على المستوى المحلي والإقليمي والدولي يحتفل اليمنيون هذا العام بالعيد الفضي الـ25 للوحدة اليمنية المباركة الـ22 من مايو 1990م وهي ذكرى عزيزة على قلب كل يمني حر كون الثاني والعشرين من مايو 1990م مثل بداية انطلاقة جديدة في حياة اليمنيين وجسد تضحيات ونضالات أجيال اليمنيين المتعاقبة عبر قرون من الزمن التواقة والمتطلعة إلى إعادة اللحمة اليمنية الأرض والإنسان إلى مسارها الطبيعي المتجسد في الوحدة اليمنية المتحققة في الـ22 من مايو 1990م في ظروف استثنائية حرجة وغاية في التعقيد ومثل هكذا انجاز حققه اليمنيون في غفلة من الزمن وفي ظل انحسار الحرب الباردة وبداية لهيمنة القطب الواحد وانشغال العالم بأحداثها المتسارعة وتغير موازين القوى وأدوات صراعها وإعادة رسم استراتيجياتها الإقليمية والدولية تماشيا مع الوضع الجديد وما أفرزته من أحداث وصراعات دولية كحربي الخليج الأولى والثانية و… و… إلخ.
هي أحداث وصراعات ما لبث العالم يلتقط أنفاسه من وقعها حتى سارعت القوى المنتصرة لانتهاز فرصتها في فرض سيطرتها عبر استراتيجية هيمنة القطب الواحد لتضع وفقا لذلك مخططها في إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط بما يتناسب مع مصالحها ويعزز من هيمنتها على العالم عامة ومنطقة الشرق الأوسط خاصة وبما يعطي الكيان الصهيوني دورا أكبر في إدارة شؤون منطقة الشرق الأوسط على حساب حق شعوبها التواقة إلى الخلاص من الهيمنة الاستعمارية والاستقلال ونصرة القضايا العربية العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
ما ذكرناه آنفا لم يكن من أجل إيضاح الصورة أمام القارئ الكريم لأن ما تتعرض له اليمن اليوم ليس إلا امتدادا لمؤامرة الانفصال التي هدفها إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء وإعادة اليمن إلى زمن التشرذم والتشطير والانفصال والشتات والحروب والتي خرج منها الشعب منتصرا لوحدته وهي مؤامرة إقليمية ودولية هيأت لها رياح ما سمي بالربيع العربي المناخ المناسب لتبعث من جديد وبلبوس شتى وتحت مسميات وشعارات ويافطات لا تمت لحاجة وواقع اليمن بصلة..
وعندما لم يفلح المتآمرون في الداخل في فرض واقع الانفصال تحت شعار الأقلمة وآخرها محاولة هادي فرض واقع الانفصال في عدن دون الإعلان عنه رسميا كان لقوى التآمر الخارجية دورها في إجهاض الحوار الذي كاد اليمنيون من خلاله برعاية أممية -ممثلة بموفد الأمين العام للأمم المتحدة بن عمر- أن يصلوا إلى صيغة توافقية في الخروج من الأزمة من خلال قيام دول التحالف بقيادة مملكة آل سعود بشن الحرب والعدوان على اليمن في 26 مارس الماضي والمستمر حتى اليوم بذريعة دعم الشرعية.. و.. والى آخر ذلك من المسميات الماكرة والدنيئة.. ولعل بيان بن عمر التوضيحي الأخير لدى مجلس الأمم المتحدة قد أوضح الحقيقة.. وإن لم تكن كاملة..
إن شن العدوان على اليمن اليوم ليس إلا امتدادا لمؤامرة الانفصال الآنفة الذكر وفرض الأمر الواقع من خلال تدمير اليمن وتفتيت جيشه وهدم مؤسساته الدستورية والسيادية وتدمير بناه التحتية وشل قدراته وضرب اقتصاده من خلال حصاره برا وبحرا وجوا بهدف تجويعه وتركيعه تحت ذل الحاجة وفرض سياسة الأمر الواقع.. وفي هذا الاتجاه لم يكن ما يسمى بـ”مؤتمر الرياض” إلا إحدى حلقات التآمر على اليمن المعد لها سلفا وتجلى ذلك من خلال مخرجاته الهزيلة والتي لا تخدم سوى أعداء الوطن وإن يرى في ظاهرها الرحمة ففي باطنها العذاب..
كم كنت أتمنى من المتردية والنطيحة أعضاء مؤتمر التآمر في الرياض أن يطالبوا دول تحالف العدوان بقيادة السعودية أن يوقفوا عدوانهم التدميري على اليمن – الأرض والإنسان- والذي يزيد مداه حتى اليوم عن ثمانية وخمسين يوما- لعلنا من خلال ذلك الطلب نستدل على يمنيتهم ووطنيتهم المدعاة انتسابهم إلى اليمن..
وفي الختام.. قد يكون مؤتمر جنيف القادم يحمل في طياته لليمنيين بعض الأمل في إيقاف العدوان والعودة إلى طاولة الحوار والخروج برؤى توافقية تفضي إلى عودة البلاد إلى المسار الديمقراطي (الانتخابات) الذي افتقدته بسبب الفوضى الخلاقة مطلع 2011م.
Next Post
قد يعجبك ايضا
