اعتبر الرئيس التونسي المنتخب الباجي قائد السبسي أن فوزه في الانتخابات التي جرت الأحد الماضي “حسمت انتصار التونسيين لمشروع بورقيبة الحداثي” مشيرا الى أنه سيواصل هذا المشروع الذي قادته دولة الاستقلال في رسالة واضحة إلى الإسلاميين الذين يطالبون بـ”القطع” مع المكاسب التي تحققت وفي مقدمتها حرية المرأة.
ورفض السبسي دعوات النهضة إلى ما تقول انه “بناء نظام سياسي جديد” وإلى”القطع مع النظام القديم” في إشارة إلى المشروع الوطني الحداثي الذي قاده زعيم تونس التاريخي الحبيب بورقيبة مند إعلان استقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسي عام 1956م.
وقال : “لقد كنت حاضرا يوم الاستقلال وتم حينها تأسيس دولة حديثة ونحن اليوم لا نزال نتمتع بما حققه الرئيس الحبيب بورقيبة على الصعيدين الاجتماعي والسياسي والتعليم وحقوق المرأة”.
وأردف قائد السبسي متسائلا “هل هذا نظام قديم¿”.
وفاز قائدالسبسي مؤسس ورئيس حزب “نداء تونس” المعارض للإسلاميين بالدورة الثانية للانتخابات على منافسه المرزوقي (69 عاما).
وحصل قائدالسبسي على 55.68% من الأصوات فيما حصل المرزوقي على 44.32% وفق النتائج الرسمية “الأولية” التي أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وأكد الرئيس المنتخب في حوار مع قناة “تي اف1” الفرنسية أن “النظام الاستبدادي لا يمكن أن يعود نظرا لوجود دستور جديد يحدد دور كل السلطات علاوة على أن النظام التونسي لم يعد نظاما رئاسيا وإنما هو نظام مختلط صلاحيات رئيس الجمهورية فيه محدودة ويخضع للرقابة”.
ومند تأسيسه لحزب حركة نداء تونس لمواجهة حركة النهضة استمات قائد السبسي في الدفاع عن الفكر البورقيبي بعناوينه ومفرداته وفي مقدمتها مدنية الدولة وهيبة مؤسساتها وسيادة القرار الوطني والولاء للدولة لا لجماعة أو حزب والحق في التعليم وحرية المرأة.
وينظر الإسلاميون لبورقيبة على أنه “علماني” قاد مشروعا غربيا يتعارض مع هوية تونس العربية الإسلامية ويعتبرونه “عدوا للدين” باعتباره كان يرفض بشدة “استغلال الدين لمآرب سياسية”.
ونجح قائد السبسي خلال عامين في إحياء مشروع دولة الاستقلال ورسم لنفسه “صورة بورقيبة الديمقراطي” الذي يؤمن بحق التونسيين في الديمقراطية والتعايش بعيدا عن أصوات الكراهية والضغينة في ظل دولة مدنية تكفل الحقوق السياسية والمدنية وترى الحريات الأساسية التي باتت مهددة مع تنامي خطر الجماعات السلفية الذراع الميداني لحركة النهضة.
ويؤمن السبسي بهيبة الدولة المدنية وهو يرى أن نجاح المسار الديمقراطي لا يمكن أن ينجح إلا إذا قادته مؤسسات سياسية مهابة تتولى تنفيذ مشروع تنموي وسياسي لإنقاذ تونس من مخلفات حكم حركة النهضة.
وتعد حرية المرأة من أهم المكاسب التي تحققت في تونس بقيادة الزعيم بورقيبة حيث أصدر منذ عام 1956م قانون الأحوال الشخصية الذي يمنع تعدد الزوجات وينص على المساواة بين المرأة والرجل في الواجبات والحقوق بما فيها الحق في المشاركة في الحياة العامة.
وأظهرت نتائج الانتخابات الرئاسية أن أكثر من مليون تونسية منحن أصواتهن للرئيس المنتخب ورجل بورقيبة الذي فاز على مرشح الإسلاميين والجماعات السلفية الرئيس المنتهية ولايته منصف المرزوقي وهو مؤشر يحمل أكثر من دلالة سياسية واجتماعية لعل أهمها أن المرأة التونسية هبت يوم الانتخابات للدفاع عن مكاسبها التي تحققت في ظل دولة الاستقلال لتقطع الطريق أمام الإسلاميين الذين باتوا يهددون حريتها وحقها في المشاركة في الحياة العامة.
وعزا أخصائيون اجتماعيون ونشطاء كثافة تصويت التونسيات لقائد السبسي إلى “اقتناع المرأة بأن فوز رجل بورقيبة الديمقراطي هو الضمانة الوحيدة لحماية مكاسبها وإجهاض مشروع الإسلاميين”.
وبتأكيده على مواصلة المشروع الوطني الحداثي الذي قاده بورقيبة يكون قائد السبسي قد أعاد تونس إلى تجربتها الوطنية وقطع الطريق أمام أجندة الإسلاميين التي تهدف إلى أسلمة مؤسسات الدولة والمجتمع.
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا
