الشباب في اليمن يعانون من البطالة..والجو السياسي يفاقم المشكلة


الثورة –
دعت دراسة حديثة إلى إيجاد حلول سريعة لإعادة تأهيل وتدريب خريجي الجامعات ومعاهد التعليم الفني والتدريب التقني الذين لم يحصلوا على فرص عمل حتى الآن وبما تتطلبه نوعية العمالة المطلوبة في دول مجلس التعاون الخليجي من خلال التنسيق بين وزارات الشؤون الاجتماعية والعمل الخدمة المدنية التربية والتعليم التعليم الفني والتدريب المهني لتسخير كافة الإمكانيات والتجهيزات بما يحقق إعادة التأهيل والتدريب المطلوب. ولن يتأتي ذلك إلا بوجود إرادة سياسية جادة لانجاز هذا المطلب في فترة زمنية محددة لا تتجاوز عاما واحدا مع الاستمرار بعد ذلك في إعادة التأهيل لمن لا يزالون بحاجة إليها .

تنسيق
وشددت الدراسة الموسومة بعنوان «الجهود الرسمية لتأهيل العمالة اليمنية بين الواقع والمأمول» والتي أعدها الدكتور عبد العزيز مهيوب الوحش على ضرورة التنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي التي طلبت عمالة يمنية للمشاركة في إعادة التأهيل التي تنوي الحكومة القيام بها بالإضافة إلى التنسيق مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول التي ساهمت في إعداد الاستراتيجية الوطنية للتعليم الفني والتقني بهدف الحصول على المساعدات المالية والفنية التخصصية المؤدية إلى إنجاز مهمة إعادة التأهيل
وأكدت على أهمية إجراء مراجعة وتقييم شامل لكافة السياسات والخطط والأهداف والاستراتيجيات والتشريعات المتعلقة بالنظام التربوي التعليمي بهدف الاستفادة من الأخطاء السابقة وإحداث تغيير جذري شامل في كل ما يتعلق بهذا النظام بدءا بإعادة النظر في مراحله ونوعيته وبنيته وأهدافه وفلسفته وتنظيماته وتجهيزايه ومحتويات مناهجه والعاملين فيه وأساليب وطرق تقييمه وتقويمه وعلاقاته بحاجات المجتمع ومطالب التنمية وسوق العمل وغيرها .
خارج العصر
وخلصت إلى أن تأهيل وتدريب العمالة اليمنية من خلال مؤسسات التعليم المعتمدة اجتماعيا للقيام بهذه الوظيفة لم يعد اليوم شرطا ضروريا لحياة كل فرد من أفراد المجتمع الذين يتطلعون لتحقيق أمالهم وطموحاتهم بقدر ما صار ضرورة اجتماعية لخلق الطموحات المستقبلية فالمجتمع الذي لا يستطيع أن يعلم ويؤهل ويدرب أبناءه بما يتناسب مع مطالب التنمية و حاجات سوق العمل ويمكنهم من القدرة على التعامل مع وسائل الإنتاج المعمول بها في العصر الراهن سيجد نفسه خارج العصر عاجزا عن تحقيق مطالب التنمية .
وقالت أن النظام التربوي التعليمي – رغم محاولات الإصلاح الذي شهدها ويشهدها حتى اليوم – صار عاجزا عن تجديد نفسه بما يتوافق مع ما فرضته التقنية الحديثة وثورة المعلومات والاتصالات وغدت مخرجاته لا تخدم الخطط التنموية وسوق العمل بقدر ما تمثل عائقا أمام جهود التنمية .
وأضافت: في الوقت الذي نجد فيه سوق العمل بأمس الحاجة للعمالة الماهرة الفنية والتقنية نجد مؤسسات التعليم الحالية تضخ أعداداٍ هائلة من المتعلمين لا يحتاج إليهم سوق العمل وباتوا يشكلون بطالة إضافية إلى البطالة التي يعاني منها المجتمع .
تأهيل
واستنتجت الدراسة إلى أن تنمية وتأهيل وتدريب كوادر بشرية مزودة بمستويات مهارية عملية قادرة على المنافسة وذات مستويات أداء وإتقان عالية قادرة على المنافسة مع الغير للحصول على فرص العمل المتاحة في دول الجوار – بعد استعدادها لقبول العمالة اليمنية الماهرة – يستدعي الخروج برؤية شاملة ومتكاملة ومتوازنة للنظام التربوي التعليمي مع التركيز على التعليم الفني والتدريب المهني ليس بصيغته الحالية وإنما بالصيغة التي يتطلبها القرن الواحد والعشرون مما يعني « فتح تخصصات جديدة بمضامينها الحديثة ومتابعاتها الجديدة
وبينت أن على الحكومة إذا أرادت قبول العمالة اليمنية في دول مجلس التعاون الخليجي أو في دول أخرى مستقبلا أن تراعي التكامل والتوازن بين مختلف المراحل التعليمية مع إعطاء التعليم الفني والتدريب التقني اهتماما جادا لأنه سيؤدي إلى مخرجات توفر المهارات الفنية والتقنية القادرة على تلبية احتياجات سوق العمل المحلية وغير المحلية .
