منشورات الطائرات .. المهمة الحقيرة

مواطنون بتعز يؤكدون تلقيهم منشورات من طائرات العدوان تطلب نزوحهم
أسر غادرت منازلها قسراٍ .. وأخرى سلمت أمرها لله ومعرضة للقصف
ذات مساء غادر اجتمع زبانية الاستبداد والظلم ليتدارسوا خطة تفتك بأرض العروبة اليمن فأجمعوا أمرهم وشركاءهم على أن يفتكوا بالضحية بأي طريقة كانت سواء بالذبح أو القتل شنقا أو بتشريده بين الأمم وغير ذلك من الوسائل الفتاكة وكان مما أجمعوا عليه قبل أن يبدأوا رحلتهم التآمرية أن يستخدموا كافة الوسائل الممكنة لإقناع الضحية أن محاولات قتله من قبلهم إنما هي من قبيل المساعدة الإنسانية وأنها ما جاءت إلا من رحم الأخوة والمودة الخالصة وبالفعل شرع أزلام الإرهاب هؤلاء في تنفيذ ما عزموا عليه.. هذا السيناريو العجيب ليس من وحي خيال القصاص بل هو ذات السيناريو الذي تقوم به السعودية ومعها دول التحالف تجاه الضحية دوما الشعب اليمني.. وما يهمنا هنا هو الطريقة الحقيرة التي لجأ إليها ذلك التحالف في إطار محاولاته لإقناع المواطنين بطيب ونبل أهداف عدوانهم والمتمثلة بإنزال منشورات على سكان بعض الأحياء السكنية عن طريق الطائرات الحربية.. والسؤال : ما هي أبعاد إنزال منشورات من طائرات العدوان على السكان¿وهل يصدق الناس تلك المنشورات¿
منذ أن دشنت قوات التحالف العدواني العربية بقيادة السعودية حربها على اليمن حرصت على أن تعمل جاهدة لتبرير عدوانها عن طريق وسائل الإقناع المختلفة وعلى رأسها وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة واستخدمت للوصول إلى ذلك كل ما تملك من خطوط وصل بينها وبين العالم لكن بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على العدوان فشلت في تسويق فكرة مساعدة الشعب اليمني عن طريق الحرب فلجأت بعد ذلك إلى طريقة جديدة حيث قامت بشحن طائراتها الحربية بصناديق بداخلها منشورات وتقوم بإلقائها على سكان بعض أحياء المدن التي يريدونها أو يستهدفونها.
قبل أسابيع من الآن كانت الحرب تدور رحاها في منطقة بأسفل جبل صبر بين الجيش واللجان الشعبية من جهة وما يسمى بالمقاومة من جهة أخرى وبينما كان السكان ينتظرون لحظة انفراج يفاجأون بطائرة حربية تحلق فوق المنطقة لكنها لهدف يختلف عن السابق فلأول مرة ترمي بمنشورات دعائية إعلامية تناثرت وتوزعت على عدد من القرى هناك وبعد إلقاء تلك المنشورات ابتعدت الطائرة مسافة ليست ببعيدة وقامت برمي الصناديق الفارغة على قمم جبل صبر الموادم وبالتحديد على التلال المحيطة بعزلة سيعة بالقرب من منازل مكتظة بالساكنين والملفت في الأمر أن الطائرة لم تعر سلامة السكان أي اهتمام فكالعادة حياة اليمنيين المدنين في الهامش.
