عارف الأتام –
وسائل الاتصال في اليمن من “البوق” الى الإذاعة ومن “النار” الى الانترنت
العزف بآلة تشبه القيثار في “حمام دمت” مباح وفي صنعاء حرم!!
الطبل والبوق والنار هي ابرز الوسائل لإيصال معلومة او خبر للعامة من السلطات نتيجة لانعدام وسائل الإعلام وارتقت فيما بعد الى نشرات ثم صحف والتي كانت قلة والمستفيد منها هم المتعلمون وما أقلهم اما البريد والتلغراف فقد كانتا حكراٍ على الأمام وحاشيته في شمال الوطن وعلى سلطات الاستعمار في جنوبه ففي المناطق الشمالية كانت الشائعة والخرافات هي الاساليب التي كان الإمام يروع المواطنين ويبسط هيمنته فيما المناطق الجنوبية عمدت سلطات الاحتلال الى الدعاية للترويج لسلطتها وإخضاع المواطنين لنفوذها فيما كانت الاتصالات السلكية مقتصرة على اسلاك البرق الممتدة بين العاصمة صنعاء وأهم المدن الرئيسية في اليمن وكانت اسلاك البرق تحملها جذوع الأشجار اليابسة المثبتة فوق دعائم مبنية بالحجارة والطين على هيئات هزيلة ومضحكة.. وكثيراٍ ماكانت سيول الأمطار تتكفل بتخريبها فتنقطع المواصلات البرقية لعدة ايام واسابيع ريثما يجري تصليحها أو إعادة بناء تلك الدعائم بطريقة “السِخرة”
اعتبر اطلاق لفظ الصحافة على ما كان موجود في الاربعينيات والخمسينيات في اليمن يكاد يكون “سبة” لصاحبة الجلالة !! هكذا يقول العميد الركن سيف الدين سعيد انه احتار وهو يكتب كتابه تحت اي عنوان يضع حديثه عن المواضيع: الصحافة في اليمن السينما في اليمن التصوير في اليمن- لعدم وجود وزارة للاعلام بل ان حكومة اليمن ليس فيها وزارات حقيقية بالمعنى المفهوم ولاهم يحزنون وان كانت هناك مسميات شكلية لبعض الوزارات.. لذلك وضع حديثه في المواضيع آنفة الذكر تحت عنوان الاعلام في اليمن ولم يقل وزارة الاعلام في اليمن ويضيف: فالصحافة في اليمن يومذاك لم تزد على شبه جريدة اسبوعية واحدة وشبه مجلة شهرية واحدة أيضاٍ فكانت الجريدة جريدة الإيمان ثم تغير اسمها إلى جريدة النصر ثم تغير هذا الاخير إلى سبأ والتي ظلت كذلك حتى قيام ثورة سبتمبر وما تنشره لا تتعدا أن تكون أخبار محلية ومقابلات للامام وتعيين وترقية وتنقلات الموظفين وقصائد فيمامجلة الحكمة اغلقت مبكراٍ رغم أنها كانت مجلة شهرية متقوقعة على نفسها تنشر احياناٍ بعض مقالات يكتبها الإمام نفسه في المناسبات كماتنشر الاحداث الخطيرة على شكل مقالات ادبية من الطراز القديم حتى تضيع أهمية الحدث الخطير في زحمة التعابير الادبية القديمة.. وهو طراز لا حكمة فيه ولا جدوى وقد لا يساوي ثمن الحبر الاسود الذي أنفق على طبعه!! وكان الامام نفسه هو الذي يشرف على الجريدة والمجلة ولاتصدر..!! إلاِ بعد قراءات موادهما كاملة من قبله والتوقيع عليهما بالموافقة على النشر!!
