انـتـشـار ظـاهـرة الاسـتـرزاق عـلـى حـسـاب التعليم


استطلاع / محمد راجح –
< محمد عبدالجبار انفق مبالغ طائلة وهو يتنقل من دورة لدورة ومن معهد إلى معهد باحثاٍ عن تعليم تأهيلي وتدريبي ينمي تحصيله العلمي الأساسي والجامعي ويطور مداركه ومهاراته في العلوم الحديثة والإنسانية والحياتية والتعليم التطبيقي لكنه لم يجد أي تحصيل تدريبي حيث لاتستطيع أغلب الجهات التي ارتادها تقديم مايريده المتدربون وطالبوا العلم والتأهيل واغلبها تسترزق على حساب التعليم.
وآخر ما ارتاده محمد كان احد المراكز الذي يسمون أنفسهم بصناع القرار وتكوين القادة والمتخصصين المؤهلين في كل المجالات ولم يخرج بأي فائدة نظراٍ لرداءة المواد التدريبية المقدمة وغياب البيئة التعليمية والتدريبية المناسبة وركاكة المدربين الذين لايرتقي مستواهم إلى مستوى التدريب والتأهيل في صناعة القرار والتنمية البشرية.
تشهد اليمن منذ فترة انتشار واسع لمعاهد ومراكز التدريب والتأهيل والتنمية البشرية وهو الأمر الذي احدث فجوة واسعة بين هذه المؤسسات والمكاتب التعليمية والأهداف التي من المفترض أن تحققها في الارتقاء بالكوادر البشرية في مختلف المجالات وتنمية القدرات والمهارات التي تساعد كافة الشرائح التي تستهدفها هذه المراكز وتجعلها شرائح اجتماعية فاعلة تساهم في خلق مجتمع منتج في كافة مجالات الحياة .
ويرى العديد من المتخصصين في هذا المجال أن هذه العملية تحولت إلى مصدر للاسترزاق على حساب المواطن في ظل غياب الجهات الرقابية المنظمة لهذه المؤسسات والمراكز والمعاهد التدريبية والتأهيلية الأمر الذي يدعوا للالتفات لهذا المجال الحيوي الهام وضبط انتشار هذه المعاهد المتخصصة بالتدريب والتنمية البشرية سواء الحكومية أو الخاصة.
فوضى التراخيص
تعترف وزارة التعليم الفني والتدريب المهني بالفوضى الحاصلة في عملية منح التراخيص للمراكز والمعاهد المتخصصة بالتدريب والتأهيل والتي تنعكس بشكل سلبي على واقع التعليم والتدريب والتأهيل البشري .
وتتلقى الوزارة العديد من الشكاوى بهذا الخصوص وتؤكد أنها تسعى جاهدة لضبط هذه الفوضى وسحب العديد من التراخيص لكن المشكلة تتركز في العنصر التجاري لأن هناك استرزاقاٍ على حساب التعليم وهو ما يتم التركيز على ضبطه .
ويوضح فيصل عقلان خبير في المناهج والتطوير التعليمي في الوزارة أن المعاهد الخاصة مع الأسف تفتقد للتدريب النوعي ومعظمها تتركز في مجال الكمبيوتر والدورات الانجليزية والتدريب النظري غير التخصصي الذي يكرس النهج المتعلق برداءة المخرجات وعدم ملاءمتها لمتطلبات سوق العمل.
ويقول أن هناك إشكاليات عديدة في هذا الجانب تعتبر احد أهم أسباب هذه الفوضى وتتركز في عشوائية إصدار التراخيص وتعدد الجهات التي تمنح هذه التراخيص وهو ما يؤدي إلى انتشار تعليم وتدريب وتأهيل تجاري كمي غير نوعي ولا يرتقي لمستوى التعليم التأهيلي والتدريبي.
ويرى عقلان ضرورة إجراء تغيير شامل في واقع هذا التعليم المتخصص يبدأ من تغيير القوانين المتهالكة والقديمة والتي تعتبر معرقلة لعملية التطوير وتكرس هذا الواقع التعليمي المتردي.
ويلفت إلى نقطة مهمة في هذا السياق تتعلق في بعض المؤسسات التعليمية العامة مثل كليات المجتمع التي تمثل صورة سيئة عن واقع التعليم الفني والتدريب المهني حيث تفتقد هذه الكليات لأدنى المعايير والمواصفات التعليمية ويتولى أمرها مسئولون وعمداء ليس لهم علاقة بالتعليم ولا يحمل اغلبهم حتى شهادة الابتدائي ويمارسون أبشع أساليب الاستغلال والاسترزاق على حساب التعليم السيئ الذي يقدموه والذي يضاعف فجوة التخلف والأمية والبطالة بطرق مباشرة وغير مباشرة.
ويقول لا يعقل أن تتولى المجالس المحلية إصدار تراخيص المراكز والمعاهد التجارية وتقوم هي بالإشراف عليها رغم أن هذا الأمر لايعنيها وكذا أن تكون وزارة الصحة الجهة التي تصدر التراخيص بالنسبة للمعاهد الصحية وهذا شيء غير مقبول يعني ممكن بعد فترة تطالب وزارة الزراعة بالتراخيص الخاصة بالمعاهد الزراعية بحجة أن لديهم الكادر والإمكانيات وهكذا
لكن يجب الاحتكام للقانون الذي أعطى وزارة التعليم الفني والذي خولها بعملية إصدار التراخيص للمعاهد بشكل عام المتعلقة بالتعليم الوسطي .

