مروان سعيد طاهر –
الأمم والشعوب تبدو كمجتمعات سكانية متجددة وهي متجهة للمستقبل بافواج متتالية مزودة بقدراتها المعرفية والثقافية. قد تستهدف مختلف الشرائح السكانية سواء اطفال أو شباب أو كبار ببرامج تعليمية منتظمة كالتعليم الاساسي والثانوي والجامعي ومحو الامية الا ان تلك البرامج التوعوية والتدريبية الموجهة وغير المنتظمة والمقدمة عبر مؤسسات اجتماعية مدنية محلية أو اجنبية غالبا ما تستهدف شريحة الشباب. هذا الاهتمام بشريحة الشباب في الدول النامية يعزا إلى عدة اسباب اهمها اتساع حجم شريحة الشباب في تلك المجتمعات و قابليتهم الكبيرة لاستيعاب التوعية والتدريب إضافة إلى قدرتهم على التأثير في بقية شرائح المجتمع.
> تعد شريحة الشباب من الشرائح الكثيفة العدد في المجتمع السكاني النامي نتيجة لطبيعة مرحلة التحول السكاني التي تمر بها تلك الدول الناشئة والتي تتميز بارتفاع معدل نمو السكان. اتساع حجم فئة الشباب كفئة قابلة لتلقي العلم بيسر واستيعابه جعلها تستهدف من قبل العديد من تلك البرامج التوعوية الرامية لمساعدة المجتمع في احداث تغيير معرفي ايجابي في قضايا معينة سواء كانت صحية او اجتماعية او حتى سياسية. على سبيل المثال أغلب المبادرات الانسانية التي تكافح من اجل خفض وفيات الامهات في اليمن تسعى لتغطية اكبر قدر ممكن من الشباب من الجنسين باعتبارهم اكبر شريحة سكانية في عمر الزواج لتزويدهم بالتوعية اللازمة بقضايا الصحة الانجابية وخطورة الزواج المبكر من اجل خلق سلوك انجابي صحي في المجتمع.
> ما يميز شريحة الشباب ايضا ويجعلها أكثر تعرضاٍ للبرامج التوعوية كونها الشريحة الأسهل استيعابا للعلم والأكثر قدرة على تحليله و تطبيقه والتأثر به. الشباب بعقولهم النقية الصافية من السهل نسبيا اقناعهم بتغيير اي سلوك ضار على الفرد او المجتمع بل وتحفيزهم لاتخاذ موقف ايجابي تجاه قضايا اخرى معينة. مثلا ينسجم الشباب جدا بالاساليب التدريبية الممتعة التي تستخدم في الدورات التدريبية و يستحسنونها لأنها تفرغ طاقاتهم الكامنة وتجعلهم أكثر فعالية و حركة بينما اغلب طرق التدريب والتعليم مهما كانت نوعها قد لا تروق للكبار و يظهرون مللهم بسرعة كما ان غرس ثقافة هامة مثل ثقافة العمل التطوعي المنظم والحشد لها قد لا يحظى باهتمام او مشاركة الكبار بينما يلقى استيعابا أكبر بكثير وتحمساٍ ملحوظاٍ عند الشباب بالتأكيد سيستمرون بممارسته خلال سنواتهم اللاحقة.
> سبب آخر للاهتمام بتثقيف وتوعية الشباب هو قدرتهم الفائقة على التأثير على أقرانهم الشباب وبقية شرائح المجتمع. فالشباب أكثر طاقة و إبداع و حيوية وقدرة على أقناع الأقران. لذا تعمد المنظمات المهتمة بالشباب على تصميم برامجها في نشر التوعية المنشودة في المجتمع افقيا في اوساط شباب اخرين عبر تدريب نخبة من الشباب. ليس ذلك فحسب بل يؤثر الشباب عموديا ليشمل الآباء والأبناء مع مرور الزمن. من اهم المبادرات التي تعتمد على استثمار هذه الميزة هي مبادرة “واي-بير” لتثقيف الاقران و هي مبادرة عالمية تعتمد على تثقيف الشباب عبر الشباب أنفسهم مبادرة سجلت نجاحاٍ كبيراٍ ويدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان.
> خلاصة القول ان الاهتمام والتركيز على الشباب بالتثقيف والتمرين الهادف هو من أنجع الوسائل للتأثير على المجتمعات النامية. فالطاقة الهائلة المخزونة في تلك الشريحة الكثيفة العدد وقدرتها الهائلة على التأثر و التأثير تجعلها الدينمو الحقيقي المحرك للتغييرات الاجتماعية العميقة في الشعوب. لذا فتوعية الشباب وتنويرهم هي أقصر و أوفر الطرق لإحداث قفزات تنموية محسوسة وسريعة في دول العالم الثالث.
drmrwan@yahoo.com