وكان الإمام يحيى يعتمد على شخصيات عربية أو أجنبية في اغلب المواقع فجلب من لبنان نجيب ابوعز لترجمة المراسلات الحكومية وعمل نشرة كل يوم لأهم الأخبار التي تبث على الراديو ونسخها خمس نسخ لتوزيعها على الإمام وابنه احمد وكبار المسؤولين كما استعان بسامي عزالدين كمدير الشؤون الخارجية, ونعمت الحاج كمدير البريد و القاضي محمد راغب وزيراٍ للخارجية وهو من بقايا العثمانيين استمر في اليمن بطلب من الإمام يحيى وتذكر كلودي فايان في كتابها “كنت طبيبة في اليمن” ان السيد طلعت يعقوب حسين في الثلاثين من عمرهكان يدير مصلحة الصحافة والاستعلامات لحكومة اليمن وعمله المعتاد في تعز هو تقديم تقارير عن الصحافة العالمية إلى الإمام وتحرير الصحيفة اليمنية الأسبوعية “النصر” وتضيف الطبيبة الفرنسية :ان راغب بك ( التركي ) وزير الخارجية عمل على إكمال مظاهر الدولة بإقامة علاقات وعقد اتفاقيات مع بعض الدول الأجنبية هذان هما فقط المظهران من مظاهر الدولة الحديثة فقط اللذين وافق الإمام يحيى على إيجادهما أما ما عداهما فقد كان سلوكه وأسلوب حكمه تجسيداٍ لقسوة الحياة وطبيعة التفكير والسائد في المناطق المنغلقة على نفسها وقد فرض حصاراٍ على البلاد بل عمد إلى إلغاء النظم الإدارية الحديثة وأساليب التعليم الحديث الذي كان الأتراك قد نقلوه معهم إلى اليمن عند عودتهم الثانية إليها ويذكر اوليغ مؤلف كتاب “اليمن واليمنيون في ذكريات ديبلوماسي روسي” ان الممثل السوفيتي عبدالرحمن سلطانوف الذي عمل في البعثة السوفيتية منذ افتتاحها بتعز وكان يجيد اللغة العربية كان له صلات بدوائر القصر الضرورية لتكوين “ملخصات الأحداث
وتصف الطبيبة كلودي العامل بذمارانه لا يترك مجلسه المفضل المنخفض بين النافذتين.. ويضع على وجهه «المزوق» نظارة يثبتها بشريط إلى الأذنين ويظل يدير جهاز الراديو ساعات طويلة بينما تتولى إحدى بناته تدليك قدميه ويقول لها انه يتابع العالم الخارجي عبر الإذاعة أما الإذاعة السعودية فإنه لا يستمع إليها لأنها في نظره كلها صلوات!!
وكانت لاتوجد في اليمن مواصلات لاسلكية سوى المحطة الوحيدة في صنعاء والتي تعد من اقدم طراز ولا يستطيع أحد ان يقترب منها بدون ترخيص قيد من الإمام وكان موقعها- حينذاك- يلاصق المباني الملكية في بئر العزب ولا أحد غير الإمام وقلة من حاشيته يعرف كيف ومتى تعمل هذه المحطة اللاسلكية..¿!!
وعلى الرغم من انه كان يعلم قبل مغادرته العراق مع البعثة الى اليمن أن التصوير في اليمن حرام يقول سيف الدين عزمت على أن أتجهز بآلة تصوير «كوداك» وبضعة رقوق تصويرية «أفلام مع مايلزم من المواد والادوات للغسل» والطبع ولم تكن هناك مصابيح وهاجة «فلاش» أو نواظير مقربة ولا افلام ملونة فلما وصلنا عدن علمنا من الناس ان التصوير في اليمن له ثلاث اجتهادات هي محرم تحريماٍ قطعياٍ بالنسبة لشخص الامام يحيى وغير مقبول أو مكروه بالنسبة للسادة المتعصبين وحلال مبتذل لبقية العباد وفي الحقيقة أنه لم يفصح أحد من الناس عن وجهة نظره الحقيقية من تحريم تصوير الإمام ولم يجد الجواب المقنع لذلك.. لكن الذي خطر عليه هو صورة ماريا تريزا على الوجه الأول من الريال الفضي النمساوي وتساءل فيه.. لماذا لايعتبره الإمام يحيى في عداد المحرمات رغم ان هذا الريال يرافق كل المسلمين من اهل اليمن في جيوبهم عند أداء الصلوات الخمس..¿
كان التحليل والتحريم لدى الإمام يأتي وفقاٍ لمزاجه فيحلل شيئاٍ في مكان ويحرمه في مكان آخر داخل اليمن وتقول الطبيبة كلودي وهي في حمام علي” رأيت رجلاٍ يعزف في فناء احد الأمراء على آلة شبيهة بالقيثار, وقد حذرني الأمير بأسف واضح أني لن أسمع في صنعاء الحان هذه الآلة فهي محرمة في صنعاء….وفي تعز بالفعل لم أر إلا قيثارة واحدة عند أحد المرضى وقد اعترف لي أنه يعزف عليها خفية في ظلام الليل. ودعوته إلى منزلي وقام بالكشف الأولي وقال لي إن البيت ليس مستوراٍ بصورة كافية وطلب أن نترك الراديو يشوش أثناء العزف.. وبهذا حرمت سماع أي شيء” ولم تنس كلودي ذلك الكهربائي الذي طلب من المهندس أن يصلح له جهاز راديو وكاد يبكي قهراٍ وهو يقول: “هل نحن حيوانات إني أحاول إصلاح هذا الراديو منذ يومين.. وها أنت ذا قد أصلحته في دقائق” اتذكر بنائي المفوضية المصرية في صنعاء وهم يعتذرون رسمياٍ لأنهم لم يكونوا يصدقون أن الماء الساخن يصعد!!
