العصابات المسلحة تؤرق عدن وتعز ..!¿

اختلط الحابل بالنابل وكثر الهرج والمرج  بعد أن  انتشرت  العصابات المسلحة في شوارع وأزقة عدن وكذا في بعض المحافظات الأخرى المجاورة لها كتعز ـ مثلا ـ أصبحت حياة الناس وممتلكاتهم على كف “العفاريت” تلك العصابات  تقع في شقين الأول  من صنع أصحاب الأنفس المريضة الذين لا يملكون أية أهداف على الأرض بينما الشق الثاني هم عصابات مسلحة تسعى لتحقيق مكاسب مادية عن طريق النهب والسطو المسلح .. الجدير بالذكر هنا أن هذه العصابات  سرعان ما تفرخت وانتشرت على أغلب بقاع مدينة عدن وبعض المحافظات الأخرى وكانت النتيجة فوضى عارمة تحرق الأخضر واليابس .. السطور التالية تحكي بعضا من تفاصيل تلك الفوضى  لنتابع :
كل يوم والناس هنا في الباسمة عدن وبعض المحافظات المجاورة تحاول التعايش مع الواقع  الذي تفرضه العصابات المسلحة بقوة غير معهودة من ذي قبل فقد انقشعت سحابة الأمان التي  كان ينعم بها المواطنون.
جباية
قبل أيام وفي تمام الساعة السابعة صباحا تفاجأ شاب يعمل حارسا في منزل أحد رجال الأعمال اليمنيين بعدن بمجموعة مسلحة تدق عليه باب المنزل وتطلب منه أن يسلمهم السيارة المتوقفة في حوش ذلك المنزل ـ طبعا ـ الذي  يسمع  لطلبهم هذا سيظن أن السيارة المطلوبة كانت أمانة عند الرجل وجاءوا الآن لأخذ أمانتهم إلا أن الواقع ـ بالطبع ـ  كان غير ذلك تماما فالعصابة كانت قد قررت أن تشبع رغباتها وحاجياتها عن طريق السلب والنهب والابتزاز, لذا فهي تطلب السيارة المملوكة أصلا لرجل الأعمال “صاحب المنزل” لاستخدامها أو لبيعها كإتاوة فرضت على مثل هؤلاء فلم يكن من الشاب إلا أن رفض الطلب فكان الرد بتصويب اللكمات الآثمة المتتابعة والركلات المتتالية القاسية على جسمه النحيل حتى سالت الدماء من نواحي مختلفة منه في هذه اللحظة كان رجل الأعمال قد استيقظ من نومه محاولا السيطرة على ما يحدث في باب منزله  الذي ظل لزمن لا يعرف مثل هذه الهمجية حتى قبل هذه اللحظة  فقام الرجل بإجراء عدة اتصالات مستغلا علاقاته وشخصيته الاعتبارية وتمكن في آخر المطاف من التوصل إلى رئيس تلك العصابة  هاتفيا وتفاهم معه على أن يدفع له مبلغا من المال مقابل ترك السيارة وتم الأمر على ذلك “وكفى الله المؤمنين شر القتال”.
نصاب متكبر
في عدن أيضا ولكن هذه المرة في فندق (أ ـ ي ) حيث أقدمت إحدى العصابات المسلحة على اقتحام الفندق قبل أيام قليلة وأخافت العاملين فيه مع نزلائهم ولم تكن هذه الحركة الدراماتيكية لغرض التخويف وحسب بل لتنفيذ مهمتهم الأساسية التي جاءوا من أجلها وهي النهب بطرق تشبه إلى حد بعيد أعمال قْطاع الطرق “صعاليك الزمن الحديث” وحتى يقطفوا ثمار مهمتهم هذه طلبوا من مدير الفندق مبلغ خمسين ألف ريال كمصاريف على أمل أن يعودوا إليه في أوقات لاحقه لتعويضهم مبالغ أكبر فرفض المدير متعللا بأنه عامل “لا يقدم ولا يؤخر”  فطلبوا منه أن يبلغ المالك طلبهم وفورا نفذ العامل الأمر فكان الرد من المالك بالرفض القاطع فقالوا له بكل ثقة “غدا صباحا سنأتي للفلوس ما لم فإنك ستسلم مفتاح الفندق بيديك” في إشارة منهم إلى استخدام العنف لتركيع الرجل. 
