مستقبل العلاقات اليمنية – السعودية .. أشواك وجراحات غائرة

> د. طواف : منذ الستينيات والملف اليمني أصبح سعودياٍ

> د. الخزان : السعودية تعودت على شراء كل شيء بالمال ولم تتعود على المحاسبة º ما سيعقد استعادة العلاقات مستقبلا

> د. غنيمة : مستقبل العلاقات اليمنية الخليجية يعتمد على نتائج العدوان والتغييرات العميقة في بيئة الحكم

> د. العمري : ستكون علاقات ندية لا يكون فيها للسعودية أي تأثير على الشأن السياسي اليمني

> د. الكميم : السعودية بعدوانها خلفت جراحاٍ عميقة لن تمحى إلا بتغيير جذري في منظومة الحكم السعودي وسياساته تجاه اليمن

> د. فرحان : بعد هذا العدوان الغاشم يحتاج الأمر إلى مدى زمني طويل لمداواة أوجاع شعب بأكمله

العنوان حرب غاشمة وعدوان آثم وفي التفاصيل انتهاك لسيادة اليمن وتدمير بنيته التحتية ومنشآته الحيوية واستهداف معالمه الحضارية وآثاره التاريخية فضلاٍ عن القتل والتجويع والحصار والدمار والتشريد والرعب الذي يملأ أرجاء وطن الحكمة والإيمان .. اغتيالات وتفجيرات وتمويل للمرتزقة والجماعات الإرهابية وتصدير لداعش ” ذات الفكر الوهابي “..ووسط هذا المشهد الملبد بالعدوان وتداعياته الكارثية على حياة اليمنيين ترى كيف يقرأ المحللون والمراقبون أفق العلاقات اليمنية – الخليجية وتحديدا مع السعودية في المستقبل ..¿ وهو سؤال لا يفضي بالتأكيد إلا إلى أسئلة مرة وإجابات أكثر مرارة فرضتها حقائق واضحة فاضحة كشفت رغبات دفينة لجار متغطرس استمرأ وما يزال لعبة قتل اليمنيين وحصارهم بغرض تجويعهم وتدمير مقدراتهم!
تعالوا نرى أي أفق لـمستقبل العلاقات بين اليمن والسعودية بعد ما حدث ويحدث من إجرام¿
يرى د. يحيى الخزان – أستاذ الشريعة والقانون ورئيس دائرة المؤتمرات والتعاون الدولي بوزارة العدل – أن المتوقع لـمستقبل علاقة الجمهورية اليمنية مع المملكة السعودية وحسب معطيات العدوان الوحشي الذي تشنه على اليمن وما أوقعه من قتل وتدمير وخراب أن تشهد تغيرات جذرية وعميقة تختلف عما كان في السابق.
موضحاٍ أن ما أحدثه العدوان في وجدان الشعب اليمني من نظرة عداء وثأر لن يتغير على المدى القريب وسيساهم ذلك المتغير داخل المملكة الذي سيحدث تغييرات في مجالات عدة سياسية واجتماعية وثقافية وهذا ما سيرسم علاقة تتسم بالندية مشيراٍ إلى أن طبيعة العلاقة المتصورة مستقبلاٍ من الصعب التكهن بكيفيتها في ظل المتغيرات التي ستشهدها المنطقة .
مضيفاٍ بالقول : العلاقة بين البلدين مستقبلاٍ ستشهد من خلال ما يترتب على العدوان علاقات معقدة وصعبة كون آل سعود تعودوا على شراء كل شيء بالمال ولم يتعودوا على المحاسبةº ولذلك سيرفضون وسيماطلون في الاعتراف بالجرائم التي ارتكبوها في عدوانهم على اليمن وهذا ما سيعقد التقارب في استعادة العلاقات وإذا ما استمر هذا النظام في أسلوب شراء الذمم وإخضاع الآخرين وعدم الاعتراف بالواقع المتغير فإن العلاقات ستستمر في القطيعة وأعتقد أن المستقبل يوحي بمتغيرات كبيرة سيشهدها نظام آل سعود إن لم نقل بتغيير هذا النظام وذلك لأن بوادر تآكله قد ظهرت وفاحت ولعل من أهم أسباب انهياره العدوان الغاشم على اليمن الذي عرى هذا النظام وفضحه.