ويورد العميد الركن سيف الدين سعيد قصة رجل عزم انشاء سينما في اليمن: يحكى أن رجلاٍ من اصحاب الخير أراد ان ينقذ اهل اليمن من شرور «القات» عن طريق تحويل اهتماماتهم عن القات الى وسيلة عصرية مسلية هي شاشة السينما فتقدم بطلب إلى الإمام للموافقة على مشروعه هذا وبعد انتظار طال امده لموافقة الإمام جاءه البشير ذات يوم يدعوه لمقابلة الامام في المقام ولما مثل بين يديه بعد اشارة الإمام له بالجلوس طلب منه ايضاحات أكثر عن المشروع فتكلم الرجل والامام يصغي اليه وبعد ان انتهى من ذلك قال له الإمام موافق على مشروعك بثلاثة شروط كان ثالثها شرطاٍ على صاحب المشروع تعجيزياٍ القصد منه صرف الرجل عن مشروعه نهائياٍ بل وعدم بقائه في اليمن.. كان شرط الامام: «أن تصرف تذاكر الدخول إلى السينما مجاناٍ لم ينطق الرجل بعد ذلك بكلمة واحدة بل ظل يحملق في وجه الإمام ثم لملم أذياله وقام وسلم بالانصراف ولسان حاله يقول: بارت تجارتك ورب الكعبة!! وظل الحال على ماهو عليه حتى عهد الإمام احمد الذي غض الطرف وتساهل في تشغيل آلة السينما في العراء بمدينة تعز وذلك بمناسبة العيد الثاني من اعياد النصر في بداية الخمسينيات وكان الفلم المعروض ضمن فعاليات العيد الأول للنصر الذي حققه «أحمد» في إجهاض ثورة 1948م والتي كان قبلها قد افتتحت اذاعة صنعاء عام 1947م فبدأت برامجها لمدة ساعة واحدة في اليوم على فترات متفرقة وتزايدت ساعات البث لتصل يوم قيام ثورة 62سبتمبر الى مدة خمس ساعات في اليوم وزمن البث ليست متواصلة وانما على فترات متفرقة
وظهرت السينما رسمياٍ في اليمن بعد قيام الثورة اليمنية حيث أدخلها الجنود المصريين معهم أثناء مشاركتهم في قيام الثورة اليمنية ولم يعرفها المواطن اليمني إلا عبر بعض السفارات الأجنبية المتواجدة في اليمن وبعض من كان يذهب إلى الجنوب حيث كانت تتواجد هناك دور للسينما وانتشرت بعدها قاعات السينما في بعض المدن اليمنية كصنعاء وتعز والحديدة وعلى يد بعض رجال الأعمال اليمنيين وكان الهم الأساسي لأولئك هو الربح فقط وصدر قرار وزاري في 1968م يخول وزير الإعلام حق الإشراف الكامل على تلك القاعات في اليمن وحق التصريح بافتتاح أو إغلاق تلك القاعات السينمائية وفي 1976م تم إنشاء إدارة عامة باسم إدارة السينما تابعة لوكيل الوزراء لقطاع الثقافة وكان انتشار السينما بطيئاٍ فوجدت في خمس محافظات فقط وبلغت في 1985م 23 قاعة ثم انتشرت دور العرض في بعض المدن الأخرى خاصة بعد توحد اليمن بشطريه عام 1990م إذ بلغ عددها 46 قاعة اما جهاز الفيديو فقد ظهر في اليمن عام 1975م وانتشرت في بداية الأمر في المدن الرئيسية وانتشرت بعد عام 1980م كنوع من المباهاة والتقليد وزاد مع انتشاره مكتبات الفيديو التي تبيع شرائط الفيديو في بعض المدن اليمنية
وعن احوال البريد في اليمن حينذاك يقول مؤلف مذكرات البعثة العراقية العميد الركن سيف الدين سعيد: لاتزال خدمة البريد في اليمن تعتمد على «السْعاة» من البشر وعلى البغال والحمير من الحيوان فالرسالة البريدية من صنعاء الى عدن- مثلاٍ- تستغرق حوالى اسبوعين في احسن الظروف ولم يكن في ذلك ما يغيظ أي انسان في اليمن عدا صاحب الرسالة ان كان يتوقف عليها معاشه ومعاش عياله..اذ انه ليس في اليمن شيء ارخص من الوقت!.
