الوحدة : منجز وطني وقومي غير قابل للمساومة والابتزاز أصبحت حقيقة تاريخية ثابتة وليست حالة وقتية طارئة
الوحدة اليمنية جغرافياٍ كمساحة وديمْغرافيا كشعب أين هي اليوم من قاموس الواقع¿!
سؤال مهم جداٍ يقودنا إلى أسئلة أخرى عديدة تجول في خاطر الكثير من المواطنين في ظل الغث الذي نسمعه هذه الأيام ويمكن اختصار مضمونها في قضية الوحدة.
لماذا تطفو على السطح هذه القضية الجوهرية التي تلامس شغاف اليمنيين¿! ولماذا يحاول البعض تحويلها إلى قضية قابلة للمساومة¿! ولماذا يجنح البعض باتجاه المقامرة بهذه الروحية الخاصة بكل اليمنيين دون استثناء مع أنه يدرك ملياٍ أن لا أحد مستعد لأن يفرط فيها لأن التفريط فيها سيعني أن الجميع سيكتوي بأوار النار الذي سيضرمها الانفصال¿!
أسئلة سقناها إلى عدد من المواطنين في عديد من المحافظات لاستجلاء آرائهم حول مسألة الوحدة.. وكانت هذه هي المحصلة:
البداية كانت من عدن وما أدراك ما عدن قبلة الهوية الوطنية ومهوى الإنسان اليمني المدينة التي تجمع من كل شيء وتستوعب كل شيء خزان الديمغرافية الوطنية فيها ابن أبين وابن تعز وابن إب وابن يافع وأبناء كل ربوع اليمن الجميع فيها يذوب في هوية واحدة.
“الثورة” التقت بالبعض من سكانها لتستطلع آراءهم حول الوحدة اليمنية ولماذا يحاول البعض أن يضعها في ميزان مصالحه ليراهن على مصير أمة بأكملها في مضمار سباق وهمي.
ترتيب البيت اليمني
دعونا أولاٍ نأخذ رأي الحاج مسعود اليافعي من أبناء مديرية المعلا حيث قال:
يا بني أنا عمري “73” عاماٍ وأنت اليوم تسألني عن الوحدة وكأنها حالة طارئة في حياة اليمنيين ألا تعلم أن الوحدة تجري في دمائنا ناضلنا وكافحنا من أجلها صحيح أن هناك بعض الأخطاء قد جرت في ظل دولة الوحدة ولكنها أخطاء لا تجعلني أكفر بالوحدة لأن الوحدة أمر رباني ومن الكفر أن تكفر بها.
وأضاف: هناك بعض الأصوات التي تخرج لتنادي بالانفصال وهذه الأصوات بحاجة أولاٍ إلى أن تتوضئ وتتطهر من رجز أعمالها وبعدها ربما نصدق أنهم يدعون إلى الانفصال بإخلاص.
واختتم: علينا أن نعيد الاعتبار لثورتينا سبتمبر وأكتوبر وإلى الأهداف السامية والنبيلة التي تأسست عليها الثورتان لنعيد ترتيب البيت اليمني من جديد وفق أسس سليمة وواضحة تضمن بقاء اليمن واحداٍ موحداٍ.
صوت القلب
أما الأخ وجدي أغبري من أبناء مديرية كريتر ويعمل مهندساٍ في قطاع خاص فقد أشار إلى أن الوحدة شيء مقدس ولا يمكن التفريط بها لأنها صوت القلب وصدى الوجدان.
وأردف: أنا أنتمي لمحافظة تعز ولكن والدي وأنا ولدنا في عدن وترعرعنا وتعلمنا ونعمل فيها في عدن أصدقائي وأحبتي وأهلي بل إن أبناء عدن جميعهم أهلي وناسي ولكن للأسف الشديد أن يأتي من يحدثك عن شمالي وجنوبي والجميع قد ذاب بالجميع فهي مشكلة يا صديقي.
كلام مرفوض
الأخت إيمان علوي أدلت بدلوها في الموضوع بإسهاب شديد واخترنا منه التالي:
“أيش من انفصال أني متزوجة برجل من صنعاء وأخي متزوج بأخت زوجي من صنعاء أيش من انفصال ونصف أهلي يعيشون في تعز لماذا يحاول البعض أن يقطع أوصالنا وأرحامنا هذا كلام مرفوض صحيح أن هناك مظالم ولكن نحلها بالحوار.