التبعية عقدة سعودية
يقول د.عبدالخالق طواف-أستاذ في كلية التجارة والاقتصاد: إن العلاقات اليمنية السعودية هي عادة علاقة التابع بالمتبوع حيث تتحكم السعودية في كل شيء يحدث في اليمن منذ فجر ثورة 26 سبتمبر عندما لجأت أسرة الإمام إلى السعودية هربا من الثوار بعد فترة مشاكل حدودية وحروب بين الدولتين وتوقيع اتفاقية الطائف وهنا بدأ التسلط السعودي على الملف اليمني وأصبح منذ الستينيات سعودياٍ بامتياز وأصبح السفير السعودي في صنعاء هو الرئيس الفعلي لليمن .
متابعاٍ بالقول: من جهة أخرى كان شطر اليمن الجنوبي يبتعد قليلاٍ عن التحكم السعودي فيه بسبب انتهاج أيديولوجية مغايرة ومعادية وهذا جعل السعودية تتقرب أكثر من الشمال وتستخدم العلاقات المتوترة بين الشطرين فرصة لوضع الشمال في معسكرها وتدعم الشمال حتى لا ينهار بفعل التهديدات العسكرية له من الجنوب وهذا ما أدى إلى إحداث تحسن في الاقتصاد بصنعاء نكاية بدولة شطر الجنوب .
وواصل حديثه: بعدها تحققت الوحدة الوطنية بين الشطرين وهنا بدأت السعودية تشعر بالقلق من نشوء دولة يمانية قوية ولم تكن مرتاحة لذلك ولكنها وسعت شبكة توزيع الأموال في اليمن لتعطي كل المشايخ القبليين والدينيين والساسة وحتى المثقفين والأدباء وبأموالها زادت سيطرتها واستقبلت القيادات الجنوبية بعد حرب صيف94 لتضمن تحكماٍ أكبر.
مضيفاٍ: السعودية نظرت لليمن على أنه تابع تستخدمه لحل مشاكل السعودية بالنسبة للقاعدة حيث سهلت وشجعت قيادات القاعدة على الهجرة بدينهم المنحرف إلى اليمن وأصبحت اليمن تعاني مشاكل وضعفاٍ أمنياٍ غير مسبوق وتولت السعودية استكمال السيطرة على اليمن بعد انهيار النظام بعد أزمة 2011م حيث قسم الحكم بين أقطاب الحكم ووسعت كشوف الرواتب لتشمل الجميع .
وأردف :بعد 26 مارس تغيرت قواعد اللعبة حيث أصبحت السعودية غير مطمئنة إلى تحكمها باللعبة بعد سيطرة أنصار الله على مفاصل الدولة وشعرت بالتهديد ولهذا لجأت إلى القوة المجردة لأول مرة ورغم ذلك نجد أن عامة الشعب ينظر إلى السعودية بارتياب وشك ويتمنى اليمني أن يملك قراره ويتفلت من ربقة العبودية وخصوصاٍ مع اتساع نطاق الضربات الجوية التي تقتل المواطن البسيط وتستهدف المعالم الحضارية والأثرية وتدمر مقدرات الجيش والدولة .
وينهي د. طواف حديثه بالقول: مستقبلا لن تتمكن السعودية من التحكم بالقرار اليمني وعلامة ذلك محادثات جنيف وفشلهاº فاليمن ضحى كثيراٍ بعد حرب عاصفة الحزم الظالمة ولا يمكن بعد ذلك أن يعود ببساطة إلى الحضن السعودي وأعتقد أن تماسك الجبهة الداخلية سيؤدي إلى نجاح خروج اليمن وملفها من تحت إبط الأسرة السعودية إلى غير رجعة ولهذا تخشى السعودية من أي مفاوضات أو جهود دولية تستثني حلفاءها الذين لم تجد لهم قطعة أرض يأوون إليها سوى فنادق الرياض.

