سمعنا إعلان قيام الثورة من الاذاعة والناس بين مصدق◌ُ ومكذب!!


فتحي الطعامي –

في ثالث أيامها خرج طلاب الحديدة عن بكرة أبيهم في مسيرة تأييد حاشدة جوبهت بالرصاص

{ الميناء وطريق صنعاء- اسبا الحديدة أهمية استراتيجية \ نصرة الثورة باستقبال دفعات المصريين والذخائر والتموينات حتى إيصالها للعاصمة

{ يتحدث العميد المتقاعد عبدالله مجمل عن الدور النضالي الذي لعبه أبناء تهامة في فترة الثورة 26 سبتمبر 1962م لتسطر ذاكرته الثورية سفراٍ من تلك التضحيات ويسلط الأضواء على جانب من الأدوار الوطنية لمحافظة الحديدة وبطولات أبنائها باعتباره أحد مناضلي الثورة ومن كان له الشرف في الدفاع عنها وهو هنا يسطر شهادته عن إعلان قيام الثورة مروراٍ بتشكيل أول منظمة لشباب الثورة في الحديدة واحتضان المحافظة لمعسكرات تدريب المتطوعين واستقبال مينائها لـ 70 ألف مقاتل من مصر العروبة وعبد الناصر لنصرة الثورة وتوطيد أركان الجمهورية فيقول:
الحديدة/ فتحي الطعامي

