■ ضعف إمكانيات الدولة أتاح لتجار السموم ترويج المخدرات
■ مختصون: تعاطي الحشيش محلياٍ اصبح ظاهرة تستهدف الشباب
■ يجب تضافر جهود الدولة والمجتمع لمكافحة المخدرات
أكد العقيد سمير يوسف عوض باحميد -مدير إدارة مكافحة المخدرات بمحافظة حضرموت- أن الإدارة تواجهها جملة من الصعوبات والمعوقات الأخرى لتنفيذ مختلف الواجبات والمهام منها النقص في المخصصات الشهرية وعدم وجود وسائل المواصلات وكذا النقص في القوى البشرية.. وأشار العقيد سميرإلى أن الإدارة بحاجة إلى كثير من الدعم سواء من قيادة أمن المحافظة أو السلطة المحلية أو الإدارة العامة بصنعاء.. وتطرق في حديثه لـ”الثورة” حول القضايا المختلفة المضبوطة والإجراءات المتخذة وغيرها من المهام والقضايا الأمنية التي تعاني منها المحافظة.
مشيراٍ إلى أن “ظاهرة الحشيش وترويجه أخذت في التزايد والتصاعد يوماٍ بعد يوم من خلال الأرقام والإحصائيات فالأمر لم يعد مقتصراٍ على بعض الحالات الفردية الشاذة هنا أو هناك كما يظن البعض بل أصبح ظاهرة اجتماعية خطيرة في هذا الجانب حيث تشكل توعية الشباب أهمية بين أوساط المجتمع وخاصة الشباب وخلال السنوات الماضية استطعنا تنفيذ الكثير من الدورات والندوات والمحاضرات التي استهدفت أعداداٍ كبيرة من طلاب المدارس والمعاهد والثانويات والحارات والمساجد لتوعية الطلاب بالإضافة إلى إنشاء قسم بالإدارة للقيام بهذه البرامج والأنشطة بالتنسيق مع الجهات ذات الاختصاص من الدعاة والمشايخ والأساتذة لنشر الوعي التثقيفي للشباب بالمجتمع”.
امكانيات ضعيفة
وعن إمكانيات إدارة مكافحة المخدرات بالمحافظة قال: حقيقة إن إمكانيات الإدارة ضعيفة جداٍ ولا ترقى إلى أدنى مستوى إذا قارناها بحجم الإمكانيات التي تتمتع بها عصابات الإجرام وتجار السموم سواء الإمكانيات البشرية أو المادية حتى في وسائل النقل يكفي أن يعلم الناس أن إدارة المكافحة في حضرموت تحتل المراتب الأولى على مستوى الجمهورية من حيث عدد القضايا المضبوطة ومن حيث كميات المخدرات رغم أنها لا تمتلك سيارة واحدة حتى أنا شخصياٍ كمدير للإدارة لم تسلم لي سيارة أسوة ببقية مدراء الإدارات الأخرى لا من إدارة أمن المحافظة ولا من الإدارة العامة بصنعاء التي لم تقدم لنا شيئاٍ يذكر منذ التأسيس وحتى هذه اللحظة.
وحول الإجراءات المتخذة ضد الأشخاص المضبوطين يؤكد العقيد باحميد أن قضايا المخدرات ليست كغيرها من القضايا إذ يتطلب ضبط المتهم حضور شهود حال ضبط المروج أو المتعاطي أو الحائز وبعد الضبط واستكمال ملف القضية نقوم بإحالة المتهم مع ملف القضية إلى النيابة الجزائية إن كان نوع الجريمة تهريبا أو ترويجا أو نيابة غرب المكلا أو شرق المكلا إن كان نوع القضية تعاطي ونأخذ بعين الاعتبار عمر الشخص المضبوط لأنه إن كان حدثاٍ فإنه تتم إحالته إلى نيابة الأحداث بالمكلا.
وقد بلغ عدد القضايا خلال عام 2014م (29) قضية وعدد الأشخاص المضبوطين (43 متهماٍ).
