إذا ما كانت دعوة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية للحوار الوطني الشامل قد كسرت الجمود الذي كان يطفو على سطح الحياة السياسية وعلاقات الأحزاب بعضها ببعض فإن هذه الدعوة أيضاٍ قد فتحت أفقاٍ رحباٍ أمام مختلف ألوان الطيف السياسي والحزبي للسير في طريق بناء جسور الثقة وتحقيق شراكة حقيقية واصطفاف وطني في مجابهة كل التحديات والمعضلات القائمة بروح صادقة ومخلصة وإرادة واعية ومدركة أننا في هذا الوطن – كما أشار فخامة الأخ الرئيس- في سفينة واحدة.
والمهم في هذه الدعوة هو تأكيدها على أهمية الاحتكام للحوار لحل الخلافات والتباينات والتوافق حول الحلول والمعالجات لكافة القضايا المطروحة وذلك بالاعتماد على مقارعة الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق وتغليب المصلحة الوطنية العليا على ما دونها من المصالح.
وطالما تعززت القناعة لدى الجميع بأن الحوار هو الوسيلة الحضارية المثلى للوصول إلى المقاصد والغايات المحققة لمصالح الجميع فإن من الواقعية أن يحرص الجميع على أن يشكل الحوار محفزاٍ لكافة الأطراف السياسية والحزبية للاضطلاع بدورها ومسئولياتها حيال ما يتصل بانسيابية الاستحقاقات الديمقراطية وإجرائها في مواعيدها وبعيداٍ عن أي تأجيل أو ترحيل باعتبارها التزاماٍ تجاه الشعب ولا ينبغي إخضاعها لأي نوع من أنواع المناورة أو المساومة أو التكتيك الحزبي.
وكما أشار فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح خلال لقائه يوم أمس بنائب مدير المعهد الديمقراطي الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فإن مسارات الحوار وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر في السابع والعشرين من ابريل 2011م يجب أن لا يؤثر أحدهما على الآخر وذلك لانعدام أي رابط موضوعي بينهما فالحوار آلية توافقت عليها الأحزاب – ويمكن له أن يستمر وصولاٍ إلى المقاربة بين وجهات النظر حول المعالجات للقضايا التي تستدعي اصطفافاٍ سياسياٍ وحزبياٍ فيما الانتخابات حق دستوري للشعب غير قابل للتأجيل.
ومن مصلحة المنظومة السياسية والحزبية في السلطة والمعارضة أن تعمل بجدية على أن تْجرى كل الاستحقاقات الديمقراطية والدستورية في مواعيدها الزمنية المحددة لأن ذلك هو المدخل الصائب والعملي لتطوير الممارسة الديمقراطية وتوسيع المشاركة في الدورات الانتخابية وتنمية الوعي المجتمعي بقواعد العملية الديمقراطية كأداة حضارية للتغيير إلى الأفضل عبر التنافس الشريف بالبرامج الانتخابية للوصول إلى التحولات التي يتطلع إليها كل طرف حزبي أو سياسي.
وعلى العكس من ذلك فإن أية محاولة لرهن الاستحقاقات الديمقراطية للجاهزية الحزبية أو لتوافقات الكيانات السياسية أو إخضاعها لمحددات هذا الطرف أو ذاك إنما يؤدي إلى انكماش العملية الديمقراطية وخمولها وقد برهنت التجارب التي سبقتنا أنه وعندما تتحول الديمقراطية واستحقاقاتها إلى “شور وقول” فهنا يبدأ العد التنازلي لاحتضار الديمقراطية وبدء رحلة الارتداد نحو الشمولية!!.
وفي هذا الإطار يتضح تماماٍ أن ثبات ورسوخ أسس العمل الديمقراطي أهم بكثير من الخلافات الحزبية وصراع الكراسي ومنطق الربح والخسارة لأن الديمقراطية خيار نابع من إرادة الشعب ومن أراد أن يتقدم لها فعليه أن يؤهل نفسه لمتطلبات الديمقراطية وأن يتكيف مع تقاليدها وأن يقترب من الناس لكي يكسب ثقتهم في صناديق الاقتراع حتى يصل إلى السلطة وليس هناك سبيل آخر لبلوغ هذا الهدف عدا صناديق الاقتراع.
ونعتقد أن ما ينبغي التركيز عليه من قبل الشركاء والفرقاء على حد سواء هو أن يترفعوا عن خلافات الماضي وأن لا يستغرقوا في تفاصيلها وأن يعملوا سوياٍ من أجل إنجاح الحوار وفي الوقت ذاته إعداد أنفسهم لخوض الانتخابات النيابية في موعدها المحدد وذلك ما أكد عليه فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية يوم أمس مشيراٍ في هذا الصدد إلى أنه حريص كل الحرص على استمرار الحوار والخروج منه بالنتائج المرجوة التي تحقق المصلحة الوطنية العليا وأنه الحريص أيضاٍ على مشاركة كافة القوى السياسية في الانتخابات المقبلة منوها إلى أنه ومن أجل ضمان نزاهة هذه الانتخابات واكتسابها الشفافية المطلقة سيعاد تشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء طبقاٍ للاتفاق بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأحزاب “اللقاء المشترك” وشركائها وبما يضمن للجميع تكافؤ الفرص ومناخات التنافس الشريف.
وإذا ما تغلبت إرادة العام على الخاص فلن يكون هناك أي عائق يحول دون تحقيق الاصطفاف الوطني الشامل لأن ما يجمع بين أبناء هذا الوطن عروة وثقى لا انفصام لها أساسها الولاء للوطن والولاء لثورته ونظامه الجمهوري ووحدته ونهجه الديمقراطي ومصالحه العليا. أما الخارجون عن هذه الثوابت الوطنية فإنهم سيظلون يلهثون وراء أهدافهم الكامنة ومصالحهم الشخصية الأنانية وأوهامهم المريضة التي يرون أن تحقيقها لن يتم إلا عبر تدمير إنجازات ومقدرات هذا الوطن مع أن ذلك هو أبعد عليهم من عين الشمس وتلك حقيقة سيدركها هؤلاء عاجلاٍ أم آجلاٍ.
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا