العدوان يتعمد ترويع الآمنين

آلاف من الأطفال والنساء والمسنين وغيرهم من المدنيين الأبرياء كما تؤكد ذلك الاحصائيات الرسمية وتقارير المنظمات الدولية المعنية سقطوا مضرجين بدمائهم في الغارات الوحشية الغادرة التي تنفذها طائرات العدوان السعودي على عموم محافظات اليمن منذ ما يقارب الثلاثة أشهر .. لكن الملايين من أولئك الأبرياء من سكان المدن والقرى اليمنية يطالهم وبشكل يومي وتحديداٍ كل مساء آثار العدوان ودوي انفجارات صواريخه وقذائفه إذ أصبح يتعمد وبوضوح ترويع الآمنين من خلال تكثيف غاراته الجوية في أوقات متأخرة من الليل وهو السلوك العدواني الذي لم يجد له الكثير من المراقبين ليوميات العدوان تفسيرا منطقيا أو تبريراٍ مقبولا غير التأكيد بان هذا العدوان الآثم يتعمد وبإمعان لترويع الآمنين لغايات لا تفهمها سوى نفسيات وعقول القائمين على أمر العدوان .
تساؤلات حائرة
ترى الخوف والحيرة باديان ومرتسمان على وجوه أطفال ونساء الأحياء السكنية في العاصمة صنعاء وخاصة تلك التي تستهدفها طائرات العدوان بشكل دائم مثل أحياء نقم وسعوان وشميلة شرقي وجنوب العاصمة وفج عطان جنوب غرب وحي المطار شمالا ومذبح غرباٍ والتحرير وسط الأمانة .
وتقول سعيدة أحمد وهي ربة بيت في حي الشعب السكني بمنطقة سعوان بأن أزيز الطائرات أصبح كابوساٍ دائماٍ لديها ولدى أطفالها ..وتضيف بأن أطفالها يتملكهم خوف شديد كلما سمعوا أصوات الطائرات ودوي الانفجارات وكثير ما يتساءلون عن الذنب والجريمة التي اقترفوها حتى يواجهوا كل هذا العنف من قبل السعودية ..
لكنها تتساءل ايضا عن سر التوقيت الغريب الذي دأبت عليه طائرات العدوان في تنفيذ غاراتها والمتمثل في الأوقات المتأخرة من الليل وفي وقت السحر حين يكون الأطفال يغطون في نوم عميق ¿
هناك كثير من الامهات اعتمدن وسائل وأساليب متعددة لتخفيف الاثار الناجمة عن دوي الانفجارات الليلية الضخمة على اطفالهن عندما يأوون إلى مضاجعهم وتقول هنادي يحيى وهي ربة بيت في حي نقم السكني: بأنها تأخذ قطعاٍ من القطن وتضعه في آذان طفليها عند النوم.. لكن هذه الحيلة كما توضح كثيراٍ ما تفشل في تحقيق هدفها إذ أن دوي الانفجارات دائماٍ ما يكون قوياٍ جداٍ ما يؤدي إلى استيقاظ أبنائها .. ومعايشة الخوف والذعر الذي يتواصل طيلة تنفيذ الغارات والتي تستمر أحياناٍ لساعات.
لا مكان آمن
العديد من الأسر والعائلات من الساكنين في الأحياء السكنية الأكثر استهدافاٍ للطائرات غادرت منازلها بحثا عن الامان في أماكن بعيدة سواء في نطاق العاصمة أو حتى إلى محافظات أخرى لكنها سرعان ما عادت إذ أن دوي القصف يسمع في كل مكان من البلاد ويوضح خالد العزي وهو من سكان حي نقم ويعول أسرة من طفلين وزوجة مع أبويه بأنه قام خلال أيام فقط بالعديد من عمليات الرحيل إلى مناطق اخرى في العاصمة لكنه كان في كل مرة كما يقول يعود إلى منزله فإضافة إلى الوضع المعيشي المتردي بسبب العدوان والحصار وتوقف عمله فإنه لم يعد هناك مكان آمن بالفعل وأن غارات الطائرات لا تقتصر على مكان معين بل تستهدف كل مكان .
وكما فعل خالد العزي فعل الكثيرون من أرباب الأسر القاطنة في حي نقم الذي بات هدفاٍ دائما لطائرات العدوان .. وهو ما اضطر السكان إلى تسليم أمرهم لله والبقاء في منازلهم يراقبون الخوف والروع في نفوس صغارهم ولا يجدون سوى انتظار المكتوب لهم من خالقهم العظيم.
استعداد دائم
العديد من النسوة ربات البيوت في أحياء العاصمة صنعاء بتن يعشن حالياٍ استعداداٍ دائماٍ للرحيل عن الدنيا ويبررن ذلك ببقاء الطائرات المعتدية على رؤوسهم في كل وقت لذلك فهن يلبسن الحجاب تحسباٍ لأي شيء.
وتقول أم عمار وهي أم لعشرة من الابناء: بأنها لم تغادر ابداٍ حي نقم الذي تقطنه مع أبنائها وزوجها على الرغم من قربه من الجبل الذي تستهدفه الطائرات يوميا ومنذ بدء العدوان قبل أكثر من 13 أسبوعاٍ وعلى الرغم من مغادرة العديد من الجيران ..
وتضيف هذه الأم الحامل في شهرها التاسع بأنها وبناتها لا يكدن يضعن حجابهن ليلا أو نهاراٍ فالإنسان حسب قولها ضعيف ومعرض لأي مكروه فإذا ما حصل شر لا قدر الله نكون قد لبسنا الزي الساتر الشرعي .. خاصة ونحن نرى المشاهد المروعة لعملية إخراج جثث النساء والأطفال من تحت الأنقاض في كل مكان ..
وتبرر هذه الأم إصرارها على البقاء في منزلها بحي نقم بعدم وجود مكان آخر للذهاب إليه .
آثار وتداعيات
الآثار النفسية على الأطفال والناجمة عن الغارات الليلية كثيرة وعديدة فمنها ما هو وقتي  ومنها ما يكون بعيد المدى, ويقول محمد عبدالله وهو مختص في علم النفس التربوي : بأن دوي الانفجارات الشديدة واصوات الطائرات في أوقات متأخرة من الليل غالبا ما تسبب في حدوث حالات من الذعر والاضطرابات السلوكية لدى الاطفال .. ويشير إلى أن هذه الآثار قد تصاحب الطفل في حياته المستقبلية وقد تنعكس سلبا في سلوكياته المستقبلية إذ يتسبب ذلك في تنامي السلوك العدواني لديه وتزيد من مشاعر الكراهية والأحقاد والرغبة في الانتقام وهي السلوكيات الخطيرة التي قد تلازم الصغير في مراحل متقدمة من عمره .
وينصح بمحاولة تجنيب الصغار الاستماع إلى مثل هذه الانفجارات القوية والسعي الحثيث إلى إبعادهم قدر المستطاع عن الأماكن المستهدفة لطائرات العدوان .

قد يعجبك ايضا