الجبر والهندسة.. العبور الآمن من ذاكرة القصف البربري

> الطلاب: رغم مخاوفنا كانت مادتا الجبر والهندسة سهلة وميسرة ساعدتنا على اجتياز الامتحان رغم قسوة الظروف

> تربويون: نقل المراكز إلى الأماكن الأكثر أمناٍ واستقبال الطلاب النازحين وتوحيد نموذج الامتحان عوامل خلقت النجاح

> د.الحامدي: إصرار الطلاب وصمودهم وصبر الكادر التربوي عزز جهودنا في إنجاح ما تم من الامتحانات

أخذ نموذج الأسئلة قرأ بتأنُ أسئلة الامتحان لتستضيء- تدريجياٍ مع مروره على الأسئلة- قسمات وجهه وتتقد ذاكرته خارج عالم الرعب داخل مربع ثمار اجتهاده المعتاد.. تنفس الصعداء مرة تلو أخرى حامداٍ الله على بشارة هذا اليْسر ليستعيد في لمح البصر ليلتين من الرعب والسهر والمذاكرة وكيف كانت نفسيته حين اتجه إلى قاعة الامتحان وكما لو أنه خرج بوجدانه المرهق وأنامله المرتعشة من وسط ذاكرة القصف البربري الذي طال أحياء حدة المأهولة بالسكان حيث يوجد الأمن المركزي ليثب الطالب النجيب-كما يبدو على ملامحه القلقة – أحمد علي الحرازي في قاعة الامتحان وكما لو أن شيئا لم يحصل عاد متسماٍ إلى نموذج الأسئلة وما إن أجهز على قراءة آخر سؤال إلا وبادر بخط إجاباته بمنتهى الثقة ليخلص منها قبل الوقت المحدد في أعلى نموذج الأسئلة حامداٍ الله على هذا اليسر الذي ولد من رحم عسر وعذابات الترقب والانتظار ليس للاختبار فقط وإنما للموت الذي خطف كثيراٍ من الأطفال والطلاب والطالبات جراء استمرار القصف الهمجي على كل شبر في أرض الوطن الحبيب..
أحمد الحرازي- مديرية الوحدة أمانة العاصمة- واحد من مئات الطلاب في أحياء حدة السكنية خاض لحظات مذاكرة الجبر والهندسة متعايشاٍ مع نيران الرعب والخوف على مدى يومين شهدت فيهما أمانة العاصمة- وبالأخص حدة- أشرس هجمات القصف البربري من طائرات عدوان التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية منذ ستة أشهر وذلك غداة نكسة صافر التي صدمت ذاكرة الغطرسة العدوانية بمصير الغزاة المحتوم.. يقول أحمد الذي أدى الامتحان في أحد مراكز الامتحانات بمديرية الوحدة منذ البداية ليتم نقله إلى مركز آخر في يوم الجبر والهندسة: لم أكن أتوقع الامتحان بهذه السهولة خصوصاٍ وأنا أحس بإرهاق كبير من السهر الذي لم يكن سهر مذاكرة فقط بل كان سهر رعب نظراٍ لقرب منزلنا من مواقع القصف أي في الدائري الجنوبي قرب جولة الرويشان لكن الحمدلله .. لقد كانت الأسئلة سهلة جداٍ فتحت الأمل للنجاح والحصول على درجات عالية إن شاء الله..
هكذا.. رغم كل ما يجري من قصف ومن أخطار إلا أن الطلاب أصروا على مواصلة امتحاناتهم من دافع الحرص على عدم تفويت أي عام دراسي وتأجيله, معتبرين أن أي تسويف يعني ضياع عام من العمر لهذا رفض الطلاب تصويتاٍ في معظم مدارس الأمانة على عدم تأجيل امتحان الجبر والهندسة وما قبله أو أي مادة مهما كانت ظروف القصف وضراوته.. هذا ما لفت إليه عدد من التربويين في مراكز مديرية التحرير بأمانة العاصمة حيث التربوي القدير عبد الله المسيبلي موضحاٍ أن الوزارة راعت الظروف التي يعيشها المجتمع ولم تعمد إلى تعقيد الامتحانات ككل عام وفق رؤى منهجية تعزز من روح الاجتهاد واكتشاف الأذكياء والطاقات البديعة فقد ذهبت هذا العام إلى وضع امتحان يلبي كل مستويات الطلاب مرتفعي ومتوسطي ومتدنيي الذكاء ناهيك عن كونها عملت نموذجاٍ واحداٍ لكل المراكز الامتحانية.. وعمدت أيضا إلى نقل المراكز التي كانت قريبة من خطر القصف إلى مناطق آمنة..