المستقبل تحدده نتائج العدوان
يقول د. عادل غنيمة- أستاذ العلوم السياسية ورئيس الأكاديمية الأوروبية الدولية للدراسات العليا – : العلاقات اليمنية – السعودية مرت بمراحل من المد والجزر حتى وصلت إلى مرحلة العدوان والاعتداء على الشعب اليمني وجيشه ومكوناته السياسية مع استثناء حزبي التطرف الديني الإصلاح والرشاد وبعض المكونات الحراكية .
مضيفاٍ: مستقبل العلاقات اليمنية السعودية يعتمد على نتائج العدوان وتغيير الأوضاع السياسية في البلدين هي إحدى هذه النتائج فإذا تغير النظام السعودي فإن العلاقات بين البلدين سوف تشهد تحسناٍ في جميع المجالات وقد يتم دمج اليمن ضمن المنظومة الخليجية أما إذا نجحت السعودية بفرض أدواتها من جديد حكاماٍ لليمن فإن الوصاية السعودية على اليمن سوف تستمر ولن تكون العلاقات إيجابية وستظل اليمن حديقة خلفية لحماية السعودية مقابل المال السعودي لأذنابها وأدواتها القبلية والعسكرية والسياسية التي تنفذ أجندة السعودية بإضعاف اليمن وبناء دولة هشة لا تستطيع حماية شعبها ولا تهتم بتقدمه ورفاهيته .

