تتواصل الإدانات المستنكرة لجريمة تعز التي تم فيها التنكيل بالأسرى وذبحهم بتلك الطريقة المروعة والوحشية البالغة ..
واعتبر مراقبون تلك الأفعال انتهاكا صارخا بحق الإنسانية والنسيج الاجتماعي وانتهاكاٍ للأعراف والقوانين الدولية حيث استنكرت منظمات حقوقية محلية ودولية هذه الجريمة الشنعاء ودعت إلى معاقبة مرتكبيها حتى لا ينحدر اليمن إلى كارثة دموية وفوضى عارمة تستنزف كرامة الإنسان وتولد مزيداٍ من العداء والأحقاد والكراهية والتعصبات الايديولوجية.
فؤاد الصياد – وزارة الأوقاف يقول: لا يجوز التمثيل بالأسرى ولا قتلهم بأي حال من الأحوال وهذه الممارسات والتصرفات البشعة والهمجية ليست من الدين ولا تمت إليه بأي صلة وهي في واقع الحال ظواهر دخيلة على مجتمعاتنا وتؤدي إلى المزيد من الكراهية والعنصرية والتمييز داخل المجتمع وتحدث انشقاقاٍ في جدار البناء اليمني الواحد.
وأضاف : الجميع بالتأكيد يستنكر مثل هذه الأعمال التي تسيء للمجتمع ولهذا الدين الحنيف وتجهض كل مساعي الخير والعفو والتسامح بين أبناء هذا الوطن وتعيق مسائل الوفاق والاتفاق ..ونسأل الله أن يحفظ اليمن وأهله من هذه الفتنة وهو السميع المجيب .. لأن مثل هذه الأفعال تولد أيضاٍ الانتقام والخصومة بين مختلف شرائح المجتمع اليمني في المستقبل .
ودعا الصياد إلى عقد ندوات ومحاضرات لتجريم مثل هذه الانتهاكات وأن يدلي العلماء والفقهاء والباحثون في قضايا الناس والمجتمع وحقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية بدلوهم لمحاربة مثل هذه الظواهر.
النسيج الاجتماعي
من جهته يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة تعز الدكتور محمود البكاري: قبل الحديث عن قضية التمثيل بالأسرى وأثر ذلك على النسيج الاجتماعي نسأل أنفسنا ما الذي ومن الذي دفعنا لكي يكون لدينا أسرى وللأسف الشديد من أبناء جلدتنا¿ ما الذي حدث بالضبط¿ هل فقد اليمنيون عقولهم ورشدهم¿! ما الذي حدث ويحدث بالضبط¿ هل السلطة أصبحت مغرية إلى هذا الحد في اليمن وهو من أفقر بلدان العالم¿..
وتابع : أنا لا أعتقد أن هناك ما يدعو لأن تصل الأمور إلى هذا الحد من الوحشية والإجرام بحق الوطن, كل الأمور الخلافية يمكن معالجتها سلمياٍ دون الوصول إلى هذا الحد من القتال والاحتراب ولا بد من التأكيد بأن كل هذه الأعمال مدانة ومحرمة ومجرمة ولا يمكن قبولها وتبريرها بأي حال من الأحوال ولنا أن نذكر بأنه في الحضارات القديمة كان الشعار السائد في الحروب هو استفيد من الأسير حياٍ وليس ميتاٍ هذا في أسوأ الأحوال.
وحشية بالغة
الدكتور ناصر العرجلي– مستشار محافظة عمران ورئيس حزب رابطة أبناء اليمن يقول: ندين ذلك الفعل الإجرامي الجبان وهو فعل غريب على شعبنا اليمني وأخلاقه وقيمه لكنه ليس غريباٍ على أولئك التكفيريين الذين جندهم اعداء الإسلام أن تصدر منهم مثل هذه السلوكيات وكما يقال الطيور على أشكالها تقع.
ومضى يقول: لكن شعبنا لن يقبل بالدخلاء ونقصد بالدخلاء ليس فقط الغرباء والأجانب وإنما دخلاء العادات والقيم والأخلاق الذين سيلفظهم شعبنا إلى مزبلة التاريخ إذ لا مكان للخبثاء إلا العيش مع الخبثاء وكما كانت الأيام السابقة شاهدة على ذلك فقادم الأيام ستبرهن ذلك أكثر وإن بدا للبعض بعض الانتصارات الوهمية المصنوعة في مطابخ إعلام لم يعد ينطلي على أحد .. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
وتابع: إن الممارسات الوحشية البشعة التي أقدمت عليها عناصر تابعة للعدوان في تعز وعدن في حق مواطنين .. مشاهد مروعة تختصر الأهداف والغايات التي يسعى لتنفيذها العدوان على أرض اليمن وفي أوساط اليمنيين من خلال نشر الفوضى وتوسيع عوامل الشقاق والعداوات بين أبناء الوطن الواحد وتأجيج الصراعات الداخلية وضرب السلم الأهلي والسكينة العامة ..
