ارتفاع أسعار الغاز .. جنون تجاري يستغل حاجة المواطن

* بعد أن كان البحث عن مادة الغاز رحلة عذاب مؤلمة وقاسية قطعها المواطن اليمني بحثاٍ عن اسطوانة غاز اتجه الكثير من الناس إلى استخدام الحطب ليواصلوا العيش كوسيلة بديلة لعدم الاستسلام لهذا العدوان الظالم ولكن ما إن عادت مادة الغاز وأصبحت متوفرة بشكل كبير حتى ارتفعت أسعارها لتضاهي ضعفي سعرها القديم والسبب يعود الى عدة عوامل نوجزها لكم من خلال هذه الآراء السياسية والاقتصادية..

الباحث والمفكر عبد الرحمن القوسي يؤكد أن مشكلة الغاز وارتفاع أسعاره مردها الى آلية توفيره وتوزيعه وكثرة الوسطاء بل ولكون الجهات الناقلة له من مصادر الانتاج بمأرب هي شركات محتكرة وتستغل ظروف الاقتتال في مأرب لتنقله بحسب المزاج وتستغل ذلك بأسعار النقل وبوفرة العرض من عدمه وطبعا تظل مسؤوليات السلطات المحلية بضبط المتلاعبين في السوق السوداء إن لم يكونوا هم المسؤولون المباشرون عن ذلك  بتدخلاتهم وسوء إدارتهم وتوزيعهم بقصد أو بدون قصد.
جشع التجار وأنانية المواطن
وعن الأسباب المؤدية الى ارتفاع اسطوانة الغاز يقول الكاتب والمحلل السياسي الدكتور يوسف الحاضري : كما نعلم أن الأسعار الرسمية ثابتة ولكن توفيرها في محطات البيع الرسمية هو محدود وأيضا يتم عبر عقال الحارات كل شهر بواقع اسطوانة لكل بيت ومع ذلك مازال الكثير من أبناء الوطن لم يصل إلى مرحلة الحس الوطني المغلف بالرؤى الدينية فالجشع والطمع والهلع مسيطر على نهجهم وتوجهاتهم ,,, فلا يكتفي مثلا تاجر الغاز بربح 25 ريالاٍ عن كل لتر بمعنى (500 ريال في الأسطوانة ) فيتعامل مع السوق السوداء والتي ترتفع سعرها من 2000ريال إلى 4000 ريال مستغلين انشغال قوى الثورة والقوى الوطنية في صد العدوان السعودي الأمريكي في كل جبهات القتال ناهيك عن اختراقات في جانب الرقابة الوطنية والرسمية والثورية للسوق وللتجار والذين لا يقلون سوءاٍ عن التجار أنفسهم .
أسعار غير مقدور عليها
علي ناصر الجلعي ناشط حقوقي يرى أن مشكلة الغاز لها أسباب واضحة تكمن في الحصار الجائر على اليمن على الرغم من تواجده خاصة وأن أسعاره ترتفع من يوم الى آخر وهذا ما اثر سلبا على كمية الانتاج وترتب على ذلك نقص ملحوظ في الكميات الموجودة في السوق, أما الجزء الآخر من المشكلة فهو مرتبط بعدم الجدية في حل إشكالية أسعار الغاز وتنظيم توزيع الكميات المتوفرة في السوق بدليل أن هناك كميات كبيرة في السوق تباع بأسعار تصل إلى أربعة أضعاف السعر الرسمي وكل ذلك على مرأى ومسمع من أجهزة الدولة .
وقال إن الارتفاعات الأخيرة في السلع والمواد الغذائية التي تأثرت بارتفاع سعر الغاز ستؤدي إلى توسيع شريحة المحرومين في الشعب مشيرا إلى أن مرحلة الحرمان أكثر فاقة من الفقر.
ونأمل: أن يكون هناك جدية لحل مشكلة أسعار الغاز خاصة وأن هذه المشكلة يمكن احتواؤها والتغلب عليها باعتبار أن الغاز لا يمكن تخزينه بكميات كبيرة مثل البترول والديزل.
سوق سوداء في ظل غياب الدولة