جرائم تقويض العرش
ينظر د. عبدالرحمن فرحان – أستاذ في كلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء – للأمر من زاوية أبعد دوليا ويقول: إن سارت الأمور وفق مشيئة المخططين للشرق الأوسط الجديد مروراٍ بسيناريو الفوضى الخلاقة من خلال الربيع العبري فإن الحدود الشمالية لليمن ستشمل ثلاث دول فيما يعرف ا?ن بمملكة آل سعود ولا نستبعد مطلقاٍ أن القوى الدولية المخططة لرسم خارطة جديدة للمنطقة قد عمدت إلى الدفع بـ(صبيان) آل سعود للانزلاق في مستنقع العدوان على (اليمن) ذات الإرث الحضاري والتاريخي الضارب بجذوره في أعماق التاريخ مستغلة الانقسامات الحادة بين أجيال تلك الأسرة الحاكمة ما بين جيل الإخوة الطاعنين في السن الذين يتوارثون عرش مملكة أبيهم المؤسس وجيل ليس فقط أبناء أولئك الإخوة بل وجيل أحفادهم أيضاٍ وبالتالي ستكون النتيجة المحسومة سلفاٍ لدى أولئك المخططين تجزئة تلك المملكة بعد أن يلعق (صبيانها) مرارة الهزيمة على يد جارتهم التي صور لهم غرورهم ونرجسيتهم أنها ستكون لقمة سائغة سهلة الابتلاع وأنهم بعدوانهم سيكونون في رحلة صيد ميسور جني ثمارها في ساعات معدودة إلا أن الوقائع على الأرض أثبتت عكس ما يحلمون به تماماٍ .
وتابع: كل يوم يمر من يوميات عدوانهم يدفع آل سعود ثمنه مليارات الدولارات من قوت مواطنيهم وتلقيهم الضربات الموجعة لمعسكراتهم وثكناتهم المتموضعة داخل المحافظات اليمنية المغتصبة (نجران وجيزان وعسير) التي أرادتها حزاماٍ أمنيا لها بالإضافة لتسويد وجوههم وتقبيحها بفعل ما يقترفونه من جرائم وحشية بحق الأبرياء من مواطني جارتهم ستؤدي تلك الجرائم بالتأكيد إلى انهيار تحالفهم وتقويضه بل وللمطالبة بتفكيك تلك المملكة لضمان عدم تفكير حكامها مجدداٍ بالعدوان على جاراتها المحيطات بها إلى ثلاث دويلات على غرار ما حدث في ألمانيا هتلر بعد الحرب العالمية الثانية .. خصوصاٍ إذا ما أخذنا بالحسبان أن لتلك المملكة نزاعات حدودية مع كافة جيرانها فقد قضمت ومازالت كثيراٍ من المساحات الجغرافية لأولئك الجيران وضمتها عنوة إلى أراضيها ولم يسلم من شرها وحقدها الدفين أحد.
وأردف: إن تحقق السيناريو الموضح أعلاه فإن اليمن الموحد وفق ذات المخطط سيكون على موعد مع علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية مع ثلاث دويلات لا نعلم حتى الآن هل سيكون على رأس أحدها (صبيان) آل سعود أم أنه سيتم تقويض عرشهم واستبعادهم من حكم أيٍ من تلك الدول الوليدة المستحدثة وبالتالي من الصعب التنبؤ الآن بمستقبل العلاقات السياسية مع تلك الجارة الكبرى من حيث المساحة التي ولدت بعدوانها الغاشم طوفاناٍ من الدمامل والجروح والأحقاد والضغائن لدى الملايين من اليمنيين الذين لا يكاد يخلو بيت في أرضهم من سقوط شهيد أو جريح أو معاق وسيحتاج الأمر إلى مدى زمني طويل لتطبيب واندمال تلك الجراح ومداواة تلك المواجع على المستوى الشعبي .
واختتم د. فرحان كلامه بالقول: حتى لو فرضت السياسة التعجيل بتطبيع العلاقة مع تلك الجارة أو أولئك الجيران الجدد بعد انتهاء العدوان فسيكون من المحتم لقبول ذلك مبدئياٍ دفع التعويضات الكافية لليمن عن كل ما لحق بها من خراب ودمار طال كل مفاصل الحياة وكل شبر من أرضنا الغالية شجرها وحجرها وبشرها .
يصعب نسيان جرائم العدوان
من جهته يقول أ.د. مقبل العمري أستاذ الفقه المقارن: السعودية بعدوانها السافر على اليمن أسست لمستقبل مغاير تماماٍ لما مضى من العلاقات اليمنية السعودية وهذا العدوان كفيل بتدمير ما مضى من علاقات حسن جوار وسوف تكون العلاقات حذرة ومشوبة بالحقد والثأر من قبل أطفال وحرائر اليمن. وفي حالة تجدد العلاقات اليمنية السعودية مستقبلاٍ فستكون علاقات ندية لا يكون فيها للسعودية أي تأثير على الشأن اليمني بعد هذه الحرب الظالمة.
ويختتم حديثه بقوله: أتوقع أن العلاقات اليمنية السعودية لن تعود إلى طبيعتها إلا بعد زوال الأسرة الحاكمة من الوجود لأن آل سعود حفروا قبورهم بأيديهم في مقبرة الغزاة.
حقد دفين على اليمن
* فيما يقول د. خالد محمد الكميم/ أستاذ القانون الدولي المساعد: بالتأكيد المصالح أصل العلاقات بين الدول وفي العلاقات الدولية بين الدول لأعداء دائم ولا سلام دائم بل مصالح دائمة وإذا كان هذا عرف وعمل الدولة الطبيعية في العالم المعاصر- وحتى القديم- فإن هناك نشازاٍ قد يحدث من إحدى الدول سواء لغرور وجبروت في حالة ما أو شعورها بالقوة أو نتيجة لمكيدة بهدف الوقيعة بها..والأمثلة كثيرة من التاريخ وصدام حسين واجتياحه الكويت شيء من ذلك..ويعرف الجميع كيف جاءت النتائج.
مؤكداٍ أن نهاية السعودية وخيمة جراء عدوانها وإجرامها خاصة إذا ما واصلت جنونها واستكبارها فإن النهاية أسوأ وخسارتها ستكون أفدح لأن اليمنيين حسموا أمرهم باتجاه النصر.

قد يعجبك ايضا