حيث دخلت اليمن في دراسة شملت سبع دول عربية لتقييم حال الفتاة في سن المراهقة وأن هذا السن يطلق عليه السن المحير فالمراهق لا هو طفل يعامل كالصغار ولا راشد يعامل كالكبار وشبهت صائم ما يحدث داخل جسم المراهق بالثورة فهناك تغيرات داخلية وخارجية ويقوم الجسم بإفراز الكثير من الهرمونات.
قالت إحدى الفتيات في كلمة ألقتها ضمن فعالية أقامتها وزارات التربية والتعليم والأوقاف والصحة والإعلام أنها لا تحتاج إلا إلى التعاون من قبل الأسرة والمجتمع «خذوا بيدي وأرشدوني واستمعوا إلي فأنا أريد أن أعرف من أنا¿».
تقول أستاذة علم النفس: إن هذه هي أخطر الأسئلة فالمراهق أو المراهقة يعيش مرحلة الهوية والبحث عن ذاته ويتمثل ذلك بـ»من أنا¿ هل أنا طفل»¿ وللإجابة على هذه الأسئلة يجب أن يقف المجتمع كله لمساندته في العثور على هويته وتكوينها ويفترض أن يهيئ له المفاهيم للهوية ويمده بكل المعلومات والتعامل المناسب – خاصة وأنه يتعرض لمؤثرات أخرى ليست مناسبة كالكتب التجارية الموجودة في الأسواق وهي معلومات غير دقيقة ومغلوطة.
يحبون النوم
حين كان «محمد قائد» في الثالث الثانوي لم يكن يحب شيا أكثر من حبه للنوم الكثير وكان يستسلم لساعات كثيرة ليلا ونهارا ولم يكن لديه رغبة في المطالعة بدرجات عالية تمكنه من اختيار الكلية المناسبة وكانت الانتقادات تتوالى لتحثه على الاجتهاد والمذاكرة دون استجابة منه وكنت أقول لهم أريد أن أعيد السنة الدراسية فيعارضونني ويمدحون من يعرفونهم في نفس الأسرة أو خارجها لأنهم مجتهدون وسيحققون أو حققوا نسبا عالية في الثانوية.
تفسر الدكتورة نجاة صائم هذه الحالة بأنها ناتجة عن التغيرات التي يمر بها المراهق وفيها يكون جسمه بحاجة إلى راحة ونوم وعدم إجهاد ويحتاج أيضا إلى تغذية جيدة تلبي احتياجات جسمه وفي هذه المرحلة يكون الدماغ متوجها بكل أنشطته نحو التغيرات الحادثة في الجسد ولا يمكن استخدامه للتركيز على المراجعة للدروس وتضيف أستاذة علم النفس أن الآباء والأمهات لا يهتمون بهذه التغيرات ويضغطون على ابنهم المراهق ليتفوق ويحرم جسمه من الاحتياج إلى الراحة وينتقدونه أنه ينام كثيرا ويدفعون به إلى مواجهة والصراع مع المتغيرات التي يشهدها ويجب أن يحصل أولياء الأمور على توعية بهذه المرحلة وخطواتها والنتائج المترتبة على ذلك.
يصف أحد المراهقين الذين يدرسون في الثانوية العامة أن الكتاب المقرر يجعله مشتت الذهن ولا يقدر على استيعابه وأنه بالفعل يشعر بإجهاد دون أن يعرف السبب وهذا يجعله متأخرا في مراجعة الدروس.
في هذه الحالة توجه الدكتورة نجاة صائم دعوتها إلى وزارة التربية والتعليم التي لا تراعي هي أيضا التغيرات أن تبسط منهج الثانوية كما تعمل الدول الأخرى المهتمة بالمراهقين والتي لديها إدراك أن الطالب في هذه المرحلة يحتاج إلى دماغ ليوجه النمو والقليل من الخلايا مهمتها استيعاب الدروس – الضغط الذي بسبب الكتاب والمدرسة يخلق تمردا لدى الطالب المراهق ولا يجد من يساعده أو يقوم بمشورته لمواجهة التحدي لذا أنصح وزارة التربية أن تخفف عن طلاب هذه المرحلة العمرية وهم غالبا يكونون في الثانوية.
يقول مدير مدرسة عذبان في أمانة العاصمة أن مشكلة المراهقين معقدة حتى في المدرسة لا يوجد أخصائي اجتماعي لمساعدة الطلاب وإن وجد فتكون أخصائية اجتماعية تتعامل ليس باعتبارها معلمة ولكن باعتبارها امرأة والمراهق شاب ولا يمكن أن يتحدث إليها بمشاكله ويحدث إحراج شديد يمنع الأخصائية من أداء رسالتها ومساعدة الطالب على تجاوز مشاكله التي تكون سهلة الحل وفي الغالب يحتاج إلى من يستمع إليه.
ندوات مغلقة
لأجل هذا الغرض اقترح الدكتور سمير سالم رئيس قسم الخدمة الاجتماعية في جامعة صنعاء فتح وعقد ندوات مغلقة للمراهقين فقط في مدارسهم وأن يتحدث كل واحد منهم بما يريد حول مشاكله لأن هذا يعتبر نوعا من تفريغ المشكلات والتجدد وفي هذه اللقاءات يترك للمراهق حرية الحديث ويقول كل ما يريد لزملائه.