دوي الانفجارات .. مشكلة تؤرق الكبار وتؤذي الصغار

> الطرق النفسية للتخفيف من الخوف أفضل من العقاقيرالمسكنة لأن أعراضها الجانبية خطرة

مئات الأطفال سقطوا شهداء باستهداف مباشر من غارات العدوان السعودي الأمريكي وقد يزيد عدد الجرحى منهم عن الألف طفل خلال 25 يوماٍ من العدوان الذي بدأ في الـ26 من مارس الماضي ومن لم يصب من الأطفال مباشرة فذلك لا يعني أنه نجا من المخاطر والتداعيات فالآلاف من الأطفال أصبحوا أيتاماٍ بدون أب أو أم ومنهم من يعانون يومياٍ بسماعهم دوي الانفجارات وخصوصاٍ أولئك القريبين من المناطق المستهدفة فما هي الآثار والأعراض التي يسببها هذا الوضع على الناس وخصوصاٍ الأطفال منهم كيف يتعامل أولياء الأمور مع هذه المشكلة…

أطفالي الثلاثة لا يمكنهم النوم من دوي الانفجارات وأصوات الصواريخ والمضادات وأصوات الطائرات التي تزداد أصواتها يوماٍ بعد يوم, هذا ما قالته (أ.أ) وأضافت: قمت أنا ووالدهم بعدد من المحاولات حتى لا يسمع أطفالنا أصوات تلك الانفجارات التي تخيفنا نحن أيضاٍ فتارة نرفع صوت التلفاز وتارة أخرى نلعب معهم ونرفع أصواتنا جميعاٍ حتى لا يتمكنوا من سماع أصوات القذائف ومضادات الطيران لكن دون فائدة فأطفالنا أذكياء ويكشفون خططنا للتغطية عن تلك الأصوات في الغالب وخوفهم منها يزداد يوماٍ بعد يوم لهذا قررنا أنا وزوجي التوجه للصيدلية لشراء دواء يقلل من حدة الخوف لدى أبنائنا فأعطانا الصيدلي فيتامين حديد والآن نحن نستخدمه عل ذلك يخفف من حدة نوبات الخوف التي بدأت بالظهور على أبنائنا في الفترة الأخيرة..
أمة السلام -أم لخمسة أطفال- تسكن في منطقة نقم تشكي بمرارة حالها وحال أبنائها الذين يصرخون طوال الليل من أصوات المضادات والقذائف وهي لا تعرف وسيلة لإسكات تلك الأصوات ووصفت حالها بالقول: “بت لا أعرف ليلي من نهاري”..
(تجارب سابقة)
الحجة تقوى ذات السبعين عاماٍ والتي عاصرت عدداٍ من الحروب في بلادنا تقدم لنا خبراتها وتجاربها لتفادي الخوف والقلق لدى الأطفال والكبار وتقول: من المهم أن يأكل الجميع كميات من التمر في الصباح والمساء .. إضافة إلى وجبة المطيط المتعارف عليها في الوسط اليمني لأنها تخفف من نسبة الخوف لدى الإنسان وهي وصفة مجربة منذ القدم لهذا فهي وأسرتها يتناولون وجبة المطيط بصورة شبه دائمة والنتائج مضمونة كما تقول للحد من الخوف.
يؤكد الحاج طاهر – رب أسرة – يسكن مع أولاده الكبار ونساء أبنائهم وأطفالهم في منزل واحد بصنعاء القديمة .. أن الهلع والخوف والقلق لا يخلو من منزله طوال اليوم ولا يوجد مكان يفر إليه هو وأسرته رغم أنه وفر المواد الغذائية لستة أشهر ووضعها في المخزن لكي يخفف حدة الخوف لدى أفراد أسرته لكن لا حياة لمن تنادي .. لهذا اضطر إلى الذهاب للطبيب ليصف لهم أدوية مقوية للكبار والصغار ومجموعة من الفيتامينات منها (Fauerin , dupatlin) (Duspalalinrererd).
