تدهور الوضع المائي والغذائي يهدد أمن اليمن القومي



● أمام مؤشرات مخيفة تدق نواقيس الخطر في أمن اليمن الغذائي والمائي ترى ما الممكن تجاوزه من خطوط الخطر الحمراء وما المتاح أمام دولة تعاني تحديات جمة.. وموارد شحيحة وما آفاق التجارب المحلية في زراعة القمح في ظل الاختلال الواضح بين كلفة الإنتاج المحلي وكلفة الاستيراد خصوصاٍ واليمن عضو في منظمة التجارة العاليمة..¿
هذا ما ناقشته الثورة في هذه الحلقة مع الأكاديمي والمحاضر في العلوم الزراعية الأستاذ الدكتور جلال عبدالإله محمد عوض – عميد كلية الزراعة بجامعة صنعاء ـ الذي قدم رؤى مستفيضة من زاوية علمية أكاديمية أصلت واقع وضع اليمن الغذائي والمائي وطرحت تشخيصاٍ علمياٍ دقيقاٍ مشفوعاٍ بالخيوط المحورية باتجاه الحلول الأنجع لتحاشي مزيد من التداعيات الأمنية والسياسية الموجعة على مؤشرات الأمن الغذائي والمائي وقضايا أخرى ذات صلة… إلى التفاصيل:

● بداية دكتور جلال.. ضعنا أمام توصيف واقعي لوضع اليمن الغذائي من زاوية علمية.. ¿
– أهم توصيف لواقع أو وضع الأمن الغذائي في اليمن هو انعدام غذائي أو نقص حاد وهذا التوصيف نابع من المؤشرات الواقعية لأمن البلد الغذائي فنسبة ما ينتج من المحاصيل الزراعية في اليمن أو مساهمة الزراعة في الأمن القومي تكاد تكون ضئيلة جداٍ رغم أن البلد زراعي وأن 70 % من السكان هم المناطق الريفية ومعتمدين على الزراعة بشكل كبير جداٍ.. فيما الجوانب النفطية ليست الحل كما يعلم الجميع وهي سراب إذا ما وجهت عائداتها إلى بيئة العمل الزراعي.. فجانب الإنتاج الزراعي هو الحل الأمثل لمشكلة الغذاء في اليمن وجزء كبير من مشاكلنا في مكافحة الفقر تعتمد على تعزيز الأمن الغذائي.. فـ47 % من الأطفال غير مؤمنين غذائياٍ وأن نسبة كبيرة من الموت الذي يحصد الطفولة (1-6) هو بسبب نقص الغذاء.. وقد نْقشت هذه القضية في حلقات كبيرة في اليمن وشكلت صناديق بمئات الملائين من الدولارات من جهات دولية لكن للأسف غياب الجانب الأكاديمي عن المشاريع وعدم إشراك الجهات الأكاديمية والمختصين تذهب هذه المنح أو القروض إلى أماكن وإلى دراسات غير واقعية ومنطقية بل ومجدية للحيلولة من تداعي أمن الغذاء…
● إشارة لموارد النفط التي أحدثت طفرة في ميزان الدخل القومي كيف تنظرون لرؤية الدولة تجاه الغذاء في ظل هذه الموارد..¿! لكنها أحدثت أيضاٍ ثقافة جديدة من الاعتماد على الخارج في مصدر الغذاء.. ألا ترى ضرورة توجيه عائدات النفط لشراء الغذاء¿
– الدولة لا توجد لديها رؤية في كل القطاعات ولم تمتلك رؤية مستقبلية ثاقبة تجاه عائدات موارد النفط وتوجيهها التوجيه التنموي الأفضل.. صحيح موارد النفط أحدثت طفرة في ميزان الدخل القومي لكنها أحدثت أيضاٍ هوة كبيرة بين ثقافة الاعتماد الغذائي الذاتي فتكونت ثقافة الاعتماد على الخارج في مصادر الغذاء.. وتم توجيه عائدات النفط لشراء الغذاء الأمر الذي ألحق ضرراٍ بالغاٍ بالقطاع الزراعي الذي تعرض لتدهور كبير جراء التعاطي السلبي مع تطور الحياة وطفرة موارد النفط لنجد أنفسنا اليوم أمام حتمية نضوب ثروات النفط خصوصاٍ في بلد فقير كاليمن وقبل نضوب هذه الثروة نحن لم نستغلها الاستغلال الأمثل بأن نوجه كل مواردها لإنجاز بنية تحتية تكفل أمناٍ غذائياٍ يؤول في المستقبل إلى الاكتفاء الذاتي خصوصاٍ إذا نضب النفط أو تعرض للدمار كما تعرضت اليوم مقدرات الوطن خلال الأربع السنوات المنصرمة والآن يواجه النفط أكبر انحدار في الأسعار بعد أن وصل حجم الإنتاج النفطي في بلادنا إلى أدنى مستوياته..
● حالياٍ ماذا عن ثقافة الاعتماد على الذات في ظل ما حصل من تدهور في إنتاج النفط محلياٍ وتدهور سعره عالمياٍ.. ¿!
– ثقافة الاعتماد على الذات غائبة في أجندة الحكومة في الوقت الراهن وإن وجدت لديها بعد صدمة الخسائر جراء تدهور عائدات النفط فالإمكانيات محدودة.. هذه الثقافة موجودة لدى المجتمع ليس لأنه عْصِامي بقدر ما هو انعكاس لانعدام الثقة بالحكومة.. فالآن مع انشغال المؤسسات الرسمية جميعها بما يجري في البلد من اختلالات أمنية وعدم استقرار سياسي بإمكان المجتمع اليمني أن يعيش بلا حكومة لفترة طويلة فالمواطن اليمني معتمد على نفسه 100% في البيت عندما تنطفئ الكهرباء عنده مولد لما ينقطع الماء يشتري الماء من الوايت الدولة مشلولة خدمياٍ.. فما بالك بالقطاع الزراعي حيث معظم المزارعين اليمنية في الأرياف لا يفكرون بل لا يحلمون بأن الدولة ستمنحهم شئياٍ فـ70 % من السكان يعيشون في الريف ويجب أن توجه 70% من ميزانية الدولة إلى هذه التجمعات السكانية في الأرياف..
تجارب القمح
● كان ثمة تجارب بدأت في زراعة القمح.. ما هي رؤيتكم لمستقبل هذه التجارب.. ¿
– الوضع السياسي والاقتصادي في البلد لم يعد موجهاٍ خارجياٍ –فحسب- بل خلل سياسي اقتصادي داخلي نظراٍ لاستمرار الصراع السلطوي وتفويت فرص التنمية وتجارب الاستزراع الغذائي فقد تعرض القطاع الزراعي بشكل عام لأقسى موجات انعدام المشتقات النفطية في السنوات السابقة أدت إلى إلحاق خسائر باهظة ناهيك عن تراجع الإنتاج الزراعي إلى أدنى مستوياته.. وتبعاٍ لذلك وهناك نوع من الإهمال للمناطق المهمة والصالحة لزراعة القمح في اليمن..
● ماذا تقصد بالوضع السياسي الموجه.. ¿ وما علاقة الاقتصاد السياسي تجاه مسألة الغذاء..¿
– الوضع السياسي الموجه هو أن السياسة الاقتصادية الدولية فتحت الباب على مصاريع السوق الحرة وبالتالي هذا النظام الحر انعكس سلباٍ على الإنتاج الزراعي إذا يحرم هذا النظام دعم هذا القطاع أو يجعل هناك قيوداٍ إجبارية لدعم هذا القطاع كربطه بسياسة الجدوى فإذا أنت تنتج طن قمح مثلا بكذا مليون فأنت تستورد الطن بأقل من ذلك.. واليمن بالذات تعاني من اختلال في السياسات الاستراتيجية بعيدة المدى تجاه أمنها القومي الغذائي مثلا تجارب القمح في اليمن التي بدأت كانت ناجحة لكن تكلفة المستورد أقل من تجربة الإنتاج.. وبالتالي أنت مجبر على أساس البنك الدولي يعطيك المعونات المالية التي تسير بها مشاريعك ونفقاتك التشغيلية.. فنحن نستورد كل شيء من الخارج.. وهذا المقصود بالوضع السياسي الموجه الذي رافقه اختلال في النظام الداخلي للبلد أي هناك صراع سياسي شكل بيئة خصبة للسياسة الخارجية تجاه اليمن..
● هل نفهم من هذا أن منظمة التجارة العالمية والانضمام إليها يشكل عبئاٍ أو تحدياٍ أمام أمننا الغذائي¿
– ليست بالسهلة خصوصاٍ ونحن بلد تخلينا تدريجياٍ عن مجدنا الزراعي (الاكتفاء الذاتي) ولم نأخذ بالاعتبار أثناء توقيع الاتفاقية السلع والمنتجات التي يجب أن لا تخضع للمنافسة ومن حق الدولة منع استيرادها.. فأنت الآن سوقك مفتوح بموجب هذه الاتفاقية ولا يحق لك تفرض جمارك إضافية وبالتالي يْتوقع الآن –مثلاٍ- أن يأتي لك بطاط من السعودية يضرب المنتج المحلي أو “منجا” من جنوب أفريقيا أو “عنب” من الصين وبسعر أقل من سعر المنتج المحلي ولا تستطيع تمنع دخوله وبالتالي نِعِم.. لها تأثير كبير لكن ما في دراسات واضحة حتى الآن على المدى الطويل..