صبحي عبدالإله كان واحداٍ ممن وصلت إليه إحدى تلك المنشورات يقول : “في الساعة الرابعة عصرا جاءت طائرة حربية وحلقت فوق سماء المنطقة فكنا نسمع صوتها دون أن نرى جسمها في الجو وكالعادة كنا ننتظر صاروخا يدمر مكانا ما في المنطقة غير أننا ــ بعيد لحظات من تحليقها ــ بدأنا نشاهد تساقط أوراق على رؤوسنا وبعد الاطلاع عليها وجدنا أن قوات العدوان تحاول تعويض ما فاتها من ترويج لعملها عن طريق الإعلام بعد غياب التيار الكهربائي عن المنطقة لفترة طويلة وكانت المنشورات ـ عموما ـ تعرف بأهداف الحملة العدوانية حيث تقول أنها تأتي في إطار مساعدات الخليج للشعب اليمني وأن هدفها الأساسي تحرير الشعب من آلامه وأوجاعه وتعد بالرفاه والاستقرار بعد انتهائهم من تحقيق الأهداف الأولية بالنسبة لها”.
تخويف وتشريد
صبيحة يوم الخميس الموافق الخامس والعشرين من شهر يونيو المنصرم كان سكان حي ثعبات الواقع شرقي مدينة تعز على موعد مع خبر لم يكونوا يتخيلوه فعلى الرغم من أنهم لم يكونوا قد أفاقوا من الحالة النفسية التي سببتها لهم قوات العدوان حينما قامت بقصف منزل الروحاني بصاروخ هز الحي بأكمله وأوقع عدداٍ كبيراٍ من الشهداء والجرحى تفاجأ السكان بطائرة حربية تحلق فوق سماء المنطقة وقامت بإلقاء منشورات فوق رؤوسهم غير أن هذه المنشورات تختلف تماما عن سابقاتها فبينما اتسمت المنشورات السابقة بطابع دعائي جاءت هذه الأخيرة لترعب السكان حيث طلبت منهم مغادرة منازلهم إلى أماكن أخرى لقصفها بصواريخهم المدمرة.
بين الاستجابة والرفض
بالطبع كان تفاعل السكان مع طلب قوات العدوان متفاوتا فمن السكان من حمل نفسه وأسرته ورحل من منزله مغلوبا على أمره متوجها إلى منازل أقاربه في أماكن أخرى فهذا المواطن عبدالقادر السالمي كان أحد من رضخوا لتهديدات طيران العدوان يوضح الأمر بقوله : “كان الطيران قد أبدى بشاعة منقطعة النظير بقصفه لمنزل الروحاني وقتل كل من بداخله لذلك وجدنا أنفسنا مضطرين للخروج من منازلنا حتى لا نلقى ذات المصير”, ويضيف : “ما يؤرقني أنني لا امتلك أي منزل آخر ولا أملك أقارب يسكنون في مكان قريب لذا أجد نفسي مضطرا للرحيل إلى الحديدة حيث يسكن أحد أبناء عمومتي هناك وسأقطن في منزله حتى يأتي الله بالفرج من عنده”.
وعلى غرار السالمي رحل الكثيرون من أبناء الحي غير أن عدداٍ من الأسر القاطنة هناك رفضت فكرة الرحيل ليس لأنها في مأمن بل لأنها لا تملك أي مكان آخر يأويها غير منزلها في هذا المكان ويقول المواطن فؤاد الطيب, متسائلاٍ بتهكم : “أين أذهب أنا لا أملك سوى منزلي هذا وبداخله 13 فرداٍ كلهم أبنائي وأحفادي¿ لذلك لن أذهب إلى أي مكان آخر سأمكث هنا ” وقدر الله وما شاء فعل”.
سذاجة الطلب
لم يكتف العدوان السعودي بما يرتكبه من جرائم بحق الشعب اليمني من قتل وتدمير للممتلكات العامة والخاصة وتدمير البنية التحتية وخلق الأزمات الغذائية بل يقوم, وبكل سذاجة, ليطلب ــ عن طريق منشوراته تارة والخطاب الإعلامي تارة أخرى ــ من سكان بعض الأحياء بمغادرة منازلهم لقصفها ومن جهة أخرى يأتي لسكان أحياء أخرى ليلمع جرائمه في عيونهم محاولا إقناعهم بخيرية ما يفعل.

قد يعجبك ايضا