(طوق النجاة)
عبدالسلام وقاسم ومحمود وطاهر مجموعة من الشباب قرروا أن يتخطوا مرحلة الخوف والقلق من المضادات والقصف الجوي على بلادنا باستخدام أدوية مهدئة ومقوية لكي يتمكنوا من الصمود لوقت أطول دون خوف وبعد الانتهاء من تناول القات و(التخزينة) يبدأ الخوف من الساعة 12 مساء فيقومون بتناول الأدوية المهدئة التي يحصلون عليها من الصيدليات بكل سهولة ويسر..
وللفتيات النصيب الأكبر من الخوف فهن بطبيعتهن أكثر خوفاٍ ورهبة من الراجع والقذائف وخاصة مع ازدياد الشائعات التي تؤكد أن معظم الأشخاص المرضى المتواجدين في المستشفيات قد أصابهم راجع المضادات الجوية بضرر كبير أثناء مرورهم في الشوارع لهذا فهن لا يخرجن من منازلهن وليس هذا ما يخيفهن فقط فالأصوات المرتفعة للانفجارات ومضاد الطيران يرعبهن أيضاٍ ولهذا قررت هدى وسعاد ومنية التوجه للصيدلية وأخذ أدوية منومة حتى لا يسمعون الضربات والقصف ليلاٍ وهم على هذا الحال منذ بداية الأزمة وحتى يومنا هذا..
(أدوية مهدئة)
فيما تشكو كثير من الأمهات من إصابة أبنائهن بالتبول اللاإرادي من شدة الخوف وأصوات الانفجارات والضربات التي تستمر طوال الليل.
الصيدلي علي السمة “صيدلية دار الأمان” يؤكد لنا أن زبائنه هذه الأيام من المرضى بات الكثير منهم مصابين بفوبيا الخوف من أصوات الرصاص والقذائف والراجع, ففي اليوم الواحد يستقبل من خمسة إلى سبعة أشخاص يرغبون في شراء أدوية مهدئة خاصة للأطفال وأنا بدوري أعطيهم فيتامين حديد أو بعض الفيتامينات التي لا تحتاج إلى وصفة طبية وكذلك الكبار ومعظمهم من النساء طبعاٍ كما يقول السمة … أما الأدوية التي تكون بحاجة إلى وصفة طبية كالمهدئات الليلية ومسكنات القلق والتوتر فهذه لا نصرفها إلا بروشتة من الطبيب المختص..
لم يختلف معه في الرأي الدكتور والصيدلي “زياد غبش” مجموعة صيدليات ومراكز غبش الطبية بأن الحالة التي تعيشها بلادنا هذه الأيام من خوف وهلع لدى أبنائه بسبب الضربات والقذائف الراجع وأصوات الطائرات القوية خاصة في المناطق التي يكون سكانها أمام المناطق المستهدفة فإن نسبة الخوف تزداد لديهم وبصورة مخيفة ويؤكد غبش أن ما يقارب 9 – 10 أشخاص يعانون من الهلع الشديد يأتون إلى صيدليته لشراء أدوية مسكنة تخفف من نسبة الخوف لدى أطفالهم ونسائهم منهم من يحضر بوصفة من طبيب مختص ومنهم من يأتي إلينا بنفسه وبمجرد استشارة من صديق.
ويفيد غبش: عندما يصاب الطفل بالتبول اللاإرادي أو الخوف البسيط نعطيه فيتامين حديد وهو عبارة عن شراب للأطفال يعطى مرة واحدة في اليوم وهو بدوره يعطي مناعة للأطفال من الخوف والكبار, كذلك يتم إعطاؤهم حقن فيتامين حديد وبعض الفيتامينات الأخرى .. وفي حالة ما نلاحظ بأن الشخص القادم إلينا أكثر تخوفاٍ فإننا ننصحهم بالتوجه للطبيب المختص ليصف له أدوية مهدئة ومسكنة ومخففة من الهلع والخوف لكننا لا يمكن أن نعطيها له دون روشتة من الطبيب فهو الوحيد الذي يمكن أن يحدد مدى تحمل المريض وتقبله للدواء.
