
–
{ أحيانا كثيرة قد يكون الشفاء من أمراض كثيرة باستخدام ترياق سام وقاتل فالمصل الذي يستخرج من الأفاعي يستخدمه الأطباء لعلاج حالات التسمم التي يصاب بها الإنسان نتيجة لتعرضه للدغات أو عضات بعض الحيوانات والزواحف والحشرات وهذه الأمور من حكم الخالق ونعمه التي لا تعد ولا تحصى على عباده وفيهم.
جمال عبدالحميد عبدالمغني
بالأمس القريب خرجت مظاهرة كبيرة ومنظمة لا أعلم من أين بدأت لكنها زحفت باتجاه مجمع المالية وكانت بوابة مصلحة الضرائب مستقرها ومأواها حيث نصبت الخيام في الشارع الشرقي المحاذي لمصلحة الضرائب والإدارة العامة لكبار المكلفين كانت العبارات المكتوبة في اللوحات المرفوعة من المتظاهرين شبه موحدة في المعنى والمضمون وحتى في الأهداف الظاهرة على الأقل وعلى سبيل المثال «لا لفساد الضرائب» «الشعب يريد اقتلاع الفاسدين في مصلحة الضرائب» «نعم لإعادة الهيكلة في مصلحة الضرائب» «لا للرشاوي التي تحرم الخزينة العامة من حقوقها» «يجب تغيير القوانين التي شرعت للفساد» وغير ذلك من الشعارات الجميلة والبراقة وهناك عبارات تهكمية وجارحة لرئيس المصلحة والفاسدين لا أحب الإشارة إليها.
> هذه المظاهرة النوعية هي الأولى لهذا القطاع الحيوي والهام «وهو قطاع التجار ورجال المال والأعمال» ربما منذ اندلاع ثورة الشباب قبل أكثر من عام بل إنها الأولى في اليمن منذ ولوجنا في دهاليز الديمقراطية وحرية التعبير والرأي في مايو 1990م هذه المظاهرة حركت المياه الآسنة والراكدة وجعلت الشعب يوجه أنظاره صوب هذين القطاعين الحيويين أقصد التجار ومصلحة الضرائب اللذين لو صلحا لصلحت البلد واستقرت وازدهرت ولو فسدا لفسدت البلد وانهار النظام وهذا الذي حدث في الماضي والذي نرجو أن لا يتكرر في المستقبل.
> تبادل الطرفان التهم بل والاعترافات بأن كليهما أساءا إلى الوطن والشعب وشاركا في تبديد وإهدار أموال الأمة وإلى القراء الكرام طائفة من أقوال الطرفين :
> أحمد غالب رئيس المصلحة قال في لقاء مع صحيفة «الجمهورية» العدد (15464) الصادر بتاريخ 10 أبريل 2012م : إن ضريبة المبيعات خفضت إلى أن وصلت إلى (5%) وهي الأقل على مستوى العالم ويتحملها المستهلك ورغم ذلك لا تدفع لخزينة الدولة!! كما أن الكثير من التجار يقومون بتدليس الفواتير واحتجاز الضرائب بتحصيلها من المستهلك وعدم إيصالها للمصلحة!! وقال في حديث سابق : إن الضرائب انخفضت في عام 2010م عن العام السابق له بمبلغ (120) مليار ريال وفي عام 2011م انخفضت الضريبة بمبلغ (35) ملياراٍ عن العام 2010م وحوالي (120) ملياراٍ عما تم التخطيط له وللتذكير حدث هذا العجز المتوالي منذ صدور القوانين الجديدة «الكارثية» والتي حذرت منها قبل صدورها بشهر ليس شفوياٍ بل خطياٍ ورئيس المصلحة يعلم ذلك أما اعترافات رئيس المصلحة بما نقلناه من حديثه السابق فهو كلام جميل واعتراف صريح لكن مِن المسؤول عن ذلك يا أستاذ أحمد¿
> وفي حديث رئيس المصلحة لصحيفة «الأولى» العدد رقم (396) بتاريخ 16 أبريل 2012م اعترافات واتهامات أخطر حيث قال : إن التجار ألفوا على مخالفة القوانين في كل أعمالهم وقال : إن هذا القانون جاء باقتراح من التجار وبالاتفاق مع جميع الأطراف أي اتفاق جانب الضرائب الذي يرأسه وجانب التجار الكبار أظن.
> وأضاف – حسب الصحيفة نفسها – أن رجل الأعمال حسن الكبوس متهرب من دفع مليار ريال من مستحقات الخزينة العامة ناهيك عن الغرامات.
هذه الاعترافات الخطيرة هامة ومحورية وسأعلق عليها بشكل بسيط عندما اعترف رئيس المصلحة بأن التجار ألفوا على مخالفة القوانين في كل أعمالهم أنا أبصم بالعشر على صدق كلامه لكنه لم يردعهم عن ذلك حسب علمي وأتمنى لو جاء اعترافه قبل ست سنوات مثلاٍ وطبق نصوص القانون على المخالفين أما قوله بأن القانون الجديد «الكارثة» الذي ناقشنا عيوبه عبر ست عشرة حلقة مطولة على صفحات «أم الصحف اليمنية» الغراء «الثورة» وكذلك قانون المبيعات الذي سنناقشه في الحلقات القادمة عندما قال بأن القوانين جاءت بناءٍ على اقتراح التجار وباتفاقه معهم هذا اعتراف أسمعه منه لأول مرة وقد ناقشته يوماٍ ما عن هذين القانونين وقلت له : يا أستاذ بصمات التجار ظاهرة بين سطور القوانين الجديدة ومعظم المواد لا تمثل طموحات الشعب ولا تحمي حقوقه ولا تساعد على إرساء العدالة بين التجار وقلت له أيضاٍ : إن مِنú يقرأ بعض المواد يؤكد بأن بعض التجار صاغوها فأجاب : وما علاقة التجار بذلك¿ ومِن الذي يسمح لهم بصياغة قوانين سيادية مثل هذه أو حتى استشارتهم¿ فهذا عمل الدولة ونحن أشركنا خبراء من هولندا أو كندا لا أذكر واليوم أعترف أن القوانين تمت باقتراحاتهم والصياغة باتفاق معهم اعتراف مهم لكنه متأخر.
