تحالف ” الاخوان” و”القاعدة” في مشروع الفرع اليمني لــ “داعش”.. الخبايا والجذور “2-4”

كانت  صنعاء على علم بمساعي الدوحة لإنشاء فرع لداعش باليمن لكن هادي لم يكشف عن تفاصيل المشروع في ظل استمرار المشاورات بشأن المنحة القطرية لصالح القضية الجنوبية

 حجم التهديد الذي خلفه مشروع الدوحة لإنشاء الفرع اليمني لـ”داعش” والذي تجاوز اليمن إلى دول الجوار الخليجي فتح بابا كبيرا لمعاودة التنسيق اليمني السعودي سعيا إلى مواجهة المشروع القطري فأخذ التنسيق طريقه سريعا على أعلى المستويات.
يومها تخلت الرياض عن إجراءات ترحيل عشرات الآلاف من اليمنيين وأعلنت عن ترتيبات جديدة في التعامل مع ملف العمالة اليمنية في السعودية كما اتجهت بالمقابل إلى إعادة العمل على بناء الجدار الحدودي العازل بين البلدين.
أجهزة الأمن في صنعاء والرياض شرعت بتبادل المعلومات حول عناصر التنظيم المنتشرين في العاصمة وعدة محافظات وبلغ التنسيق بين صنعاء والرياض أعلى مستوياته في زيارة رسمية لهادي إلى الرياض وخلصت إلى اتفاق البلدين على التنسيق والتعاون لمواجهة مشروع الفرع اليمني لـ”داعش”.
هذا الموقف السعودي لم يكن سوى انعكاس للقلق  السعودي من المؤامرات التي تديرها الدوحة والتي ظلت تنافس الرياض اليمني طوال السنوات الماضية في سوريا والعراق وغيرها.
فور عودة المخلوع هادي من الرياض عقد اجتماعا استثنائيا مع اللجنة الأمنية العليا ركز على الملف الأمني وتحديدا الاستعدادات لمواجهة مشروع الفرع اليمني لداعش.
بعدها نشرت اجهزة الأمن تعميما عن مسلحي “القاعدة” الذين تسللوا إلى العاصمة كما نشرت صورا وبيانات لــ 25 مطلوبا قالت إنهم من مسلحي التنظيم يحملون جنسيات يمنية وسعودية ويخططون لشن هجمات إرهابية تستهدف مصالح حيوية وسفارات غربية  وأعلنت مكافأة مالية قدرها خمسة ملايين ريال لمن يدلي بمعلومات تقود إلى أي منهم وفي الطليعة ثلاثة من قادة التنظيم يحملون جنسيات سعودية وهم إبراهيم الربيش وإبراهيم العسيري ومشعل محمد الشدوخي.
وقد أثمرت هذه الجهود عن اعتقال أجهزة الأمن العديد من المطلوبين كما نجحت في محاصرة عناصر التنظيم وخلاياه بالتزامن مع مباشرة وزارتي الدفاع والداخلية خطة انتشار أمني في العاصمة والمحافظات قالت إنها جاءت لمواجهة هجمات إرهابية.
خطة الراعي القطري الجديد لـ”تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب” كانت تقضي وفقا لتقارير رْفعت حينها إلى الرئاسة بأن يتولى التنظيم الإرهابي التالي:
ـ شن هجمات على السفارات الغربية والمصالح الحيوية تستهدف أولا توجيه رسائل إلى انصارهم في الاستعداد الاحتشاد في مناطق معينة وكذلك صرف انظار الجيش والأمن عن مخططات للتنظيم في محافظات أخرى استهدفت استقبال المتطوعين وبناء قواعد ومراكز تجمع ومعسكرات تدريب ومستودعات تخزين السلاح.
ـ شن هجمات على المرافق الاقتصادية والنفطية وكذلك الموانئ والمطارات وإصابتها بالشلل.
ـ ضرب خطوط نقل الطاقة الكهربائية بما يفضي إلى المزيد من الأزمات الاقتصادية وتوجيه الجهود الرسمية لمواجهة تداعياتها.
ـ استهداف معسكرات الجيش خارج العاصمة وبعض المحافظات والاستيلاء على عتادها العسكري.
ـ تنفيذ أوسع عملية تحشيد للمتطوعين والمقاتلين من المحافظات باتجاه محافظتي حضرموت وشبوة.
“الاخوان”  كانوا حاضرين
في سبتمبر 2013م وعلى المسار السياسي كان مؤتمر الحوار الوطني قد قطع شوطا كبيرا بالتوصل إلى تفاهمات حول القضايا العالقة ذات الصلة بالقضية الجنوبية والتي شهدت في ذلك الشهر توافقا جزئيا على خطة لمرحلة انتقالية تتيح انتقال اليمن إلى دولة فيدرالية من اقليمين شمالي وجنوبي وتشكيل حكومة جديدة تتيح للجنوبيين والشماليين تمثيلا متساويا أملا في أن يقود ذلك إلى حل نهائي للقضية الجنوبية.