– عند سماع مذياع صنعاء يعلن قيام الثورة وإعلان الجمهورية كانت الفرحة والسعادة تغمرني وكان الناس بين مصدق ومكذب حدوث مثل ذلك خصوصاٍ في اليوم الأول والثاني حيث كان الناس يعزون ذلك إلى إذاعة عربية وحينها كنت ما زلت طالباٍ بالمدرسة الإعدادية الثانوية في محافظة الحديدة وفي اليوم الثالث من ذيوع الخبر ووضوح الرؤيا خرج جميع طلاب المدرسة عن بكرة أبيهم في مسيرة حاشدة لمباركة وتأييد الثورة وقوبلت تلك المظاهرة بإطلاق الرصاص عليها من قبل مدير أمن المحافظة آنذاك المدعو العميد محمد التركي وأصيب عدد من الطلاب حينها أذكر منهم على سبيل المثال الأخ أبكر شياذل وعبده طلحي ومحمد مخاوي وآخرين وتم اعتقال عدد من الطلاب أذكر منهم محمد مثنى وأحمد مثنى و حسن عمر أمين وحسن الشحاري وعبدالله مجمل وآخرين وفي المساء تم الإفراج عن الجميع بعد إحضار الآباء والتعهد بعدم القيام بمثل ذلك وفي اليوم الرابع عاود الطلاب مظاهراتهم التي قادها كل من الأخوين الأساتذة عبدالله الصيقل و إبراهيم صادق وكان الأخ النقيب يوسف الشحاري الذي عاد من صنعاء على عجل وتمكن هو وزميله النقيب عبدالإله اليتيم وآخرون لم أتذكرهم مع بعض الجنود من القبض على مدير الأمن الملقب بالتركي مع بعض رموز النظام الإمامي من ضمنهم والي الإمام آنذاك والذي حاول الهرب على ظهر قارب صيد قاصداٍ جزيرة كمران واستمرت مظاهرات الشباب المؤيدة للثورة والجمهورية بشكل يومي وفي اليوم السابع من قيام الثورة عقد اجتماع للطلائع من العناصر الوطنية والمثقفين تم الإعلان على إثر ذلك الاجتماع عن تشكيل أول منظمة لشباب الثورة في محافظة الحديدة من العناصر الوطنية المعروفة بنضالها ومناهضتها للنظام الرجعي والاستعماري والإمامي وتم الإعلان عن تسمية أعضاء المنظمة في مقر الصيدلية العامة آنذاك (ميدان التحرير حالياٍ) وذلك للتصدي للقوى المعادية للثورة الوليدة وضمت الأخوة التالية أسماؤهم:1 – إبراهيم صادق رئيساٍ2 – عبدالله مقبول الصيقل أميناٍ عاماٍ
الأعضاء هم:3 – محمد علي علوي4 – عثمان عميره
5 – مشهور حشابره6 – الملازم/أحمد بيدر7 – محمد عبدالواسع الأصبحي8 – عبده أحمد حبيلي9 – محمد مثنى10 – محمد عزي صالح11 – محمد الحيدري12 – أحمد عبد الحبيب الأصبحي13 – أحمد مثنى14 – محمد السقاف حمادي15 – ومحمد حسين السقاف16 – عبدالله مجمل17 – محمد عبدالله أبو علي18 – علي محمد جملي19 – محمد عبده عدلان20 – عبدالباري طاهر21 – عبدالله مهدي عبده22 – يوسف هبة عبدالله23 – علي سعد الحكمي24 – علوي العطاس25 – إبراهيم عاقل26 – صالح مجلي27 – أنعم الشرعبي28 – محمد علي الناظري29 – علي عمر صبري30 – علي عثمان صدام31 – محمد عبد قروش32 – عبدالله محمد عباس33 – أحمد هاشم شريف الرفاعي
وكان ذلك أمام حشد كبير من الشباب وكان من أهم أهدافها:- استقبال أفواج الجيش المصري بالميناء وإلقاء الخطب الحماسية.- التنسيق مع قيادة الجيش في المحافظة لانخراط الشباب والتطوع في كتائب الحرس الوطني.- إقامة المسيرات المؤيدة للثورة والجمهورية ومجلس قيادة الجيش ورفع الشعارات والهتافات الوطنية في مواجهة القوى المعادية للثورة.
– إقامة الحفلات الفنية والمسرحية والأمسيات الشعرية والأدبية والسياسية.
– إقامة الندوات والمحاضرات المسائية للتوعية الاجتماعية بأهداف الثورة ومبادئها العامة وتقديم المساعدات الصحية والغذائية للمواطنين.
– إقامة مسيرة تضامن وتأييد لمجلس القيادة بصنعاء سيراٍ على الأقدام حتى أن قيادة الثورة أشادت كثيراٍ بدور ونشاط ومهام هذه المنظمة واصفة إياها بأنها أشبه بالرديف لمجلس القيادة حسب الرسالة التي تلقاها أمين عام المنظمة المناضل الجسور/ عبدالله الصيقل حينها كما استطاعت المنظمة أن تقيم الكثير من جسور التواصل مع الكثير من العناصر وذلك لأجل تقديم الدعم المادي للنظام الوطني الجديد للثورة والجمهورية.. ونتيجة الفراغ الذي ظهر بداية الثورة لعدم وجود القوانين والتشريعات الضريبية وغيرها فقد تمكنت هذه المنظمة من القيام بالكثير من النشاطات مع رجال الأعمال المحليين وكان لهم الدور المميز في دعم الخزانة العامة نذكر منهم الأخوة/ حسن العطاس سالم الشماخ سليمان البكاري علي محمد سعيد أنعم سيف عبد الرحمن حمود الحسيني وغيرهم.
العمق الاستراتيجي لدعم الثورةويضيف العميد مجمل: لقد لعبت الحديدة دوراٍ رئيسياٍ في دعم الثورة ومثلت المنعطف المهم وحجر الزاوية في استمرارية الثورة والدفاع عنها مع بقية الشرفاء في كل المحافظات.