> وأما بالنسبة للاتهام الموجه لرجل الأعمال حسن الكبوس بأنه متهرب من دفع مليار ريال بالإضافة إلى الغرامات على حد قول رئيس المصلحة فسأوجه سؤالاٍ لرئيس المصلحة : مِن المسؤول عن هذا التهرب¿ وما هي الإجراءات القانونية التي اتخذتها بخصوص هذا التهرب¿ وهل يوجد متهربون آخرون¿ أم أن هذا هو المتهرب الوحيد¿ وهل رئيس مصلحة الضرائب في الجمهورية اليمنية هو المعني بهذه التهربات¿ أم رئيس مصلحة الضرائب في نيكاراجوا أو أريتريا مثلاٍ¿ يجب القضاء على كل التهربات ومعاقبة كل المتهربين أياٍ كانت أسماؤهم وتصنيفاتهم التجارية.
> وبالنسبة لاعترافات رجل الأعمال حسن الكبوس بأن معظم الضرائب تذهب لجيوب المتنفذين والمسؤولين على حساب الخزينة وأنهم ملتزمون بدفع حقوق الدولة مع تأكيده على ضرورة أن تذهب هذه الأموال إلى وجهتها الصحيحة فهذا أيضاٍ اعتراف جريء وينبئ عن صحوة ضمير وإعلان للتوبة وليست المشكلة في أن يخطئ المرء مرة لكن المشكلة الكبرى هي الاستمرار في الخطأ.
> أما ما نقلته صحيفة «الأولى» أيضاٍ عن رجل الأعمال يحيى الحباري حول اتهامه للتجار المتظاهرين بأنهم متهربون وأنهم يزورون سندات التحصيل في المنافذ الجمركية فلن أعلق إلا بقول اللِه تعالى : «وشهد شاهدَ من أهلها» صدق اللِه العظيم.
> رسالة لفخامة رئيس الجمهورية ورئيس حكومته ووزير المالية : أرجو أن لا يمر هذا الحدث مرور الكرام وتعالج المشكلة بالطريقة التقليدية «زيد يهجر عمرو» أو «أسعد يرضي أرعد» أو حكم المرور الشهير «ثلثين وثلث» يجب أن لا تكون الحلول على حساب الشعب والوطن ويجب أن يحاسب كل طرف على أخطائه.
> رسالة إلى شباب الساحات العظماء : لقد حذرتكم ونبهتكم في أكثر من ندوة من أن الفساد قد ينتج بشكل آخر وقد يعود الفاسدون من الأبواب الخلفية فحذاري من الثورة المضادة حتى وإن لبس أصحابها أثواب الزهد والطهارة.
> آخر رسالة : لمن مارسوا سياسة الإرهاب الفكري والتهديد المبطن وغير المباشر يوم الأربعاء الماضي لإلغاء برنامج «بصراحة» الذي بثته قناة «سهيل» الفضائية وشاركت فيه مع الناطق الرسمي للغرفة التجارية مباشرة وعلى الهواء وأعيد بثه أكثر من مرة أقول لهؤلاء : لماذا تخافون من ممارسة حرية الرأي والتعبير¿ إن كنتم شرفاء لماذا تخافون من ظهور الحقائق¿ لقد وصل بكم الصلف أن تمارسوا ضغوطاٍ وابتزازاٍ همجيين وهزيلين على قيادة القناة ومقدم البرنامج الرائع ظناٍ منكم أن العهد الجديد هو العهد السابق لقد مارستم الخداع والتضليل تارة والابتزاز والكذب تارة أخرى وفشلتم هذا الكلام موجه لرئيس المصلحة والتجار الكبار الذين بذلوا جهوداٍ فاشلة ومخزية للحيلولة دون ظهوري في البرنامج واستخدموا الوساطات كحل أخير لإخفاء الحقائق عن الشعب أقول لهؤلاء : هذه الأساليب عفا عليها الزمن ومن الصعوبة عليكم بمكان حجب ضوء الشمس بعد اليوم مهما امتلكتم من أموال أو نفوذ لأن الشعب أقوى من نفوذكم وأعظم من أموالكم ولولا أن البرنامج كان مخصصاٍ لمناقشة قضية قانون المبيعات «المذبوح من الوريد إلى الوريد» وخلاف التجار مع المصلحة لقلت أكثر مما قلت وأنتم تعلمون أنني لا أخافكم ولا أخشاكم وكشفت العديد من قضايا التهربات الضريبية بعشرات المليارات من الريالات وحال فسادكم دون تحصيلها وبإذن اللِه تعالى سيتم تحصيلها وإيصالها إلى خزينة الدولة في العهد الجديد وسوف تنالون عقابكم الرادع لقد كشفت تلك التهربات ولوبي الفساد في أوج قوته أما اليوم فالفساد منهار وهو آيل للسقوط شئتم أم أبيتم ورحم اللِه الزبيري عندما قال :
«إن اللصوص وإن كانوا جبابرة
لهم قلوباٍ من الأطفال تنهزم»
# رئيس المنتدى الوطني لمكافحة الفساد
عضو ائتلاف القيادات الإدارية والدبلوماسية بساحة التغيير
نائب مدير عام الضرائب والرسوم بمصلحة الضرائب