سموم تفتك بحياة العديد من الأسر


> الأدخنة المتصاعدة من المحارق تنذر بكارثة بيئية خطيرة

> السرطان والربو والأزمات القلبية ابرز الأمراض

في أحد المستشفيات بالعاصمة صنعاء ترقد الطفلة “سارة ” ومنذ تسعة أشهر تربت هذه الطفلة بين جدران المستشفيات والتي أصيبت بمرض الربو منذ نعومة أظافرها
مرض”سارة” الذي أصابها في وقت مبكر من عمرها يرجع كما يؤكد الأطباء إلى الأدخنة التي تتنفسها هذه الطفلة التي تسكن في إحدى المنازل الملتصقة بمحارق الياجور بجوار منطقة صرف بصنعاء ..
“سارة” ليست الوحيدة المصابة بالربو بل جميع أفراد أسرتها تجد صعوبة بالغة في التنفس وخاصة في وقت المساء عند تصاعد الأدخنة من تلك المحارق ..
زار ملحق الأسرة والدة الطفلة “سارة” في منزلها المجاور لتلك المحارق لتحكي لنا تفاصيل مؤلمة عن واقع حياتهم اليومية وعن الكارثة البيئية التي تحيط بهم إلى التفاصيل:

لم تكن الطفلة سارة هي المصابة الوحيدة بين أسرتها بل جميع أخوتها مصابون أيضا بالربو وضيق التنفس هكذا قالت والدة الطفلة سارة والتي كان يبدو عليها أثار الحزن والهم بكون حالتهم المادية لا تمكنهم من النقل إلى السكن في مكان آخر ولا يملكون منزلا سواه وتقول الأم المليئة بالهموم والقلق على أطفالها : يعاني الكثير من سكان هذه المنطقة بإمراض الربو والكثير من الأمراض الأخرى بسبب الدخان الكثيف الذي يخرج من محارق الياجور التي تقع في وسط المنطقة المليئة المحاطة بالسكان من جميع الاتجاهات وتضيف والدة “سارة” : تحدنا المحارق من الشرق والشمال وأصبحت جدران منزلنا سوداء من الداخل والخارج بسبب قربنا من المحارق ناهيك عن الأصوات المزعجة التي تصدرها كسارات الياجور وقد كنا نعيش سابقا في هذه المنطقة قبل أن تنتقل المحارق إلى جوارنا وكانت الأراضي المجاورة لنا أراضي زراعية وكان الهواء نقيا إلى أن انتقت المحارق إلى جوارنا فقضت على البيئة وعلى الهواء الطلق وحتى الشوارع أصبحت من كل الاتجاهات مليئة بمخلفات البناء التي يستخدمها اصحاب المحارق لصناعة الياجور رغم الانتشار الكثيف للسكان في هذه المنطقة.
التزام المنازل
على بعد أمتار من دخولك المناطق السكنية التي تقع فيها كسارات ومحارق الياجور تستقبلك رائحة الدخان الحارق النابع عن تلك المحارق التي تقع في تلك المدن السكنية التي باتت شوارعها شبيهة بالضباب وتعلو منازلها سحابة كبيرة جدا من الدخان المتصاعد والذي بات يغطي تلك المناطق السكنية ويقول مهدي الضريبي احد سكان تلك المنطقة بان أطفالهم يمكثون في المنازل طوال الوقت ولا يخرجون إلى الشارع ألا وقت الذهاب إلى مدارسهم ويعودون إلى منازلهم ويغلق عليهم شباك المنازل وجميع المنافذ والمداخل خوفا من دخول الدخان إلى داخل المنازل وكذلك أغلبية سكان المنطقة يستخدمون المراوح الكهربائية لطرد الدخان الداخل إلى منازلهم غير أن تلك الطرق باتت غير مجدية وخاصة مع كثرة تصاعد وانتشار الدخان الصاعد من تلك المحارق
ويضيف الضريبي : تكاد الشوارع تخلو من الأطفال ومن اللعب خارج المنازل بسبب خوف الأسر على أطفالهم وخاصة أن معظم سكان المناطق المجاورة لمحارق الياجور قد أصيبوا بالعديد من الأمراض المختلفة وأصبحت أنوفنا لا تشتم غير رائحة ذلك الدخان المحترق .ونناشد الجهات المختصة بإزالة هذه المحارق ونقلها إلى مكان بعيد عن الأحياء السكنية خارج العاصمة صنعاء.
