أزمة ولقاط مسابح
جميل مفرح
جميل مفرح
جميل مفرح
> على قياس ومشابهة المثل القائل «حج ولقاط مسابح» ينطبق في الواقع المعاش اليوم في الساحة اليمنية أو على الأقل في بعض مؤسسات الدولة مثل مقارب حد المطابقة ألا وهو «أزمة ولقاط مصالح» هذا وإن كانت الأحداث وتطوراتها منذ بدء الأزمة السياسية في بلادنا قد أفرزت وأبانت عن الكثير من المتخاذلين وضعفاء النفوس وذوي الطاقات الهائلة في تأصيل وتدوير الفتن والمشكلات والاستفادة من تمثلها وتصعيدها وأولئك ممن سارعوا إلى فضح هوياتهم الحقيقية وكوامنهم المتأججة بالبغضاء والكراهية والتحامل المقيت فإن ثمة الكثير ممن لا يقلون عن هؤلاء غدرا ولا يختلفون عنهم طباعا وأخلاقا بل وتحاملا على كل ما يتعلق بالوطن وسلامته وهدوئه واستقراره..
{ غير أن هؤلاء الأذكياء أو المتذاكين إن صحت التسمية لم تأخذهم يد التسرع والمكاشفة بل استوقفتهم يد الحيلة والتملي وقراءة الوضع قراءة انتفاعية بحتة تزيحهم عن المواجهة المباشرة وتحمي مكاناتهم ومصالحهم في جهاز الدولة إيمانا منهم بأنه لم يحن التوقيت الفعلي للتكشير الفعلي عن الأنياب والنيات وما يزالون حتى الآن يتحينون الفرصة المناسبة التي لا تمهل أزاءها ولا رجوع بعدها وهؤلاء للأسف ما يزالون ظهرانينا وفي ثنايا حياتنا اليومية لا يعيشونها فحسب وإنما ربما يوجهونها بما يخدم نواياهم ومشاريعهم الفردية وينضج مخططاتهم المشبوهة مما يسرع ويؤكد تلك اللحظة أو الفرصة التي يتحينونها كما يعتقدون ويدبرون.
{ وإن هؤلاء لعمري هم مصدر القلق والتخوف على البلاد والعباد من أولئك الذين أعلنوا عن أنفسهم بيانا وصراحة وشاء الله أن يثبتوا مواقفهم الانقلابية ليتخلص الوطن من بعض ما به من بلاء وبعض ما يعتوره من غش وهشاشة.. فهؤلاء يعيشون بيننا تحت راية وحماية ومظلة الدولة بينما ينخرون الوطن كالسوس ليفسدوه أو يفسدوا ما استطاعوا منه ما يزال الكثير منهم فاردا ساعديه لحبال الأضداد ومتمسكا ايمانه بالحق والباطل على أن كلا منهما حق حين يريد وكلامنهما باطل حين يزيد مقسما وعوده بالتساوي إذا لزم الأمر وقادة الحاجة وهناك الصامت المترقب رجوح الكفة ليلي الراجحة ويولي عن سواها..
> وهؤلاء كما أشرنا هم مكمن الخوف والخديعة وهم من يكسرون الظهر ليس ظهورنا وانما ظهر الوطن ويلوون العنق ليس أعناقنا وإنما عنق الحق ضاربين بكل القيم والعهود والأخلاق المثالية عرض الهامش ومؤمنين بما سوى ذلك في سبيل بقائهم واستمرار نهشهم للوطن ومقدراته ومعانيه وقيمه السامية.
أقول هؤلاء لا يزالون في كل مفصل من مفاصل حياتنا وتعاملاتنا اليومية ما يزالون يمارسون علينا لعبة التذاكي والتحاذق وأكثر من ذلك يزايدون باسم الوطن أيما مزايدات بينما نعرف أن الوطن في تفكيرهم ومذاهبهم هو تلك المصالح الطفيفة والتافهة التي يحصدونها على حسابنا وحساب الوطن وعلى حساب أخلاقهم وأمانتهم ودينهم.
والملفت للانتبا والاهتمام من جانب والشفقة والتحسر من جانب آخر أن هؤلاء المتذاكين الشطار يعتقدون بأنهم أكثر حذقا ونباهة من كل أبناء هذا الوطن بينما الحقيقة التي تكاد تغيب عن أكثرهم أننا أو أن كثيرا منا يعرفرنهم حق المعرفة أو على الأقل يعرفون أكثرهم وأن تصرفاتهم المشبوهة وإن غلفوها وواروها ما استطاعوا لم تعد خافية كما يعتقدون.
من جانب آخر إن سلوك هؤلاء لايكاد يغيب عن نظر الحكومة والدولة القائمة ويعرف النظام كثيرا من أولئك «الحجاج» الذين يلقطون المسابح من خلال كثير من تصرفاتهم المكشوفة في عدد من المصالح والمؤسسات والهيئات الحكومية التي يحاولون هدمها عنوة بعد إفراغها إلى جيوبهم وجيوب غيرهم بذريعة مؤكدة قائمة هي ذريعة الأزمة بينما الملاحظ أن كثيرا من هذه وتلك المؤسسات ومقدراتها وأوضاعها لايرتبط لا من قريب ولا من بعيد من آثار الأزمة وبعضا منها طاله ويطاله من الأثر الجزء اليسير بما لايؤدي بأي حال من الأحوال إلى ما آلت إليه اليوم من عبث وتراجع أدائي وإداري ومالي يوشك أن يجهز عليها.
أخيرا على الدولة أن تستفيق لمثل هذه الممارسات وتتقصاها وتضبط مسار هذه الجهات والمؤسسات وأداءها قبل أن تنهار بناها مدوية على رؤوس المنضبطين بداخلها من أبنائها وبنائها فيكون الندم حين لاينفع الندم.. والله من وراء المبتغى والمقصود.
gamofarreh @gmail.com