الجمعة السوداء في المخا .. السيناريو المكرر!

لم نكن نتخيل أن نشاهد مثل هذه الوحشية في القتل ونحن ذاهبون لكشف حقيقة إجرام العدوان السعودي على مدينة وسكن موظفي محطة المخا البخارية وأن يحدث هذا لأكثر من 270 أسرة لا يقل عددهم عن 3 آلاف نسمة..لقد وجدنا الدليل القاطع على توحش العدوان وصلفه وتعطشه لإراقة الدماء البريئة..
المكان كومة من الأسى وأنت تشاهد حجم الدمار.. وتكبر المأساة حين تستمع إلى شهادات من تبقى على قيد الحياة ..تابعوا القصة من المكان:

كانت الغارات على المجمع السكني في مساء الجمعة 2015/7/24م الساعة العاشرة وعشرين دقيقة وخلال الثلاثة الأيام التي سبقتها ابتداءٍ بيوم الأربعاء شيع سكان المدينة الشاب العشريني هيثم محمد علي والذي توفي نتيجة لحادث مروري وكما يقول خالد الخولاني رئيس الجمعية السكنية للمدينة نظراٍ لإسعافه وقت الظهيرة كانت وفاته وتشييعه مساء وإكرام الميت دفنه وحتى عندما كدنا ننتهي من دفنه في مقبرة الشاذلي قرابة الساعة التاسعة مساءٍ إذا بالموجودين يسمعون وجود طائرة بالسماء لكنهم لم يعيروها اهتماما وبعد ذهابها عادت من جديد وكنا نسمعها تقترب من الأرض وتوازي المقبرة هذا هو المثير وقتها لأن الناس كانوا بكم هائل والإنارة تشع من كل اتجاه ..مولدات الكهرباء السيارات والدراجات النارية للمشيعين من زملاء المهنة وكأن هذا كان مغريا لشهية الطيار الدموية مع أن فعل شيء وقتها كان حماقة كبرى ..وبدأ أغلب الموجودين يتخوفون من أزيز الطائرة ..شعروا بالخطر وبدأوا يبتعدون ..غادروا المكان بسرعة فائقة كأنهم في سباق جري وكنت من ضمنهم ..
 هيثم أكد أن الطائرة ظلت تحوم ولكن بعد تفرق الجمع من المشيعين هدفها على ما يبدو قل وتضاءل.

قبل القصف بيوم
في اليوم السابق قبل ليلة الغارات بيوم وتحديدا ليلة الخميس 23 يوليو وهذا مارواه لنا شهود عيان كان هناك حفلة عرس نسائية زفت فيها عروس ..تقول إحدى فتيات المدينة الحاضرات : نظراٍ لموسم الحر عندنا لم تغلق المخدرة (مكان العرس) من الأعلى ولأن جميع البيوت المجاورة من نفس أسرة وعوائل العريسين والبيوت المجاورة بنفس مستوى المخدرة وكان الوضع آمناٍ آمناٍ في الأرض ولكن لم يكن آمنا من السماء فربما نفس الطائرة التي حلقت بالأمس وهذا ما أشك فيه..
وبحسب شهادات المواطنين لصحيفة (الثورة) بنفس الطريقة حامت الطائرة واقتربت ودنت من الهدف (مخدرة العرس) ومن الطبيعي أن يدب الفزع والهلع في نفوس النساء مما دفع  بجميع من بداخل المخدرة إلى الهروب والعودة إلى منازلهم خشية وقوع الكارثة التي تلوح في الأفق.
ليلة الغارات
في الساعة العاشرة وعشرين دقيقة من مساء يوم الجمعة 24 يوليو جاء سرب من الطائرات انطلقت من قواعد دول العدوان الخليجي ليس لقصف إسرائيل وتحرير القدس وإنما لقتل أطفال ونساء ورجال مدينة سكن محطة كهرباء المخا.. ولحظات والدماء تسيل والجثث تتناثر والضربات تتتالى بلا رحمة ..
 أيقن السكان بالمخاوف التي داهمتهم منذ أيام ..لكنهم كانوا في حالة هذيان من حجم الأضرار التي لحقت بهم ولطالما تكرر السؤال عن عدد الشهداء عند الكثيرين فيما آخرون فكروا بما هو ابعد من ذلك وهو إنقاذ الجرحى فمستشفيات المدينة مغلقة والمدينة الأقرب إليهم تعز تعيش أجواء حرب طاحنة بينما الحل الوحيد هو إسعافهم إلى مستشفيات الحديدة التي تبعد عنهم مسافة ساعتين ونصف هنا كانت الكارثة فقد فارق عدد كبير من الجرحى الحياة بسبب النزيف وتأخر إجراء الإسعافات الأولية ومن عاش هول القصف لم يعد يعي ما حدث فهو أقرب إلى المجنون وكل من يزور المكان لا يكاد يستوعب ولا يصدق ما حدث.

