الصراع على مواقع القرار يهدد وحدة حزب “نداء تونس”

فجر الصراع على مواقع القرار وحرب الزعامات والمصالح داخل “نداء تونس” الفائز بالانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة أزمة غير مسبوقة في الحزب الذي تأسس قبل أقل من ثلاث سنوات لإزاحة “حركة النهضة” من الحكم. وتفاقم فكرة إشراك حركة النهضة في الحكومة الأزمة الحالية داخل الحزب إذ إن قسمٍا منه يعارض بشدة هذا التحالف في حين يحبذه آخرون.
ويضم نداء تونس الذي أسسه في منتصف 2012م الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي (88 عامٍا) يساريين ونقابيين ورجال أعمال ومنتمين سابقين إلى حزب “التجمع” الحاكم في عهد الرئيس المخلوع بن علي (1987-2011). وكان من المقرر أن ينتخب الحزب مكتبٍا سياسيٍا الاحد الماضي إلا أن الانتخابات تأجلت بسبب الخلافات حول تركيبة المكتب.
ومنذ أيام يتبادل مسؤولون في الحزب اتهامات في وسائل إعلام تحولت إلى مسرح لحرب كلامية بينهم. “يعيش نداء تونس أزمة حقيقية لم يعد مقبولاٍ إخفاؤها” بحسب خميس قسيلة عضو الحزب وأحد الثائرين على هيئته التأسيسية.
وقال قسيلة الاحد لتلفزيون “نسمة” التونسي الخاص إن الحزب يشهد “أزمة قيادية متفجرة” منذ استقالة مؤسسه ورئيسه قائد السبسي إثر انتخابه رئيسٍا وتولي “غالبية” أعضاء هيئته التأسيسية مسؤوليات في رئاسة الجمهورية والحكومة.
وبحسب قسيلة فإن أكثر من 60 من إجمالي 86 نائبٍا للحزب “قرروا مقاطعة الهيئة التأسيسية نهائيٍا وعدم احترام قراراتها” ودعوها الى “المبادرة بحل نفسها” من أجل “انقاذ” الحزب.
من ناحية أخرى اتهم لزهر العكرمي عضو الهيئة التأسيسية للحزب حافظ قائد السبسي نجل الرئيس والقيادي في الحزب ومجموعة من أنصاره بمحاولة الهيمنة على “نداء تونس”. وقال العكرمي لإذاعة “موزاييك إف إم” الخاصة إن تأجيل انتخابات المكتب السياسي التي كانت مقررة الاحد “تم بتعليمات من (…) الوريث حافظ قائد السبسي” الذي “يريد السيطرة على الحزب”.
وأضاف: “هناك مجموعة من الناس لم يأخذوا مواقع في السلطة (بعد إجراء الانتخابات العامة) تجمعوا اليوم حول هذا الشخص (…) وقالوا له أنت الزعيم وأنت الوريث”. وتابع العكرمي: “نحن (في الهيئة التأسيسية) ضد التوريث” واصفٍا ما يجري بأنه “حملة توريث لحافظ قائد السبسي”.
وقال انه ليس من المسموح اليوم أن “يقول شخص ما (والدي فلان وأنا من العائلة الفلانية) فالثورة قامت (…) ضد هذه الممارسات” في إشارة الى المحسوبية التي كانت سائدة إبان عهد بن علي الذي أطاحت به ثورة شعبية في مطلع 2011. وقال نائب عن “نداء تونس” لفرانس برس إن الحزب يشهد اليوم “حرب خلافة حقيقية”. وأعرب النائب الذي طلب عدم نشر اسمه خشيته من أن تؤدي هذه “الحرب” الى “تفكك” الحزب.
وظيفة انتهت¿
وعندما كان قائد السبسي يتولى رئاسة نداء تونس استطاع المواءمة بين المكونات المختلفة للحزب الذي تأسس بهدف إزاحة “الترويكا” التي قادتها حركة النهضة الاسلامية من الحكم. وحكمت الترويكا تونس من نهاية 2011 حتى مطلع 2014 قبل أن تستقيل لإنهاء أزمة سياسية حادة اندلعت في 2013 إثر اغتيال اثنين من قادة المعارضة.

وبحسب مجلة “ليدرز” التونسية الناطقة بالفرنسية فإن “الطموحات الشخصية وغياب الهياكل المنتخبة والفراغ العميق الذي تركته مغادرة الباجي قائد السبسي (للحزب) هي أسباب الازمة” الحالية داخله.
وقد ظهرت بوادر الأزمة منذ تشكيل الحكومة الحالية في فبراير الماضي حيث أعرب مسؤولون في الحزب لوسائل إعلام محلية عن انزعاجهم من تعيين رئيس حكومة من خارج حزبهم الفائز بالانتخابات ورفضهم إشراك حركة النهضة الاسلامية في الحكومة. وقبل الانتخابات قاد نداء تونس الذي يتشارك مؤسسوه في معارضة الاسلاميين حملة عنيفة ضد حركة النهضة الاسلامية وقدم نفسه بديلٍا منها في الحكم.
تصدع قاضُ
وقال النائب إن إشراك حركة النهضة في الحكومة من أسباب الأزمة الحالية في الحزب. وأوضح أن قسمٍا في نداء تونس يعارض بشدة التحالف مع حركة النهضة في حين يدعو قسم آخر إلى تقاسم السلطة” مع الاسلاميين.
واعتبرت يومية “المغرب” التونسية أن من أسباب الأزمة الحالية في النداء محاولة “الرافد التجمعي” (المنتمين السابقين لحزب التجمع) داخل الحزب “وضع حد لسيطرة اليساريين والنقابيين”. ولفتت إلى أن اليساريين والنقابيين يشغلون اليوم اكثرية “المواقع القيادية العليا في الحزب” وأن المنتمين السابقين إلى التجمع يرون في حافظ قائد السبسي “الحليف المناسب” لإنهاء سيطرة هؤلاء. وأضافت الصحيفة أن “المراهنة على نجل الرئيس فيها فوائد جمة منها على الاقل تحييد الباجي قائد السبسي في الصراع”.
ورأت صحف محلية أن الأزمة الحالية في نداء تونس باتت تهدد وجوده. وذكرت “الشروق” أن هذه الأزمة “ليست جديدة لكنها لم تبلغ سابقٍا ما بلغته في نهاية الاسبوع (الماضي) إذ تشير كل المعطيات إلى أن (الإخوة الأعداء) وصلوا هذه المرة إلى مرحلة اللاعودة”.

قد يعجبك ايضا