والله أن سؤالك كلام فارغ وكأنك تثبت حقيقة وجود انفصال والانفصال غير موجود إلا في بعض النفوس المريضة”.
صنعاء
المدينة الضاربة جذورها في أعماق التاريخ صنعاء التي اكتسبت اسمها من جودة صناعة أبنائها.
المدينة المحمية التي تحيطها الجبال من كل اتجاه واختارها آخر ملوك حمير كعاصمة له.
صنعاء ما تزال هي العاصمة وهي الحاجز المنيع في وجه العاصفة إليها عاطفة اليمنيين تسري فرادى وزرافات وبها يعيش الجميع في نسيج وطني واحد وخالد.
مصير شعب
صنعاء كانت هي محطتنا الثانية والبداية كانت مع المواطن محمد لطف عبدالله حيث قال:
لا أدري ما الذي يجري في بلادنا ولا أدري لماذا يحاول البعض تمزيق وحدتنا التي ضحى من أجلها آباؤنا وأجدادنا الكثير والكثير واليوم يأتي من يطالب بالانفصال بكل هذه البساطة..
ويضيف: أناشد كل أبناء الوطن أن يضعوا نصب أعينهم مصلحة الوطن أولاٍ وأن يملأوا قلوبهم بحب اليمن ليحرصوا كل الحرص على وحدة يمننا هذه الوحدة التي لم تأت من فراغ أو عن طريق الصدفة بل جاءت نتيجة تضحيات قدمها اليمنييون قربانا على مذابح وحدتهم ومن أجلها علينا الوقوف ضد كل من تسول له نفسه المساس بها لأنها مصير شعب بأكمله بها نعيش وبها نموت.
مواطنة متساوية
وحول قضية الوحدة ودورها خلال حقبة الكفاح المسلح كانت لنا وقفة مع الوالد الدكتور عزي محمد منصور حيث قال:
الوحدة كانت المنهل والوقود الذي شحذ الجنوبين بالإرادة والقوة خلال حقبة الكفاح المسلح الأمر الذي كان له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى لتحرير جنوب الوطن من الاستعمار البريطاني وهي الوحدة التي استمرت رابعاٍ… ولا يعلى عليها في الجنوب كل الجنوب منذ ما بعد الاستقلال وحتى تحقيق الوحدة في 22 مايو 1990م.
وأضاف: علينا ألا ننسى أن الجنوب كان حاضنا وملاذا آمناٍ لكل أبناء اليمن ولا أكثر دلالة من الاستشهاد بالعديد من الزعامات التي تبرأت أعلى المناصب السياسية والعسكرية والأمنية وصولاٍ إلى أعلى مراتب سلم السلطة كان من أبناء شمال الوطن سابقاٍ.
واختتم: النشيد الوطني بجنوب الوطن سابقاٍ الذي تغنى بالوحدة وتبناه الجنوب كان مؤلفه وملحنه من شمال الوطن سابقا لهذا أنا متفائل بأنه سيكون هناك مخرج لما نحن فيه اليوم مخرج يتفق عليه الجميع ويضمن للجميع المواطنة المتساوية.
شبوة
اختصرنا المسافة من صنعاء باتجاه شبوة وهنا استوقفتنا طويلاٍ صحراؤها المترامية الأطراف والتي تحتوي كل شيء عن تاريخ هذه الأرض وعراقة إنسانها هناك التقينا بالكثير من الناس وكثيرهم أجمع على حتمية المصير الواحد والهدف المشترك لأبناء الوطن الواحد والبعض أكد أن الوحدة هي زاد ووقود اليمنيين وسر قوتهم.
جنون وترف
أصيل أبو بكر موظف حكومي بادر إلى القول:
أنا أختي متزوجة إلى صنعاء وأبناؤها هناك يعيشون ومعظم أهلي أيضا يعيشون بصنعاء ولي أقارب يعيشون في الخليج ولا يعودون إلا إلى صنعاء بصراحة أصبحت صنعاء بالنسبة لنا هي شبوة وشبوة هي صنعاء.
وأردف: الحديث عن الانفصال هو من باب الترف بالقول الذي لا يغني ولا يسمن من جوع لا ننكر أن هناك مظالم ولكن لا بد أن تحل بواسطة العدالة الانتقالية أو أي شيء آخر يضمن للجنوب حل جميع قضاياه أما مسألة الانفصال فهذا ضرب من الجنون والبلد مش ناقص جنون أكثر لذا أتمنى من الجميع أن يحكم عقله وأن يعود إلى صوابه.