 إبادة جماعية
عند وصول معد التحقيق إلى المدينة المنكوبة كان عازما على أن يكشف تفاصيل ما ارتكبه العدوان ضمن تحقيق صحفي يفضح إجرام الآثمين من آل سعود بمئات من الكلمات لكنه لم يتخيل أبدا أن يشاهد إبادة جماعية لبني البشر بهذا الشكل وأدرك حينها بأن تفاصيل قصف مدينة كهرباء المخا لا تغطيها إلا آلاف المجلدات فكأنهم استهدفوا مفاعلاٍ نووياٍ وليس بني آدم مسلمين مسالمين أكثرهم أطفال في عمر الزهور ونساء ..إنها حرب إبادة بمعنى الكلمة حرب حقد وبغض عاشت خبثها المخا و270 أسرة تساقطت على رؤوس أفرادها عشرة صواريخ كلها اخترقت شققهم السكنية لتصور فيلم رعب من القتل والإبادة لم يحصل ولا حتى في خيال مخرجي أفلام الرعب فهذه الوحشية لا يمتلكها إلا تنظيم القاعدة وداعش ومعلمهم الأول سلمان وما التقطته كاميرا صحيفة (الثورة) والمعروضة ضمن هذا التحقيق خير شاهد ودليل.

أسباب الاستهداف
سؤال يبحث عن إجابة..لماذا تم قصف مدينة وسكن موظفي محطة المخا..¿ هناك أسباب كثيرة تجعلهم يستهدفون المحطة ومجمع المخا السكني وبحسب تحليل وجهاء المنطقة فإن أول الاسباب هو القضاء على الكوادر البشرية المؤهلة وعرقلة المحطة عن التوليد كون المحطة صامدة بكوادرها لإنتاج وتوفير الطاقة الكهربائية منذ بداية شن العدوان على اليمن.. لم يجب هذا السبب عن كل تساؤلاتنا فالتقينا ونحن نستطلع المدينة المنكوبة رئيس جمعية السكان عادل الخولاني فطرحنا عليه أسئلتنا فأجاب قائلا: مؤسسة الكهرباء والمحطة هنا تقوم بتوفير الطاقة الكهربائية في أوقات مناسبة وبجهود كبيرة فتم إنارة بعض المحافظات والمناطق المهمة وتم تشغيل بعض المنشآت الحيوية وتم إنارة أجزاء من مدينة تعز الغالية وهذا ما أثار غضبهم لأنهم يريدون أن تغرق اليمن في الظلام الدامس وأيضا إنارة تعز أغضب ميليشيات المرتزقة وظهرت فضائحهم الإجرامية مثلما أدخلوا صنعاء في الظلام بتدميرهم لأبراج وخطوط الكهرباء القادمة من مأرب وبرأيي فالهدف الثاني من ضرب المدنيين أيضا إثارة الرعب والخوف في أوساط الناس ليهجروا المدينة وينزحوا تمهيداٍ للقيام بعمليات إجرامية مماثلة على الأرض وتخريب المدينة وجعلها مسرحاٍ لهم وتمهيداٍ لاقتحامها.
وتابع الخولاني: وكما تعلمون أن المخا استقبلت العديد من الأسر النازحة من كل أنحاء الجمهورية لكنهم بانحطاطهم يقصفون النازحين في كل ربوع اليمن كما حدث في محافظة حجة وعمران, أيضا من المرتزقة من يشيع في أبواق إعلامهم المأجور بأن الحوثيين أخلوا السكان واستولوا على المدينة والقناصة يعتلون أسقف المنازل وهذا افتراء وكذب فالسكان كانوا يملأون المدينة بل إن كثيرا من الأسر جاءت لقضاء إجازة العيد وهذا مسلسل ممنهج للقضاء على المخا وقد عمدوا لتدمير المخا وشلها وتدميرها لتكون متنفساٍ لعملياتهم القذرة من تهريب للسلاح وغيره.

قد يعجبك ايضا