انعدام الدراسة والحل
ويقول صاحب احد محارق الياجور الواقعة بالعاصمة صنعاء بان المحارق تمثل تواجد فرص عمل لكثير من العاطلين كما أن وجودها في العاصمة يسهل على المواطن عملية البناء والنقل وسهولة المواصلات ويشير إلى بأنهم كانوا من قبل في منطقة “مسيك ” ثم تم تعويضهم ونقلهم إلى هذه المنطقة والتي كانت من قبل منطقة نائية وتخلو من السكان ولكن مع التوسع العمراني وانتقال الناس للسكن في مناطق الأطراف من العاصمة صنعاء أصبحت المحارق وسط الأحياء السكنية وهذا يرجع إلى عدم وجود دراسة حقيقية وحل مناسب لتعويض أصحاب المحارق بمناطق تكون بعيدة ونائية عن مكان السكان فمن غير المعقول أن نظل ننتقل من مكان إلى آخر وخاصة أننا نتكبد الملايين لشراء المعدات وصناعة المحارق ثم تظهر لنا نفس المشكلة وبعد أن كنا خارج المناطق السكنية أصبحنا داخلها .
كارثة بيئية
وجود كسارات ومحارق الياجور في المناطق السكنية بالعاصمة صنعاء وبجميع المحافظات اليمنية ينذر بكارثة بيئية خطيرة ويشير صادق يحيى العصيمي أمين عام الجمعية اليمنية للتوعية وحماية البيئة إلى أن تردي الوضع البيئي وانبعاث دخان المحارق في وسط الأحياء المليئة بالسكان يعطي مؤشرات خطيرة للوضع البيئي في المناطق المجاورة لمحارق الياجور ويهدد بكارثة بيئية خطيرة على الفرد والأسرة والمجتمع ككل .
أخطار أخرى
المخاطر التي تتهدد السكان في المناطق الطرفية والعشوائية في العاصمة صنعاء لا تتوقف عند الأدخنة المتصاعدة من محارق الياجور وكسارات الصخور ومصانع البلك المتناثرة بإعداد كبيرة في تلك المناطق التي تشهد تمددا واسعا للمنازل والمنشئات والتوسع السكاني بشكل مهول.. فهناك خطار أخرى بل ومنها كما يقول مسئولو الجمعية اليمنية للتوعية وحماية البيئة ما ينذر بكوارث صحية وبيئية بالغة الخطورة وعلى وجه التحديد شمال العاصمة وفي الأماكن المتاخمة لمطار صنعاء الدولي حيث تصب هناك سيول مياه المجاري والصرف الصحي منذ أمد بعيد ومع الانتشار الواسع للسكان أصبحت تلك المنطقة الموبؤة محاطة بالمنازل والمواطنين الأمر الذي ضاعف من احتمال انتقال الأمراض والأوبئة .
ووجهت الجمعية اليمنية للتوعية وحماية البيئة خلال الأيام القليلة الماضية مذكرة عاجلة الى وزير المياه والبيئة تحدثت خلالها عن الوضع البيئى الخطير حول محطة معالجة الصرف الصحي بجوار مطار صنعاء الدولي والذي بات يحمل مخاطر صحية وبيئية جمة ويهدد بشكل مباشر صحة السكان المحليين بسبب المستنقعات وانتشار البعوض والحشرات الناقلة للأمراض في تلك المناطق.
وطالبت جمعية البيئة قيادة الوزارة التدخل وبصورة عاجلة بوضع التدابير والإجراءات المناسبة لمواجهة هذه الأوضاع والحد من أثارها..ويقول أمين عام الجمعية صادق العصيمي بان تجاهل الوزارة وعدم تفاعلها بشكل ايجابي مع هذه الدعوات من شانه أن يقود إلى كوارث صحية وبيئية محققة خاصة وان تلك المناطق تشهد توسعا سريعا وعشوائيا للسكان.
ويؤكد العصيمي على ضرورة توحيد جهود كافة المنظمات والفعاليات الوطنية المهتمة بالشأن البيئي في سبيل وضع حد لهذه الأوضاع السلبية وتعزيز الوضع البيئي وجعله في الحدود الآمنة وغير الخطيرة على المجتمع المحلي ومستقبل أبنائه.

قد يعجبك ايضا