حلوى الأطفال.. سلع مغشوشة ورقابة مفقودة¿!

رغم تحذيرات الأطباء من التأثيرات التراكمية الخطرة على صحة الطفل والتي تسببها المواد المضافة من ألوان ومحليات ومثبتات بالإضافة إلى النكهات الصناعية والمواد الحافظة والأحماض وغيرها على حلوى الأطفال وخطر ذلك على صحتهم إلا أنها ما زالت منتشرة في غالبية البقالات وما تزال عملية استيرادها وتجاهل الجهات المختصة لفحص تلك المنتجات في مختبراتها للتأكد من محتواها مستمرة… الأخطار الصحية التي تتسبب بها تلك الحلوى والأسباب المؤدية للحيلولة دون منعها وغيرها من التفاصيل تجدونها في هذا التحقيق لنتابع:

أنواع وأشكال عجيبة متناهية في الصغر ورديئة التغليف لم يدون عليها شيء من البيانات الضرورية هذا هو حال غالبية تلك الحلويات التي تباع في البقالات لأطفالنا الذي تحدث بعضهم عن سبب إقبالهم عليها بالقول إن طعمها لذيذ ومصروفنا قليل لا يتجاوز الـ50 ريالا فهذه الحلوى رخيصة نشتري منها لنحصل على “جعالة ” أكثر هذا ما أكدت عليه الطفلة غيداء يقول عبدالرحمن: الحلوى المفيدة “تخلص” بسرعة وتعجبني الحلوى التي “تقرح” وتْلون فمي بالأزرق فأصبح مخيفاٍ ونضحك كثيراٍ.
ومن ناحيتها ترى تسنيم في تناول هذه الحلوى متعة قائلة: نستمتع بتناولها ونتنافس في مضغ أكبر كمية لبان حامض. وبالنسبة لأسامة في السادسة من عمره فيتناول مسحوقاٍ بالمصاصة ويقول: أعرف أن هذا المسحوق لتحضير عصير لكنه الآن سيجارة ثم يخرج الدخان من أنفه.
أما الطفلة ملاك فوجدتها منزعجة وفي يدها طقم أسنان صغير جداٍ حصلت عليه في حلوى الفتاة الجميلة فيما كانت شذى تتناول ثلجاٍ أصفر في عبوة بلاستيكية ليس مدوناٍ عليها شيء.
أهمية الرقابة
أكرم -ولي أمر- يرى بأن هذه الحلوى “فرحة للطفل” ومكافأة بحد ذاتها أحياناٍ وليست خطيرة فيما يصفها عبدالصمد بأنها حلوى غريبة وبدون أي قيمة غذائية لكن الأطفال يأكلون ما هو مفيد في الوجبات وهذا من وجهة نظره يكفي.
أما حنان أم لثلاثة أطفال فإنها تؤكد أنها تشتري “الجعالة” لأطفالها بنفسها حتى لا يتجهوا لشراء الأنواع السيئة. فيما رأى أغلبية من سألتهم أن استيراد وبيع هذه الحلوى يعكس جشع التجار واستغلالهم للطفولة وغياباٍ للضمير متسائلين: أين الرقابة¿ وأين التوعية المجتمعية¿ ثم أين البديل المناسب للقدرة الشرائية للمواطن البسيط في بلد فقير¿
نحن نبيع فقط
أصحاب ” البقالات ” يؤكدون أن الأطفال يتبعون الطعم ولا يفكرون في الجودة ويخلون مسؤوليتهم لأن الجودة من اختصاص الجهات الرقابية والسلوك الخاطئ مسؤولية الأهل.
يقول عبدالولي –بائع- إن الأطفال يطالبونه بشراء حلوى جديدة وتكرار أنواع معينة مستبعداٍ أن تكون هذه المنتجات مهربة كونها متوفرة دائماٍ وبكميات تجارية في مخازن الموردين وتجار الجْملة.
التسوس والتآكل
ورداٍ على سؤال لـ”الثورة” يؤكد طبيب الأسنان عصام الصايدي أن الأحماض تؤدي إلى تآكل الأسنان فما يحدث هو اختلال في طبقات المينا “الطبقة الخارجية للسن” فيما بعد يؤدي إلى تسوس وبأن المصاب بهشاشة في الأسنان عند أكله حلوى قاسية يحدث كسر في أسنانه كما أن تناول ألوان وحمضيات وحلوى صمغية يصعب تنظيفها يؤدي إلى تآكل أو تسوس سريع وتزداد المشكلة سوءاٍ بسبب التغذية السيئة ووجود مشاكل في الأسنان والتهاون في تنظيفها بعد تناول هذه الألوان والحمضيات أو النوم دون غسل الأسنان حيث إن الغدد اللعابية المحتوية على مضاد بكتيري تفرز بكمية ضئيلة فتنشط البكتيريا مسببة التسوس.