(اضطرابات نفسية)
وبدورنا توجهنا للدكتورة سلوى حمود -أخصائية طب عام – حيث أفادت: إن هذه الأيام مع الأوضاع المتردية في اليمن فإن كثيراٍ من الناس يعانون من عدم الاستقرار النفسي والذهني ولا يعرفون متى سوف تنتهي هذه المأساة ولهذا فإنهم يلجأون إلينا بحثاٍ عن حل لأولادهم الصغار الذين يكثرون من الصراخ وتظهر لديهم حالات عديدة كالتبول اللاإرادي والصراخ وفقدان الشهية للأكل ولهذا فهي ترى بأن على أولياء الأمور استخدام العلاج النفسي ومحاولة تهدئة أطفالهم بصورة أو بأخرى مثل شغل بالهم بألعاب الفيديو وبمشاهدة برامج الأطفال ورفع الصوت أثناء المشاهدة والتغاضي عن رفع أصواتهم في المنزل دون قيود وكذلك محاولة تخفيف حدة الخوف لدى الأطفال بمحاولة إقناعهم بأن أصوات الانفجارات عبارة عن ألعاب نارية لا تضر ونحن في المنزل ولن يصيبنا أي شيء وإذا لزم الأمر فإني أصف لهم Feriuo ic أو Multvit syrps أما للكبار فإني أصف للمريض Ant stress mul كما نوهت بأن كثرة استخدام الأدوية يضر المناعة لدى الأطفال.
(أضرار صحية)
ويشاطرها الرأي الدكتور عبدالله الذبحاني -أخصائي باطنية- بأن كثرة الأدوية المهدئة والمسكنة للأطفال تفقدهم المناعة وتولد لديهم التبول اللاإرادي وقد تسبب لدى بعض الأطفال الفشل الكلوي من كثرة استخدام الأدوية المهدئة وكذلك للكبار فهذه الأدوية المسكنة والمهدئة للقلق والتوتر تسبب لديهم الإدمان مستقبلاٍ ولا يمكنهم الاستغناء عنها حتى بعد انتهاء دواعي استعمالها وقد تؤثر على الكلى والكبد بصورة مباشرة أما الأدوية التي يفضل صرفها وليس لها أضرار على الكبار أو الصغار (Tofranil 25) و(Newhem) قطر الحديد (Hepp forte ) مع مجموعة من الفيتامينات التي يصرفها الطبيب حسب تقبل جسم الشخص له. وأما عن بقية الأدوية المهدئة والمسكنة فهي لا تخلو من إصابة الشخص بالأضرار الخطرة التي تؤدي إلى الوفاة مستقبلاٍ ولا ننصح بشراء أي أدوية إلا عن طريق الطبيب.
(مشكلات نفسية)
يرى علماء النفس أن الحرب تخيف الأطفال بنسبة أكبر من غيرهم وتظهر معالم الصدمة فيهم سريعاٍ بالقلق وكثرة البكاء وغيرها من العوارض لذلك نلاحظ أن الأعراض النفسية الناتجة عن الخوف والقلق لا تظهر عند الكثيرين إلى حين زوال تهديد الحرب. وتتخذ هذه الأعراض عدة أشكال من بينها الحركة الزائدة والقلق الحاد والانحلال الجسدي والكوابيس الليلية والهلوسات الناتجـة عن اسـتعـادة مخاوف الـنهار في أثناء النوم كذلك يمكن أن تظهر الأعراض عبر مشاكل جسدية – نفسية كتساقط الشعر والتأتأة والتبول الليلي لصغار سبق أن تخطوا هذه المرحلة إضافة إلى الاضطرابات الغذائية التي تراوح ما بين رفض الطعام والإفراط في تناوله والاضطرابات المعوية التي ينتج عنها التقيؤ والإسهال وعسر الهضم. وتظهر الأمراض النفسية أيضاٍ عبر الاضطرابات العاطفية بما فيها الشعور بالحزن العميق أو الطلب المرضي للعاطفة إضافة إلى ردود فعل شبيهة بالتوحد مع كل ما يرافقه من مشاكل في التواصل.

قد يعجبك ايضا