مراحل العداء السعودي التاريخي لليمن.. وهم متراكم .. وفوبيا نهوض

د. صلاح مبارك: السعودية منذ بدايات تأسيسها تعمل على تصفية أي مشروع تنموي يعبر باليمن إلى مصاف الدول المتقدمة

لم يكن العدوان الأخير للسعودية على اليمن تحت مسمى -عاصفة الحزم ــ التي انتهكت بها سيادة الأراضي اليمنية واعتدت على اليمنيين وقتلت الآلاف منهم وجرحت أضعافهم وشردت مئات الآلاف وتسببت في خلق أزمات إنسانية كبيرة لدى المواطنين ودمرت البنى التحتية سوى تطور جديد في مسيرة العداء التاريخي السعودي على اليمن وشعبه ومن الطبيعي أن تتهور مملكة آل سعود وتقدم على خطوات عدائية قد تتجاوز ما تقوم به حاليا وذلك في حال ظلت القوى السياسية المتناحرة على السلطة على موقفها الحالي ولم تقدم تلك الأحزاب والتنظيمات السياسية التنازلات حتى تلتئم اللحمة الوطنية وتعاود دماء الوطنية التدفق في شرايين الجميع وبالتالي يجمعون على نقاط تخرج اليمن مما هي فيه الآن كمطلب أولي ومن ثم الاتفاق على بنود تعجل ببناء اليمن المنشود ودولة النظام والقانون..بين السطور التالية يتحدث مجموعة من الأكاديميين والباحثين التاريخيين والمثقفين عن طبيعة العلاقة التاريخية بين اليمن والجارة السعودية وخلفيات تكرار عدوانها على اليمن عبر عقود عديدة انتهاء بالحرب العدوانية الأخيرة.. نتابع:

