صنعاء وفوضى اللافتات المكتوبة باللغة الأجنبية 

الدكتور عبدالعزيز المقالح


الدكتور/ عبدالعزيز المقالح

د. عبدالعزيز المقالح
ليست القرود وحدها هي التي يستهويها التقليد والمحاكاة بعض البشر يشاركون القرود في تمثل هذه النـزعة (القرودية) فهم لا يكفون عن التقليد ومحاكاة الآخرين ليس في الأمور العالية وإنما في التقاليع والشكليات السطحية . وتبدو هذه الحالة أكثر ما تكون وضوحا في تلك اللافتات والأسماء التي تتصدر واجهات بعض الدكاكين وبعض البقالات الكبيرة والصغيرة بما تحمله من مئات الأسماء الأجنبية المكتوبة بحروف عريضة متعددة الألوان وأغلبها بالحروف الأجنبية التي يصعب على المواطن قراءتها لذلك فهم لا يقبلون على الأماكن التي ترفعها ولا يدرون ماذا يباع فيها أو يشترى. والملاحظ أن الظاهرة لا تتراجع أو تقف عند حد بل نراها تزيد في عددها وتستشري ولا أحد يهتم أو يتدخل أو يلوم أو يزجر .

    وأتذكر أنني كنت ذات مرة أتجول في أحد الأسواق العربية برفقة صديق من الأدباء العرب الكبار ولفت انتباهه بعض الأسماء المكتوبة بالحروف اللاتينية إلى جانب العربية في عدد من الدكاكين وقال – وهو ينظر إلى تلك الكتابات باستنكار واشمئزاز – اعتقد أن أسواق المدن اليمنية هي التي ستظل مبرأة من هذا التقليد السخيف فقد ظل اليمن في منأى عن المؤثرات اللغوية الأجنبية وما يجلبه معه من “موضات” سطحية تافهة . وحين أتذكر هذا الحديث القديم تعتريني حالة من القلق وخيبة الأمل . وأخشى أن يأتي ذلك الصديق يوما ما في زيارة لصنعاء عاصمة العروبة الأولى فيجد أن آلاف الأسماء الأجنبية المكتوبة بالحروف اللاتينية قد غزت هذه العاصمة ولم يعد بعضها يتخفى حتى بالجمع بين الحروف العربية والأجنبية بل صارت تسميات أجنبية وبحروف أجنبية أيضا وهو ما يجعلك تشعر وأنت تمر ببعض الأسواق الحديثة وكأنك في مدينة غير عربية.

    والأسوأ أن تلك اللافتات المكتوبة بالحروف اللاتينية والتي تحمل أسماء أجنبية لم تعد وقفا على بعض الفنادق والدكاكين والبقالات بل امتدت إلى ما يسمى بالمؤسسات والشركات التي تزهو بمثل هذه التقليعات الباعثة على السخرية والتي لا مبرر لها على الإطلاق سوى محاكاة القرود ولفت الانتباه إلى التطور السطحي الذي يشغل بعض الأذهان . وكثير هم الذين يتساءلون – إزاء هذه الحالات – كم عدد الأجانب في بلادنا الذين من أجلهم وحدهم تتم هذه “الشخبطات” ¿ وما الذي قد يغريهم للتوقف عند دكان أو بقالة أو شركة تحمل اسما أجنبيا ¿ ثم ما الجهة الرسمية التي منحت هؤلاء حق رفع مثل هذه اللافتات الأجنبية في بلد عربي يقولون إنه الأصل ¿ وأين تقف البلدية من هذه الفوضى أو بعبارة أخرى هل تعلم أن هذا من صميم اختصاصها وعلى رأس مسئولياتها ¿

    ولا أخفي أنني منذ أيام سألت صاحب أحد هذه الدكاكين التي تحمل لافتة عريضة مكتوبا عليها اسم منتجع أمريكي وباللغة الانجليزية : كم أجنبيا يمر عليه في هذا الدكان فأجاب : ولا واحد . فقلت له : فلماذا هذه اللافتة وهذا الاسم الأجنبي وفي اللغة العربية وفي منطقتكم منتجعات سياحية أجمل من هذا المكان السياحي الأمريكي ¿ فقال : فعلت هذا انسجاما مع ما يحدث في بقية الأسواق الجديدة . وعندما سألته هل أستأذن البلدية أو أية جهة في رفع هذه اللافتة على دكانه . أجاب بامتعاض شديد : إن الدكان دكانه وإنه هو الذي يختار الاسم الذي يريد والحروف والألوان التي يرغب وإنه في بلد ديمقراطي ولا يستطيع أحد أن يفرض عليه أية تسمية أو لغة حتى لو كان اختياره يتنافى مع الإسلام والعروبة والانتماء الوطني !!

    يضاف إلى هذا أو ذاك انتشار تسمية المقاهي الصغيرة والكبيرة بالكافتيريا وقد وقفت منذ أيام بجوار دكان صغير يضم بعض الكراسي وطاولة صغيرة وقد كتب على واجهة هذا الدكان “كافتيريا” بدلا من مقهى علما بأن تسمية كافتيريا مشتقة أو منقولة من القهوة “كافي” بالتركية وهي عربية الأصل والفصل.

   

عبدالناصر مجلي وكتاب العام 2010
     عبدالناصر مجلي اسم مبدع يماني أصيل حفر اسمه المشع بالصبر والتسامح والاطلاع الواسع. كتب القصة القصيرة والرواية والشعر. ويقدم في ديوانه الجديد المسمى (كتب العشق والرجاء والخوف والتضرعات) تجربة جديدة تثير الإعجاب وتبعث على الدهشة ليس بموضوعاتها المتعددة وبأسلوب الكتابة المتميزة فحسب وإنما بطريقة البناء وبما استوعبته صفحات الديوان من تشكلات وتضمينات قرآنية وأحاديث وأدعية نبوية واقتباسات شعرية. إنه كتاب العام بلا منازع. وهو جدير بأكثر من بحث ودراسة يقع الديوان في 297 صفحة من القطع الكبير جدا.
تأملات شعرية:

حين تخلع جلدك

مرتديا جلد غيرك

تهرب منك المدينة والناس

يهرب منك الذين أعاروك

جلدا غريبا ولا يأمنوك.

عد لذاتك

كن

قد يعجبك ايضا