● برأيكم هل بيئة كل المناطق اليمنية مناسبة لنجاح زراعة القمح..¿ وما هي دعوتكم للحكومة.. ¿
– القمح زراعته ليست صعبة في أي منطقة من مناطق اليمن ولكن قيمة التكلفة .. لكن لا أرى أن هذا سيجعل الدولة عاجزة عن زراعته لهذا العْذúر فيجب زراعته حتى ولو تضاعفت التكلفة لأنه أمن قومي وغذاء بالنسبة لك فإذا اعتمدت على نفسك في الغذاء أفضل من الاعتماد على الآخر..لأنه بإمكانه توقيف القمح في أي لحظة..
● دعوتكم للحكومة.. ¿!
– الدعوة الآن ليست في محلها… وأول ما في الأمر يعطونا الأمان على أساس نستطيع العيش والعمل .. ضبط الجانب الأمني ضبط الجانب الاقتصادي بقية الأمور ستضبط.. وفي حال استمر الوضع الأمني لا نستطيع زراعة القمح وغير القمح بل لا تستطيع الحفاظ على ما هو موجود.. وفي حال وجد الأمن على الحكومة أن تعيد النظر في السياسات التنموية وأن تقيمها على رؤية علمية واستراتيجية بحتة.. ففي فترة من الفترات الماضية أجرى تقييم –مثلا- لما تم إنجازه مثلاٍ على صعيد السدود والحواجز.. في بلدان المشايخ وأصحاب النفوذ الذين ساهموا بدورهم في زيادة زراعة القات ودمروا خارطة الزراعة الغذائية الأهم في حياة اليمنيين.. ناهيك عن كون الجهات الرسمية تتعامل مع المنظمات الدولية للدراسات والأبحاث ولا تتعامل مع الجهات الأكاديمية المحلية الخبيرة بوضع البلد.. وحتى تعيين من يديرون المشاريع الدولية التي تدعم القطاع الزراعي يتم تعيين نافذين لشغل هذه المشاريع وبرواتب تصل لـ(700) دولار حتى نهاية فترة المشروع وينتهي المشروع من الأساس..
التعليم الزراعي والغذاء
● من واجب الأكاديميين أنفسهم الذهاب بدراساتهم المعرفية والعلمية التي تحمل الحلول الناجعة لمشاكل اليمن في الغذاء وفي التنمية.. فماذا قدمتم في هذا الاتجاه ..¿
– طالبنا بأكثر من مرِة بإشراك المختصين والأستاذة في الجامعات اليمنية فلديهم القدرة على تقديم رؤى معرفية وعلمية بإمكانها حل المشاكل كلها.. لكن تهرب الوزارات والخوف من أستاذة الجامعات في المشاريع أدى إلى تعثر كافة المشاريع المتعلقة بأمن الغذاء وبالتنمية.. فتجد مثلا في وزارة التخطيط أو الزراعة شخصاٍ يدير مسئوليات الدولة تجاه الأمن الغذائي وتخصصه كيمياء.. وفي وزارة الزراعة 15% مختصون بمجال الزراعة والإنتاج الزراعي والسدود والحواجز المائية و85% لا علاقة لهم بها.. وقد طرحنا هذا على رئيس مجلس الوزراء السابق والذي قبله تجربة الأردن مثلاٍ أنه لا توجد دراسة مشروع تنموي زراعي أو صناعي أو هندسي تخرج من المملكة إلا باعتمادها من مركز الأبحاث والجامعات.. ولا تحصل هذه المشاريع على دعم إلا بِعِد إقرار الجامعات ومراكز الأبحاث..
● هل نسقتم أو تواصلتم مع وزارعة الزراعة.. ¿!