رؤية تطويرية
مع الافتقاد لتخصصات حيوية يمكن أن ترتقي في تأهيل الكوادر البشرية في البلد مثل المساحة والكهرباء والسيارات والبرمجيات وغيرها تسعى وزارة التعليم الفني المسئولة عن إدارة المعاهد الحكومية بينما المعاهد التجارية هناك معايير خاصة لحصولها على تراخيص العمل ومزاولة نشاطها في إطار قانون السلطة المحلية لتطبيق أنظمة ومعايير جديدة تعمل على ضبط هذه الفوضى المتفشية وانتشار معاهد ومراكز تضر بالتعليم والتدريب أكثر مما تفيده .
وتتضمن أهم المقترحات الخاضعة للتعديل والتقييم والبحث والتطوير العمل على تعديل قوانين التعليم الفني والسلطة المحلية ووضع آليات ولوائح ومعايير مرتبطة بالشراكة مع القطاع الخاص للاستثمار في هذا النوع من التعليم وفق ضوابط إشرافية متكورة تتلاءم مع احتياجات السوق ومتطلباته وتشرف عيها الوزارة.
كما تسعى الوزارة حاليا لتنفيذ إجراءات سيتم تطبيقها في مجال الدورات القصيرة بحيث تكون وزارة التعليم الفني هي المسئولة بشكل مباشر في عملية إصدار التراخيص وتتولى المكاتب عملية التجديد بالإضافة إلى توجه الوزارة لدراسة احتياجات كل منطقة ومديرية لهذا النوع من التعليم لأنه لا يعقل أن تنتشر في منطقة معينة معاهد كثيرة ومنطقة أخرى لايوجد فيها أي معهد.

ضوابط
يرى خبراء أن عملية ضبط هذه الفوضى في التعليم والتدريب يجب أن تتركز بشكل رئيسي في تحديد مهام كل جهة ووضع القوانين والضوابط المناسبة لذلك والتي تحد من تداخل الجهات وإصدارها للتراخيص بحيث تكون العملية متركزة بيد جهة واحدة وهي الجهة المتخصصة وهي وزارة التعليم الفني والتدريب المهني.
مؤكدين انه مادام كل وزارة تمتلك معهداٍ للتدريب والتأهيل فهذا يعني أن هناك فوضى وكل شخص يقوم بفتح أي معهد للتدريب والتأهيل بدون أي معايير او ضوابط فهذه أيضاٍ قمة الفوضى الضارة بالتعليم .
مشيرين إلى أن التعليم والتدريب العام يجب أن يخضع لرؤية الحكومة للعمل الإدارية وهي رؤية موحدة وبالتالي عندما تتجزأ فهذا يؤدي إلى وجود اختلالات في الجوانب التأهيلية والتدريبية والإدارية ويتم صرف مبالغ طائلة على هذه المعاهد وهذا يعد هدراٍ للمال العام لأنها حتى الآن لم تضف أي شيء في أدائها.
كما أن اغلب المعاهد والمراكز العاملة تفتقر لمقومات التدريب والتأهيل ولا تمتلك البرامج والمادة التدريبية والتعليمية والأجهزة اللازمة المطلوبة في عملية التدريب والتأهيل وتجد أغلبها بلا مقرات وبلا كوادر ولهذا استطيع القول بعدم وجود تدريب .

قد يعجبك ايضا