فنادق الرياض” مقابل “ظلام عدن”.. مشهد التبديد المخزي للودائع والهبات الخارجية

في قبضة الانهيار.. "حكومة المرتزقة " بين تصاعد النهب وفتات المنح وموت الخدمات

 

 

انقطاع الرواتب وغياب الخدمات ..سياسة إفقار جماعية مقابل استعراضات “المرتزقة ” المهينة

مع استمرار الغياب الفعلي لسلطة المرتزقة التي تتخلى عن مسؤولياتها تجاه خدمة المواطن في المحافظات المحتلة، تتكشف يوماً بعد يوم أبعاد الأزمة الخانقة والمزدوجة التي تعيشها “حكومة العمالة والارتهان”، وهي أزمة تتراوح بين الفساد المستشري ونهب الموارد من جهة، وبين تدهور الخدمات الأساسية ومعاناة المواطنين من جهة أخرى. ويؤكد هذا المشهد أن الأزمة ليست مالية بحتة، بل هي أزمة أخلاقية وإدارية وسياسية عميقة الجذور.

الثورة/ مصطفى المنتصر

أشارت وكالة “رويترز” للأنباء مؤخراً إلى أن حكومة المرتزقة التابعة للاحتلال السعودي الإماراتي تواجه أسوأ أزمة مالية وتمويلية منذ عام 2015م، مرجعة السبب إلى توقف أو تأخر الدعم والمنح المالية الخارجية لأشهر، هذا التأخير، وإن كان له تبعات على قدرة حكومة المرتزقة على الوفاء بالتزاماتها، إلا أنه يلقي الضوء على حقيقة صادمة: إن هذه حكومة باتت تعتمد كلياً على “التسول” الخارجي بدلاً من إدارة موارد الدولة الداخلية، والتي تتعرض بدورها لعمليات نهب واسعة.
والأخطر مما كشفته “رويترز” هو ما يتم تداوله من اتهامات خطيرة لقيادات في ما يسمى “المجلس الرئاسي” وحكومة المرتزقة بنهب الأموال العامة. والنموذج الأكثر فظاعة هو نهب 10 ملايين دولار من أصل وديعة سعودية بقيمة 100 مليون دولار، لتغطية تكاليف “السفريات والرحلات المكوكية” لهذه القيادات في فنادق الرياض وأبو ظبي الفخمة، والأدهى من ذلك انه بينما تنهب الودائع لتغطية فواتير فنادق مسؤولي المرتزقة في عواصم العالم، يبقى موظف الدولة في الداخل ينتظر مرتبه المقطوع لأشهر طويلة، في مشهد يجسد الاستغلال والتبعية المقيتة.
مواطنون تحت وطأة الظلام والجوع والجرعات السعرية
وفي عمق الأزمة المالية والأخلاقية التي تعيشها حكومة المرتزقة، يظل المواطن هو الضحية الأكبر والمباشرة، فبينما يتم تداول ملايين الدولارات في فنادق الرياض لتغطية نفقات السفر، تنهار مقومات الحياة الأساسية في المدن المحتلة، لتتحول إلى بيئة طاردة لا تُطاق.
وتتصدر أزمة انقطاع التيار الكهربائي قائمة المآسي اليومية، حيث تغرق المدن في ظلام شامل لساعات طويلة ومتقطعة، لتتحول حياة السكان إلى جحيم لا يطاق، ناهيك عن انقطاع الخدمات الأساسية للمواطنين جراء هذا الانقطاع، ناهيك عن كون هذا الفشل الذريع في توفير الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء يكشف عن سوء إدارة متعمد، أو إهمال لا يغتفر، بينما يرى المواطن أن الأموال التي كان يمكن أن تشتري وقود المحطات قد ذهبت لتغطية تكاليف إقامة المسؤولين في الخارج ، ولم يقتصر هذا الانهيار على الكهرباء، بل امتد ليضرب البنية التحتية بأكملها؛ فالمستشفيات تعاني نقصاً حاداً في أبسط التجهيزات، والطرق تئن تحت وطأة الإهمال، والمياه باتت مقطوعة بفعل غياب الكهرباء مما يعكس غياباً كاملاً للمشاريع الخدمية التي يفترض أن تنفذ حتى وان كان من المساعدات والمنح.
الجرعات السعرية القاتلة.. إعدام الاقتصاد الفردي
لم تكتف حكومة العمالة بقطع المرتبات، بل واصلت الضغط على شريان حياة المواطن عبر الجرعات السعرية المتتالية على المشتقات النفطية. وبأسلوب مفاجئ وغير مدروس، يتم رفع أسعار البترول والديزل، وهو ما ينعكس فوراً وبشكل مضاعف على أسعار جميع السلع الأساسية وأجور النقل، في سياسية تجويعية خبيثة تمثلت بكون هذه “الجرعات” بمثابة إعدام بطيء للاقتصاد الفردي؛ حيث تتآكل القدرة الشرائية للمواطن بشكل غير مسبوق، ويدفع الفقراء والمواطنين الكادحين نحو هاوية الفقر المدقع، ليجد المواطن نفسه محاصراً بين نار غياب الدخل ونار الأسعار الملتهبة.
الرواتب المقطوعة.. جريمة الإفقار الجماعي
تظل قضية انقطاع مرتبات موظفي الدولة لعدة أشهر متتالية هي الجريمة الأكبر في سجل هذه الحكومة، فالموظفون، وهم شريحة واسعة من المجتمع وربما المعيلون الوحيدون لأسرهم، وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها بلا مصدر رزق. وبينما تنتظر قيادات المرتزقة في عواصم الاحتلال صرف المنح لضمان استمرار رفاهيتها وسفرياتها، يقف آلاف الموظفين أمام أبواب الإفلاس والجوع بين وقفة احتجاحية أو مسيرات منددة، دون أي اهتمام أو حلول جادة من سلطة تتجاهل واجبها الأساسي في تأمين الحد الأدنى من الكرامة لمعيشة مواطنيها، حتى بات التجاهل المتعمد بوصلة نحو سياسة إفقار جماعي تهدف إلى تركيع الشعب تحت وطأة الحاجة.
صراع الأجندات وسرقة المساعدات
إن طريقة وأساليب السطو على المنح الخارجية، وتحويل الأموال المخصصة لدعم الشعب إلى أرصدة شخصية أو لتغطية نفقات السفر الفارهة، لا يمكن فصلها عن صراع النفوذ والأجندات داخل حكومة المرتزقة أو ما يسمى المجلس الرئاسي. فالمنح والمساعدات لم تعد أدوات تنموية، بل تحولت إلى “غنائم” يتم تقاسمها، و”شيكات سفر” للقيادات لتأمين بقائها في فنادق العواصم بعيداً عن جحيم ومعاناة عدن واخواتها.
الأمر الذي بات جليا للجميع أن “حكومة المرتزقة ” غارقة في مستنقع من الفساد واللامبالاة، وأن عودتها المتكررة برفقة رئيسها إلى عدن لم يعد سوى استعراض مسرحي فارغ يهدف إلى التقاط صورة لما تسمى “الشرعية”، بينما تبقى الأزمة الحقيقية متجذرة لتكشف عن سلطة معطلة تخدم مصالحها الخاصة وتستغل معاناة شعبها كورقة ضغط للحصول على المزيد من المنح المنهوبة.

قد يعجبك ايضا