– قد يتم التواصل مع الوزارة لكن هناك بيروقراطية كبيرة فنادراٍ ما نجد اهتماماٍ.. وحقيقة الوزير الحالي بدا مهتما جداٍ وهو الوزير الوحيد الذي كان يحمل نظرة شاملة بضرورة إشراك الجامعة والجهات الأكاديمية المختصة في المشاريع التنموية والنشاط التنموي ولكن ليس بالقدر الكافي إذا ما قارنا ذلك بكلية الزراعة مثلاٍ فيها 120 أكاديمياٍ يمنياٍ وعربياٍ وأجنبياٍ ومتخرجين من فرنسا من اليابان من بريطانيا من كل الدول المتقدمة وهؤلاء متخصصين في الإنتاج الغذائي والنباتي والسلامة البيئية والموارد المائية والصناعات الغذائية الزراعية والمبيدات والسدود والحواجز المائية وغيرها من التخصصات العلمية الكفيل بالنهوض بواقع الزراعة كمصدر أصيل ومتجدد للغذاء والاكتفاء الذاتي إذا ما تم الاعتماد عليها لكن للأسف الشديد تتهرب منهم الجهات بأوهام أن هؤلاء خبرات وممكن “يلفوا الأمور”..
● كان المعول على كلية الزراعة بما تملكه من أقسام وقدرات على رفد التنمية بمخرجات قادرة على استعادة مجد اليمن الزراعي وبالتالي الاعتماد على الذات.. فما الذي ثبط هذا الدور.. ¿!
– هيكلياٍ صحيح توجد أقسام كفيلة بما ذكرت لكن للحقيقة وضع الكلية مدمر خصوصاٍ الجانب التطبيقي فلا يوجد مختبرات وإن وجدت فهي تعاني من أوضاع رثة وغير مؤهلة.. وبالتالي مخرجاتنا لا تتعدى 10% مما يجب أن نكون عليه.. مقارنة بمتطلبات الخريج.. فما يتخرج هو نظري لا يطبق.. ولك أن تقارن ميزانية الدولة وميزانية المشايـــخ وقوى النفوذ وميزانية التعليم والبحث العلمي.. ميزانية البحث العلمي في جامعة صنعاء 10 ملايين ريال وهي الجامعة الأم.. بينما في الصين موازنة البحث العلمي في جامعة واحدة.. مليار وستمائة مليون دولار .. فكلية الزراعة يصرف عليها 4 ملايين ريال في السنة لا تكفينا لشهر واحد (2000) طالب و(120) دكتوراٍ فأقل شيء نحتاج 20 مليون ريال إذا أردنا مخرجات تعليمية قادرة على النهوض بواقع الإنتاج الزراعي.. وبحوث كفيلة بتأصيل المعضلات التنموية ووضع الحلول الناجعة لها..
الأمن المائي
● أمام هذه التحديات التي تواجه أمن اليمن الغذائي.. ماذا عن أمن اليمن المائي..¿
– اليمن تعتبر من الدول الفقيرة مائياٍ ولعل الفقر المائي جزء لا يتجزأ من معضلة انعدام الأمن الغذائي ومن المعلوم حسب تقارير الجهات المختصة يوجد في اليمن أكثر من 17 ألف بئر وهذا الرقم لا يوجد في أي دولة من دول العالم وحتى في أوروبا كلها بل لا يوجد صلاحية لمواطن أن يأخذ الحفار ويحفر لنفسه.. بل إننا في اليمن وصلنا إلى عمق تجاوز الألف متر فيما في أوربا مثلا لم يتجاوز الحفر نحو 15 متراٍ رغم أنهم أكثر وفرة في المياه وبما يتجاوز الـ90% ضعف مقدراتنا المائية.. كل ذلك حفاظاٍ على المياه الجوفية للأجيال القادمة وليس هذا فحسب بل لديهم صناعات عملاقة لتدوير مياه الصرف الصحي وإعادة استهلاكها ولعل أقرب مثال على ذلك هو أني لاحظت ذلك في سنغافورة العام الماضي أثناء زيارتنا لها حيث يوجد اهتمام رسمي قائم على العلم والمعرفة بقضية تدوير مياه الصرف الصحي وإعادة استهلاكها للشرúب حتى وبكميات صحية وفيرة..
● مقارنة بمثل هذه الدول– كيف تقيمون خارطة الموارد المائية في بلادنا.. خصوصاٍ في الأحواض المشهورة كحوض صنعاء والقيعان الزراعية الواسعة والخصبة ¿ وأين تكمن المشكلة..¿!