تلك الفترة شهدت أيضا حلحلة لملف قضية صعدة وتريبات الاعتذار للجنوب فضلا عن حلحلة جزئية لملف قضية صعدة.
هذه التوجهات لم ترق لـ”الأخوان” قطعا فاستنفر التنظيم أذرعه الإعلامية لحملات ركزت في قضايا جانبية لم تعبر تماما عن موقفه من التطورات السياسية في مؤتمر الحوار فاخذت تستثمر الموقف الشعبي الرافض للتحليق المكثف لطائرات الاستطلاع الأمريكية والطائرات من دون طيار فوق العاصمة لتفتح الطريق لحملات إعلامية مساندة لخلايا “القاعدة” بذريعة اثارتها المخاوف وتبنت في الوقت ذاته مواقف الشارع المطالبة بوقف تحليق هذه الطائرات في الأجواء اليمنية.
نجحت هذه الحملات في صرف اهتمام الشارع  عن التهديد الكبير لــ” تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب ” وحشره في قضايا تعد في المصطلح الاعلامي جاذبة وتحظى بتأييد على شاكلة انتهاك السيادة اليمنية وهي المواقف التي استطاع حزب الإصلاح ادراجها ضمن العديد من بيانات احزاب اللقاء المشترك.. حتى القيادية في التنظيم الدولي للاخوان توكل كرمان شاركت في هذه الحملة بتصريحات متكررة تندد بالغارات التي تشنها الطائرات الأمريكية من دون طيار ضد عناصر تنظيم القاعدة بذريعة أنها تشكل انتهاكا للسيادة بل ووصفت ما يدور بأنه عمليات قتل “تمارسها الطائرات بدون طيار في اليمن خارج القانون” كما وصفت ما تقوم به الطائرات الأمريكية بأنه “إرهاب أشد وأقبح من إرهاب الأفراد والجماعات … واستخفافا بالشعب اليمني وانتهاك للقيم والمبادئ ألإنسانية”.
 “الاخوان”  كان لهم حضور كذلك في الاحتجاجات التي نظمتها قبائل في حضرموت تنديدا بالغارات الأمريكية والمطالبة من عبدربه منصور هادي بوقفها . ومن هذه المحافظة ظهر مجددا النفوذ العسكري الموالي للجنرال محسن بتصريح بثته وكالة الانباء اليمنية “سبأ” نفى فيه تقارير عن تحركات لتنظيم القاعدة تستهدف السيطرة على مدن بمحافظة حضرموت بل واعتبرها عارية عن الصحة قبل أن ينفضح أمر المخطط بسيطرة مسلحي التنظيم على مدن في حضرموت وشن هجمات إرهابية اوقعت خسائر كبيرة في صفوف قوات الجيش والممتلكات العامة والخاصة.
انهيار المخطط
في مطلع يونيو 2013م وخلال الجلسة النصفية لمؤتمر الحوار الوطني بدا المخلوع هادي غاضبا من تصريحات الاذرع العسكرية لتنظيم الإخوان التي قللت من شأن خطر التنظيم في المحافظات الشرقية وأعلن يومها أن اليمن لا يزال يواجه تحديات في ظاهرة الارهاب بعد معاودة ظهور تجمعات القاعدة في حضرموت.
تصريحات هادي كانت تشير إلى محاولة تنظيم “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب” السيطرة على مدينتي غيل با وزير والشحر والتي قالت وزارة الدفاع حينها إن قوات الجيش دمرت أوكار الإرهابيين كما دمرت فيها مستودعات اسلحة واستولت على عدد من العربات والمتفجرات والدراجات النارية التابعة لمسلحي التنظيم الذين كانوا يستعدون لاعلانها امارة إسلامية.
التداعيات الأمنية المتسارعة ارغمت هادي حينها على اطلاق مشاورات مع الحكومتين الأمريكية والبريطانية لرفع سقف التنسيق مع اليمن لمواجهة خطر “القاعدة” وشملت كذلك مهمات كان مقررا ان تنفذها بوارج بريطانية كانت تستعد للرسو في خليج عدن لمواجهة خطر “القاعدة” وكذلك والبحث في آليات للتقليل من المخاوف الأمنية التي تصاعدت أكثر مع شروع واشنطن ولندن اقفال سفارتيهما في صنعاء باعتبار استمرار اقفالهما يحقق مطالب الإرهابيين الذين يسعون إلى نشر الذعر.
نتيجة التنسيق اليمني السعودي كانت صنعاء في أواخر سبتمبر 2013م قطعت شوطا كبيرا في اجهاض مخطط الدوحة في إعلان الفرع اليمني لـ” داعش” وحينها أعلن هادي احباط المخطط الذي قال: إن “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” بزعامة ناصر الوحيشي تعهد بتنفيذه بالتنسيق مع  زعيم “القاعدة” الدكتور أيمن الظواهري.