طبيعة العلاقة بين اليمن والسعودية من اتجاهين الأول طبيعة العلاقة بين الدولتين كشعب أو بالأحرى مشاعر أفراد الشعب اليمني تجاه السعودية والعكس أما الاتجاه الثاني فهو طبيعة العلاقة بينهما على المستوى الرسمي أو بمعنى أصح بين القيادة السياسية في الدولتين.
هذان الاتجاهان تحدث عنهما الدكتور صلاح مبارك –سياسي- قائلا: عن طبيعة العلاقة بين اليمن والسعودية اعتقد أن هناك ثمة نقطة محورية في الموضوع ستعمل إلى حد كبير على إيجاز الحديث وتتمثل هذه النقطة بالإجماع الذي يسود الطبقة السياسية أو النخب السياسية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي من أن السعودية منذ بدايات تأسيسها كمملكة تعمل باستمرار على تصفية أي مشروع تنموي يمني من شأنه يمهد الطريق للشعب اليمني للنهوض بمستوى معيشته والعبور إلى مصاف الدول المتقدمة وبالتالي يتأكد لدى الجميع أن هناك عداءٍ سعودياٍ مبيتاٍ ضد اليمن وشعبه والشواهد على ذلك كثيرة .
مشاريع عنف
ويؤكد الدكتور صلاح مبارك أن هناك إجماعاٍ شعبياٍ ملموساٍ على أن المملكة العربية السعودية تكن العداء المر لليمنيين وتعاملهم بحقد دفين ويلمسون ذلك من خلال الكثير من الإجراءات التعسفية التي تنفذها المملكة ضد المواطن اليمني المغترب في أراضيها ومن هنا نستنتج أن طبيعة العلاقة بين اليمن والسعودية هي غير منسجمة منذ البداية وذلك يعود إلى خلل في تركيبة الأسرة الحاكمة التي تعاني من مشاكل نفسية لذا فهي تتخبط في مستنقع الأحقاد الذي تفرز سمومه باستمرار تجاه شعب لطالما أحسن إليها كثيرا عبر الزمن وكان يتطلع دوما إلى إنفاذ مشاريع الإخاء والمودة بين الدول الجارة ومنها السعودية وحتى الدول العربية والإسلامية وكذا العالم غير أن ما تقوم به السعودية يعمل على إفشال تلك المشاريع ويفرض بدلا منها مشاريع العنف والخراب داخل أنسجة المجتمع اليمني والعربي والإسلامي.
تطور للعدوان التاريخي
هزاع مجلي باحث أكاديمي في الدراسات التاريخية اليمنية والعربية يتحدث من جانبه عن مراحل العداء التاريخي السعودي لليمن فيقول ” في الواقع لو أننا قمنا باستقراء العلاقة بين اليمن والسعودية منذ قيام أركان المملكة السعودية قبل حوالي قرن من الآن وحتى اللحظة التي تقوم فيها السعودية بحرب عدوانية على اليمن وشعبه لوجدنا أن ما يسمى بعاصفة الحزم ما هي إلا تطور تاريخي مر بعدة مراحل عدوانية على اليمن .
ويرى أن التدخل السعودي في خصوصيات اليمن في أكثر من اتجاه منها التدخل في صناعة القرار اليمني عبر نفوذها في الداخل والخارج وبالتالي التأثير سلبا على السياسة العامة للدولة أيضا تتدخل السعودية عبر بعض القبائل التي تدعمها وذلك للضغط على صناع القرار لوقف أي قرار يصب في مصلحة البلد وكذا دعمها للحروب الأهلية اليمنية سواء في شمال الوطن أو جنوبه وحتى الوحدة اليمنية المباركة عملت السعودية على إفشالها بأكثر من أسلوب .
آخر سيناريوهات العداء
 ويشير الباحث مجلي إلى نوع الثالث من أنواع الانتهاك والتدخل العدواني السعودي تجاه اليمني عبر شن الحروب المباشرة على أبناء الشعب اليمني موضحاٍ :لقد لجأت السعودية أكثر من مرة إلى هذا النوع من الاستفزاز وكانت أول حرب شنتها على اليمن في العقد الرابع من القرن الماضي وبسطت سيطرتها على الكثير من أراضي اليمن الحدودية معها وظلت باسطة عليها حتى اليوم كي تتمكن من أن تمرر مخططها الخبيث حيث أجبرت الحكومة اليمنية ــ بأكثر من أسلوب همجي ــ عام 2000م على ترسيم الحدود وبالتالي سيطرت على ثلاث محافظات يمنية شمالية وهي نجران وعسير وجيزان كما بسطت نفوذها على الربع الخالي الواقع شمال محافظة حضرموت ومنذ ذلك الحين والسعودية مستمرة في انتهاك سيادة القرار اليمني والتدخل في شئونه الداخلية وكان آخر سيناريوهات العدوان الحرب الظالمة التي تدور رحاها حاليا والتي ابتدأتها قبل أكثر من أربعة أشهر ولم تتوقف حتى اللحظة”.
جرائم ضد الانسانية
حمزة الصبري باحث أكاديمي وناشط حقوقي يمني عمل خلال السنوات الأخيرة على إبراز الواقع المعاش لليمنيين وربط ذلك بمعاملة السعودية للمواطن اليمني المغترب على أراضيها وهنا يقول ” تقصيت عن كثب وضع المواطن اليمني الذي يركن في معيشته على السعودية عن طريق العمالة هناك وتوصلت في آخر أبحاثي إلى أن اليمني المغترب في السعودية يعيش حالة معيشية أقل ما يمكن وصفها بالمأساوية فالانتهاكات التي تطاله سواء من قبل الإجراءات الأمنية السعودية أو من قبل السعوديين الذين يعملون لديهم تكاد تصل إلى جرائم ضد الإنسانية فمن خلال الحالات التي تم رصدها وكذا الشهادات التي تم جمعها فإن أكثر من جريمة يدينها القانون الدولي طالت اليمنيين ومنها الاعتداء على يمنيين بالضرب والإهانة ووصلت في بعضها حد الموت أيضا يتعرض اليمني المغترب هناك للاستفزاز والسلب والنهب للممتلكات والاستغلال والابتزاز للكثير منهم خصوصا الذين دخلوا السعودية بطرق غير قانونية .
ولفت الصبري إلى أنه إذا كان هناك من حقوق للمغتربين اليمنيين فقد اكتسبوها من بنود اتفاقية ترسيم الحدود اليمنية السعودية بالرغم من أن السعودية لا تطبق ذلك .
المحامي والمستشار القانوني أديب سلام يوافق الصبري في آخر نقاط حديثه ويعتبر ما تقوم به السعودية منذ قرون من تدخل سافر في الشأن الداخلي اليمني انتهاك صارخ للقوانين المتعامل بها دوليا .
كما اعتبر صمت المجتمع الدولي إزاء ما تقوم به السعودية ضد اليمن وشعبه من تدخلات سافرة وحروب ضارية عدائية وآخرها ما يسمى بعاصفة الحزم بأنه تخلي عن المبادئ الإنسانية وتواطؤ مع قوى الشر العالمية .
الحلول المعوقات
يجمع الكثير من السياسيين والمثقفين والباحثين الأكاديميين أن وقف العدوان السعودي على اليمن لن يكون إلا بعودة الفرقاء السياسيين إلى طاولة الحوار ومن ثم الاتفاق على نقاط واضحة توقف الحرب الحالية أولا وتحدد مسار بناء الدولة اليمنية الحديثة ثانيا عن طريق إحداث تنمية شاملة ومستدامة وحينها ستكون اليمن قد سحبت البساط من تحت أقدام السعودية وأحرقت أوراق اللعبة التي كانت تلجأ إليها ولن يكون لها عندئذ أي سلطة على اليمنيين.

قد يعجبك ايضا