وفي وصفها لطبيعة عمل ساعي البريد تقول الطبيبة الفرنسية ان عامل البريد المكلف بدورة طويلة…فهو ينتظر البريد الأسبوعي في صنعاء ثم يأخذه إلى مناخة في أسرع وقت ويعود إلى صنعاء يحمل إليها البريد المرسل ليلحق بالبريد المسافر التالي…وكان يسير كل هذه المسافة حافي القدمين.. ويحمل حقيبة ضخمة وكان «السْعاة» بجانب هذا كانوا بدون شك يقومون بالتجسس.. وقد بعثت برسالة ولكنها لم تصل إلا بعد شهرين..
وتقول الطبيبة الفرنسية: “من مبتكرات هذه الحكومة إرسال الشكاوى والعرائض تلغرافياٍ إلى الإمام.. فمن أراد أن يتفادى تواني الموظفين فعليه أن يعرض حالته على الملك فيرسل برقية تكلفه بضعة ريالات ويدفع زيادة على تكاليف البرقية تكاليف جواب الإمام أيضاٍ الوسيلة يتأكد أن الإمام سيعرف موضوعه.. وإذا كان الجواب بالموافقة فإن الإمام يؤشر عليها ويلقيها موقعة بخاتمه الأحمر إلى المسؤول عن تنفيذها.. أما إن كان الجواب سلباٍ فإنه يرميها إلى الأرض باستخفاف. وإذا كان المرسل أهلاٍ للتقدير فإنهم يردون عليه بأن الإمام لايزال”ينظر فيما يحسن” ويتم كل هذا مع الاستشهاد بآيات القرآن المناسبة.. ويستطيع الإمام أن يفحص مائتي رسالة برقية في جلسة واحدة.. وهذه الرسائل البرقية مورد هام من موارد الخزانة..ماهي الموضوعات التي تعرض على هذا النحو على الإمام..كلها.. كلها على الإطلاق.. من أهم المسائل وأخطرها إلى أقلها شأناٍ وأتفهها ويقضي فيها الإمام نهائياٍ دون استئناف.. إن الإمام شخصياٍ هو يقرر إذا كان معلم في أحد الأقاليم النائية البعيدة بحاجة إلى عشر محابر.. وقد ذكرت هذا المثال بالذات لأنه قيل لي من أحد مستشاري الإمام وهو خارج من المجلس.. إن الإنسان يصاب بالذهول حين يعلم أن رئيس دولة يتدخل في هذه التوافه فكيف يقبل رجل ذكي أن يحشر نفسه في كل شيء.. هكذا¿ هل يريد أن يتفادى الإسراف¿ على أي حال.. إنه أمر مفزع.. وقد سألت كثيرين عن الأمر وأحسن جواب سمعته هو هذا.. كان أجداد هذا الإمام يحكمون هكذا.. فإذا لم يحكم مثلهم وعلى طريقتهم فإنه يشعر أنه سيكون أقل منهم شأناٍ ومقاماٍ!!”
فقد كانت خدمات الاتصالات قبل قيام الثورة اليمنية شبه معدومة سوى من بعض وسائل الاتصال التقليدية محدودة النطاق والاستخدام والتي تمثلت في خدمة التلغراف بواسطة الخطوط المحمولة فردية السلك في المحافظات الشمالية والتي أدخلها العثمانيون أثناء حكمهم لليمن بواسطة الخطوط المحمولة (فردية السلك) والتي كانت تستخدم إشارات (مورس) للربط بين صنعاء وبعض المدن والمراكز المحدودة التي تتواجد بها مكاتب صغيرة كانت تسمى (بيت السلك ) وكانت عبارة عن اتصالات برقية بدائية والتي استمرت دون تطوير حتى عقد الخمسينات عندما تم إدخال بعض الخدمات الهاتفية البسيطة لاستخدامات الأسرة المالكة وبعض الدوائر الحكومية وبسعة إجمالية بلغت فقط (800 ) رقم هاتفي موزعة على ثلاث مدن هي صنعاء تعز والحديدة’ثم خدمة التلغراف عبر أجهزة اللاسلكي باستخدام نظام التردد العالي HF ثم تواصلت هذه لاحقاٍ للعمل مع عدن حيث كان يتم عبرها تأمين الخدمة التلغرافية الدولية عن طريق شركة البرق اللاسلكية البريطانية C&W التي كانت تدير خدمات الاتصالات بعدن.