ويضيف الدكتور الصايدي أن معظم الأطفال يعانون من التسوس والتآكل فيظهر الجزء الداخلي للسن.
ومن المخاطر حدوث اختلال في منظومة الفم وتأخر نمو الأسنان وقد يتطلب الأمر إجراء تقويم كضرورة وظيفية وجمالية مرتفعة التكلفة فضلاٍ عن مدى صعوبة معالجة طفل وخطورة وتداعيات حدوث مشاكل في الأسنان في عمر مبكر.
أخطار صحية
أما الدكتورة يسرى الحداد -طبيبة الأطفال في مستشفى الثورة بصنعاء- فتحدثت عن وجود أضرار على الصحة العامة للطفل نتيجة تناول حلوى محتوية على ألوان وحمضيات ومثبتات وأشارت إلى أن مادة الكافيين الموجودة في المنتجات الغذائية تؤثر على الجهاز العصبي وتسبب توترا وأرقا وتسرعا في دقات القلب وتؤدي لتسوس الأسنان والسمنة مستقبلاٍ فضلاٍ عن كونها وحدات حرارية خالية من الفيتامينات والأملاح وأي منافع غذائية منوهةٍ أن السكريات التي يأخذها الطفل وبكمية كبيرة تفقد الطفل شهيته للأكل الصحي وتؤثر على مستوى الانتباه والتركيز وتجعله أكثر حركة وتؤثر على امتصاص الكالسيوم.
وأضافت د. يسرى أن من المشكلات الأخرى لهذه الأصباغ هي الحساسية الجلدية وحساسية الجهاز التنفسي “الربو” وأن الحلوى بحسب دراسات وأبحاث – تقلل كفاءة الجهاز المناعي وتحطم كريات الدم البيضاء وتسبب سوء الهضم والمغص والصداع وبأن المواد الملونة لا تهضم وإنما تترسب.
ضعف الإمكانيات
يقول المهندس عمر الحاج مختص المواصفات الغذائية: ليس لدينا مختبرات متخصصة بإمكانها تحديد كل الإضافات ونسبة وجودها وبعض الفحوصات دقيقة تتطلب إمكانيات عالية جداٍ فيما لا نجد توجه من الدولة لدعم مختبرات الهيئة وبالواضح “لا يوجد اهتمام بصحة المستهلك” وتوجد ألوان ومحليات ممنوعة ومحظورة.
وحول مسؤولية المواصفات والمقاييس قال: مسؤوليتنا التأكد من الهوية التعريفية للمنتج في المختبر وبالفعل فإن المواد المضافة لكثير من الحلوى صناعية لكن الجودة كقيمة صحية وغذائية مسؤولية “الأهل” بمعنى أن المنتج دخل بحدود المتطلبات المتوافق عليها ضمن المواصفات القياسية المعتمدة ولا توجد أية إشكالية لكن السلوك الاستهلاكي هو المشكلة وتزداد الخطورة عندما يتناول الطفل منتجات مختلفة لكن المكونات والإضافات هي نفسها هنا الأثر التراكمي يؤثر على الصحة.
غياب الثقافة
مدير إدارة ضبط جودة السلع والمنتجات الغذائية في الهيئة م/ أحمد خشافة بدأ كلامه بالقول: “الهيئة تعمل وفق الاشتراطات والمواصفات القياسية الدولية الكودكس 192 الخاصة بالمواد المضافة ومخاطر الألوان والأحماض والمْحليِات هي في التناول المفرط لها فحتى الفيتامينات الأطباء يحذرون منها لظهور أعراض مرضية في حال زيادتها أو نقصانها ومسحوق شراب يكفي لتحضير لترين عصير يتناوله الأطفال مباشرة ما يعني خللاٍ في الثقافة الاستهلاكية”.
وأضاف جميع المواد الغذائية المستوردة يتم التأكد من بطاقة البيان المرفقة معها والتحقق في المختبرات من مكوناتها ونسبة وجودها بحيث تلبي الاشتراطات والمواصفات الدولية ويْمنع دخول المنتج المحتوي على أحماض وألوان ومْحليات دون تحديد نوعها ونسبة وجودها ومن ضمن الوثائق التي يتم طلبها مع المنتج الشهادة الصحية الصادرة عن جهة حكومية وفي حال وجدت مادة غير مْصرِح بها يتم رفضها واتخاذ الإجراءات وفق نتائج الفحص حتى عند احتواء المنتج على مادة ملونة مسموح بها في التشريعات الأوروبية مثلاٍ وليست موجودة لدينا في الكودكس نحن نمنع دخولها.
القيمة الغذائية