– بل كانت تمثل بكل فخر واعتزاز العمق الاستراتيجي العام المادي والبشري بوجود وتوفير عدة عوامل مهمة جداٍ وهي (الميناء) والطريق العام (الحديدة-صنعاء) وكانت مركز الاستقطاب لاستقبال المتطوعين وتدريبهم من مختلف مديريات المحافظة والمحافظات الأخرى في شمال الوطن وجنوبه وكانت ترفد الوحدات العسكرية والمدارس بصنعاء وغيرها بالمتطوعين في كتائب الحرس الوطني بمساعدة أبناء مصر.
– وهنا لابد من الإشادة بدور العسكريين في محافظة الحديدة ودعم الثورة والمحافظة على النظام العام إلى جانب زملائهم في مجلس قيادة الثورة بصنعاء وهم: الرعيني- الشحاري- زبارة- عبادي- فقيرة- اليتيم- السايس- اليريمي- المقصص- محسن العصامي- الحيدري- محمد عزي- وآخرون.
وبعد انقضاء الأسبوع الأول لقيام الثورة وصل الحديدة من صنعاء مجموعة الضباط الأحرار من مجلس قيادة الثورة إلى جانب زملائهم في الحديدة وهم:
1 – حسين السكري2 – أحمد الرحومي3 – حسين الغفاري4 – حسين شرف الكبسي5 – صالح العريض6 – محمد حفظ الله المطري.وآخرون لم نتذكرهم…
وذلك لتفقد أوضاع المحافظة وتوزيع الضباط على مناطق التماس شمال المحافظة وشرقها وغربها واستلام مواقع عمل في الأمن والقيادة والميناء وتحديد أماكن تموضع الحرس الوطني الجديد بعد اكتمال تدريبهم ومهام أخرى تتعلق بحماية تحرك الجيش المصري وقوافل المؤن والتموينات إلى عاصمة اليمن والثورة صنعاء إضافة إلى مهام أخرى.
أفواج المقاتلين من مصر العروبة- أما الحديدة كميناء فقد كان لها نصيب الأسد فهي تستقبل أفواجاٍ من المقاتلين من أبناء القوات المسلحة لمصر يوليو العروبة عبد الناصر الذين كان لهم الدور المشرف في دعم الثورة والدفاع عنها نتيجة الهجمة الشرسة العسكرية والإعلامية للقوى الاستعمارية والرجعية والمرتزقة كما كان الميناء يستقبل المؤن ومتطلبات الدفاع عن الثورة من المعونات وآليات التنمية من الدول الصديقة وبعض الدول العربية الشقيقة وكانت الطريق من أهم العوامل التي ساعدت في إيصال التموينات والمعدات في مختلف الميادين كما سبق الإشارة.
– وحينها انخرط الآلاف في كتائب الحرس الوطني وكنت واحداٍ من أولئك الشباب الذين كانت صيحاتهم وهتافاتهم تملأ ساحات أرض التدريب في عرضي الحديدة مساء كل يوم تحيا الثورة تحيا الثورة حتى اشتد حماس الملازم/ أحمد بيدر قائلاٍ: «لا البدر ولا الحسن الدجال يحكمنا الشعب لا بدر و لا حسن الدجال» وقد استشهد من أولئك الجند الكثير باعتبار ذلك استحقاقاٍ للوطن وقد كانت مساهمتنا في الدفاع عن الثورة ودورنا مثل أي دور لأي شاب يعشق الحياة وحتمية التطور والتغيير إلى الأفضل فقد بدأت العمل كضابط بعد تجنيدنا من المدرسة لنقطة باجل ثم مشروع مطار الرحبة صنعاء ومواقع أخرى وفي منتصف عام 1963م تم إرسالنا إلى مصر بعثة للدراسة في الكلية العسكرية وطبعاٍ كان ذلك بعد المشاركة المتواضعة والفاعلة بشيء من النكران للذات في كل أنشطة منظمة شباب الثورة وكانت البعثة العسكرية إلى مصر تضم من كل أبناء محافظات الوطن وقد أطلق على هذه البعثة «دفعة الوحدة الوطنية» وقد استشهد منهم الكثير في مواقع الشرف والواجب بعد التخرج حيث عملنا معاٍ في مواقع عدة في المطار الجنوبي والجراف وبني حشيش وثلا ورازح وجبل المنار وحراسة الطريق العام وكانت أيام عصيبة ولكنها عزائم الشباب رغم صعوبة التواصل مع الجهات وكان للشباب من الشعراء والأدباء والمثقفين والصحيين ورجال الأعمال والموظفين وغيرهم من كل مناطق الوطن الدور البارز في التصدي والاستمرار في الدفاع عن الثورة عند انسحاب القوات العربية المصرية في 1967م عقب مؤتمر «الأركوين» والذي مورست فيه الكثير من الضغوطات لانسحاب قوات مصر عبد الناصر وبدأ الطابور المعادي مرة أخرى للإجهاز على الثورة اليمنية والحصار على صنعاء وإجهاض الثورة والكفاح المسلح ضد القوى المعادية وشكلت المقاومة الشعبية من كل الفعاليات في صنعاء والحديدة وغيرها من كل الشرائح الوطنية في المجتمع إلى جانب الجيش والأمن وانتصر اليمن وانتصرت الثورة «سبتمبر وأكتوبر» وتحققت إعادة وحدة الشطرين أرضاٍ وإنساناٍ وكل الأمنيات أن نرى هذا الوطن حراٍ ديمقراطياٍ ولا يمكن لهذا الوطن العودة إلى الوراء والماضي المتخلف حيث لا يوجد مقارنة بين الأمس واليوم.

قد يعجبك ايضا