و لم يكن الحال في المحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار البريطاني أفضل مما كانت عليه المحافظات الشمالية حيث اقتصرت خدمة الاتصالات على إنشاء بعض السنترالات الميكانيكية نوع /استر وجر/ من قبل الاستعمار لاستخدامها في خدمة أهدافه .. وفي أوائل الخمسينيات تم توزيع تلك السنترالات على بعض أحياء عدن واقتصر استخدامها حتى بعد توسيع تلك السنترالات وارتفاعها في بداية الستينيات الى(7855) خطاٍ هاتفياٍ بدرجة رئيسة لخدمة الاحتلال البريطاني ومؤسساته وبعض النشاطات التجارية البسيطة
وفيما يتعلق بالخدمات البريدية فقد كانت تقتصر على الاشياء التقليدية المرتبطة بحياة المواطنين والسلطة من رسائل عادية ومواد مسجلة وطرود بريدية ورزم صغيرة وكانت الخدمات البريدية تدار وتؤدى داخل موقع واحد مع الخدمات البرقية واللاسلكية في المناطق ( الشمالية والغربية) أما في المناطق (الجنوبية والشرقية) فكان عدد المكاتب البريدية 30 مكتباٍ و14 وكالة تؤدى في بعضها الخدمات المالية- التوفير البريدي الحوالات البريدية العادية والأذون البريدية الإنجليزية- ثم تم في المناطق الشمالية والغربية استيراد (6) وحدات صناديق بريد خصوصية فئة (50) صندوقاٍ ولما مجموعه 300صندوق ليصل عدد الوكالات البريدية الى 74وكالة.
في عام 1888 م قامت السلطات التركية بفرض طابع بريدي فئة ( البولة ) على كل رسالة يقوم أي شخص بارسالها إلى شخص آخر داخل اليمن أو خارجه وفي عام 1937 م أبان الاحتلال البريطاني لعدن صدر طابع بريدي يحمل اسم مدينة عدن باللغة الانجليزية
وفي المحافظات الجنوبية والشرقية تأسست الخدمة عام 1839م في عهد الاحتلال البريطاني تم افتتاح أول مكتب بريد في مدينة كريتر بعدن والذي انتقل فيما بعد الى «التواهي» في عام 1868م ثم افتتح مكتب بريد «الشيخ عثمان» في عام 1891م ومكتب بريد «خور مكسر» في عام 1892م وكانت هذه المكاتب تدار تحت إشراف المقيم السياسي البريطاني وتخدم سياسته.
وكذلك الحال بالنسبة للمحافظات الشمالية والغربية التي تأسست الخدمة البريدية فيها عام 1868م وذلك في عهد الاحتلال العثمانيعندما تم افتتاح أول مكتب بريد في صنعاء’ثم في العام 1871م تم افتتاح مكتب بريد في مدينة “تعز” وفي “الحديدة” عام 1873م وبعده مكتب بريد “مناخه” في عام 1884م.. وكانت خدمات المكاتب البريدية مقصورة على الجهات الحكومية وسلطات الاحتلال العثماني بدرجة أساسية. وبعد عام 1950 م توفرت بعض السيارات لنقل البريد الدولي من صنعاء إلى عدن فاصبح البريد ينقل عبر الطريقين بواسطة السيارات’ثم في عام 1958 م كان الاتفاق مع مكتب بريد القاهرة للتوسط بنقل بعض الإرساليات البريدية الدولية.
بالنسبة للبريد الدولي أو الخارجي في المحافظات الشمالية والغربية خلال مرحلة ماقبل قيام الثورة فقد كانت عملية ارسال الرسائل من وغلى هذه المحافظات تتم عبر”عدن” وكان يتم نقل البريد الدولي الصادر من مركز صنعاء ( بواسطة الخيول والبغال الهجن ) مروراٍ بمناخة والمحجلة وباجل والمراوعة حتى الحديدة ومنها إلى عدن والعكس وذلك بصورة أسبوعية’كما كانت هناك طريقة أخرى لنقل الإرساليات البريدية من صنعاء / ذمار / تعز / عدن بواسطة ما كان يتوفر من عدد محدود جداٍ من السيارات.