وذكر م. أحمد أن هذه الحلوى قيمتها الغذائية أنها كربوهيدرات وهذه المحليات والألوان والحمضيات معمول بها دولياٍ وتسوق في كل أنحاء العالم وليست ممنوعة كونها تخضع للمواصفات والاشتراطات الدولية والإقليمية المتمثلة بالمواصفات الخليجية وأضاف: “هناك تهويل فمثلاٍ عصير صناعي يمني في علب بلاستيكية قْدمت شكوى عليه رغم وجود نفس المنتج سعودي صيني وعْمِاني كما أن في الصين “بلاوي” أكثر من عندنا وبذات المواصفات نجدها في بلدان المنشأ فلا دخل للقدرة الشرائية في جودة المنتج محتوى وعبوة.. الاختلاف في الحجم فقط وإذا دققنا سنمنع كل المنتجات المستوردة وحقيقةٍ هذه العينات لم نصادفها مسبقاٍ وأي شكوى تأتي من جمعية حماية المستهلك يتم فحص المنتجات مجاناٍ”.
وينهى كلامه بالقول: انضمام اليمن لمنظمة التجارة العالمية يلزمنا كهيئة بقبول أية منتجات غذائية ما دامت تطابق الاشتراطات والمواصفات القياسية الدولية أما كونها لا تحتوي على قيمة غذائية أو تضر بصحة الأطفال مستقبلاٍ فهذا ليس من اختصاصنا كهيئة.
رقابة أسرية
ويقول المهندس رياض البخيتي نائب مدير الهيئة فرع الحديدة: هذه المنتجات والسلع فرضت في الأسواق من قبل ضعفاء النفوس من التجار والشركات التجارية التي تستهدف الأطفال كقوة شرائية فتنتج وتبيع سلع مغرية للأطفال وليس لها قيمة غذائية تحتوي ألوانا وماء ونكهات ومْحليات فقط لكن ليس بإمكاننا منعها.
وأضاف: لا أريد أن أبث الرعب في المستهلك لكنني أقول له راقب أطفالك ماذا يشترون اشتر لهم بنفسك الضرر ليس في المضاف الغذائي الضرر في كمية التناول.
وأشار إلى أن الهيئة تختص بالرقابة على المنافذ والمصانع الموجودة في اليمن ويصعب السيطرة على المنافذ الممتدة فيما الأسواق من اختصاص وزارة الصناعة والتجارة وصحة البيئة.
سلع مغشوشة
ويقول أ. فضل منصور -رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك- إن المستهلكين صاروا ضحايا رغبات أنانية لا يهمها سوى الربح السريع مستغلة الظروف والغياب الكامل لأجهزة الدولة الرقابية.
مؤكداٍ أن الأسواق مليئة بالسلع المغشوشة والمقلدة والرديئة والمنتهية الصلاحية وأنها تْباع في كل مكان أمام مرأى ومسمع الأجهزة المعنية وهناك تجار يتحايلون بالبيانات على أنواع السلع فيقومون بشحن عدة أنواع من السلع في حاوية واحدة وهذا يصعب من عملية الرقابة في المنافذ.
وأضاف: “لا تقتصر المشكلة على السلع الخارجية فهناك العديد من المعامل في البلد تنتج بدون تراخيص من البدرومات بالأحياء الشعبية والسكنية, دون أية رقابة وهذه المعامل تستخدم العبوات والأغلفة المقلدة والمطبوعة بالخارج وتوهم المستهلك أنها منتجة خارجياٍ وقد قامت الجمعية بإبلاغ النيابة بالتعاون مع مكتب الصناعة والتجارة حول عملية مشابهة ولكن حتى اليوم لم يغلق المعمل ولم يصدر حكم بالإغلاق والتشهير.
أما والرقابة على المنتجات الغذائية في بلدنا لم تتجاوز مرحلة التأكد من تاريخ الصلاحية وبلد المنشأ واسم الشركة والاكتفاء غالباٍ برؤية المكونات المدونة على المنتج فإن الحديث عن جودة المنتج وقيمته الغذائية والمواد المضافة ونسبة وجودها والأثر التراكمي للألوان والمثبتات والمحليات الصناعية وخطرها على الصحة يبدو ترفاٍ في بلد مفتوح على كل المنتجات فيما الجهات المختصة تتهرب من مسؤوليتها وتلقي اللوم على الثقافة الاستهلاكية.

 

https://www.althawranews.net/pdf/2015/03/18/05.pdf

قد يعجبك ايضا