محذراٍ من مغبة الانجرار وراء هذه المخططات القذرة التي تستهدف الوطن ووحدته والنسيج الاجتماعي لأبنائه.
ودعا كافة أبناء الوطن إلى تناسي الخلافات والسمو فوق الجراحات والتباينات والعمل على تعزيز اللحمة الداخلية من أجل التصدي للغزاة والحفاظ على اليمن وأمنه ومقدراته ومكتسباته الوطنية.
جريمة بشعة
فيما يرى التربوي مرشد الجماعي أن ما يحدث في يمن الإيمان والحكمة من جرائم يهتز لها عرش الرحمن ويندى لها جبين الإنسانية ممن يطلقون على أنفسهم مقاومة شيئاٍ دخيلاٍ على مجتمعنا المسالم.
وأضاف بالقول: اتقوا الله نحن مسلمون ومن يذبحونهم كما تسلخ البهائم ويحرقون أحياء ويجردون من ملابسهم هم كذلك ولم يقر الإسلام ذلك فالإسلام دين الرحمة حتى أنه حثنا على الرفق بالحيوانات وحد شفرة الذباحة وعدم إشهار السكين على الذبيحة عند ذبحها فمن أين جاءت هذه القسوة والوحشية ومن أي تشريع.¿
وضع كارثي
فيما تساءل الدكتور محمد الشدادي بالقول: إلى متى سيظل هذا الوضع¿ وإلى متى سيستمر هذا الحال ونزيف الدم¿! أحوال الناس ومصالحهم توقفت .. وصاروا في أسوأ ظروفهم ومعيشتهم أصبحت مأساوية العزيز وغيره صاروا يعانون .. يا هؤلاء اليمن يتألم ويشتكي وطنيتكم وضمائركم وعنادكم .. نعم وطنيتكم الضائعة ..
وتابع : أتساءل عن دور المثقفين والكتاب والنخبة حيث البلد ينزف .. وهم إما يتسابقون على تحريض بعضهم .. وإما يشيدون بطرف على طرف أو الاكتفاء بالتنديد بقرارات هادي الكارثية وشخصيته المريبة.
وأضاف : إن الوطنية شعلة متوهجة في الضمير وإرادة فداء لا تضعف .. إذا ما تعرضت حدود الوطن وأمنه ومصالحه للخطر, وهنا يكمن الدفاع عن الوطن.
كما أن الوطنية هي القدرة على الإبداع في كل الأوقات والتضحية حين تستدعي الحاجة بالنفس والروح.
واستشهد بما أورده الكاتب العالمي(توكفيل) وتساءلت : ما هي هذه المشاعر يا ترى التي نمتلكها تجاه الوطن¿!
وقال : سألت نفسي وأنا اقرأ كتابه العظيم .. “الديمقراطية في أمريكا” .. الذي ما زال الكتاب المقدس لدى الأمريكان رغم أنه كاتب فرنسي .. هل آن الأوان لقيادات اليمن جميعاٍ أن يترفعوا ويسمو فوق خلافاته نصرة لوطنهم ونسيجه الاجتماعي..
بل يجب عليهم أن يكونوا كذلك لأن الجرح عميق, والدم ينزف وحاجات الناس ومصالحهم مفقودة.
وتابع: ليس عيباٍ عندما يقفون على مسافة واحدة من مواطنيهم ويحسسونهم أنهم بجانبهم ويتألمون على الحال الذي وصلوا إليه بل بالعكس سيكونون محل تقدير وحب وإعجاب الجميع.
وذكرهم بدرس الزبيري في الوطنية: وطني لو شغلت بالخلد عنه .. نازعتني إليه بالخلد نفسي.
وكما يلقننا ويعلمنا الأستاذ المقالح: وطن النهار ومعبد الزمن .. أنا عائد لأراك يا وطني .. وعلى ترابك الروح هائمة .. لا نخش ليس هنا سوى اليمن.
مؤامرة
من جهته يلخص الدكتور أحمد حميد الدين – جامعة صنعاء – حديثه حول مجزرة الأسرى بالقول: إنها مؤامرة على أمتنا من خلال دعم حكام لا يؤمنون بالنظام حكمونا بأهوائهم وأهدروا إمكانياتنا وثرواتنا وأشاعوا الفوضى وأضعفوا القانون وانحرفوا بولاءاتهم لتكون في خدمة الخارج على حساب الوطن وبالتالي ليس غريباٍ أن تحدث مثل تلك الجرائم بدعم من أولئك الحكام الذين فروا إلى الخارج.