مصروف يومي
 تعز هي الأخرى لم تخل من تركيع الناس بالسلاح من قبل العصابات المسلحة ورغم أن ظاهرة السطو المسلح هذه لها تاريخ طويل هنا ويعرفها الكثير من أبناء المحافظة إلا أنها لم تصل إلى الحد الذي وصلت إليه اليوم فقد كانت الظاهرة محصورة في نهب الأراضي والسطو عليها دون وجه حق أما اليوم فقد وصلت إلى الطبقة المطحونة وعمت ممتلكاتهم مما ينذر بالقضاء  على ما تبقى من أمل للتعايش السلمي بين أبناء الطبقات الاجتماعية بالمحافظة ومن تلك الحالات ما رصده كاتب السطور من قيام مجموعة من الشباب بتشكيل عصابة نهب وابتزاز مسلحة بقيادة الشاب (أ ـ ج)  البالغ من العمر 30 عاما حيث تقوم هذه العصابة بالتجول اليومي في أسواق المدينة خصوصا أسواق القات وتقوم بأخذ ما تحتاجه من مصروف يومي من الباعة ولا أحد يجرؤ على رفض ما يطلبونه لا سيما وأن قوات أمن المحافظة قد عجزت أكثر من مرة في ردع هؤلاء عن ممارساتهم الهمجية بل أنها لم تتمكن من إلقاء القبض على المتهمين منهم بقضايا جنائية عبدالقوي الحيدري “مقوت” أكد لنا أن العصابات المسلحة وغير المسلحة تمارس عمل الابتزاز اليومي للكثير من الناس البسطاء وقال أنه يقوم يوميا بإخراج جزء من دخله اليومي سواء من المال أو البضاعة لهذه العصابات حتى لا يفسدوا عليه مدخل رزقه الوحيد.
في تعز أيضا ولكن ليس بعيدا عن تعدي العصابات المسلحة على الناس البسطاء ففي إحدى أسواق المدينة كان المواطن محمد سعيد يرفض الممارسات الهمجية لتلك العصابات وقرر أنه لن يدفع الإتاوة لها دون وجه حق ولم يكن يعلم الرجل أن خلف هذا القرار كارثة تنتظره وعندما جاء قائد العصابة نفذ ما عزم عليه فلم يكن من القائد إلا أن أبرحه ضربا مفرطا كان كافيا لترحيله إلى الدار الآخرة بعد الحادثة بساعات ورغم أن الجريمة وقعت على مرأى ومسمع من الناس إلا أن قوات الأمن لم تتمكن من الإمساك بالجاني ليس لأنه متخف بل لأنه رئيس عصابة ومثل هؤلاء لا تلقي لهم الدولة بالاٍ.
احتراف
هذه المرة لم تتمركز العصابات المسلحة في مدينة عدن ولا في مدينة تعز بل فيما بين المدينتين وبالتحديد في الطريق التي تربط بينهما حيث مارست أبشع الصور الهمجية عندما نصبت لنفسها نقاط تفتيش وهمية توحي القادمين بأنهم طيور محبة وسلام يسهرون الليل لخدمتهم دونما مقابل وحينما تتوقف المركبة يقوم رئيس العصابة بتشخيص راكبيها ومن ثم يطلق حكمه الجائر فإن كان صاحب السيارة “مبون” يعني من أصحاب الفخامة فيطلب منه بكل أدب وتودد أن يوصل صديقاٍ له إلى مكان ما على طريقه ـ طبعا ـ فهو لا يحب أن يكلف الناس أكثر من طاقتهم ونزولا عند رغبة حمائم السلام “العصابة” يتلقف السائق طلبهم دون أي تردد ومن هؤلاء السائقين بشير الصبري الذي وقع ضحية الطيبة وحسن النوايا  فبعد أن أطلق العنان لمركبته لتوصل الرجل إلى حيث أراد تفاجأ الصبري بفوهة مسدس نوع “ماكروف” ملصقة على رأسه من الخلف وكان المطلوب منه أن ينعرج بسيارته إلى خط سير آخر كانت  قد رسمته العصابة له قبل أن يوقعوه في شراكهم وعند وصول الجاني والضحية إلى المكان المراد مسبقا حيث الخلاء السكاني والأمني أيضا جرد من كل ما يملك وأطلق سراحه وكان في حوزته ما يقدر بحوالي سبعة ملايين ريال يمني منها ألفان ومائتا دولار أميركي وقد كان قبل ذلك يود إيداعها في حسابه البنكي قبل أن يغادر مدينة عدن متجها إلى تعز إلا أن عامل الوقت لم يسعفه حتى يلحق بآخر ساعة دوام في البنك.

قد يعجبك ايضا