صعوبات جمة
ويشير مدير إدارة مكافحة المخدرات في حضرموت إلى أن الصعوبة التي تواجه عملهم كثيرة.. وقال: نحن بحاجة ماسة إلى الكثير من الدعم سواء من قيادة أمن المحافظة أو من السلطة المحلية أو من الإدارة العامة بصنعاء والتي لم تقدم لنا أي دعم فالإدارة تفتقر للعديد من الإمكانيات فمن مطالبنا عدد (ثلاث) سيارات سيارة للواجبات والمهام وأخرى نريدها لنقل المحجوزين لدينا وسيارة يحتاجها مدير الإدارة كما أننا بحاجة إلى مخصص شهري يليق بما تقوم به الإدارة وما تقدمه الإدارة من ضبطيات وإنجازات وبحاجة إلى أن ترفد الإدارة بقوة بشرية تعزز من قوته هذه أهم مطالبنا الآن.
وأكد: نحن لدينا برنامج وخطط مستقبلية لكننا بحاجة إلى دعم كافُ لتنفيذ هذه الخطط وتحويلها إلى واقع ملموس فلا بد من تكاتف الجهود كل حسب موقعه ونناشد كل أبناء الوطن أن يكونوا صفاٍ واحداٍ في إعلان حرب على ظاهرة المخدرات ومن يقف خلفها والتي تعد كارثة كبيرة.
آثار مدمرة
وحول المخدرات وأثرها على الشباب وسبل الوقاية منها تحدث الدكتور محمد سالم بن جمعان -أستاذ علم الاجتماع والمشكلات الاجتماعية بجامعة حضرموت- حيث قال:
مما لا شك فيه أن ظهور مشكلة المخدرات وتعاطيها خاصة بين الشباب بمن فيهم تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات وغيرهم وظهور أنواع من المخدرات في متناول شبابنا قد أثر بشكل كبير على قدراتهم وطاقتهم وأسهم بشكل مباشر في ظهور العديد من المشكلات الاجتماعية التي لا حصر لها.
وأضاف: إن عصر الحداثة وحضارة العولمة سخر ويسر الكثير من سبل الحياة وسمح بالمزيد من الإمكانيات إلا أنه في نفس الوقت فرض على الإنسان العديد من المشاكل والمنغصات حتى ضاقت الصدور من مسايرة ومعايشة الواقع الأليم الذي أصبح مثقلاٍ بالمرارة والتطلع بأمل للمستقبل فنجد الكثير منهم يرتمون في عالم الضياع والدمار بسبب التجائهم إلى المواد المخدرة بشتى أنواها والتي بدورها تجذبهم بسحرها المغناطيسي يسبحون في عالم اللاشعور والأحلام.
واوضح أن المخدرات له العديد من الآثار السلبية على الصحة النفسية وعلى الشباب بدءاٍ من قضايا بسيطة مثل مشاكل الهضم أو التهابات الجهاز التنفسي والأمراض الفتاكة مثل الإيدز والتهاب الكبد وبطبيعة الحال فإن الآثار تعتمد على المخدرات وكميتها وطريقة وتواتر استخدامها ولكن النتيجة هي أن تعاطي المخدرات العادية أو التعرض المستمر لدواء- ولو لفترة قصيرة من الزمن- يمكن أن يسبب الاعتماد الفسيولوجي ما يعني أنه عندما يتوقف الشخص عن تعاطي المخدرات فإنه يعاني من أعراض الانسحاب الجسدية وشغف المخدرات.
وأضاف: وإلى جانب تأثير المخدر على الشخص نفسه فإن هناك كثيراٍ من الاضطراب في العلاقات العائلية مثل عدم الالتزامات العائلية سواء مالية أو اجتماعية أو أخلاقية وكذلك تؤثر على المجتمع ما يقلل الإنتاج ويقلل جودته ويسبب انهيار الطاقة الاقتصادية.