أخطاء
بدوره أجاب الأخ محمد سالم حول مسألة الانفصال والتعسف الذي يلاقيه أبناء الشمال في بعض المحافظات الجنوبية قائلاٍ:
هذا لا يرضي الله ولا رسوله كنت واقف ومؤيد الانفصال بشدة ولكني بعد أن شهدت بأم عيني كيف يتم التعامل مع أبناء المحافظات في بعض المحافظات الجنوبية كفرت بالانفصال.
ويضيف: في الأول والأخير نحن أبناء وطن واحد ومن أبناء ملة واحدة ويجب ألا يستفرد أحد بأحد أبناء الشمال في الجنوب يطلبون الله على أرزاقهم وأبنائهم وهم لم يرتكبوا أخطاء ليعاملوا بهذه الطريقة وليس من حق أحد أن يحاسبهم على أخطاء غيرهم من الذين ملأوا الأرض فسادا وطغياناٍ.
واختتم سالم بالقول: للأسف الشديد وجدت أن الكثير من الحراكيين لا عمل لهم إلا الزعيق وقد أفسدوا بسلوكهم عدالة قضيتنا.
تعز
تعز عاصمة الدولة الرسولية المكتبة التي خلفت أكثر من ثلاثين ألف مجلد عاصمة الثقافة والمثقفين والتي تستقبلك بصدر رحب وكلها ابتسامة المدينة الحالمة وحاضنة الجمال ومرتعه الخصب التقينا فيها بالعديد من أبنائها وبناتها وكانت البداية مع الأخت نهى العزعزي وهي السيدة الأولى التي التقيناها بالمحافظة وطرحنا عليها موضوع الوحدة والأصوات النشاز التي تحاول عبثا خدشها فأجابت:
“هذا مش سؤال يا أخي الوحدة قامت وستبقى ولا شيء سيهددها لا قوى داخلية ولا خارجية أرجوكم اسألوا عن أشياء أخرى تهم الناس وليس أسئلة من هذا القبيل التي تعزز من حضور الخوف والقلق كما قلت لك الوحدة كانت وستبقى راسخة رسوخ الجبال ولن تتأثر بسبب بعض الألسنة الكاذبة التي لا هم لأصحابها إلا مصالحهم الشخصية”.
المصير المشترك
في ذات السياق سألنا الأخ محمد أحمد مغلس والذي أجاب بدوره: أنا بطبيعتي أمقت طبيعة الإنسان المتحيز وأما إن كان علي أن أجد نفسي متحيزاٍ لشيء فهذا الشيء لم يكن إلا بمضمون عظيم وقضية سامية وهل هناك ماهر أكثر عظمة وأبلغ سموا من الوحدة الهوية الواحدة والمصير المشترك.
واستطرد: هناك الكثير من الإخفاقات التي واكبت مرحلة الوحدة وهي التي كان لها الباع والذراع في أن نصل إلى ما نحن عليه اليوم ولنجد أنفسنا نواجه هذه المشاكل التي تهدد وحدتنا الآن خاصة وأن هناك من يطالب بالانفصال لاغراض شخصية فمثل هؤلاء أناس ينبغي أن يخضعوا للمحاكمة صحيح أن هناك مظالم كبيرة جداٍ لحقت بالجميع ولكنها تحل في مشروع وطني جامع وتكون الأولوية فيه لحل القضية الجنوبية.
حضرموت
حضرموت الصحراء والوادي وحكاية عشق ممتد الفصول بلا نهاية الإنسان الطيب والرجل العصامي وصاحب الحكمة وقارض الشعر وعالم الدين.
حضرموت الإنسان الذي يعيش ويحيا ويذوب من أجل الآخر وقصة الرجل الذي مخر عباب البحر واستطاع بإيمانه أن يقنع الإنسان بأهمية الإيمان للحياة مدينة تذوب في الجميع وتعيش من أجلهم جميعاٍ.