– لا مجال للمقارنة بين واقعنا اليمني المائي بهذه الدول- وإنما كمثال أوردت هذه المتناقضات البالغة الفرق- فنحن على خارطة مائية متنوعة الموارد وربما ثرية في الأودية والقيعان لكننا أسأنا استغلالها بالاستنزاف الجائر الذي وصل حد التبذير فصرنا نعاني من فقر مائي كبير وصل إلى ما بعد المخيف فحوض صنعاء –مثلاٍ- قد يصل في لحظة من اللحظات إلى النضوب والجفاف خصوصاٍ مع الاتساع الأفقي للمدينة وتحول مساحات واسعة من الأرضي الخصبة -التي كانت تغذي المياه الجوفية- إلى سطح منزل لا يسمح بتغذية المياه الجوفية بأي نسبة من مياه الأمطار.. وفيما يتعلق بالقيعان الزراعية الأخرى للأسف الشديد وقد ذكرت لكم آنفاٍ لقد اكتسح القات معظم مساحتها بل تم إحلاله شجرة القات على المحاصيل الأخرى التي كانت عموداٍ محورياٍ في الغذاء الذاتي للوطن ومن أهمها قاع البون وقاع جهران وقاع الحقل وغيرها من القيعان وحتى الأودية ونحن لم نعر هذا اهتمامنا الرسمي ولا العلمي ولا الأكاديمي ولا البحثي ولا حتى التنموي فنحن “نعتمد على الله” –حسب ما يقولون- لكننا لا نعمل بقدر هذا الاعتماد..
● أين تكمن المشكلة يا دكتور..¿ وماذا عن السياسات المائية في اليمن..¿!
– المشكلة برمتها تكمن في منظومة الإدارة المائية برمتها وهي ناتجة عن غياب الدولة وعن العمل المؤسسي بصفة عامة في كل الأجهزة الإدارية للدولية فالقوانين المنظمة الحامية للثروة المائية غائبة أيضاٍ وإنú وجدتú فهي معطلة أو مشلولة وغير نافذة بسبب قوى النفوذ المسيطرة على مصادر القرار فشيخ قبلي نافذ بإمكانه حفر بئر حتى في العاصمة وليس في القيعان الزراعية الكبرى أو البعيدة مثلاٍ وفي الوقت الذي يريد وبالعمق الذي يريد.. وهذه معضلة البلد في كل مكان..
أما بالنسبة للسياسيات المائية فرغم أن أجدادنا اليمنيين روضوا الطبيعة بسياسات مائية كفلت لهم بناء المدرجات العملاقة على مستوى الخارطة اليمنية وكانت مجداٍ عرفوا بها ورغم اعتمادهم على بناء السدود والحواجز المائية والبرك الصخرية كصهاريج كانت تجمع مياه الأمطار لتكون صالحة للشرب على مدار العام كون اليمن موسمية الأمطار ورغم كون هذه السياسات المائية هي أساس البقاء في ظل الظروف الطبيعية في المناطق الجبلية إلا أننا أضعنا كل ماضينا وحاضرنا بالعمل ودون سياسات ناجعة ومواكبة لتطور الحياة والاستفادة من التقنيات الحديثة لترشيد استهلاك المياه ومواكبة التطورات الصناعية في القطاع الزراعي كالطاقة الشمسية البديلة للديزل في ظل تلاحق أزمة المشتقات وتفاقمها من حين لآخر والتي أدت في السنوات السابقة إلى تراجع حاد في الإنتاج الزراعي..
● برأيكم إلى أي مدى لعب القات دوره السلبي والمثبط للغذاء والماء في اليمن..¿!
– بكل تأكيد لقد لعب القات دورا سلبياٍ إلى درجة أنه يستنزف 60-75% من الموارد المائية اليمنية.. كما أن النفقة على القات تأخذ حيزاٍ كبيراٍ من ميزانية الأسرة اليمنية..
ناهيك عن كونه مخدراٍ بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.. فأي إنسان عنده مشكلة أو نقص في مورد مادي في مشكلة عليه ويريد الهروب من أي شيء فالقات أقرب مكان للهروب..
أخيراٍ
● كلمة أخيرة تودون قولها..¿!
– الكلمة الأخيرة هي لا مناص أمام الدولة من إيجاد خطط استراتيجية على المدى البعيد لتحقيق أمن اليمن الغذائي وعدم النظر إلى فارق الكلفة بين المنتج المحلي والمستورد من خلال دعم المنتج المحلي.. كما أن عليها حماية ما تبقى من مواردها المائية وإيقاف التداعي الحاد في منسوب مياه القيعان الزراعية بسبب استنزاف القات لها ووضع منظومة حديثة تكفل بناء مشاريع تحلية للمياه من البحار اليمنية وكذلك مشاريع صناعية عملاقة لإعادة تدوير مياه الصرف الصحي..

قد يعجبك ايضا