هادي دافع بقوة عن الغارات التي تشنها الطائرات الأمريكية وقال إنها تتم بموجب اتفاق مع النظام السابق واعلن  أن الغارات الأمريكية نجحت في قتل 20 مسلحا من عناصر التنظيم الضالعين بصورة اساسية بهذا المخطط بينهم نائب امير التنظيم فضلا عن مقتل 28 آخرين في مناطق اخرى شروعهم في تنفيذ هجمات إرهابية بالسيارات المفخخة التي كان التنظيم أعدها لشن هجمات في صنعاء وحضرموت.
ورغم النجاحات التي حققتها الغارات الأمريكية وفقا لتصريحات هادي إلا أنها اخفقت في اصطياد أعضاء قائمة الـــ 25 مطلوبا من السعوديين واليمنيين الذين قالت صنعاء أنهم تسللوا إلى العاصمة صنعاء لشن هجمات إرهابية ضد مصالح حيوية وسفارات غربية ووصفتهم الداخلية بأنهم من أخطر عناصر التنظيم وهؤلاء تمكنوا من الفرار ولا يزال مصيرهم مجهولا.
هادي اكتفى يومها بأن برر إقفال واشنطن وعواصم أوروبية سفاراتها في اليمن وعزاه إلى اجتماع عقده عدد من قادة ” تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب” بزعامة ناصر الوحيشي في محافظة مارب وتم خلاله رصد اتصال هاتفي بين أيمن الظواهري وناصر الوحيشي الذي أبلغه أن مسلحيه في اليمن بصدد تنفيذ هجمات إرهابية ستغير مجرى التاريخ.
كذلك أعلن أن العمليات حينها ضد خلايا “القاعدة” أفلحت في تدمير قدرات التنظيم وخلاياه في محافظات حضرموت ومأرب وشبوة وأبين وفي العاصمة صنعاء كما أعلن تمكن اجهزة الامن من تفكيك ثماني خلايا إرهابية للتنظيم ( ثلاث في صنعاء وثلاث في عدن وخليتان في لحج) فضلا عن احباط العديد من الهجمات بالسيارات المفخمة وفي مقدمتها سيارتان كانتا تحملان سبعة أطنان من مادة (تي ان تي) شديدة الانفجار بعدما اعدهما التنظيم لشن هجمات إرهابية في صنعاء وحضرموت.
لم يغفل هادي عن توجيه رسائل مشفرة إلى مطابخ صناعة الإرهاب حيث أكد للمرة الأولى تفاصيل التعاون اليمني الأمريكي في الحرب على الإرهاب وقال إنه “ليس سرا فلدينا مشاركة في غرفة عمليات بجيبوتي ولدينا ضباط مشاركون في غرفة عمليات في البحرين على مستوى عسكري دولي من أجل ملاحقة ومكافحة ومراقبة الارهابيين باعتبارهم تنظيماٍ ارهابياٍ دولياٍ على مستوى العالم”.
وردا على انتقادات حيال استمرار الغارات التي تشنها الطائرات الأمريكية قال إن هذه الغارات ” جزء من التعاون بين البلدين وهي تقوم بهذه المهمات منذ العام 2004م بحسب ما تقتضيه الحاجة وذلك ليس ترفا بل لأننا لا نملك التكنولوجيا المطلوبة لتنفيذ مثل هذه المهام العسكرية الدقيقة”.
وعندما تحدث هادي عن الموقف الخارجي المناهض لمخطط انشاء الفرع اليمني لـ “داعش” عزاه  لرصد أجهزة المخابرات الأمريكية اتصالات بين زعيم القاعدة في جزيرة العرب ناصر الوحيشي وزعيم تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري كشف فيه استعداده “لشن هجمات إرهابية ستغير مجرى التاريخ” من دون تفاصيل.
في الواقع كان الوحيشي يعني بهذه العبارة بداية انطلاق مشروع الدوحة واسطنبول إنشاء الفرع اليمني لـ”داعش” لكن هادي لم يكشف طبيعة وتفاصيل هذا المشروع لحساسيته السياسية خصوصا وأن صنعاء كانت بدأت في تلك الفترة مشاورات في شأن المنحة القطرية لصالح القضية الجنوبية.
كذلك اختار هادي تلافي الحديث عن الموضوع لتلافي أي تداعيات من شأنها التأثير على عملية التسوية في حين تعهدت الوكالات الإعلامية الدولية التي تساند مخططات التنظيم الدولي للإخوان تشويه الحقائق وتحويل المخطط إلى صفه وتقديم هجمات التنظيم في محافظات عدة على أنها فقط هجمات إرهابية .

قد يعجبك ايضا