جهود مشتتة
وأوضحت أن الأصوات قد تتعالى بشأن اهتمام الحكومة بإصلاح العملية التعليمية من خلال إقرار عدد من الاستراتيجيات التي تهدف إلى الإصلاح ولا يستطيع أحد إنكار ذلك غير أن هذه الاستراتيجيات لم تنطلق من رؤية استراتيجية عامة قادرة على إحداث التغيير أو الإصلاح الشامل للعملية التعليمية بل جاءت على هيئة جهود مجزأة ومشوهة ولذلك لم نشاهد نتائجها الفعلية في الواقع المعاش بسبب الاختلالات التي رافقت تنفيذها والدليل على ذلك أن مؤشرات نتائج الاستراتيجية الوطنية للتعليم الأساسي منذ بدء تنفيذها حتى الوقت الراهن لا تنبئ بالقدرة على تحقيق الهدف الأساس المتمثل بالوصول بمعدلات الالتحاق في مرحلة التعليم الأساسي إلى ( 95 % ) خلال الأعوام ( 2003 – 2015 م) كما تم تحديدها في الاستراتيجية إذ نجد أن ما تحقق حتى الآن دون مستوى الطموح فالفارق الذي تحقق في مدخلات هذه المرحلة بين عام 2002م / 2003 وعام 2006 / 2007 م لم يتجاوز ( 0.75 ) نقطة مما يعني أن جهودا أكبر يجب أن تبذل في ما يتصل بتشجيع الالتحاق بالتعليم الأساسي والاستمرار فيه ناهيك عن أنه يتسم بانخفاض الكفاءة الداخلية بسبب ارتفاع نسبة الفاقد التربوي وما يمثله من هدر اقتصادي ناتج عن وجود أعداد كبيرة من السكان دون امتلاك المهارات الأساسية التي تمكنهم من الانخراط في سوق العمل كما أن استراتيجيتي التعليم الثانوي والجامعي لم يتم إقرارهما وتنفيذهما حتى اليوم كما أن المتتبع للجهود الرسمية التي بذلت من أجل رفع المستوى المهاري والعلمي للقوى العاملة اليمنية يجد أنها تعاني العديد من الاختلالات فالغالبية العظمى من هذه القوى تعاني من الأمية وفي أحسن الأحوال تعرف القراءة والكتابة حيث تشير النتائج النهائية للتعداد العام سنة 2004 م ( التقرير الثاني ) الى أن ( 76.78% ) من إجمالي السكان ( 10 سنوات فأكثر)أميون أو يقرأون ويكتبون فقط .
صعوبات
وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أكدت أن سوق العمل في الوقت الراهن يشهد صعوبات وتحديات قائمة بين العرض والطلب بسبب عدم توافق مخرجات التعليم والتدريب مع احتياجات السوق واستمرار نمو مخرجات التعليم الجامعي الحكومي في تخصصات تفوق حاجة سوق العمل مع عدم توافق مؤهلات الخريجين العاملين مع متطلبات وظائفهم التي يمكنهم العمل بها وهذا يؤكد أن النظام التربوي – التعليمي الحالي لم يهتم بجودة العملية التعليمية ولم يهتم بإعداد العمالة الماهرة التي تستطيع النهوض بالتنمية بقدر ما تعد أفواجا من الخريجين في تخصصات متكررة لا حاجة إليها كما أن بعض الأقسام الجديدة التي تم إنشاؤها في بعض الكليات لم يتم الاستفادة منها رغم حاجة المؤسسات التعليمية إليها ( مثل أقسام الإرشاد النفسي التربوي والتربية الخاصة وتعليم الكبار ورياض الأطفال وغيرها ) وهذا بدوره يدل من ناحية على غياب الجامعة عن متطلبات التنمية ومشكلات المجتمع وحاجاته وهو من ناحية أخرى دليل على سوء تنسيق بين مؤسسات التعليم مع بعضها ومؤسسات التعليم وسوق العمل وعدم وجود رؤية واضحة لدى الجامعات لاحتياجات المجتمع وسوق العمل ناهيك عن تدني المستوى التعليمي في المجالات النظرية والتطبيقية وهذا ادى بدوره إلى ظهور بطالة متزيدة عاما بعد آخر بين المتعلمين .
بطالة الشباب
وتوضح منظمة العمل الدولية بصنعاء أن نسبة البطالة بين الشباب اليمني عالية 50% من العاملين الداخلين إلى سوق العمل ولم يسبق لهم العمل من قبل وذلك بسبب ضعف كفاءة النظام التعليمي في إعدادهم وتأهيلهم لسوق العمل وغياب المهارات لديهم وهذا يعني أن الكثير من مخرجات التعليم الجامعي أسهمت في ارتفاع نسبة البطالة لدى الشباب مما يتطلب مراجعة شاملة إذا لم نقل تغييرا جذريا شاملا لسياسات ونظم وأهداف وخطط الجامعات بحيث يأخذ هذا التغيير في الاعتبار متطلبات التنمية الشاملة واحتياجات سوق العمل وما يحدث من تغيرات علمية وتقنية متسارعة .

قد يعجبك ايضا