النازحون.. أعطوا للعيد طعما آخر.!!

لم يخفف من وطأة النزوح وترك المنازل فارغة والبعد عن الجيران سوى تجمع الأهل والأقارب مع بعضهم البعض في بيت واحد يتبادلون تهاني العيد ويتجهزون له بصنع الكعك وتنظيف المنازل.. أوضاع النازحين في الأعياد والطقوس العيدية التي يتشاركونها مع أقاربهم وجيرانهم الجدد وكيف أثر ذلك على نفسيات النازحين وغير ذلك من التفاصيل تجدونها في سياق هذا الاستطلاع:

بعد أن كنت أجهز نفسي أنا وأسرتي بداية شهر رمضان المبارك لقضاء إجازة العيد ليس لأننا نرغب بالذهاب للقرية لكن لزيارة أقاربي الذين أظل طوال العام في تواصل معهم هاتفياٍ وفي العيد نذهب لزيارتهم في كل عام لقضاء إجازة العيد معهم وبالطبع هذا الأمر يتطلب مني مصاريف تفوق قدراتي المالية خاصة هذه الأيام بعد أن انقطعت علينا كل المستحقات نظراٍ للظروف التي تمر بها البلاد والأزمة الاقتصادية التي تزداد سوءاٍ يوماٍ بعد يوم: هذا ما قاله منصور عبدالقوي وأضاف: هذا العام كان مختلفاٍ منذْ بداية الشهر الكريم وأمي وأخواتي أتوا إلى منزلنا للبحث عن الأمان.. ولكن هذا الأمر أتى لصالحي فأنا لم أعد أخشى عليهم من الحرب فهم معي وأمام عيني في منزلي وأصبح البيت يشع بالفرح وكم هي فرحتي عند رؤية أمي وأخواتي معي في بيتي نْعيد سوياٍ.
تجمع أسري
سعيدة عبدالرب – ربة منزل تسكن في صنعاء مع زوجها وأطفالها ولكن تقطن أسرتها في عدن تقول: أنا مسرورة للغاية فهذا العيد مختلف عن غيره بسبب قدوم أقاربي من عدن هروباٍ من الحرب منذْ قدومهم صار المنزل يعج بالحياة والفرج بسبب وجودهم بجانبي أنا الآن مطمئنة وفرحة لذلك ولا تهمني أي منغصات أخرى لأني قادرة على تحمل أزمة الكهرباء والماء بكثير مما كنت أتحمله بمفردي أنا وزوجي.
شعور بالأمان
بعد أن كان المنزل يملأه الخوف والقلق والسكون من أصوات مضادات الطيران التي نسمعها ليل نهار.. أتى أخي وأولاده وزوجته إلى منزلي فارين من الحرب من تعز فامتلأ المنزل بجو الفرح والمرح فنحن نسهر طوال الليل نتحدث عن الذكريات الجميلة وفي الصباح يتملئ المنزل بالجو الأسري وأصوات الأطفال بعد أن كنا لا نسمع سوى أصوات المضادات والطائرات المعادية وبعد تناول وجبة الغداء نتوجه لشراء القات ونقضي أوقاتنا في تناول القات والأطفال يلعبون ويلهون أمام المنزل وأخي لم يتركني لوحدي أتحمل مصاريف المنزل فهو يشاركني في كل شيء وهذا الأمر خفف عني الكثير ونحن سعداء أنا وزوجتي وأولادي بهذا الجو العيدي السعيد.
فرحة العيد
في البداية انزعجت زوجة عبدالسلام من مجيء أهله من محافظة تعز هروباٍ من الاشتباكات هناك وما إن مرت أيام بسيطة حتى وجدت أن الجو الأسري أنساها أجواء الحرب والخوف والقلق من أي ضربات قد تصيب منزلها وقالت: الحمد لله أن منزلي أمتلأ بالأجواء العيدية فالعيد لا يكون عيداٍ ألا بتجمع الأهل والأصدقاء وهذا ما يحدث معنا هذا العام خلافاٍ للأعياد السابقة.. فلا مكان لدينا للخروج والنزهة فيه فلمة الأهل جعلتنا نشعر بفرحة العيد.
رعاية الله
الحمد لله الذي أطال في عمر والدتي وشقيقي بعد أن تحطم منزلنا في تعز وها هما الآن يسكنان معي في منزلي بشارع الزبيري في أمانة العاصمة هذا ما قاله محفوظ الوصابي وأضاف: كدت أموت من الخوف حين سماعي بخبر قصف منزلنا في تعز وتدميره كلياٍ وشكرت خالقي في نفس اللحظة حين علمت أن أمي وشقيقتي نجيا من الموت فبعد خروجهما بلحظات للتسوق تم تدمير المنزل.. والحمد لله على كل شيء وها نحن نقضي إجازة العيد وابتسم محفوظ قائلاٍ “عسى أن تكرهوا شيئاٍ وهو خير لكم” فقد كنت أتوسل لوالدتي بأن تأتي للعيش معي في صنعاء فالمنزل كبير وأطفالي يحبونها بجنون وزوجتي ابنة أختها ونتمنى بقاءها معنا في المنزل لكنها ترفض ذلك بشدة حتى أخي الذي تمنى أن يدرس في جامعة صنعاء لم يتمكن من ذلك خوفاٍ من أن يتركها وحدها في منزلها وها هي اليوم أتت لتعيش معي إلى الأبد وبوجودها معي أصبح العيد عيدين وكلنا فرحين لبقائها معنا بغض النظر عن أي شيء آخر.
جمال عبده الفقيه أتى فاراٍ من عدن هو وأسرته إلى صنعاء واستأجر منزلاٍ قريباٍ من منزل شقيقته التي لم يرها منذْ سنوات لبعد المسافة وكانت وسيلة التواصل الوحيدة بينهما هي الهاتف والواتس آب وبعد أن استأجر المنزل قالت له شقيقته: لم أعد يتيمة بعد اليوم أخي جمال أتى ليسكن بجانبي ليكون سندي أما بالنسبة لجمال فإنه سعيد بالمنزل الجديد هو وأسرته وشقيقته التي يملأ قلبها الفرح لأنها تقضي أيام عيد الفطر المبارك مع أخيها الذي لم تره منذْ خمس سنوات.
الأمان
الإحساس بالأمان والاستقرار لا يضاهيه ثمن.. أسرة عاطف باوزير أتت إلى صنعاء بحثاٍ عن الأمان بعد أن أصبحت عدن مقراٍ للمرض والأوبئة والدمار الشامل.. لقضاء إجازة العيد وقال عاطف: العيد في صنعاء آمن من عدن.
ولكن الشيء الذي جعل العيد فيه نوع من السرور والبهجة أن لدينا أهلاٍ في صنعاء لم نزرهم منذ زمن طويل والآن أتت الفرصة لزيارتهم وقضاء إجازة العيد معهم وأضاف: رغم كل ما حدث ويحدث حتى اليوم إلا أن لمة الأهل وتجمع الأصدقاء والأقارب ينسي الإنسان الهم وتبدأ اللحظات الجميلة والشعور بالعيد.
هكذا أنسى اللقاء بالأحبة النازحين مشقة التعب والسفر هرباٍ من الأوضاع الراهنة فتجمع الأسر في مكان واحد وتكاتفهم مع بعضهم البعض خفف على الكثير الخوف الذي كان يصاحبهم وهم قاعدون بمفردهم.

قد يعجبك ايضا