حظي قطاع الاتصالات في اليمن باهتمام الحكومات المتعاقبة منذ فجر الثورة اليمنية المباركة ( 26 سبتمبر و14 أكتوبر ) باعتباره أحد الركائز لتحقيق النهوض في البلاد فحصلت تحولات إيجابية في قطاع البريد عملت على مواكبة التطور فانتشرت المكاتب البريدية في معظم المناطق اليمنية وتنوعت خدماتها
وفي منتصف عام 1963 م تم افتتاح 31 مكتباٍ بريدياٍ في المحافظات الشمالية والغربية.. كما تم شراء عدد من السيارات لنقل البريد من صنعاء إلى مراكز محافظات وكانت اول إرسالية بريدية ترسل من صنعاء بواسطة الطيران إلى دول العالم عبر مكتب بريد القاهرة في 1964م كما تم انشاء اول مكتب للتبادل البريدي في العاصمة صنعاء يربط مناطق اليمن بالعالم الخارجي مما ادى إلى افتتاح خطوط جوية دولية جديدة.
وفي 1967م بلغ عدد صناديق البريد 320 صندوقاٍ في كل من صنعاء وتعز والحديدة.
في العام 1970م بدأ تنظيم قطاع البريد وتم إفتتاح مبنى البريد الجوي في مطار صنعاء وكذلك مبنى البريد البحري في الحديدة.
وحرصت الحكومات اليمنية على مواكبة التطورات المتسارعة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات لتشكل الثورة محطة الانطلاق نحو النهضة والانفتاح…وتم في هذا الإطار تركيب سنترالات (اليكترونية) إلى جانب توسيع بعض السنترالات بالإضافة إلى تنفيذ عدد من محطات (الميكروويف) وتم تركيب اجهزة الاتصال بالطاقة الشمسية في مجال الاتصالات الريفية ثم انشئت محطة أرضية كبيرة تعمل عبر القمر الصناعي على المحيط الاطلسي لاستيعاب العدد الأكبر من المكالمات الدولية وإنشاء (سنترال اليكتروني) دولي ومحطة اخرى عبر القمر الصناعي العربي تم افتتاحها في سبتمبر 1985م إلى جانب تنفيذ مشروع المخطط العربي الاقليمي للاتصالات الذي ربط بين اليمن والسعودية وجيبوتي والصومال عبر (الميكروويف) وفي المحافظات الجنوبية والشرقية شهدت خدمات الاتصالات توسعة الخدمة الهاتفية خارج مدينة عدن في العام 1992م تم إنشاء شبكة هاتف نقال تعمل بالنظام التماثلي
وبعد تحقيق الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية في ال 22 من مايو1990م دخلت اليمن مرحلة جديدة من مسيرة البناء فتطورت الاتصالات الريفية التي كانت قد بدأت باستخدام أنظمة تماثلية ثم أنظمة راديو رقمية و أنظمة كبائن الألياف الضوئية إضافة إلى أنظمة الهاتف اللاسلكي الثابت وغيرها من خدمات الاتصالات وتقنيات المعلومات فتم مد كابل ألياف بصرية بحري بين اليمن وجيبوتي وتم الانتهاء من الكابل البحري عام 1996م وكابل ألياف اخر أرضي يربط اليمن بدول الخليج وتضاعفت عقود التوسعة وكانت مجموعة العقود لتوسعة السنترالات ومن ناحية أخرى أدى ظهور الألياف الضوئية في اليمن إلى تطور الشبكة الهاتفية والتعاقد مع شركات جديدة
وساهم اليمن في تمويل مشروع الكابل البحري المسمى (سي- مي- دي2) الذي يمتد من سنغافوره في جنوب شرق آسيا مروراٍ بمنطقة الشرق الأوسط حتى مرسليا في فرنسا. كما ساهم مع جيبوتي في تمويل الكابل البحري الفرعي “عدن-جيبوتي كما تم توفير أكثر من نظام للاتصالات عبر الشبكة المحلية لخدمات الهاتف النقال وتبنت الحكومة مشروع البرنامج الوطني لتقنية المعلومات (الحكومة الإلكترونية) وتم تصميم موقع عام للحكومة الإلكترونية على الإنترنت بما في ذلك المحافظات وتم افتتاح مدينة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات بصنعاء وتم تدشين خدمة الإنترنت في اليمن عام 1996م .