معالجة الأخطاء
في هذه المدينة التقينا الأخ فارس التميمي- تاجر أسماك- وقد تحدث إلينا بلسان ينضح بالمرارة والألم قائلاٍ:
أتكلم بصراحة الوحدة فيها خير وفيها شر وأنا شخصياٍ أعذر الذين يطالبون بالانفصال لأن هناك مظالم كثيرة لحقت بأبناء الجنوب ومع هذا الوحدة شيء مقدس بالنسبة لي ولكن لا بد أن تكون هناك خطوات سريعة يتم من خلالها معالجة أوضاعنا بالكامل وتعالج أيضا مظالم المناطق المحرومة في تعز والحديدة هذا إذا أردنا أن نعيش في وطن واحد وسلام دائم.
وأضاف: الاتفاقيات التي أبرمت مع شركات الأسماك أفلست بصيادي حضرموت والمهرة ولا أحد يتكلم والفساد كله أتى من صنعاء ومع هذا نحن مع الوحدة ولكن يجب أن تعالج الأخطاء فيكفي ما جرى لنا من معاناة كان لها في نهاية المطاف أن توصلنا إلى ما نحن عليه اليوم فوطن الإيمان والحكمة غابت فيه الحكمة وعمت فيه الفتن والحروب لذا علينا جميعاٍ أن تكون يداٍ وصفاٍ واحدا من أجل الحفاظ على هذا المكسب والمنجز العظيم والمتمثل في وحدتنا التي كانت ولازالت وستظل راسخة رسوخ الجبال.
غياب الحكم الرشيد
أما المواطن هشام عامر فقال: بسبب الأوضاع الراهنة التي يمر بها البلد أصبحنا عاطلين عن العمل والسبب غياب الدولة وغياب الحكم الرشيد المواطن متى ما وجد دولة سينسى مسألة الانفصال أما الأبواق التي تردد هذا شمالي وهذا جنوبي فهي أبواق مظلومة ووصلت إلى أعلى مستوى من القهر.
ويضيف: أنا ضد التعسفات التي يتعرض لها أبناء الشمال في الجنوب علينا أن نحكم العقل في الوقت ذاته لابد من حضور الدولة بالشكل الذي يضبط إيقاع العلاقة بين كل مكونات الشعب ويشعر الجميع أنهم مواطنون متساوون.
وأعتقد أن صيغة الفيدرالية هي أنسب صيغة للخروج من الزوبعة التي تكاد أن تعصف بنا جميعاٍ كما أرجو أن نحكم العقل وأن نترك السلاح جانباٍ فاليمنيون هم أهل الإيمان والحكمة.
إب
اللواء الأخضر إب مدينة الوسط والوسطية والمكان الذي شهد ولادة عديد عظماء اليمن وفيها جبلة عاصمة الدولة الصليحية إب المدينة التي تعانق السماء بروعتها وتأسر القلوب بخضرتها ونضارتها كانت محطتنا الأخيرة وفيها التقينا بالأخ محمد صالح خوري والذي أشار إلى أن هناك العديد من أبناء المحافظات الجنوبية لحق بهم ظلم كبير كما لحق بكثير من أبناء المحافظات الشمالية وعلينا أن نوحد جهودنا جميعاٍ حتى ننتصر لمظالمنا.
أما الحديث عن انفصال فهذا ليس حلاٍ وأنا في هذا العدد أناشد إخواني في جنوب الوطن أن لا يصغوا إلى أصحاب النفوس المريضة التي لا يهمها إلا مصالحها الشخصية حتى وإن كان على حساب ومصير وحدتنا ووطننا.
اليوم علينا أن نقف إلى جانب بعضنا البعض ليتسنى لنا ردع كل من تسول له نفسه تمزيق وحدة شعب بها نكون أقوياء.
مشكلة كبيرة
وفي ذات السياق تحدث إلينا المواطن صادق أكرم الذي أكد أن هناك العديد من المظالم والتي لابد أن يتم حلها بصورة واضحة حيث قال: المشكلة كبيرة ومعقدة وتحتاج لحلول جذرية وليس توقيعا على ورق كما كان يحدث في كل مرة فمظالم الكثير من أبناء المحافظات الجنوبية كبيرة وأيضا مظالم أبناء المحافظات الشمالية كما علينا أن لا ننسى إخواننا في محافظة الحديدة فهم أكثر من ظلم في تاريخ اليمن.
وأردف: إن الحديث عن انفصال جنوب الوطن عن شماله بسبب المظلومية التي لحقت به كلام يعوزه كثير من الإنصاف مع الإدراك لحجم المظلومية التي لحقت بأبناء المحافظات الجنوبية والتي أتمنى أن تحل حلاٍ عادلاٍ في إطار الدولة الواحدة.