تقسيم العراق.. خطوة نحو البلقنة الجديدة 

الدكتور عبدالعزيز المقالح


الدكتور/ عبدالعزيز المقالح

كم هو صعب وشاق التذكير بالبديهيات والقول بأن الحاجة إلى وعي سياسي عربي تاريخي ليس لوضع حد لتقسيم العراق فحسب بل ولإنقاذه من أن يواصل الغرق في مستنقع الدم الذي تعدت رائحته الوطن العربي إلى أماكن عديدة من العالم. وليس صحيحا على الإطلاق ما يقال في تحليلات سياسية خائبة من أن الامريكيين عندما عجزوا عن السيطرة على العراق كاملا وموحدا اتجهوا بتفكيرهم إلى تقسيمه للسيطرة عليه مبعثرا وذلك أن المؤشرات ومؤشرات الحرب بالذات تدل على أنهم دخلوا العراق بهدف تقسيمه ومخطط التقسيم بالنسبة لهم قديم وهو يشمل المنطقة العربية وما يحيط بها تنفيذا لرغبة صهيونية تهدف إلى بلقنة الوطن العربي لتبديد طاقاته من جهة وتقزيم قدراته على مواجهة العدو الصهيوني من جهة ثانية وتلك هي الحقيقة التي لا تقبل أدنى شك.
إن قرار اغتيال وحدة العراق وتقسيمه سابق للغزو وهدف تم اتخاذه في «تل أبيب» و«واشنطن» على السواء. وكان «ديك تشيني» نائب الرئيس الامريكي يلوح به منذ بداية الحرب كما أن فترة الحصار التي أعقبت حرب 1991م حددت هذه المهمة بوضوح من خلال مناطق الحظر في الشمال والجنوب. وقبل تلك الحرب وبعدها تسربت خرائط عديدة لشرق أوسط جديد ليس فيه دولة كبيرة واحدة تنافس الكيان الصهيوني في الحجم بل مجموعة دويلات في الجزيرة العربية والشام والعراق ومصر والسودان وغيرها من الأقطار العربية التي استكملت الدول الكبرى نبش تاريخها واستنهاض أقلياتها وإحياء المنسي والمريض من انتماءاتها الطائفية والعرقية.
إنني لا أصدق أن العراق سوف يتقسم ولا أي قطر عربي آخر ليس من منطلق الشعور بالمخاطر التي سوف يسفر عنها التقسيم من إهدار الطاقات وتشطير المشاعر الوطنية وإنما من منطلق الإيمان بما استطاع الإنسان العربي الواعي والمثقف أن يحرزه من تراكم الخبرات والمعارف التي تقف سدا منيعا في وجه كل محاولة للتمزيق والتقسيم في وقت بات الإنسان العربي فيه مشغولا بالنظر إلى تجارب وحدوية باعثة على التفكير ومنها الاتحاد الاوروبي وغيره من التكتلات الأخرى التي تسعى حثيثا إلى توحيد الاقتصاد والسياسة والتشريعات رغم ما يقوم بينها من حواجز اللغة وأنهار الدم التي سالت في حروب ما يزال الحديث عنها يسلب النوم من الأجفان وهذا الوعي الجمعي هو الضمانة الحقيقية للوقوف في وجه التقسيم ومحاربة أصحاب الميول الانفصالية من السياسيين الذين لا يفكرون سوى في مصالحهم الذاتية وكراسي الحكم حتى على أشلاء أوطانهم.
أخيرا وبعد أربع سنوات ونصف من الحرب العدوانية على العراق أعلنت واشنطن الهدف الحقيقي والمبيت من تلك الحرب وهو تقسيم العراق واللافت أن بعض الأنظمة العربية ومنها أنظمة ساهمت في تلك الحرب قد سارعت في إعلان رفضها لمشروع تقسيم العراق لما يترتب على ذلك التقسيم من إخلال بالأمن القومي العربي ومن تهديد خطير لمصالح الدول العربية المحيطة بالعراق مجتمعة ومنفردة وعما سيتبع ذلك كله من حالات تشظ في المنطقة الحبلى بكل عجيب وعجيبة.
والسؤال الذي يطرحه الشعب العربي في العراق على هذه الأنظمة بسخرية فاقعة: أين أنتم طوال هذه المدة من زمن الحرب وهل استيقظ ضميركم النائم فجأة وبدأت مرحلة الندم¿!!
الشاعر صادق الهبوب في «مآقي الكلام»:
> منذ سنوات والشاعر المبدع صادق الهبوب يعاني من وجع الكتابة وفي رهافة بالغة وتواضع أبلغ يكتب قصائده الرائعة ويدعها ترحل إلى قلوب عشاق الشعر دونما ضجيج أو افتعال. أعادتني قراءة الديوان وهو الأول إلى بداية التسعينيات عندما بدأ صادق تجربته الشعرية المتوهجة بامتداداتها. في الروح وفي الواقع. كتب مقدمة الديوان الشاعر والناقد الكبير الأستاذ أحمد ناجي أحمد. ومن الإشارات العميقة التي تضمنتها المقدمة أن الشاعر التسعيني صادق الهبوب «صوت أدبي ممتلئ بالدهشة يرتحل بنا في ماء الكلام إلى عوالمه المتعددة والمسكونة بالمحبة والحزن الفرحة والألم الشوق والانتظار» يقع الديوان في «128» صفحة ويضم «19» قصيدة.
تأملات شعرية:
نوما هادئا
وأحلاما لذيذة
يا وطني الكبير
يا هذا الحزين في وحشتهö
الممتد من محيط الماء والأمواجú
حتى خليج النفط والأبراجú!
لا تكترثú لما تقوله الأنباء
عن قتل هنا وعن إبادة هناك
فالنوم والنواح الداخلي
هو العلاج!!

قد يعجبك ايضا