الأرياف على حافة “عوز غذائي”

حينما ارتضى الكثير من أبناء الشعب اليمني من الفقراء  العيش في دنيا المآسي بالنسبة لهم لم يكونوا يطمعون بأكثر من أمن تستقر به أيامهم وكسرة خبز تضمن لهم استمرار تنفسهم لا غير أما في الوقت الحالي وقد فقدوا ما كانوا يطمعون به فهم الآن يقاومون ما فرضته الحرب العدوانية والحصار الذي تمارسه المملكة السعودية على اليمن, وذلك عن طريق بعض الوسائل  البديلة خصوصا في الأرياف  كالاحتطاب بدلاٍ عن الغاز والوجبات الشعبية في الجبال بدلا عن المواد الغذائية المصنعة التي صادرها حصار العدوان, وبرزت بشكل واضح صور التكافل الاجتماعي بين السكان, وهذا خفف العبء على الكثير من الأسر.
هذه الصورة بتجلياتها ننقلها لكم من محافظة تعز .. نتابع:

على غير العادة أقبل شهر رمضان المبارك إذ لم يأت بالفرحة معه كما عهده أبناء اليمن, وبالمقابل لم يتمكنوا من استقبال الضيف الكريم ضيف الرحمن بذات الحفاوة والترحاب الذي تعودوا عليه في كل عام يقبل عليهم, ويعود السبب في ذلك إلى الحرب العدوانية التي شنتها الجارة العدوانية مملكة آل سعود ضد أبناء الشعب اليمني فقد أدى هذا العدوان إلى تردي الحالة المعيشية لدى الكثير من الأسر وتراجع حال بعضها إلى الصفر “الفقر المدقع “, وأدى توقف الكثير من الخدمات الأساسية إلى زيادة المعاناة, وكان أكثر المتضررين من هذه الحرب أولئك الذين كانوا قبل أن تدشن السعودية عدوانها يعيشون  شظف العيش من خلال عملهم بالأجر اليومي في هذه المدينة أو تلك في هذا المكان أو ذاك داخل  وطنهم الكبير الكريم وتتمثل عمق المأساة  لدى هؤلاء  بنفاذ المخزون المالي الذي كانوا يدخرونه لنوائب الزمن كالمرض مثلا وبالتالي أصبحوا عاجزين عن شراء المواد الغذائية الأساسية لأسرهم علما بأن غيرهم حتى من الأسر الميسورة تجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى ذات المبتغى من توفير حاجياتهم الأساسية كالغاز المنزلي وأكياس القمح وغير ذلك من الضروريات.  .
حلول مبتكرة
عبدالكريم سعيد, مواطن يبلغ من العمر ثمانية وأربعين عاما ويعول أسرته المكونة من تسعة أفراد أغلبهم من الإناث القصر كان هذا الرجل قبل الحرب ينفق على أسرته من مدخوله اليومي فهو يعمل  في مهنة البناء بالعاصمة صنعاء ومنذ أن بدأ العدوان على اليمن انقطع هذا المصدر, ومن حينه لجأ إلى شراء المواد الغذائية من ماله الذي كان قد ادخره غير أن هذا المال لم يدم له طويلا فقد قضى عليه ارتفاع الأسعار الخيالية من جهة ومحاولات البحث المستمرة عن المواد الغذائية من مدينة إلى أخرى وبالتالي وجد الرجل نفسه أمام مصيبة كبيرة فهو يعلم علم اليقين أنه إن لم يتحرك ويبحث عن حل ويجد الغذاء لأسرته فإن  الموت سيغيب عن ناظريه أبناءه الواحد تلو الآخر وقد يكون هو أول الراحلين وبعد تفكير طويل لمعت أمام عقله فكرة الخلاص لأسرته من أنياب الموت المحقق إذ  قرر أن يلجأ إلى الاحتطاب  كحل لصعوبة الحصول على  اسطوانات الغاز التي لا يستطيع الحصول عليها من جهتين : الأولى عدم امتلاكه لقيمتها التي وصلت إلى حوالي سبعة آلاف ريال في مناطق مختلفة والثانية أن أمر الحصول عليها أمر في غاية الصعوبة  أيضا فكر  ـ بالتعاون مع زوجته ـ إلى قطف بعض الأشجار التي يمكن أن تْطبخ وتقدم للأكل رغم أنه لم يعهد أكلها من قبل وبالفعل نفذ الرجل ما عزم عليه وهاهو يمضي الأسبوع الأول بذات الطريقة بما في ذلك الأيام الأولى من الشهر الفضيل في ريف صبر بمحافظة تعز .
الحاجة أْم الاختراع
جميل بكالي كان أكثر إبداعاٍ في حلوله من حيث التعامل مع المشكلة والتكيف مع الوضع المأساوي علما بأن الحالة المادية لا تقل صعوبة عنده من سابقه هذا الرجل الذي يبلغ من العمر 53 أو كما يسميه هو “موقد ”   ويتكون هذا الموقد من “فارغ ” سمن القمرية العبوة الكبيرة وضع بداخله طين مخلوط بأعلاف الشعير اليابسة لغرض تماسكه وأبقى الجزء الأسفل فارغا كي يتمكن من وضع أعواد الحطب ومن ثم إشعالها وبعد ذلك يقوم باستحداث خمسة ثقوب من الأعلى كي تخرج النار منها دون مصاحبة الدخان الذي غالبا ما يفسد الوجبات الغذائية .
مبادرات تكافل
في أكثر من مديرية بمحافظة تعز نشأت جمعيات خيرية تهدف إلى تخفيف معاناة الأسر المعدمة والتي تضررت كثيرا من الحرب العدوانية للجارة السعودية  حيث تقوم هذه الجمعيات بجمع التبرعات العينية أو النقدية ومن ثم توزيعها على تلك الأسر التي تقطعت بها سبل الحياة.
 مهيب حماد  شاب في الثلاثين من عمره  كان أحد المبادرين إلى استحداث جمعية خيرية لذات الغرض وقد تمكن مع عدد من رفقائه من تشكيلها وجمعوا التبرعات من الناس الميسورين وقاموا بتوزيعها على بعض الأسر الفقيرة في أحيائهم القريبة منهم وقال حماد: إنهم سيعملون على توسيع نشاطهم ليشمل أكبر قدر ممكن من الأسر الفقيرة .
 وعلى غرار ما قام به الشاب مهيب, قام عدد من الشباب في مدينة تعز وعلى رأسهم الشاب حامد السالمي بجمع تبرعات ومساعدات غذائية من أصحاب الخير ومن التجار  وقاموا بتوزيعها على أسر حيهم السكني غير أن آلية توزيع ما حصلوا عليه كان قد اقتصر على الأسر التي فقدت عائلها في الحرب الحالية ولم يكن يمتلك راتبا من الدولة يتولى مهمة الإنفاق عليهم وقد التقى كاتب التحقيق بعدد من الأسر المستفيدة التي صرحت من جانبها عن عظيم شكرها لما يقوم به  أصحاب الخير في حيهم السكني وتمنوا ألا تنقطع هذه المعونات عنهم .
إنقاذ
 تعيش الكثير من الأسر اليمنية خاصة في المدن حالة صعبة للغاية وهي تنتظر من رجال الخير تقديم يد المساعدة لهم ولأسرهم  وأملهم في إخوانهم اليمنيين كبير حتى يفرج الله عن اليمن ما هي فيه من كرب وبلاء.

قد يعجبك ايضا