مشكلة شبابية
وأينما تولي وجهك تجد مآسي شباب اختلطت عليهم الأمور فامتزجت المعرفة بالحيرة والقدرة بالتعصب رغم عقولهم الممتلئة بالذكاء التي تفيض بالطيبة والإيمان والإصرار على عيش الحاضر والمستقبل لكن في لمح البصر يغيرون عزمهم وتصميمهم سواء طوعاٍ أو غضباٍ أو جهلاٍ وقد يكون قدرهم هو الذي جرفهم إلى أسهل طرق النسيان أو الانتحار البطيء لأن ليس هنا أي مقام قائم لتبرير أي مغامرة أو سلوك فالمخطئ يتوجب ردعه في كل الأحوال.
تؤكد الإحصاءات التي تقوم بها المعاهد والجهات المختصة -كما يقول الدكتور جمعان- إن مشاكل المراهقين والشباب المعقدة ذكوراٍ وإناثاٍ هي مشكلة تناول المخدرات فلهذه المواد آثارها ونتائجها السلبية الهدامة في مجال الصحة المدرسية والاقتصادية وفي مجال الجريمة والانحراف السلوكي العام والتأثير على الإنتاج والعلاقات الأسرية والاجتماعية فالمخدرات آفة تدمر طاقة الإنسان وقواه العقلية والنفسية وتسقط وجوده الاجتماعي وتشل قدراته فيتحول إلى عالة ومشكلة في المجتمع ووجود غير مرغوب فيه وقد بذلت جهود علمية كبيرة من قبل علماء الطب والكيمياء والأجرام والاجتماع وغيرهم لدراسة ظاهرة تناول المخدرات والإدمان عليها وتأثير ذلك على الصحة الجسدية والسلوك الشخصي والمجتمع ونشاطات الإنسان بصورة عامة فكانت كلها تسير باتجاه واحد وهو إنقاذ الإنسان والمجتمع من شرور المخدرات.
وتطرق إلى الأضرار الاجتماعية والخلقية للمخدرات بالقول: انهيار المجتمع وضياعه بسبب ضياع اللبنة الولى للمجتمع وهو ضياع الأسرة وتسلب من يتعاطاها القيمة الإنسانية الرفيعة وتهبط به في وديان البهيمية حيث تؤدي بالإنسان إلى تحقير النفس فيصبح دنيئاٍ مهيناٍ لا يغار على محارمه ولا عرضه وتفسد مزاجه ويسوء عقله وسوء المعاملة للأسرة والأقارب فيسود التوتر والشقاق وتنتشر الخلافات بين أفرادها وامتداد هذا التأثير إلى خارج نطاق الأسرة حيث الجيران والأصدقاء وتفشي الجرائم الأخلاقية .. فمدمن المخدرات لا يابه للانحراف إلى بؤرة الرذيلة والزنا ومن صفاته الرئيسية الكذب والغش والكسل والإهمال وعدم احترام القانون.. والمخدرات قد تؤدي بمتعاطيها إلى خرق مختلف القوانين المنظمة لحياة المجتمع في سبيل تحقيق رغباته الشيطانية.
وقاية ممكنة
وعن طريق الوقاية من المخدرات قال:
لا شيء يعين المرء على تحقيق مآربه إلا الإيمان فمن تسلح به نجح ومن سار على الجادة وصل وأن يكون كل قصده إلى الله يترك محرماته وزرع الوازع الديني لدى الأطفال.. وعلى المتعاطي أن يتذكر كل ما عزم على أخذ المخدر أن المخدر سيزيد مشكلاته تعقيداٍ وكتابة أخطار تعاطي هذه المحرمات بخط واضح ووضعها في مكان بارز وقراءتها بين آونة وأخرى حتى تتجدد العزيمة وملاحظة الحالة الصحية وتطورها وعدم التذمر عند الشعور بآلام الرأس والعضلات فعليه بالارتياح كون هذه الآلام إشارة إلى تخلص أعضاء الجسم مما تراكم فيها من السموم ومزاولة الرياضة بشكل سليم والابتعاد عن الأماكن التي اعتاد أن يتناول فيها تلك المواد والأصحاب الذين يتعاطونها وإشغال وقت الفراغ بما ينفع في الدنيا والآخرة وزرع الثقة المتبادلة بين الأهل والأبناء وتوطيد العلاقة بينهم.