ويحذر اقتصاديون من أن تؤدي الارتفاعات السعرية الأخيرة إلى زيادة في تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين حيث يقول الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي الدكتور محمد عبد الله الحميري :إن السؤال عن عدم حل مشكلة أسعار الغاز أصبح مشروعاٍ أو أكثر إلحاحاٍ خاصة وقد بدأت معالم ومبررات ظهور مشكلة واحدة في أسبابها لكافة سلع الوقود من الغاز والمشتقات النفطية «الديزل والبنزين والكيروسين» وبالذات عقب العدوان الغاشم المستمر على بلادنا منذ أكثر من أربعة أشهر من قبل السعودية والدول المتحالفة معها وهو العدوان الذي تسبب في تأزيم عملية توفر وانسياب تدفق هذه المواد في السوق بشكله الطبيعي وأدى إلى إعاقة عملية انتظام البيع في كل الأوقات وبأسعار موحدة وهي الأسعار المعتمدة من قبل الدولة قبل العدوان وحتى الآن حيث أتاحت الأزمة ظهور سوق سوداء لهذه السلع جعلت الدولة تغض الطرف عنها ولا تقوم جديا بمحاربتها على اعتبار أن هذه العملية وإن كانت مخالفة وغير نظامية وتستغل حاجة الناس لكنها بالمقابل تساهم بشكل أو بآخر في توفير هذه المواد الهامة وإتاحتها في السوق.
مشيرا الى أن المشكلة بقيت قائمة فيما يتعلق بأسعار الغاز المنتج محلياٍ الذي تأتي أهميته بدرجة مقاربة لأهمية سلعتي الديزل والبنزين بل وتتعداهما أحيانا لكونها تهم كل بيت وأسرة ناهيك عن ارتباطها بتشغيل المطاعم والكهرباء والنقل بعد أن تحولت كثير من السيارات والباصات ومولدات الكهرباء للغاز ولذلك فقد تباينت أسعار هذه السلعة «الغاز» تباينا عجيبا ليس فقط في السوق السوداء والبيضاء بل وحتى بين محطات بيع الغاز التي تتلقى حصصها من الحكومة بالأسعار الرسمية الموحدة وتباينت أسعار بيعها من منطقة لأخرى ومن محافظة لمحافظة ومن محطة لمحطة وبشكل غير مفسر ولا مبرر إلا لسبب واحد وهو غياب دور الدولة الحازم أو التعامل غير الموحد من قبل مختلف مسئولي الرقابة والضبط.
أزمة خانقة
منوها الى خطورة هذا الأمر كون الناس لن تقف عند حدود الاستغراب والتعجب بل قد يؤدي ذلك إلى ردات فعل غير مأمونة العواقب وبقدر ما لمس الناس من اهتمام السلطات المعنية بمسألة عدم تأزيم هذه المادة الهامة وضمان توفرها في الأسواق لكننا نؤكد أن استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه ليس طبيعيا ولا مبرراٍ ويتطلب بشكل عاجل وملح أن يتم حسمه بأسرع الطرق وأكثرها مراعاة لأهمية هذه السلعة لدى جمهور الناس بما فيهم من بسطاء وفقراء ولكونها سلعة داخلة في صميم توفير الأمن الغذائي للمجتمع وفي كثير من المنافع المهمة والملحة لحياة الناس اليومية.
لابد من إيجاد حل بأسرع وقت
ولكونها أيضا تحظى بأهمية تكاد تفوق أهمية حسم مسألة توفر وأسعار مادتي الديزل والبنزين عند الغالبية العظمى من أبناء المجتمع, يقول الحميري: لا بد من حلها بشكل فوري وعادل والعمل على توفيرها بأسعار موحدة وغير محررة بالكامل وأن على الدولة والسلطات المعنية بهذا الأمر تحديداٍ أن لا تتأخر في إيجاد الآلية المناسبة والسريعة والضامنة لتوفير هذه السلعة من مختلف مصادرها المأمونة والمطابقة لشروط الصحة والسلامة سواء أكانت هذه المصادر محلية أو مستوردة ولم يعد مقبولاٍ أن يستمر التعامل معها بتلك الطريقة السابقة التي ربما كانت مبررة في الأشهر الثلاثة الماضية لكنها اليوم إن بقيت فسوف تدل على أن هناك لا مبالاة واضحة من قبل الجهات المعنية وقد يستغلها بعض المرجفين في البلاد وعملاء الشيطان بطريقة خبيثة تضر المجتمع وتزيد من معاناته في وقت يمكن أن تجد هذه المسألة طريقة مناسبة وممكنة جدا للحل لو تم إيلاؤها ما تستحقه من الأهمية والتركيز.

قد يعجبك ايضا