التكافل.. اقتصاد حان دوره

تفاجأ الحاج كمال الهمداني من سكان منطقة شعوب عندما دعاه أحد جيرانه لتناول طعام الغداء بأن جاره لا يمتلك شيئاٍ غير مائدة يومه وأيقن حينها بأن أسراٍ كثيرة تظهر العفة والكفاف بينما هي لا تمتلك شيئاٍ في المنزل.. فما كان منه إلا أن تعهد بأن يساند جاره ويرفده بما يستطيع من مواد غذائية واستهلاكية من حين لآخر.
الأخ علي حيدرة –عامل بناء- أحد هؤلاء الفقراء الذين يكفون أيديهم عن السؤال ويكتفون بما يأتيهم من رجال الخير والإحسان.. ورغم ما يعانيه من فقر وحاجة ماسة لسد جوعه وإطعام أسرته المكونة من زوجته وثلاثة أطفال إلا أنه يؤمن بأن الله سبحانه وتعالى معه ولن يتركه وأن هناك رجال خير يبحثون عن الضعفاء والمساكين من أمثاله حتى يحصل على عمل يكفيه ويكفي أسرته فهو أحد العمال الذين يعملون في مجال البناء والتشييد وهذا المجال متوقف حاليا بسبب الاعتداء من الجارة السعودية على البلاد مما أدى إلى توقف البناء والتشييد بنسبة كبيرة جدا وتضرر الكثير من العمال بسبب توقف هذا المجال وعلي حيدرة أحد هؤلاء الموقفين والعاطلين عن العمل.

صورتان
صورتان تنقل مدى ترابط وتراحم المجتمع اليمني في ظل ما تعيشه البلد من اعتداء غاشم من قبل الجارة السعودية وحلفائها الدول العشر.. وهناك حالات كثيرة من الأسر الفقيرة التي تحاول العيش بهدوء دون سؤال وتكتفي بالصمت بالمقابل هناك من يتلمس جاره ويسانده وقت الحاجة.
بطبيعة الحروب وكعادتها إذا استمرت فإنها لا تبقي ولا تذر وستطال الجميع الغني قبل الفقير الكبير قبل الصغير.. إلا أن آثار هذه الحروب تعتمد على مدى تكافل وتكاتف المجتمع.. فكلما كان المجتمع متكاتفا كلما كانت آثار هذه الحروب السلبية ضعيفة ومحدودة.. والعكس صحيح كلما كان المجتمع سلبيا كلما كانت الآثار أكبر وواسعة الانتشار.

تكافل اجتماعي
خبراء الاجتماع يؤكدون أن التكافل الاجتماعي في أوساط المجتمع الواحد يحد كثيرا من ظاهرة الفقر خصوصا في أوقات الحروب.. معتبرين أن هذا العمل يعتبر أحد مجالات اقتصاد الحرب الذي يخفف من حدة تفاقم الآثار السلبية للحروب.
وحول مدى توافق المجتمع اليمني في هذه الخاصية يقول عادل عبدالرقيب –اخصائي اجتماعي- إن المجتمع اليمني بطبيعته مجتمع كريم لا مكان فيه للبخل.. والمجتمع اليمني مضياف حيث يتلمس الجار جاره ويسانده ويساعده وقت الحاجة.
ويؤكد عبدالرقيب ضرورة تعزيز خاصية التكافل الاجتماعي خصوصا في هذه الفترة التي تمر بها البلد جراء العدوان الظالم من قبل النظام السعودي علينا كشعب يمني.. وسيكون لهذا التكافل الأثر الإيجابي في تعزيز العلاقات الاجتماعية في أوساط المجتمع اليمني.

أزمة إنسانية
بدوره يقول مرزوق عبدالودود –خبير اقتصادي- الأزمة الإنسانية والغذائية التي تمر بها اليمن لم تكن وليدة اللحظة وإنما هي نتيجة لمشكلات متراكمة تفجرت حاليا لتلقي بظلالها على مختلف المستويات ونجد أن هناك تقصيرا لدى الحكومات اليمنية المتعاقبة في معالجة تلك المشكلات التي أوصلت البلد إلى هذا المستوى من العوز الإنساني والذي وصل إلى أن أكثر من نصف اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر وأنهم لا يحصلون على الغذاء الكافي وسوء التغذية تتزايد يوما بعد آخر بين أوساط المجتمع.
وأضاف عبدالودود: هذه المؤشرات ليست جديدة بل تم الإشارة إليها في التقارير الاقتصادية المحلية والدولية منذ 2013م.. والمعروف أن اليمنيين يستورودون معظم غذائهم من الخارج ليصل الغذاء المستورد 90% وبدون شك ستتزايد معاناة الناس في ظل شن الطيران الحربي والضربات الجوية لعاصفة الحزم عملياتها على الأراضي اليمنية وإغلاق المنافذ البحرية والبرية والجوية التي يمكن من خلالها أن يتم إدخال المواد الغذائية.. ويضاعف المشكلة الإنسانية غياب الأجهزة الرسمية وهناك إهدار ومصادرة لحقوق المواطنين على مختلف الأصعدة وصعوبة عمل المنظمات الإغاثية المحلية والدولية وصعوبة تحرك الموظفين بين المحافظات اليمنية نتيجة العدوان.. بالإضافة إلى أن الحصار المفروض على التحويلات النقدية من الخارج إلى اليمن ومن المهم الإشارة إلى احتكار بعض التجار للسلع الضرورية مثل الحبوب مستغلة غياب الدولة وملاحظة التراجع الكبير في حركة النشاط التجاري والاقتصادي وتوقف بعض مشروعات القطاع الخاص ورغم ذلك نعول على القطاع الخاص ورجال المال والأعمال والميسورين أن يقوموا بدورهم في التكافل الاجتماعي والتخفيف عن الأسر المحتاجة لمواجهة احتياجاتها الغذائية وهو ما يحثنا عليه ديننا الإسلامي الحنيف والمجتمع اليمني بطبيعته متكافل ومتراحم وبالطبع فإن المجتمع الذي يسوده التكافل والتعاون ومساعدة المحتاجين ستسوده المحبة والأمن والاستقرار وإذا غابت هذه القيمة الرائعة في مجتمعنا اليمني وفي مثل هذه الظروف فإن ذلك سيوسع رقعة الفقر وانتشار الأمراض ويفتح أبواب الفساد والرذيلة على مصراعيه بين أوساط الأسر المحتاجة ومزيد من المشكلات الاجتماعية وبالتأكيد سينعكس ذلك على مزيد من عدم الاستقرار الأمني السياسي.

مناشدة
وناشد الخبير الاقتصادي من يمسك بزمام الأمور أن يتيح للناس التحرك والعمل بكل حرياتهم لمواجهة الكارثة وإيقافها عند حدودها الحالية وإطلاق الحريات العامة للناس التحرك والعمل بكل حرياتهم لمواجهة الكارثة لأن هناك بعض التحفظات من قبل رجال الأعمال من تقديم المساعدات كون ذلك يدخلهم في إطار الحسابات السياسية.

قد يعجبك ايضا