امتحان مقرر الجبر والهندسة لطلاب الثالث الثانوي أيسر المواد مذاكرة واسترجاعاٍ لدروسه بل كان بصعوبته المعتادة -التي يتهيبها الطْلاب قبل دخول الامتحان حد الإغماء خصوصاٍ الطلاب الأذكياء الذين يعيشون على أعصابهم أيام الامتحانات في ظروفها الاعتيادية. لكن تلك الصعوبة والمهابة هذه المرة لا تساوي شيئاٍ أمام ما مرت به أمانة العاصمة- واليمن ككل- خلال الثلاثة الأيام التي سبقت الامتحان من قصف بربري وهمجي زلزل سكون أرضها على مدار الساعة وشتت أذهان الطلبة بل أصابها بالرعب لكن إصرارهم على اجتياز عنق الامتحان المتمثل بمادتي الجبر والهندسة واجتياز سِم خياط الظروف الاستثنائية والقاسية فجرت الامتحانات بكل سلام ونجاح- حسب تقارير اللجنة العليا للامتحانات- في العاصمة وفي مختلف محافظات الجمهورية ما عدا تلك التي تمر بظرف ميدانية من الحرب كعدن وتعز وحتى صعدة التي تحيا طقوساٍ يومية اعتيادية من القصف اليومي المستمر منذ نصف عام.. المشاهد المرسومة في مخيلة الناس عن الطلاب وهم يقارعون القلق والحرب النفسية والرعب جراء ظروف اسمها الحرب والحصار والعدوان إذ لم يكن الجميع يتوقع استمرار العملية الامتحانية وصمود أبنائنا الطلاب أمام ضراوة القصف لكن الصمود والصبر كان هو الخيار الذي لا مفر منه حين انسد الأفق فصدق الله وعده للصابرين: ” إن مع العسر يسرا “..
وزارة التربية والتعليم لم تتوقف عن العمل الميداني والإشرافي على عملية الامتحانات وفق مسار عملي واضح وموائم بين سلامة الطلاب حيث تم نقل عدد كبير من مراكز الامتحانات التي تقع على مقربة من القصف المستمر إلى أماكن أكثر أماناٍ كما لاحظنا على الصعيد الميداني حضورا غير مسبوق- قياساٍ بما تمر به البلاد- لقيادات الوزارة واللجنة العليا للامتحانات سواء على مستوى ديوان الوزارة وعلى رأسهم نائب الوزير رئيس اللجنة العليا للامتحانات الدكتور عبدالله الحامدي أو هياكل قطاعاتها المختلفة ممثلة في الوكلاء والوكلاء المساعدين ومدراء العموم أو على مستوى مكاتب التربية والتعليم في المحافظات حيث نزلوا ميدانياٍ إلى مختلف مراكز الامتحانات في أمانة العاصمة وفي المحافظات الأخرى لمتابعة والإشراف على سير الامتحانات والاستعدادات والتجهيزات المبذولة لتوفير الأجواء الملائمة للطلاب والطالبات..
نائب وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله الحامدي- رئيس اللجنة العليا للامتحانات- أكد في اتصالُ هاتفي للثورة أن ضراوة العدوان والقصف البربري الذي شهدته أمانة العاصمة خلال الأيام الماضية لم يمنع الطلاب من أداء الامتحانات والإصرار على مواصلة ما تبقى من امتحان مقررات العام الدراسي (2014-2015م) رغم أن الوزارة من باب مسؤوليتها القانونية والتربوية كانت أشد حرصاٍ على سلامة الطلاب عمدت خلال هذه الأيام وخلال الأيام التي قبلها إلى طرح مسألة خيارات التأجيل لما تبقى من المواد أو النقل للمراكز وما تتطلبه من تبعات مواصلات ونقل على الطلاب خصوصاٍ في المراكز التي تشهد أحياؤها ضراوة القصف لكن الطلاب والتربويين رفضوها مصرين على الصمود وخيار النقل لضمان استمرار الامتحانات وهو ما تم حيث تجري الامتحانات على قدم وساق وبنجاح كبير في كل المراكز في أنحاء الجمهورية بما في ذلك التي استقبلت الطلاب النازحين من المحافظات التي تشهد مواجهات قاسية.
وأوضح الحامدي أن الأيام الثلاثة الماضية خصوصاٍ يوم الجبر والهندسة شهدت نقل خمسة مراكز امتحانية بأمانة العاصمة إلى مراكز أكثر أمنا نتيجة تواصل قصف طيران العدوان السعودي على بلادنا وحرصاٍ على سلامة الطلاب والطالبات.. مشدداٍ على على ضرورة تكاتف الجهود واستشعار الجميع لمسؤولياتهم الوطنية من خلال الإسهام الإيجابي في إنجاح العملية الامتحانية.. وداعياٍ أولياء أمور الطلاب إلى تعزيز الثقة في نفوس أبنائهم وتوفير الأجواء الملائمة لهم بما يمكنهم من مراجعة دروسهم وأداء امتحاناتهم بتفوق واقتدار ..

قد يعجبك ايضا